إنسايت تسجل اهتزازات كوكب المريخ للمرة الأولى

إنسايت تسجل اهتزازات كوكب المريخ للمرة الأولى

شعر العلماء باهتزازات كوكب المريخ تحت أقدامهم بفضل المحاكيات الروبوتية الموجودة على بعد ملايين الأميال على سطح المريخ. وفي السادس من أبريل/نيسان سجلت مركبة إنسايت التابعة لناسا أول الاهتزازات المريخية وهي ظاهرة تنبأ العلماء بوجودها في الكوكب المجاور ولكن لم يستطيعوا تأكيدها. قياس الموجات الاهتزازية المنتقلة عبر باطن كوكب المريخ –والتي تمثل الزلازل الأرضية بالنسبة لكوكبنا- كانت من ضمن الأهداف الرئيسية لهذه المهمة. قال فيليب لوغنوني Philippe Lognonné الباحث المسؤول عن أداة تسجيل الاهتزازات الموجودة على المركبة في بيان: "كنا ننتظر الزلازل المريخية منذ شهور، ومن المثير فعلاً أن نمتلك دليلاً يشير الى أن الزلازل المريخية ما زالت موجودة إلى الان." التقطت مركبة انسايت التابعة لناسا هذه الصورة تظهر فيها جهاز رصد الاهتزازات بتاريخ 7 أبريل/نيسان 2019 (Image: © NASA/JPL-Caltech) لم يعتقد العلماء أن الاهتزازات المريخية تحدت بتواترٍ عال مثل الاهتزازات الأرضية وذلك لأن الكوكب الأحمر يفتقر للصفائح التكتونية المسؤولة عن نشأة الزلازل هنا على كوكب الأرض وذلك عبر احتكاك طبقاتها ببعض. ولكن أعتقد العلماء أن التوتر الناتج عن تبريد مركز الكوكب يمكن أن يتسبب بنشوء اهتزازات افرادية ناتجة عن تموج الطاقة عبر باطن الكوكب. والآن أصبح لديهم إثبات لهذا الأمر، ففي السادس من أبريل/نيسان سجلت أداة تحديد الاهتزازات شديدة الحساسية تحركات صغيرة من باطن الكوكب، ومن المحتمل أن هذه الإشارة المسجلة تشبه الاهتزازات التي تم قياسها في 14 مارس/اذار و10 ابريل/نيسان و11 أبريل/نيسان ولكن العلماء لم يستطيعوا بعد تحديد العامل الذي تسبب بهذه الاهتزازات ولا يمكنهم تأكيد أن هذه الاهتزازات تعكس نشاط باطن الكوكب. يعلم العلماء المسؤولون عن أداة رصد الاهتزازات أنهم يواجهون تحدياً صعباً، فيجب على الأداة أن تكون مصممة بشكل مدروس بدقة لكي تستطيع تسجيل هذه الاهتزازات شديدة الصغر، ويجب أيضاً أن تكون محمية من الرياح ولهذا تبدو الأداة مغطاة بدرع بيضاء حيث تساعد هذه الدرع الأداة لكي تركز على باطن الكوكب فقط. ولأن العلماء يمكنهم وضع أداة رصد واحدة فقط على المركبة، فقد توجب عليهم إيجاد طريقة لمضاعفة عملية التثليث التي تقوم بها شبكة رصد الاهتزازات هنا على كوكب الأرض، وهذه الإشارة التي سُجلت كانت بمثابة مكافأة للعلماء على تصميمهم فائق الدقة. بالرغم أن العلماء متحمسون بسبب عملية الرصد هذه، ولكنها في الواقع لن تساعدهم في تحقيق هدف مهمة إنسايت وهو تحليل بنية باطن كوكب المريخ لأن هذه الاهتزازات ليست قوية بما يكفي لتزويدهم بالبيانات الضرورية من أجل التحليل. ولكن فريق إنسايت لديه خطة أخرى لجمع هذه البيانات بما أنهم لم يكونوا متأكدين أن الكوكب الأحمر فيه اهتزازات يمكن تسجيلها، حيث يمكن للأداة تعقب الأصداء الناتجة عن الضربات النيزكية ومن مسبار الحفر الذاتي الحراري والذي يمثل جزءً من المهمة (الجدير بالذكر أن هذا المسبار متوقف حالياً والسبب على ما يبدو أنه عالق في صخرة ويعمل العلماء على نسخة مطابقة من المسبار موجودة هنا على الأرض لكي تساعدهم على تحديد المشكلة.) حَلم العلماء منذ زمن طويل بفكرة وضع أداة لرصد الزلازل على سطح الكواكب الأخرى، حيث حملت بعثات فايكنغ التابعة لناسا في سبعينيات القرن الماضي أدوات لقياس الزلازل على متنها ولكن الأدوات أضيفت لاحقاً بالإضافة الى أنها كانت مثبتة بالمركبة، وبسبب الارتفاع الشاهق للمركبة لم تتمكن هذه البعثات من رصد إشارات ذات قيمة. تمكنت إنسايت من تثبيت أداة رصد الزلازل فوق سطح الكوكب مباشرة، نشأت هذه الفكرة بسبب النجاح الذي حققته أدوات الرصد التي وضعت على سطح القمر من قبل رواد فضاء برنامج أبولو. قال بروس بانيردت Bruce Banerdt المتخصص بالفيزياء الجيولوجية في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والباحث المسؤول في مهمة إنسايت بتصريح في البيان ذاته: "الإشارات التي أرسلتها إنسايت تعتبر امتداداً لما بدأته مهمات أبولو، حيث كنا نسجل موجات الضجيج العشوائية حتى يومنا هذا ولكن هذا الحدث يفسح المجال بشكل رسمي لدخول حقلٌ جديد يُدعى: علم زلازل المريخ."

المصدر: ناسا