“تقرير” اندماج رينو وفيات كرايسلر.. خطوة وليدة اليأس

عندما واجهت صناعة السيارات الأمريكية أصعب لحظاتها في خضم الأزمة المالية العالمية في 2008، قامت جنرال موتورز بخطوة أذهلت الجميع وتقدمت باقتراح للاندماج مع منافستها اللدودة، فورد.

الاندماج لم يتم، وانتهى الحال بجنرال موتورز بالإعلان عن إفلاسها وإعادة هيكلة مالياتها، ولكن هذه الخطوة تشير إلى الضغوط الكبيرة التي واجهتها الشركات الأمريكية آنذاك.

صانعات السيارات الأوروبية تواجه لحظة صعبة مشابهة حالياً، ما قد يفسر حيثيات الاندماج القادم بين رينو وفيات كرايسلر لإنشاء ثالث أكبر شركة سيارات في العالم، والسؤال هنا لماذا يخاطر رئيس مجلس إدارة فيات الملياردير جون إلكان بخطوة كهذه؟

على العكس من الوضع في الأزمة المالية العالمية في 2008، فيات ورينو هي شركات ربحية حالياً ولا تواجه خطر الانهيار أو الإفلاس، ولكن كلاهما يواجه خطراً من نوع آخر: تباطؤ مبيعات السيارات، في نفس الوقت الذي تتراكم فيه نفقات تطوير السيارات الكهربائية التي أصبحت ضرورة لا مفر منها مع القوانين التنظيمية الجديدة لحماية البيئة.

وتقدر فيات كرايسلر أن الاندماج مع رينو سيوفر 5.6 مليار دولار سنوياً (21 مليار ريال) بفضل مشاركة نفقات البحث والتطوير ومنصات السيارات، كما من المتوقع ارتفاع قيمة أسهم الشركة الموحدة بقوة مقارنة بالقيمة المتواضعة حالياً لفيات ورينو بالنسبة بأرباحهم، والتي تقف عند أربعة أضعاف الأرباح، وهو معدل منخفض للغاية مقارنة بالعديد من الشركات التي تصل قيمتها السوقية لعشرة أضعاف أرباحهم السنوية أو أكثر.

مع ذلك أكبر خطر يواجه الاندماج الجديد هو كيفية تنظيم الإدارة الموحدة بين شركتين منفصلتين في السابق.. الغرض هنا هو مناصفة الإدارة بشكل كامل ولكن عمل كهذا يحتاج لجهود هائلة من الطرفين، كما رأينا نماذج كثيرة في السابق لخلافات على تفاصيل صغيرة وكبيرة ومدى السيطرة التي تحظى بها شركة فوق أخرى في البداية، كما نأخذ في الاعتبار أن رينو لا تزال في تحالف مع نيسان وميتسوبيشي، ما يزيد من فرص التعقيد.

ولكن رغم كل هذا، تظل الحقيقة واضحة للجميع، صناعة السيارات، خاصة الأوروبية، تواجه عقبات حقيقية مع اندثار عهد الديزل عقب فضيحة فولكس فاجن وتشدد الاتحاد الأوروبي في قوانين الانبعاثات الكربونية وتباطؤ المبيعات بشكل عام، ما يجعل الاندماج بين رينو وفيات كرايسلر خطوة منطقية ومفهومة أكثر منها مفاجئة.

المصدر: المربع نت