محاولة لجعلها مفهومة عند كل العرب

آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › أمثال شعبية بالعربية الفصحى

صورة الخبر: أمثال شعبية بالعربية الفصحى
أمثال شعبية بالعربية الفصحى

صدر عن دار «الكتب العربية» للطباعة والنشر «كتاب الحكمة العربية» للباحث حسين محمد العاملي، دمشق 2007 مع مقدمة للدكتور جليل العطية يحتوي على ستة آلاف مثل وحكمة ومأثورة وحكاية انتخبت غالبيتها من مصادر شعبية تراثية وبمختلف اللهجات العربية.

يقول ابن عبد ربه في كتابه «العقد الفريد»: «الامثال وشي الكلام وجوهر اللفظ وحلي المعاني، تخيرتها العرب وقدمتها العجم ونطق بها في كل زمان ومكان وعلى كل لسان، فهي ابقى من الشعر واشرق من الخطابة، ولم يسر شيء مسيرها ولا عم عمومها، حتى قيل: أسير من مثل». والامثال مرآة تعكس خبرات الحياة وتجارب الشعوب وقيمها وعاداتها. والاصل في الامثال التشبيه، كما يقول ابن السكيت، فالمثل لفظ يخالف لفظ المضروب له ويوافق معناه معنى ذلك اللفظ، وشبهوه بالمثال الذي يعمل على غيره. وقال ابراهيم النظام: المثل ايجاز اللفظ واصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكلام، فهو نهاية البلاغة.

وقد عني العرب بالامثال والحكم والمأثورات كثيرا، حيث اشار ابن النديم في كتابه «الفهرست» الى عدد من كتب الامثال والحكم. واقدمها كتاب صحار بن عباش العبدي المتوفى عام ستين للهجرة. واقدم كتب الامثال اربعة وهي: الامثال للمفضل والسدوسي والهروي والصبي.

ونتيجة اختلاط العرب بالامم والشعوب، وتلاقح الثقافات ظهر نمط جديد من الامثال والحكم اطلق عليه العرب اسم الامثال «المولدة» منها ما صنفه الخوارزمي والثعالبي، كذلك الجرجاني.

وفي العصر الحديث يعود الفضل في جمع الامثال العامية الى الأب انستاس الكرملي والآلوسي وعبد الرحمن التكريتي في العراق، واحمد تيمور في مصر، وابن شنب في الجزائر وغيرهم.

وبخصوص منهجية الكتاب استحدث حسين العاملي مدخلين جديدين في كتابه الامثال والحكم، حيث فهرس في المدخل الاول الامثال حسب مواضيعها ورتبها على حروف المعجم في خمسمائة واثنين وعشرين بابا ليسهل للقارئ ايجاد ما يريد بمجرد النظر في الفهرس، على خلاف ما هو معروف في كتب الامثال الكلاسيكية التي اعتادت ترتيب الامثال حسب الحروف الاولى من الامثلة. وعلى سبيل المثال:

موضوع الامل: «اذا ما انسد باب فتح آخر»
موضوع الصداقة: «الصديق وقت الضيق»

موضوع المساواة:«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا»

موضوع الوطن: «الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن»

موضوع الفرص: «الصيف ضيعت اللبن»

موضوع المعارضة: «عارض الوزير ولا تعارض بوابه» وغيرها.

اما المدخل الثاني فيتعلق «بتفصيح الامثال الدارجة» او ما يسمى الامثال الشعبية، وفي مختلف اللهجات العربية وغير العربية.

والحال ان اقدام العاملي على هذا «التفصيح» بحسب جليل العطية، يعد خطوة جريئة، رغم انها لا تفي احيانا بالغرض البلاغي الذي توفره نكهة المثل العامي وموسيقاها، كما ان العاملي ترك الكثير من الامثلة العامية على حالها عندما وجد نصوصها قريبة من الفصحى. ومن الامثلة على ذلك: «رحم الله من زار وخفف» و «يا حافر البير لتعمق مساحيها، خاف الفلك يندار وانت تقع بيها» و «على صوت الطبل خفي يا رجليه».

كما قام العاملي بتعريب عدد كبير من الامثال والحكم التي استقاها من المصادر الاجنبية وجعلها تراثا مشاعا بين الناطقين باللغة العربية. وهدف العاملي من «تفصيح» الامثال الشعبية الدارجة هو ان يفهم العراقي المثل بلهجة المغربي، والمغربي بلهجة السوري او العراقي، منطلقا من ان الكثير من الامثال والحكم مشتركة بين العرب، لكن ما يميزها هو اللهجة الشعبية، التي تكبر او تصغر حسب علاقة هذه اللهجات بعضها ببعض من جهة، وبالعوامل التاريخية والجغرافية وغيرها من جهة اخرى، بالرغم من ان المثل له نكهة ورونق خاص بصيغته العفوية الاصيلة.

والامثال الشعبية تشبه الشعر بوقعها وحلاوتها وعذوبتها، واحيانا بلحنها الموسيقي، لكن جوهر الامثال في الواقع يتمثل في مغزاه وحكمته وسخريته اللاذعة وفي واقعيته وتفاؤله، وبقول آخر، في ابعاده الاجتماعية والانسانية الواسعة، لان المثل هو صوت الانسان النابع من واقعه وليس من خياله، فهو يعكس تجربة انسانية عميقة بصدق وصراحة. وهو ما جعل العاملي في محاولته نقل المثل العامي الى صيغة الفصحى، حتى يحتفظ المثل برونقه وجماله وعذوبته، بشرط ان يبقى مغزاه واضحا وجليا في صيغته الفصحى الجديدة. وما عدا ذلك ابقى المثل الدارج على نصه الاصلي في حالة ما اذا كان المثل يكاد يكون فصيحا او قريبا من الفصحى. كالمثل العراقي الدارج «اقعد اعوج واحكي عدل»، او كما في المثل الشامي: «شوف الام قبل ما تلم»، او كما في المثل المغربي: «آ الطامع في الزيادة رد بالك في النقصان».

وادرج المؤلف بعض امثال العامة والمولدة التي استقاها بصورة خاصة من كتاب «المستطرف في كل فن مستظرف» للابشيهي من القرن السابع الهجري، كما اعتمد على مصادر اجنبية في نقل امثلة وحكم يعتقد انها قد انتقلت الى تلك اللغات عن طريق العلاقات والصلات بين الشرق والغرب، خاصة ما له علاقة بالتراث العربي الاسلامي كالمثل الذي يقول: «اذا اطلقت سهام الحقيقة، فغمس نصالها بالعسل». او: «يمكنك ان تغسل ثوبك وليس ضميرك». ويعتقد حسين العاملي ان الكثير من هذه الامثال ربما عبرت الى أوروبا عن طريق الاندلس والمغرب العربي.

ومن الامثلة الممتعة التي جمعها من الشعوب الاسلامية واضافها الى الكتاب، المثل التركي: «اللص دائن السادة الكبار»، والمثل الكردي:«اذا صنع الشيطان من نفسه جسرا فأعبر النهر سباحة»، او المثل الافغاني: «واحد يعجب لمخلوقات ربه والآخر للزر في ثوبه»، كما ادخل في كتابه الموسوعي بعض الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة.

وقد صدر للمؤلف كتابان آخران عن الامثال العربية، واحد باللغة الانجليزية ترجم فيه ثلاثة الآف مثل عربي. وآخر بلغة الاسبرانتو العالمية ترجم فيه امثالا وحكما عربية من القرن السابع الهجري.

المصدر: asharqalawsat.com

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على أمثال شعبية بالعربية الفصحى

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
48330

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري