بُني الهرم الأكبر بمدينة الجيزة قبل نحو 4500 سنة خلت. يعتبر الهرم الأكبر الشاهق بمدينة الجيزة المصرية -على الرغم من كونه غير متوازن قليلًا- عملًا هندسيًا فذًا ضاربًا في القدم. وقد تمكن مؤخرًا عالم من علماء الآثار من معرفة الطريقة التي انتهجها المصريون لضمان تناسقٍ شبه مثالي لهذا الصرح مع الجهات الرئيسية (الشرق، الغرب، الشمال، الجنوب)، ألا وهي الاعتماد على الاعتدال الخريفي. يحدث الاعتدال الخريفي في المدة التي تتوسط حدوث الانقلابين الصيفي والشتوي، حيث تكون زاوية ميلان الأرض في الوضعية التي يتساوى فيها تقريبًا طول الليل والنهار.
قبل نحو 4500 سنة مضت، أمر الفرعون المصري خوفو بتشييد الهرم الأعظم بالجيزة. بطول نحو 455 قدمًا (138 مترًا)، يعتبر الهرم الأعظم الأكبر بين الأهرامات الثلاثة التي تقف على هضبة الجيزة، وقد صنّف كاتبون قدامى هذا الأخير كواحدة من عجائب الدنيا. اتّضح أنّ بُناة الهرم قد صمّموا -بطريقة ما- هذه الأعجوبة بدقة شديدة، إذ كتب جلين داش Glen Dash (مهندسٌ درس أهرامات الجيزة) بحثًا نُشر في جريدة الهندسة المصرية القديمة The Journal of Ancient Egyptian Architecture يقول فيه: "جعل بُناة هرم خوفو الأكبر تراصُف هذا الصرح مع الجهات الرئيسية دقيقًا، إذ كان التراصف أفضل من 4 دقائق للقوس الواحد، أو واحد من خمسة عشر (1/15) من الدرجة الواحدة".
كما يشير داش إلى أن كلًا من هرم خفرع (المتواجد أيضًا بالجيزة) والهرم الأحمر (المتواجد بموقع دهشور) كانا على دقة عالية من التراصف، حيث كتب قائلًا: "يتجلى نفس الخطأ الهندسي لدى الأهرامات الثلاثة: جميعها منصرفة قليلًا عكس عقارب الساعة عن الاتجاهات الأساسية". لما يقارب القرن من الزمن، أعطى الباحثون اقتراحات عديدة عن الطرق التي استعملها المصريون القدامى لضمان هذا التراصف الدقيق للأهرامات مع الاتجاهات الأساسية.
من جهة أخرى يعرض داش في بحثه كيفية استعمال الطريقة التي يتم من خلالها استغلال الاعتدال الخريفي. الظلال في كونتيكت والجيزة في يوم الاعتدال الخريفي، ثبت خبير مسح الأراضي قضيبًا على السطح، وتتبع ظلّ هذا الأخير عبر فترات اليوم. كانت النتيجة خطًا شبه مستقيم يمتد من الشرق إلى الغرب. حيث قام بتثبيت قضيب (يسمى أيضًا عقرب المِزولة من طرف خبراء مسح الأراضي المعاصرين) على قاعدة خشبية، وأخذ وضعية ظل هذا الأخير (القضيب) عبر فترات اليوم. كتب داش قائلًا: "في يوم الاعتدال، سيجد خبير مسح الأراضي أن نهاية الظل تمتد مشكلةً خطًا شبه مستقيم من الشرق إلى الغرب، بهامش خطأ ضئيل باتجاه عكس عقارب الساعة، وهو نفس هامش الخطأ الذي وُجِد لدى الهرم الأكبر، وهرم خفرع، والهرم الأحمر".
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!