آخر الأخباراخبار المسلمين › بعد مرور مائة عام على ميلاده .. النقشبندي مازال يتربع على عرش القلوب | فيديو

صورة الخبر: الشيخ سيد النقشبندي
الشيخ سيد النقشبندي


من السماء تأتينا أصوات ملائكية حفرت مكانها في ذاكرتنا، وظلت هذه الأصوات تصدح حتى اليوم رغم رحيل معظم أصحابها منذ سنوات طويلة، أصوات خاشعة ترتل القرآن الكريم وتنشد بأرق كلمات المديح، فتحلق بالقلوب إلى أعلى السماء.

صوت يأسر القلوب

ومن أجمل هذه الأصوات صوت الشيخ سيد النقشبندي - أستاذ المداحين، ذلك الصوت الملائكي الرنان الذي يأسر قلب كل من يستمع إليه، خاصة في شهر رمضان الكريم وقبل مدفع الإفطار بالتواشيح والابتهالات الرائعة، وهو واحد من أبرز من ابتهلوا ورتلوا وأنشدوا التواشيح الدينية في القرن الكريم، فكانت تنبع من قلبه قبل حنجرته، وكان ذا قدرة فائقة فيها حتى صار صاحب مدرسة ولقب بالصوت الخاشع والكروان.

وكلمة (نقشبندي) مكونة من مقطعين هما (نقش) و(بندي) ومعناها في اللغة العربية: القلب، أي: نقش حب الله على القلب، النقش بند بالفارسية هو الرسام أو النقاش والنقشبندي نسبة إلى فرقة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية، ونسبتهم إلى شيخهم بهاء الدين نقشبند المتوفى سنة 791 هجرية.

البداية

ولد النقشبندي في حارة الشقيقة بقرية دميرة إحدى قرى محافظة الدقهلية بمصر عام 1920م، ثم انتقلت أسرته إلى مدينة طهطا في جنوب الصعيد، ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره، وهناك حفظ القرآن الكريم علي يد الشيخ أحمد خليل قبل أن يستكمل عامه الثامن وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية، وكان والده يشجعه على ذلك، وبدأ ينشد وصيته يُسمع في نجوع الصعيد كلها.

وفي يوم دعي لإحياء ليلة في قرية كوم بدر بمركز طهطا فكانت هذه الليلة أول درجات الشهرة؛ حيث أبهر كل الموجودين بجمال وروعة وقوة صوته، وبدأت الدعوات تنهال عليه لإحياء ليال أخرى في كل محافظات مصر.
وبعدها ذاعت شهرته في مصر والدول العربية، فسافر إلى حلب وحماة ودمشق لإحياء الليالي الدينية بدعوة من الرئيس السوري حافظ الأسد، كما زار السعودية وأبوظبي والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الإفريقية والآسيوية.

في رحاب الله

وفي عام 1966 كان الشيخ سيد النقشبندي بمسجد الحسين بـالقاهرة والتقى مصادفة بالإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج "في رحاب الله"، وبعد إذاعة الحلقة أصبح النقشبندي حديث الناس في الشارع، وبعدها طلبت منه الإذاعة تقديم أدعية بصوته مدتها 5 دقائق بعد صلاة المغرب كل يوم في شهر رمضان، وهذا ما حدث فقدم الشيخ أروع الأدعية ووصل صوته إلى ملايين المستمعين في الوطن العربي، لتبدأ مرحلة جديدة في حياة الكروان الرباني بتعاونه مع كبار الملحنين مثل الموسيقار بليغ حمدي وحلمي أمين ومحمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي، ليقدموا لنا أروع الابتهالات مثل (مولاي إني ببابك) و(ماشي في نور الله).

وفي نفس الوقت سجل النقشبندي العديد من الأدعية الدينية لبرنامج "دعاء" الذي كان يذاع يوميا عقب أذان المغرب، كما اشترك في حلقات البرنامج التليفزيوني "في نور الأسماء الحسنى"، وسجل برنامج "الباحث عن الحقيقة" والذي يحكي قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي.

وبرغم مئات التسجيلات بصوته إلا أن أول ابتهالات سجلت بصوته كانت في سوريا سنة 1957، حين كان يؤدي مناسك الحج في السعودية وتعرف على الشيخ السوري محمد علي المراد ودعاه لزيارة الأراضي السورية ليحيي ليالي جميلة من الإنشاد الديني، وكانت تلك الليالي أول تسجيلات بصوته.

كيف وصفه مصطفى محمود؟

وفي البرنامج الشهير "العلم والإيمان" وصف الدكتور مصطفى محمود الشيخ سيد النقشبندي بقوله (إنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد)، وأجمع خبراء الأصوات وقتها على أن صوته من أعذب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني فهو مكون من ثماني طبقات، وعنه قالوا إنه كان يقول الجواب وجواب الجواب، وأن صوته كان يتأرجح ما بين الميزو- سوبرانو والسوبرانو.

مولاي إني ببابك

"مولاي إني ببابك قد بسطت يدي.. من لي ألوذ به إلاك ياسندي"

هذا الابتهال الديني الأكثر شهرة وأهمية من بين أعمال الشيخ النقشبندي المميزة، والذي يزيدنا إحساسًا بروحانيات شهر رمضان الكريم، كتب كلماته الشاعر عبدالفتاح مصطفى، ولحنه الموسيقار بليغ حمدي في أول تعاون بينه وبين النقشبندي، والطريف أن الفضل في هذا التعاون والالتقاء بين العبقريين النقشبندي وبليغ يرجع للرئيس الراحل أنور السادات، الذي بدأت علاقته في وقت مبكر مع النقشبندي، حين كان رئيسًا لمجلس الأمة قبل أن يصبح رئيسًا للجمهورية عن طريق الدكتور محمود جامع أحد أصدقاء السادات المقربين، ولأن السادات كان عاشقًا للإنشاد، فقد كان الإنشاد الديني فقرة أساسية يفتتح بها السادات كل احتفالاته في ميت أبو الكوم قبل توليه الرئاسة، وكان النقشبندي حاضرًا في كل هذه الاحتفالات، وظل الحال هكذا بعد أن أصبح السادات رئيسًا.

وفي عام 1972 احتفل السادات بخطبة إحدى بناته في القناطر الخيرية، وكان للنقشبندي فقرة رئيسية في الاحتفال الذي كان يحضره الملحن بليغ حمدي، فطلب السادات من بليغ حمدي أن يقدم عملا مع النقشبندي، وبرغم استياء النقشبندي من هذا في البداية لاعتقاده أن اللحن سيفسد حالة الخشوع التي تصاحب الابتهال، وأن الابتهال الملحن يجعل من الأنشودة الدينية أغنية.

وإلا أنه تحمس بشدة للحن بليغ حمدي "مولاي إني ببابك" الذي كان بداية التعاون بينهما، وبعد ذلك جاءت أعمال وابتهالات عديدة لهما هي: أشرق المعصوم، أقول أمتي، أي سلوى وعزاء، أنغام الروح، رباه يا من أناجي، ربنا إنا جنودك، يا رب أنا أمة، يا ليلة في الدهر / ليلة القدر، دار الأرقم، إخوة الحق، أيها الساهر، ذكرى بدر.

والآن وبرغم مرور مائة عام على ميلاد النقشبندي، فإنه مازال يتربع على عرش القلوب، والابتهالات الدينية، وستظل أعماله التي تلمس القلوب فترققها وتقربها إلى الله، كالذهب الذي تزداد قيمته كلما مرت عليه الأعوام.

المصدر: gate.ahram

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على بعد مرور مائة عام على ميلاده .. النقشبندي مازال يتربع على عرش القلوب | فيديو

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
45962

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري