آخر الأخباراخبار المال والاقتصاد › القطاع المصرفي يستمر في ضخ الوقود في محركات الاقتصاد المصري

صورة الخبر: القطاع المصرفي يستمر في ضخ الوقود في محركات الاقتصاد المصري
القطاع المصرفي يستمر في ضخ الوقود في محركات الاقتصاد المصري

شهدت العقود الأخيرة من القرن الماضى تأسيس البنوك بشكلها النظامى لأول مرة فى الاقتصاد المصرى، حيث استعان بها قادة السياسات الاقتصادية آنذاك لدعم وتمويل الزراعة والحرف والصناعات، وعلى هذا المنوال استمرت البنوك العاملة فى الاقتصاد المصرى بلعب دورها فى إمداد أركان الاقتصاد بالتمويلات اللازمة لتحقيق النمو، ومع تطور المصطلحات ولغة الحوار فى المحافل الدولية، أصبح القادة يناقشون تأثير دور القطاع المصرفى والمالى فى تحقيق النمو الاقتصادى المستدام بشكل مستمر لتحقيق الاستغلال الأمثل لموارد هذا القطاع، وتوجيهها بفاعلية لتحقيق النمو المستدام.

ومع بداية الألفية الحالية شهد القطاع المصرفى المصرى حالة من الضعف أثرت على دوره التاريخى والأصيل فى دعم الاقتصاد المصرى وتمويل قطاعاته المختلفة، مما تطلب من البنك المركزى آنذاك إجراء إصلاحات هيكلية فى القطاع لاستعادة قوته مرة أخرى حتى يتسنى له القيام بدوره الذى أُسس له على أكمل وجه. ومنذ 2004 وحتى الآن؛ حققت البرامج الإصلاحية التى قام بها «المركزى» طفرة كبيرة وقاعدة قوية يستند عليها القطاع ضد أية تحديات، ليصبح بذلك ضمن أقوى القطاعات الاقتصادية فى السوق المصرية، مما أتاح له لعب دوره وإجراء بعض الإصلاحات النقدية التى أثرت خلال الآونة الأخيرة بشكل مباشر على دعم ونمو بعض القطاعات الاقتصادية بشكل مباشر مثل القطاع الصناعى، والزراعى، وقطاع الخدمات الذى يتضمن السياحة والعقارات، وغيرها من القطاعات المحركة للاقتصاد المصرى. ومن هذا المنطلق يرصد «الوطن الاقتصادى» الدور التاريخى الذى قام به وما زال يلعبه القطاع المصرفى فى مختلف القطاعات الاقتصادية، وذلك ضمن الأعداد التوثيقية لشكل وأداء القطاع المصرفى منذ 2005 وحتى الآن.

الصناعة الوطنية تستحوذ على النصيب الأكبر من تمويلات البنوك
دائماً ما تعول الدول المختلفة حول العالم على الصناعة كمحرك رئيسى للتنمية، وهو ما انتهجته مصر منذ خمسينات القرن الماضى، لتحول اعتماد الاقتصاد الوطنى بنسب كبيرة على النشاط الزراعى، إلى التنوع ودخول الصناعة كعنصر أساسى فى المعادلة، وعلى مدار الـ15 عاماً الماضية لعب القطاع المصرفى دور الوقود الذى يمد هذا المحرك بالطاقة اللازمة التى تنعكس على معدلات نمو قطاع الصناعة وزيادة نسب مشاركته فى الناتج المحلى الإجمالى، فكلما زادت معدلات ضخ الوقود من القطاع المصرفى ارتفعت إنتاجية محرك الصناعة والعكس.

وأوضحت المؤشرات التاريخية صحة هذه المعادلة خلال السنوات الماضية؛ فبنهاية العام المالى 2004/2005 وصل رصيد التسهيلات الائتمانية للقطاع الصناعى إلى 103.3 مليار جنيه أى ما يعادل 36% من إجمالى أرصدة التسهيلات الائتمانية للقطاع المصرفى، وحقق قطاع الصناعات التحويلية فى هذا العام معدل نمو 5%، وأسهم فى الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 17.9%.

95% زيادة فى التسهيلات الائتمانية للقطاع آخر 5 سنوات
ومع تتبع هذه المؤشرات سنجد أنه مع تراجع النسبة التى استحوذ عليها قطاع الصناعة من التسهيلات الائتمانية بنهاية يونيو 2010 والتى قُدرت آنذاك بـ33%، شهدت نسبة مساهمة الصناعات التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى أيضاً تراجعاً لتصل إلى 16.9%، بينما استقر معدل نمو القطاع عند 5.1%.

