آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › المسرح الأثري بقرطاج.. شموخ الماضي وثقافة الحاضر

صورة الخبر: المسرح الأثري بقرطاج.. شموخ الماضي وثقافة الحاضر
المسرح الأثري بقرطاج.. شموخ الماضي وثقافة الحاضر

تقع مدينة قَرْطَاج في بلاد تونس بالقرب من مدينة تونس الحاضرة. أسسها الفينيقيون، وأصبحت مركز إمبراطورية كبيرة حكمت شواطئ المغرب الكبير وصقلية وإسبانيا حتى سقوطها في حروب مع الرومان. وكلمة قرطاج كلمة فينيقية الأصل "قَرْتْ حَدَشْتْ"، ومعناها المدينة الجديدة.
أسست الأميرة الفينيقية عليسة قرطاج عام 814 قبل الميلاد، حسب رواية المؤرخين القدماء. وجاءت الأميرة هاربة مع أصحابها من مدينة صور في لبنان، وسموا المدينة "قَرْتْ حَدَشْتْ"، وتعني "مدينة جديدة" "من الفينيقية: قَرْتْ أي مدينة، وحَدَشْت أي حديثة"، فأصبح الاسم "قرطاج" عن طريق النطق اللاتيني. وكانوا يعبدون خاصة "ملقرت"، واسمه يعني "ملك المدينة". وهكذا صارت قرطاج عاصمة إمبراطورية جبّارة قاومت روما مدّة على امتداد حروبها معها وهي أإلى جانب هذا تعتبر اليوم من أهم المراكز الثقافية بالبلاد التونسية.

* تاريخ المسرح الأثري
في أطراف هذه المدينة ينتصب المسرح الأثري الذّي شيّد في القرن الأوّل وشهد العديد من التحويرات المعمارية حتى بلغ طوله 156م وعرضه 128م. أمّا عن مقاييس المضمار فكانت 64.66م على 36.70م. شكّل هذا الفضاء في العصور الغابرة محطّة ترفيهية هامّة إذ احتضن صراعات الحيوانات المفترسة مع العبيد أو قتال العبيد في ما بينهم بحضور جماهير تستلذّ هذه المشاهد وتعتبرها لحظة ثقافية جمالية.
كما كان الكاتب الكبير –أبولي– يتوجّه إلى شعب قرطاج راويا الملاحم والتّيرادات التّي تستحضر علاقة الإنسان بالقوى الغيبيّة، ثمّ امتدّ النشاط في هذا الخصوص لتقدّم العروض المسرحية والموسيقية، وجاءت اعترافات "سانت أوقستان" بأنّه يتفاعل مع قصص العشّاق التّي تعرضها المسرحيّات.

* المسرح سنة 1900
في مطلع القرن 20 تمت تهيئة المسرح الأثري بقرطاج وإعداده لاحتضان العروض الأولى التي نظمها الدكتور كارتون. وكانت بمثابة الجنين أو النواة الأولى لانبعاث مهرجان دولي سيعرف في المستقبل برصيده المتميز.
وقد شهد في سنوات تأسيسه الأولى تقديم أعمال مسرحية شعرية ذات مواضيع تقليدية قديمة مثل "كاهنة تانيت". ولإنجاز مسرحياته وتقديمها على ركح المسرح جمع الرسام ألكسوندر فيشة مجموعة من الهواة شكلت فيما بعد شركة اسمها "أسور".
وعلى ما بقي من المدارج وبين التماثيل الأثرية كانت النساء الجميلات ذات المظلات المترامية الأطراف يسرعن الخطى لحضور حفلات وعروض بقيت في الذاكرة.. هكذا كان مسرح قرطاج بالأمس. أما اليوم فقد تمّت تهيئته ليكون قادرا على إستيعاب أكثر من عشرة آلاف متفرج، كما أن المسرح في شكله الحالي يحتوي على تقنيات حديثة لم تقض على صورته التّاريخية، إضاءة من أحدث ما يوجد في المسارح العالمية، مؤثّرات صوتية وقع تعصيرها لتواكب التطوّرات التّكنولوجية، إن عنّ لك الجلوس في أيّ ركن من الأركان فإمكانك متابعة العرض بكلّ راحـة لأنّ الطّبيعة نصـف الدائرية للمدارج إضافة إلى الرّكح المسطّح يوفّران مجال نظر متميّز. وبمجرّد أن تلوّح ببصرك إلى الرّكح تكتشـف طول الفضـاء وعمقه وخلف هذا المجال الحيوي تتواجد حجرات مخصّصة للفنّانين.

