"طيارة" جاذبية سرى.. أول لوحة مصرية تعرض في «المتروبوليتان»

انضمت إحدى لوحات الفنانة المصرية الشهيرة جاذبية سرى مؤخرا إلى مقتنيات متحف المتروبوليتان بنيويورك وهو واحد من أكبر وأهم المتاحف العالمية المخصصة للفن الحديث، ولقد وقع إختيار إدارة المتحف على هذه اللوحة والمرسومة عام 1960 تحت عنوان "الطيارة" لتكون ضمن مقتنيات المتحف الكبير وهذه اللوحة هي واحدة من مجموعة لوحات لعب الأطفال التي انشغلت الفنانة برسمها في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات من القرن الماضي وتصور طفلة تطلق طائرة ورقية وتكاد تطير معها.

وتعدّ هذه اللوحة هي أول لوحة مصرية تعرض في متحف المتروبوليتان، وقد سبق أن دخلت أعمال من الفن المصري في متاحف عالمية للمصور محمد ناجي والمعروض له أعمال بمتحف التيت جاليري بلندن وأعمال للمثالين محمود مختار وجمال السجيني بمتحف الأرميتاج بموسكو.

لم تنس الفنانة أن تشير إلى هذا الأمر عبر المطوية الخاصة بمعرضها المقام حاليا بقاعة الزمالك للفنون بالقاهرة، والذي تعرض فيه مجموعة كبيرة من أحدث أعمالها في مجال التصوير، لتثبت لنا أنها مازالت قادرة على العطاء والإبداع على الرغم من بلوغها الخامسة والثمانين، ليس هذا فقط بل استطاعت الفنانة أن تثبت من خلال أعمالها أيضا أنها قادرة على الإتيان بالجديد في كل معرض من معارضها.

أقيم المعرض تحت عنوان "تجسد" وفيه تنطلق الفنانة في مسيرتها المتأملة في وجوه البشر، والعلاقات الإنسانية ولكن بريشة تنضح باللون والخبرة والجرأة في التعامل مع المساحات والدرجات اللونية.. اللوحات، يسيطر عليها البساطة والتجريد والتأمل أيضا.

وعن معرضها هذا تقول الفنانة معلقة: "إنه استمرار لنفس السياق العام لتوجهاتها وإهتماماتها بالناس والأشخاص والحالة العامة التي يعيشها الشارع المصري هذه الأيام"، وتضيف قائلة:" كل ما أفعله هو التأمل.. التأمل فقط ثم اجترار هذه التأملات وترجمتها إلى ألوان وخطوط ومساحات".

والفنانة جاذبية سرى متابعة جيدة لأعمال الشباب من الفنانين، وهي ترى أن الساحة الفنية الآن مبشرة ومليئة بالكثير من المواهب والإبداعات الشابة الخلاقة التي من شأنها مواصلة المسيرة والعطاء.

وهي تقول: "الشباب يحتاج فقط إلى التشجيع والرعاية, فالأجواء حاليا أفضل من قبل، كما أن التقنية الحديثة تقدم فرصة لم تكن متاحة للأجيال السابقة للإتصال بالعالم والتواصل مع الفنانين آخرين وثقافات مختلفة حول العالم".والفنانة جاذبية سرى تقدّم في هذا المعرض ما يزيد على الثلاثين عملا ملونا بخامة الأكريلك والزيت، وتتميز أعمالها بالتقاطعات والتداخلات اللونية الشفافة غير غافلة في نفس الوقت عن قيمة الضوء الذي بدا منعكسا على درجات اللون الزاهية والساخنة من خلال المساحات الصغيرة التي تتخلل هذه الدرجات اللونية، وهو الأمر الذي أضفى على اللوحات شيئا من الدفء الذي تبثه تلك الإضاءات، وهي تحاول التأكيد على بعض العناصر ما أكسب الأعمال نوعا من الحركة بفعل هذا العناق والتلاحم ما بين الخطوط والمساحات المفرودة على مساحة اللوحة.

الناقد المصري الراحل مختار العطار وصف تجربة الفنانة جاذبية سرى قائلا: "إن جاذبية سرى فنانة ملونة تحتضن الحياة بإبداعها الفريد وثقافتها العريضة وبكل كيانها الإنساني.. حددت رسالتها منذ البداية ثم سارت في الطريق المثير والصعب لا تلوي على شيء، وهي لا ترسم وتلون مثل الآخرين إنما تتدفق بروحها وموهبتها وذكائها مع أدواتها على صفحة قماشها".

ويضيف قائلا: "إن إبداعها يتميز في كل المراحل التي مر بها بأنه عمل درامي من الدرجة الأولى يتيح للمرء أن يتلقى الرسالة عبر الشكل والمفهوم والرمز الواضح والصيياغة المصقولة، فهي تسبح بخيالها وتغوص عبر العناصر المتشابكة، وتهتز مشاعرها وكأنما تعزف على أوتار شجية فتجذبها إلى عالمها الداخلي المفعم بالتوتر والإنفعال والعاطفة الجياشة والعالم الأسطوري الذي تنضح به لوحاتها مع أنه يلمس الحقيقة بكل أبعادها".

الفنانة جاذبية سرى من مواليد عام 1925، وهي من خريجي الفنون الجميلة عام 1948 ،وعملت بالتدريس لسنوات في كلية التربية الفنية، وبالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وأقامت لأعمالها حتى الآن ما يزيد على السبعين معرض داخل مصر وخارجها، تم تناول أعمالها بالنقد والدراسة في الكثير من الكتب والدراسات المنشورة بلغات مختلفة،كما أفردت الجامعة الأمريكية بالقاهرة كتابا كبيرا عن أعمالها عام 1998، وصنفت كواحدة ضمن عشرة فنانين من العالم الإسلامي بموقع الفن الإسلامي المعاصر التابع لمتحف المتروبوليتان بنيويورك.

المصدر: العرب أون لاين-ياسر سلطان