وعلى الرغم من الزيادة الطفيفة التى شهدتها نسبة استحواذ القطاع الصناعى على رصيد التسهيلات الائتمانية الإجمالى بنهاية العام المالى 2014/2015، لتصل إلى 34.5%، إلا أن معدل نمو الصناعة تراجع خلال هذا العام ليصل إلى 3.1%، وتراجعت أيضاً نسبة مساهمة الصناعة فى الناتج المحلى الإجمالى بشكل طفيف لتصل إلى 16.5%، ويأتى ذلك نتيجة تبعات التوترات الاقتصادية والسياسية التى أثرت على الصناعة عقب أحداث 2011 وما تبعها حتى 2013، ومع استمرار تراجع معدلات ضخ الوقود فى محرك الصناعة خلال 2018/2019، لتصل نسبة التسهيلات الائتمانية للقطاع إلى 32.4%، وحققت معدلات نمو الصناعة تراجعاً كبيراً لتصل إلى 2.8%، واقتصرت مساهمة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى على 16.4% فقط.

المبادرات الجديدة تضاعف التمويل فى المستقبل وتدفع معدلات نمو الصناعة لأرقام قياسية
دفعت القراءات السابقة من التراجع المستمر فى معدلات نمو قطاع الصناعة والذى سجل أدنى معدل نمو بين القطاعات الاقتصادية خلال العام المالى السابق عند 2.8%، وبالتزامن مع تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادى التى أدت خلال السنوات الأربع الماضية إلى انتهاج البنك المركزى سياسة انكماشية أدت لارتفاع تكلفة التمويل، قام القطاع المصرفى بقيادة «المركزى المصرى» بتدشين عدد من المبادرات التى من شأنها دفع معدلات نمو القطاع الصناعى، من خلال جذب المستثمرين للتوسع فى الحصول على الائتمان لضخ استثمارات جديدة، عن طريق تقديم التمويلات اللازمة بأسعار فائدة منخفضة عن المتداولة فى السوق المصرفية.
ويسترجع البنك المركزى من خلال هذه الجهود، دوره كوقود لمحرك التنمية الرئيسى، ويساهم فى دفع معدلات نمو القطاع الصناعى لتصل إلى 10.7% فى 2022، والتركيز على تمويل الصناعات التصديرية والبديلة للواردات، مما يترتب عليه تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية؛ منها ارتفاع معدلات نمو الناتج المحلى، وكذلك خفض نسب الدين، وعجز الموازنة، وغيرها من المؤشرات الأخرى.

"البنوك" تضخ 143 مليار جنيه لتمويل التجارة فى الداخل والخارج
عكفت البنوك العاملة بالقطاع المصرفى المصرى على تعزيز التجارة البينية بين مصر ودول العالم، وذلك من خلال التوسع الجغرافى لدعم المصدرين لهذه الدول، حيث تقوم البنوك بعمل تشريح كامل لأوضاع السوق التى سيتم التصدير إليها، وإتاحة الاعتمادات المستندية وأوراق الضمانة المالية للمصدرين، الأمر الذى يوضح تكامل دور البنوك فى دعم الصانع والتاجر الذى يسوّق للمنتجات الوطنية وخاصة المصدّرين.

وانعكست هذه الجهود على نمو حصيلة العلاقات التجارية بين مصر وأفريقيا التى تلقى اهتماماً كبيراً لترتفع إلى 6.2 مليار دولار بنمو 26.1%، ويأتى ذلك فى ظل توجه الدولة للتوسع فى السوق الأفريقية، وتشجيع البنك المركزى المصرى على دخول البنوك لهذه الدول، وجاء ذلك بخلاف توسع عدد من البنوك فى كثير من الدول أبرزها دول؛ الولايات المتحدة، الصين، الإمارات، فرنسا، ألمانيا، وروسيا.

أما على المستوى المحلى فتُعانى السوق من حالة ركود نسبية، والتى ظهرت فى نمو قطاع التجارة بنحو 3.9% مقارنة بمتوسط نمو اقتصادى سجل 5.1% للناتج المحلى الإجمالى خلال العام الماضى، فيما جاء قطاع التجارة الداخلية فى المرتبة السابعة بين القطاعات الأكثر نمواً وهو ما يشير إلى تباطؤ نسبى فى حركة البيع والشراء بالسوق.

