آخر الأخباراخبار منوعة › قصة أول قضية نسب فى مصر.. و"هدى شعراوى" تهدد صاحبتها ببوليس الآداب

صورة الخبر: قصة أول قضية نسب فى مصر.. و"هدى شعراوى" تهدد صاحبتها ببوليس الآداب
قصة أول قضية نسب فى مصر.. و"هدى شعراوى" تهدد صاحبتها ببوليس الآداب

البداية عند السيدة فاطمة سري المولودة عام 1904 فى باب الخلق، فى صغرها تزوجت زيجة غير موفقة لم تستمر وبعدها تزوجت سيد بك البشلاوي والذي رأى فيها استعدادًا فنيًا فأحضر لها الأستاذ داود حسني فعلمها العود والغناء، وكان أول ظهورها على المسرح في فرقة الريحاني في رواية "كله من ده"، ومن أبرز من لحن لها زكي مراد وداود حسني وسيد شطا وعبدالحي حلمي وأحمد شريف.

التحقت بفرقة "ترقية التمثيل العربي" فبدأت شهرتها تزيد، وكانت رواية "صباح" أول رواية مثلتها بفرقة الحديقة وكانت سبب مجدها، وتعتبر أول مصرية غنّت أوبرا كاملة هى «شمشون ودليلة»، وبعد فترة غنت على "التخت".

وظلت تعمل على التخت حتى أحبت محمد بك شعراوي ابن هدى شعراوي رائدة تحرير المرأة في ذلك الوقت.. والتى دعتها ھدى شعراوي إلى حفل في قصرھا فغنت:
«بدال ما تسھر على قھوة
تعالى نشوي أبو فروة
بیتك مع عیلتك أولى من لعب الطاولة»

والذى يتفق ضمنيًا مع ما تنادى به هدى شعراوي من الاھتمام بالأسرة المصریة، أعجب الكثیرون بما غنته "فاطمة"، لكن "محمد باشا" أعجب أكثر بجمالھا فاقترب منھا وصافحھا، وبعد صد طویل تم الزواج العرفي أعطاھا ورقة یعترف فیھا بأنھا زوجته، فعلم طلیقھا فأخذ ولدیه منھا.

وانتشر الخبر ووصل إلى الصحافة، فأحس الباشا بالخطر، فكیف سیواجه أمه، فقابل فاطمة وطلب منھا أن ینھي ھذه العلاقة، وكتب لھا شیكًا بمبلغ كبیر، لكنھا ثارت ومزقت الشیك وداست علیه بقدمیھا وأعلنت بأنھا لا ترید سواه.. فتراجع واعتذر لھا، وقال: أنا أيضًا لا أستطیع العيش بدونك.

وبعد أیام قلائل أحست بأنھا حامل، والآن شعراوي حائر بین حبه لفاطمة وخوفه من أمه، فخطط للانتھاء من ھذه العلاقة، وإذا تقابلا یبدي رغبته في أن یعیشا معًا للأبد، وفي محاولة من محاولاتھا الكثیرة لإجھاض نفسھا، كادت أن تموت؛ فأسرع محمد إلیھا وجلس تحت قدمیها.

ولكي یثبت لها حسن نیته كتب لھا الإقرار التالي:
«أقر أنا الموقع على ھذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، ویقیم بالمنزل رقم 2 شارع قصر النیل قسم عابدین، إنني تزوجت الست فاطمة كریمة المرحوم "سید بیك المرواني" المشھورة باسم " فاطمة سري" من تاریخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة وهى حامل فإذا انفصلنا فھذا ابني، وھذا إقرار مني بذلك. وأنا متصف بجميع الأوصاف المعتبرة للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعیة، بصحة الإقرار شرعًا وقانونًا، وھذا الإقرار حجة على تطبیقًا وإن كان عقد زواجي بھا لم یعتبر، إلا أنَّه صحیح شرعي مستوفٍ لجمیع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعًا».
محمد علي شعراوي القاھرة في 15 یونیو1925م
ولكنه ندم على هذا الإقرار فحين قابل فاطمة سري في باريس بعد استلامها الإقرار بشهرين حاول استمالتها عاطفيا لاسترداد ذلك الإقرار، فقالت له إنها تركت الإقرار في القاهرة، ثم أخذت صورة بالزنكوغراف للقرار وطبعته على ورق يشبه الورقة الأولى، وحين عادت الى مصر أعطته الصورة واحتفظت بالأصل، وبالفعل بعدها أظهر لفاطمة الوجه الآخر لقبحه فراح يهددها ويرهبها ويتنكر لها من جديد، وأنجبت فاطمة "لیلى".

ولما أحست فاطمة أن الصراع في الخفاء بينهما لن يجدي نفعًا، قررت أن تعلن الصراع على الملأ، وعندما علمت والدته غضبت وخافت على مكانتها وطالبت ابنها بالابتعاد عن فاطمة وعدم الاعتراف بزواجه منها.

ورغم محاولة فاطمة استعطاف هدي شعراوي إلا أنها هددتها بالإيذاء إذا لم تبتعد عن ابنها، وھددتھا بأنھا ستسلط علیھا بولیس الآداب، وتصاعد الصراع بین المرأتین ھدي التي كانت في ذلك الوقت في الـ"45" من عمرها وفاطمة التى كانت في العشرین.

لم تمر السنوات الثلاث على خلع ھدى شعراوي لغطاء وجھھا ومطالبتھا بحقوق المرأة حتى وضعتھا الأقدار في امتحان عصیب، فھا ھي تظلم امرأة تزوجت وأنجبت من ابنھا.

كما أن فاطمة أرسلت إلى هدى شعراوي جوابا تستعطفها فيه:
«إن اعتقادي بك وبعدلك ودفاعك عن حق المرأة؛ یدفعني إلى التقدم إليك طالبة الإنصاف، وبذلك تقدمین للعالم برھانًا على صدق دفاعك عن حق المرأة، ویمكنك حقیقة أن تسیري على رأس النساء مطالبة بحقوقھن.
ولو كان الأمر قاصرًا علىّ لما أحرجت مركزك، فأنت أم تخافین على ولدك العزیز أن تلعب به أیدي النساء وتخافین على مستقبله من عشرتھن، وعلى سمعته من أن یقال إنَّه تزَّوج امرأة كانت فیما مضى من الزمان تغني على المسارح، ولك حق إن عجزت عن تقدیم ذلك البرھان الصارم على نفسك؛ لأنَّه یصیب من عظمتك وجاھك وشرف عائلتك، كما تظنون یا معشر الأغنیاء، ولكن ھناك طفلة مسكینة ھي ابنتي وحفیدتك، إن نجلك العزیز، والله یعلم وھو یعلم، ومن یلقي علیھا نظرة واحدة یعلم ویتحقق من أنَّھا لم تدنس ولادتھا بدم آخر، والله شھید، طالبت بحق ھذه الطفلة المعترف بھا ابنك كتابیًا، قبل أن يتحول عني وینكرھا وینكرني، فلم أجد من یسمع لندائي، وما مطالبتي بحقھا وحقي كزوجة طامعة فی مالكم، كلا".
وتمھلھا أسبوعًا لا أكثر لكي ترد عليها وإلا اتجھت إلى طریق القضاء، لكن ھدى شعراوي یستفزھا تھدید فاطمة، فتنسى كل ما ادعته عن تحریر المرأة، فتعادیھا في كل مكان تذھب إلیه.

وفي مارس عام 1927 نشرت فاطمة مذكراتها في مجلة "المسرح" الأسبوعية، وكانت قد ابتعدت لفترة عن الغناء.
وبدأتها قائلة: "مصر لم تر سيدة شرقية نشرت مذكراتها على أية حادثة من الحوادث التي صادمتها في الحياة، لذا سيكون عملي هذا جرأة في نظر البعض الآخر، والحقيقة أنه واجب أكرهتني عليه الظروف وتكاتف شاب غني وبعض رجال المحاماة المشهورين لهضم حقوقي ودوس كرامتي وسلب ابنتي حقها في حمل اسم أبيها الشرعي".

وكانت المفاجأة عندما أعلنت أن لديها أيضًا ابنة "ليلي" هي حفيدة السيدة الجليلة هدى هانم شعراوي والمرحوم علي باشا شعراوي وابنة محمد بك شعراوي، ونشرت صورة من إقرار كان يعترف فيه محمد بك شعراوي بخط يده بزواجه عرفيًا من فاطمة سري وبأن "ليلي" هي ابنته، وشرحت الأسباب التي دفعتها إلى اللجوء إلى القضاء لإثبات زواجها العرفي وأبوة محمد شعراوي للطفلة بعد أن هجرها وتنكر لها، فقد ارتبطا بزواج عرفي لفترة نتج عنه إنجابهما طفلة.

قنبلة فجرتها فاطمة كانت نتيجتها أول قضية إثبات نسب في تاريخ مصر، واستمرت على صفحات الجرائد 3 سنوات وانقسم المصريون بين مؤيد ومعارض، خاصة أن خيوط القضية تشابكت لتضم رجال القضاء ومحاضر متبادلة في الشرطة وبعض أعضاء البرلمان والسياسيين وأهل الفن والصحافة.. فكان فكرى أباظة يدافع عن المطربة المغمورة ومصطفى النحاس يساندها.

ولذلك دافعت المجلة طول الـ3 سنوات عن المطربة في مواجهة نفوذ الهانم التي رفعت لواء حرية المرأة وحقوقها في كل مكان، ثم فجأة عندما تعلق الأمر بابنها تنكرت لكل ما تدعو إليه، بل وأكدت بعض المصادر التاريخية أنها حاولت بنفوذها تلفيق قضية آداب لفاطمة سري للتأكيد علي سوء سلوكها وإرهابها، ثم قامت برفع دعوي قضائية وكان فكري أباظة عضو مجلس النواب، هو المحامي الذي تولي الدفاع عنها.

ظلت فاطمة في صراع مع آل شعراوي في ساحات المحاكم مدة طويلة حتى صدر حكم محكمة الاستئناف العليا بإقرار شرعية زواج فاطمة ومحمد وبنوة "ليلى" ابنتها له في 30 ديسمبر 1930.

وخلال سير القضية أجرت مجلة "الصرخة" حوارًا مع فاطمة سري حول ما فعلته هدى هانم شعراوي من خطط لإزاحتها من طريق ابنها.
قالت فيه: "لما أعجزتني الحيلة، لجأت إلى القضاء، فمضوا يساومونني مساومات لا تقبلها أم تفكر في سعادة ابنها، وأخذوا يجزلون لي العطاء حتى بلغوا أخيرًا 25 ألف جنيه، وأخيرًا عندما أدركوا أنني لا أريد شيئًا إلا ضمان مستقبل ابنتي، أوفدوا إليّ الأستاذ إبراهيم بك الهلباوي، فجاءني يعرض عليّ اقتراحًا جديدًا رفضته بكل ثقة، ذلك أنهم أرادوا أن يأتوني برجل يعقد قرانه عليّ ويكون عقد القران سابقًا لمولد ابنتي، ويعترف ذلك الرجل ببنوة الطفلة، فلا تنشأ مجهولة الأب وتصبح ابنة شعراوي أمام القانون ابنة رجل آخر".

وفي هذا الحوار أكدت فاطمة أنها لا تجد غضاضة في الرجوع إلى عصمة زوجها لتشاركه تربية ابنتها، مؤكدة أن طلبات الزواج تنهال عليها دائمًا، والطريف أنها ذكرت عدة أشياء غريبة في هذا الحوار، منها أنها تطالب بالحجر على محمد بك شعراوي إذا رفض عودتها إلى عصمته، كما أكدت أنها ستقيم حفلًا ابتهاجًا بالحكم لصالحها وسوف تذبح فيه عجلين تطعمهما للفقراء مع تلاوة للشيخ علي محمود.

واللافت أن هدى شعراوي لم تشر في مذكراتها لهذه القضية.

وكما أشارت الناقدة الفنية الراحلة نهاد صليحة خلال نشرها لمذكرات فاطمة سري.. فإن المطربة سلمت ابنتها في مشهد درامي إلى أبيها وجدتها في المحكمة، وتم حرمانها من رؤيتها نهائيًا.
ورغم أن المجلات الفنية عقب صدور الحكم قامت بالاحتفاء بانتصار المطربة فاطمة سري، ووضعت صورتها على أغلفتها وروجت أن عددًا كبيرًا من الأغنيات وعروض العمل في انتظارها.

ولكنها بمرور الوقت تغيرت الأحوال، فهي لم تفقد فقط ابنتها.. بل وقام طليقها بحرمانها من ولديها بحكم محكمة باعتبار إنها غير أمينة على تربيتهما.
كما ابتعدت عنها الأضواء نهائيًا واعتزلت الفن إلى أن توفيت عام 1975.

وبعد 20 عامًا من هذه القضية قرر الكاتب الكبير مصطفي أمين أن يناقشها في فيلم "فاطمة" بطولة أم كلثوم وأنور وجدى. وهو أول فيلم في تاريخ السينما المصرية مقتبس من أحداث حقيقية.

صورة الخبر: قصة أول قضية نسب فى مصر.. و"هدى شعراوى" تهدد صاحبتها ببوليس الآداب

المصدر: الدستور

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على قصة أول قضية نسب فى مصر.. و"هدى شعراوى" تهدد صاحبتها ببوليس الآداب

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
90734

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري