«البوسطجى» أو «ساعى البريد» هو الشخص المكلف بإيصال الرسائل الواردة إلى مكتب البريد الذى يعمل فيه، إلى أصحابها، كان غالباً ما يرتدى زياً خاصاً يدل على مهنته، وكان فى السابق يستخدم «الحمار» للتنقل بين المناطق والشوارع، لتسليم الرسائل إلى أصحابها، ثم تطورت وسيلة انتقاله مع مرور الأيام إلى «الدراجة»، أو «الموتوسيكل»، كان غالباً ما يعرف جميع أهالى المنطقة، وينادى عليهم بالاسم، لدرجة أن بعض الأهالى ممن لا يعرفون القراءة كانوا يثقون به، ويطلبون منه قراءة الرسائل الواردة إليهم، حتى إنه كان يعلم كثيراً من الأسرار والخبايا، ربما لا يعرفها غيره، ونظراً لأن الرسائل التى ينقلها قد تحمل أخباراً مفرحة، فكان بعض الأهالى ينتظرون مجيئه إليهم مثل «هلال العيد»، ويطلقون عليه «وش الخير»، أما إذا كانت الرسائل تحمل أخباراً غير سعيدة، فكان البعض يعتبرونه «نذير شؤم».
أهالى الغائبين ينتظرون مجىء حامل الرسائل مثل "هلال العيد".. وآخرون يعتبرونه "نذير شؤم"
ونتيجة التطور التكنولوجى الكبير فى وسائل الاتصالات بعد ظهور الإنترنت والبريد الإلكترونى والهواتف المحمولة، تحولت مهنة «ساعى البريد» تدريجياً لتصبح واحدة من المهن التراثية، وعن ذلك، قال «عبدالرحمن فرغلى»، من أبناء أسيوط، إن «البوسطجى زمان كان بيلف البلد كلها وهو راكب على حماره، ولما اترقى شوية غيره بالعجلة»، مشيراً إلى أنه كان يحمل الخطابات فى «شنطة» من القماش، ثم تطورت بعد ذلك إلى حقيبة من الجلد، وكان يجوب الشوارع ليسلم الرسائل إلى أصحابها، وأضاف أنه كان هناك نوعان من الرسائل، منها «الجوابات العادية»، التى يقوم بتسليمها إلى أى شخص يوجد فى المنزل، أو يتركها تحت عقب الباب، ومنها «الخصوصى»، التى يجب أن يتسلمها صاحبها بنفسه، وتابع قائلاً: «كانت أيام حلوة وجميلة، وكانت كل عيلة لها شخص غايب أو فى الجيش، تستنى البوسطجى بفارغ الصبر، وكأنه هلال العيد».
وأضاف «عماد نبيل»، من أهالى أسيوط أيضاً، أن هناك من كان يتخوف من الرسائل التى يحملها إليه «البوسطجى»، خاصةً من لهم قريب أو حبيب بعيد أو مريض، مشيراً إلى أن «جده» كان يتشاءم من ساعى البريد كلما رآه فى أحد شوارع القرية، موضحاًَ أنه يتذكر عندما كان صغيراً، «جاء «البوسطجى حاملاً تلغرافاً لجدى، وطلب جدى وقتها من ساعى البريد قراءة الرسالة، ولما قرأها كان فيها خبر سيئ عن شقيقه الذى كان يعيش فى بحرى، فما كان من جدى إلا أن طرد البوسطجى من المنزل، وهو يقول له: غور، وشك فقرى، باتشاءم منك».
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!