كما يحتل قطاع التجارة المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية من حيث القروض الممنوحة من القطاع المصرفى من بين أربعة قطاعات رئيسية، لتأتى التجارة فى المركز قبل الأخير، حيث شهدت حصة قطاع التجارة من إجمالى تمويلات القطاع المصرفى تراجعاً من 20.1% فى يونيو 2005، لتصل إلى 11% فى 2019، وهو ما دفع البنك المركزى المصرى لدعم التجارة المحلية من خلال زيادة الحد الأقصى للقروض الشخصية الممنوحة من البنوك للعملاء لتصل إلى 50% من صافى الدخل الشهرى للفرد، وذلك بعدما كانت 35% فقط.

واستهدف «المركزى» بهذا القرار زيادة السيولة المحلية التى سجلت أدنى مستوى لها فى 4 سنوات بنهاية العام المالى الماضى، بوصولها إلى 72.6% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 77.85% بنهاية يونيو 2018، والذى سيؤثر إيجاباً على حركة البيع بين المصنّعين والتجار، وإنعاش السوق والاقتصاد المحلى ككل.

ولعل التراجع المتواصل الذى شهدته معدلات التضخم فى الفترة الماضية فى السوق المصرية، جعل الوقت مناسباً لاتخاذ «المركزى» قراراً بتعزيز السيولة المحلية لدى الأفراد والتدخل لإحداث رواج بالصناعة والتجارة المحلية.

"الخدمات" يفرض نفسه بقوة على ساحة الاقتصاد.. والقطاع المصرفى يدعمه بـ27% من أرصدة القروض
شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة فى قطاع الخدمات عالمياً، ليصبح واحداً من أهم القطاعات التى تقود معدلات النمو العالمية، حيث استحوذت الخدمات على 50% من الاستثمارات الدولية فى 2018، وقرابة 59% من الوظائف، كما شكلت 68% من الناتج المحلى الإجمالى الدولى عام 2016، لتفرض نفسها كركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية التى تعتمد عليها دول العالم.

ومنذ بدايات الثورة الصناعية الثانية أصبح قطاع الخدمات المحدد الرئيسى للتطور الاقتصادى، حيث أسهمت خدمات النقل والسياحة والسفر والاتصالات والتشييد والبناء والخدمات المالية فى تطور التبادل التجارى وتحسن مستويات التصنيع وتنويع الإنتاج والابتكار، بالإضافة إلى الإسهام بقوة فى دفع عجلة التنمية المستدامة، ولهذا يعمل القطاع المصرفى المصرى على توفير كافة التمويلات التى يحتاج إليها قطاع الخدمات للنهوض بالاقتصاد.

ورصدت «الوطن الاقتصادى» رحلة التطور التاريخى للقروض الممنوحة لقطاع الخدمات منذ عام 2009، حيث أظهر المسح أن القطاع يستحوذ على 27% من إجمالى أرصدة قروض البنوك لغير الحكومة بنهاية يونيو 2019، أى ما يُقدر بـ351.9 مليار جنيه، وذلك مقارنة بـ25.1% حصة القطاع من إجمالى أرصدة قروض البنوك لغير الحكومة بنهاية ديسمبر 2009، والذى قُدر بـ99.8 مليار جنيه، مما يشير إلى أن إجمالى التمويلات البنكية لغير الحكومة والتى حصل عليها قطاع الخدمات ارتفع بنحو 253.7 مليار جنيه خلال 10 سنوات.

وفيما يخص قطاع السياحة، الذى يمثل أحد أشكال الخدمات الرئيسية التى يعتمد عليها قطاع الخدمات، فإن العديد من الدول تعتمد على السياحة كمصدر مهم من مصادر الدخل الوطنى، حيث تبرز أهميتها فى الدول المتطورة كرافد أساسى فى التنمية الاقتصادية، إلا أن هذا القطاع فى مصر يحتاج إلى التجديد والتحديث بشكل مستمر ليواكب تطورات الدول السياحية، مما جعل البنوك المصرية تولى اهتماماً بالغاً بهذا القطاع الحيوى والذى بلغت إيراداته خلال العام المالى المنتهى فى يونيو 2019 نحو 12.6 مليار دولار وبنسبة نمو بلغت 28% مقارنة بالعام المالى السابق عليه.

وقدمت البنوك ما يزيد على 35 مليار جنيه لدعم قطاع السياحة وفقاً لتصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزى مؤخراً، فضلاً عن المبادرات التمويلية التى أطلقها البنك المركزى لدعم القطاع والتى كان آخرها مبادرة بقيمة 50 مليار جنيه لصالح تطوير وتجديد المنشآت السياحية، بالإضافة إلى إسقاط الفوائد المهمشة عن المتعثرين فى القطاع قبل عام 2011 وتجديد مبادرة السياحة الحالية لمدة عام إضافى تنتهى فى ديسمبر المقبل.

ولم يغفل القطاع المصرفى القطاعات الخدمية سواء التعليم أو الصحة حيث بلغت مساهمات البنوك المجتمعية لقطاع الصحة نحو 2.2 مليار جنيه منذ 2014 حتى 2019، فيما حصل قطاع التعليم على 923 مليون جنيه خلال الفترة نفسها.

"الزراعة" الأقل حصولاً على التمويلات.. والبنوك تسعى لاستعادة دورها التاريخى
يمتلك القطاع المصرفى تاريخاً حافلاً فى دعم قطاع الزراعة على مدار القرن الماضى، حيث مثلت الزراعة النشاط الرئيسى للاقتصاد المصرى، الأمر الذى دفع البنوك فى هذه الحقبة إلى توجيه كافة إمكاناتها لدعم المزارع المصرى، ولعل من أبرز هذه البنوك البنك العقارى الذى تأسس عام 1880، وبدأ البنك أعماله بالمساهمة فى تطوير القطاع الزراعى من خلال تقديم قروض لأصحاب الأراضى الزراعية قبل أن يتخصص حالياً فى مجال الاستثمار العقارى، وتسلم البنك الزراعى المصرى هذه الراية منذ تأسيسه عام 1931 للقيام بمهام التسليف الزراعى، واستمر فى لعب دوره الكبير كبنك متخصص فى هذا المجال حتى وقتنا هذا.

ومع التطور الذى شهده الهيكل الاقتصادى خلال العقود الأخيرة من القرن الماضى، تراجعت حصة القطاع الزراعى من تمويلات القطاع المصرفى، حيث استحوذت الزراعة على 2.24% من إجمالى التمويلات فى يونيو 2005، وتراجعت هذه النسبة إلى 1.7% خلال 2019، وذلك على الرغم من ارتفاع حجم تمويلات البنوك خلال الـ١٥ عاماً الأخيرة، حيث ارتفع إجمالى تمويلات القطاع المصرفى للزراعة من 6.4 مليار جنيه بنهاية يونيو 2005 إلى 21.8 مليار جنيه بنهاية يونيو 2019، مما انعكس على تعزيز مساهمة قطاع الزراعة فى الناتج المحلى الإجمالى، لترتفع من 3.5% بنهاية يونيو 2005 إلى 5% بنهاية يونيو 2019.

وأتاح البنك المركزى لكافة البنوك العاملة فى السوق المحلية تمويل الجمعيات التعاونية للمزارعين أو المنشأة بغرض التحول لطرق الرى الحديثة، بسعر فائدة 5% متناقصة، كما أصدر توجيهاته للبنوك المحلية للتوسع فى تقديم التمويلات والتسهيلات الائتمانية المختلفة لتعزيز النشاط الزراعى.

من جانب آخر، يعكف البنك الزراعى المصرى المملوك للدولة بالكامل، على تعزيز تمويلات القطاع الزراعى والتى ظهرت فى نمو إجمالى ودائع البنك من 34 مليار جنيه فى 2016 إلى أكثر من 58 مليار جنيه حتى نهاية يونيو 2019، بنسبة نمو 73%، كما شهدت محفظة القروض نمواً من 22 مليار جنيه فى عام 2016، إلى حوالى 30 مليار جنيه.

وعلى الرغم من المجهودات التى يبذلها القطاع المصرفى لدعم الزراعة إلا أن تمويلات البنوك لهذا القطاع لا تزال محدودة للغاية، خاصة أن القطاع يتطلب مزارعين متخصصين ليتمكنوا من دراسة المخاطر التمويلية للزراعة، بخلاف موظفى الائتمان الذين تتمثل خبرتهم فى الدراسات الائتمانية التقليدية فى القطاعات الصناعية، الخدمية، والتجارية، لذلك يُعد التمويل الزراعى تمويلاً مصرفياً مرتفع المخاطر، ولعل ذلك يعد سبباً ليحتل قطاع الزراعة المرتبة الأخيرة من قروض القطاع المصرفى بنسبة 1.7% فقط من إجمالى القروض الممنوحة من البنوك.

المصدر: الوطن

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على القطاع المصرفي يستمر في ضخ الوقود في محركات الاقتصاد المصري

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
17339

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري