بقلم : ثابت العمور ... بدأت مصر تتنفس الصعداء من جديد وبدأت تتفرغ للملفات واحد تلو الآخر، وبدأت الدبلوماسية المصرية حركة نشطة يقودها وزير الخارجية المصري "نبيل العربي، وبدأت الإشارت ومعالم السياسة الخارجية المصرية تتضح لا سيما بالنسبة للملف الفلسطيني بمختلف تفرعاته وقضاياه وعلى رأسها المصالحة الفلسطينية، وقد قيل كلام جميل جدا وصدرت إشارات إيجابية ومطمئنة من مصر سواء أكانت إعلامية ولفظية أو واقعية وعملية، واستقبلت مصر بعض الوفود والقيادات الفلسطينية واستمعت اليهم ووعدتهم خيرا، ويقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة لمصر هذا الأسبوع هي الأولى من جهتين الأولى لعباس لمصر ما بعد الثورة، والأولى لرئيس عربي يزور مصر بعد الثورة وبالطبع لهذه الزيارة ولذاك الاستقبال عدة دلالات ومؤشرات، لن أستغرق فيها وأتعرض لها، ما يهم في هذه الفترة وفي هذا الجانب هو القول والفعل الفلسطيني فهو المستقبل للرسائل المصرية وبالتالي عليه الرد الفوري والعلني والصريح دون مواربة.
السياسة الخارجية المصرية لأول مرة تصنع بمعالم جديدة ذات مصدرين الأول سياسي عنوانه وزير الخارجية المصري والثاني عنوانه المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وهو ما يفسر وجود بند للقاء يجمع الرئيس عباس بالمشير طنطاوي وكذلك بمدير المخابرات المصرية، وقد قيل بأن اللقاء سيكون هام جدا، أنا اعتقد أن الأهمية بالنتائج وليس فقط بالملفات المطروحة للبحث، حدثت لقاءات شبيهة بين وفدي حماس وفتح عند زيارتهما الأخيرة لمصر، وبالطبع تصدرت المصالحة وخلافات فتح وحماس القائمة، وبالتالي يفترض أن تنتج زيارة الرئيس عباس أمرا على أرض الواقع قابل للتطبيق والتنفيذ.
مصر مدت يدها، ورغم كثافة الملفات الداخلية التقطت الخيط الفلسطيني ووضعته على قائمة الأولويات وصدرت اهتماماتها له وأولته جانب مهم ترافق مع اشارات لا تقل أهمية، وبالفعل هناك صفحة فلسطينية مصرية في طريقها للتحقق والإنجاز، ولكن هل يلتقط الفلسطينيون الخيط المصري كما التقطت مصر الخيط الفلسطيني؟، لهذه اللحظة تسيطر الضبابية على الموقف الفلسطيني بشقيه الجغرافيين غزة والضفة، ولم يحسم الفلسطينيون أمرهم بعد أنذهب لمصر ولماذا؟ وكيف نذهب؟ ومتى نذهب؟ وبماذا نعود؟، هذه التساؤلات لم يجاب عنها فلسطينيا لهذه اللحظة. ومرة أخرة تستدعى ذات العربة لتوضع أما الحصان الورقة المصرية إعادة قراءتها وإجارء التعديلات عليها وكلام كثير قيل في هذا الصدد حتى بعد كل ما حدث في كلا من مصر وفلسطين، وكأن الحياة الطبيعة للشعب الفلسطيني تتوقف فقط على الورقة المصرية.
طبعا لا يمكن لمصر أن تبقي يدها ممدودة للفرقاء الفلسطينيين طول العمر، هناك قضايا مصيرية مصرية داخلية وخارجية أهم بكثير من ملف المصالحة الفلسطينية، ولن يلوم أحد مصر إذا أدارات ظهرها لشؤونها الداخلية، وبالتالي مطلوب فلسطينيا التشبث باليد المصرية الممدوة، وبالمناسبة هذه فرصة ذهبية للفرقاء الفلسطينيين وبإمكانهم إن أرادوا إنجاز الأحلام بل المستحيل بعينه وهذا مرتبط بعامل الوقت والوقت قد ينفذ مصريا وفلسطينيا، إذا حدثت حرب على غزة لن تكون المصالحة أولوية، وإذا شهدت مصر توترات "لقدر الله" أو اقتربت الانتخابات لن تكون المصالحة أولوية مصرية، بالتالي لا تدعو الوقت يفوت.
فلسطينيا هذه فرصة حماس التي لم تجدها من قبل من طرف مصر، اليوم البوابات المصرية مشرعة أمام حماس للدخول لمصر، وعلى حماس الدخول ليس من بوابة اعادة فتح السفارة المصرية في غزة، هذا يتنافى مع دور مصر للمصالحة لأن مسببات اغلاق السفارة لا زالت موجودة وقائمة، وبالتالي على حماس مد النظر لأبعد من مجرد فتح السفارة، مصر اليوم "الخارجية والمجلس الأعلى" بحاجة لفعل فلسطيني يكافئها على مد اليد الينا ولا أقل من إنجار المصالحة قد يكافئها.وتلك عينة من بعض المطلوب فلسطينيا باتجاه مصر:
- مساعدة مصر على تحقيق إنجاز المصالحة باعتبار أنها أول ملف تحققه مصر ما بعد الثورة على صعيد القضية الفلسطينية والتي لها وزنها وشأنها على ساحة الاهتمامات الدولية، وإذا حدث ذلك ستحفظ مصر الثورة للفرقاء الفلسطينيين هذا الانجاز وستحرص على أن تبقى يدها ممدودة، وإذا حدث العكس فإن أمد الانقسام سيطول، وستحفظ مصر " الخارجية والجيش" موقف الفلسطينيين ولن تكون الاشارات مثلما هي عليه اليوم، ولن تعدم مصر الطرق والوسائل حينها لإجبار الفرقاء على الجلوس للمصالحة ولكن ليست بذات اللغة الحاصلة الآن.
- عدم الوقف عند قداسة الورقة المصرية فتحاويا، فكل القناعات قابلة للتغير وللقراءة من أكثر من زاوية، ولا مانع من إعادة قراءة الورقة المصرية مرة أخرى والوقوف عند الجزءالي كان مسكوت عنه، وفي المقابل على حماس أيضا ألا تقف فقط عند اضافة بعض النقاط للورقة، من يريد مصالحة ومن يريد أن تكون مصر الثورة سندا ويدا له عليه أن يتنازل وأن يقدم وهذا مبدأ أي سياسة خارجية ومقتضى أي عملية تفاوضية، وأعتقد أن اكتساب مصر أهم بكثير من بعض النقاط والقضايا التي يتوقف البعض عنها وكأنها نصا مقدسا، بالإمكان تحقيق المصالحة بدون روقة مصرية إذا خلصت النوايا واستحضرت المصلحة الفلسطينية العامة.
- على بقية الفصائل الفلسطينية لا سيما الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية دعم الموقف المصري ومساعدته، ليس بتقديم المبادرات ولا بالذهاب لمصر في زيارات ولكن باقناع حماس وفتح والضغط عليهم "إن أمكن" للذهاب لمصر لانجاز المصالحة، لأن أي تغيير في الموقف المصري لن يطول حماس وفتح فقط ولكنه سيطول الفلسطينيين بشكل عام، وبالتالي على هذه الفصائل " الجهاد والشعبية" تولي القيام بتقريب وجهات النظر، هذه فرصة مصرية على الجميع التقاطها ورعايتها والحفاظ عليها قدر الممكن والمستطاع، حتى وإن عاد الرئيس عباس من مصر بخفى حنين يجب ألا يتوقف الجهد الفلسطيني فقط عند نتائج الزيارة بل يجب أن يتجاوزها، مصر اليوم تفتح ذراعيها لفلسطين فهل يهرول قادتنا باتجاه مصر ويمدون اليد باليد أم أن ضيق الرؤية واستحضار الجزئي والحزبي على حساب العام والوطني قد يحول دون ذلك ويقطع الطريق أمام الجميع أتمنى ألا يحدث ذلك وأن تحمل الأيام القادمة مصالحة فلسطينية برعاية مصرية.
الكاتب: ثابت العمور
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!