* 1964 السنة المرجعية
نفضت قرطاج الغبار عن التّاريخ، استفاقت الآثار، وانتبهت المعالم ذات صيف 1964. لحظة مرجعية صاغت من خلالها وزارة الثقافة التونسية آنذاك حدثا هاما. نهضت قرطاج تلك المدينة التّاريخية وعاصمة إحدى الدّولتين العظميين في العالم لتزاحم روما في مدّها المعرفيّ ولتحتضن أحد أكبر المهرجانات العربية، الافريقية والعالمية، وشكّل ذلك حدثا ثقافيّا لاعتبارات عديدة منها عظمة المسرح الذّي تنتظم فيه العروض وكذلك القيمة الفنية للمشاركين. ولئن كانت البداية مقتصرة على بعض سهرات الجاز والمسرح فإنّ الإطار اتّسع بعد ذلك ليشمل أنماطا فنيّة متنوّعة على غرار الموسيقى والرّقص والمسرح..
دعم المهرجان الإبداع التّونسي بتقديم عروض تونسية تتّسم بقيمتها الفنيّة على غرار مسرحية مدرسة النّساء التّي قدّمتها الفرقة البلدية واقتبسها آنذاك محمّد الزّرقاطي وكان ذلك في أوّل دورة في جوان 1964. ولم يقتصر الأمر على هذا المحور، بل تعدّاه إلى تكريم المبدعين أحياء وأمواتا وتتسارع الأسماء التونسية لتصطدم بجدار الذاكرة وترسخ: راؤول جورنو، الهادي السّملالي، الصادق الغربي، علي الرياحي وجماعة تحت السور، الهادي الجويني.. تطول القائمة وتتتالى الدّورات، ويأتي المعاصرون ليؤثثوا أمتع السهرات.
كما وقع عبر دورات المهرجان تأكيد البعد العربي لتمتين الانتماء فوقعت دعوة أسماء لامعة على غرار المسرحي الطيب الصّديقي، ودريد لحام، والمطربين فيروز، صباح فخري، نجاة الصغيرة، وردة، السيد مكاوي، وديع الصافي، ماجدة الرومي، بالي كراكلا وفرقة انانا وخيرة الفنّانين العرب.
ليسير المهرجان في نسق تصاعدي فيتبلور رسم آخر وهو استقطاب نجوم من رحم القارّة السمراء لذلك وقعت دعوة أسماء من هذه القارّة : مريام ماكيبا، يوسو ندور، اسماعيل لو..
ولم يتوقّف المهرجان عند هذا الحدّ بل انفتح على ثقافات العالم، وكان هذا التفتّح عقلانيّا فتمتّع المتفرّج بعمالقة مثل داليدا، جيمس براون، ليو فرّي، جوداسان جيلبار بيكو، راغي شنكر، ميكيس تيودوراكيس، جو كوكر، خوليو إغليسياس، الفا بلوندي، شارل أزنافور.. واستقدم المهرجان منارات الجاز العالمية كلويس أمسترونق، راي تشارلز..
سنوات من الإبداع، دورات من التألّق، مسيرة طويلة اشتدّ على امتدادها عود المهرجان ليبلغ هذا العام دورته السادسة والأربعين التي اطلقت في الثامن من يوليو/ تموز الجاري لتمتد الى التاسع عشر من أغسطس/ آب القادم.

* أهم العناوين المتبقية
الليلة 30 يوليو: الفنان العراقي كاظم الساهر.
31 يوليو: الفناة الفرنسية هيلان سيغارا.
1 أغسطس: الفنانة المغربية سميرة سعيد.
3 أغسطس: الفنان التونسي صابر الرباعي.
4 اغسطس: الفنان اللبناني راغب علامة.
5 أغسطس: الفنان الايطالي ايروس رامازوتي.
7 أغسطس: الفنان التونسي شكري بوزيان.
10 أغسطس: الثنائي الايراني الأوزباكستاني شهرام ناظري وموناجيت يوتشيفا.
12 أغسطس: سهرة انطلاق السنة الدولية للشباب.
16 أغسطس: الفنان التونسي لطفي بوشناق.
19 أغسطس: الختام مع الفنان التونسي زياد غرسة.

المصدر: العرب أونلاين-صابر سميح بن عامر

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على المسرح الأثري بقرطاج.. شموخ الماضي وثقافة الحاضر

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
44810

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري