آخر الأخباراخبار منوعة › قصة واحدة من أشهر الخطب في التاريخ: أصبحت مثلاً شعبيًا يردده الناس

صورة الخبر: قصة واحدة من أشهر الخطب في التاريخ: أصبحت مثلاً شعبيًا يردده الناس
قصة واحدة من أشهر الخطب في التاريخ: أصبحت مثلاً شعبيًا يردده الناس

ما إن يذكر اسم الحجاج إلا ذكرنا هذه الخطبة، بل إن بعض عباراته صارت أمثالاً يرددها الناس فى حياتهم اليومية مثل: «إنى أرى رؤوسا قد أينعت». وكانت قطعة بلاغية متفردة فى تاريخ البلاغة العربية رغم أن قائلها رجل حرب وسياسة ورجل دولة.

وتظل هذه الخطبة مضرب الأمثال حتى يومنا هذا ويعرفها العوام مثل الخاصة من المثقفين وهى من أشهر الخطب فى الأدب العربى فى العصر الأموى، كما أن الخطبة ومناسبتها بل اختيار الحجاج فى ذلك الوقت إنما يدلل على الحالة التى وصل لها أهل العراق من الشقاق والنفاق والسعى وراء الفتن واتباع الإشاعات والأقاويل.

وعن ملابسات هذه الخطبة، حدث عبدالملك بن عمير الليثى قال بينما نحن فى المسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة يومئذ ذو حال حسنة يخرج الرجل منهم فى العشرة والعشرين من مواليه إذ أتى آت فقال هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق فإذا به قد دخل المسجد معتما بعمامة قد غطى بها أكثر وجهه متقلدا سيفا متنكبا قوسا يؤم المنبر، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر فمكث ساعة لا يتكلم فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بنى أمية حيث تستعمل مثل هذا على العراق حتى قال عمير بن ضابئ البرجمى ألا أحصبه لكم فقالوا أمهل حتى ننظر فلما رأى عيون الناس إليه حسر اللثام عن فيه ونهض فقال: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفونى، ثم قال: يأهل الكوفة أما والله إنى لأحمل الشر بحمله وأحذوه بنعله وأجزيه بمثله وإنى لأرى أبصارا طامحة وأعناقا متطاولة ورؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإنى لصاحبها وكأنى أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى تترقرق.

ثم قال: «والله يأهل العراق ومعدن الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق ما يقعقع لى بالشنان ولا يغمز جانبى كتغماز التين ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة وجريت إلى الغاية القصوى وإن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه نثر كنانته بين يديه فعجم عيدانها فوجدنى أمرها عودا وأصلبها مكسرا فرماكم بى لأنكم طالما أوضعتم فى الفتن واضطجعتم فى مراقد الضلال وسننتم سنن الغى، أما والله لألحونكم لحو العصا ولأقرعنكم قرع المروءة ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل فإنكم لكأهل قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون، وإنى والله لا أعد إلا وفيت ولا أهم إلا أمضيت ولا أخلق إلا فريت فإياى وهذه الشفعاء والزرافات والجماعات وقالا وقيلا وما تقول وفيم أنتم وذاك أما والله لتستقيمن على طريق الحق أو لأدعن لكل رجل منكم شغلا فى جسده وإن أمير المؤمنين أمرنى بإعطائكم أعطياتكم وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبى صفرة وإنى أقسم بالله لا أجد رجلا تخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا سفكت دمه وأنهبت ماله وهدمت منزله».

أما تعبير ابن جلا فيعنى به الرجل الواضح الذى لا يخفى شيئا وطلاع الثنايا يعنى بها من جرب الأمور وأحكمها والثنايا هى الطريق فى الجبل ومعنى عجمها أى اختبر عيدانها بعدما لاكها بفمه، والسلمة هى شجرة ذات شوك فتضرب بشدة حتى تعصب فلا تؤذى بشوكها حاطبها وغريبة الإبل هى ما يدخل فى جماعة الإبل من الإبل الغريبة عند ورود الماء فتضرب حتى تخرج ومعنى أرْجَفَ القومُ أى خاضُوا فى الأَخبار السيئة وذكر الفتَنِ وكلمة الأيامى جمع أيّم وهى التى لا زوج لها والسمهى معناها الباطل. وبقى أن نقول إن الحَجَّاج بن يوسف الثقفى فوق كونه حاكما صارما فإنه كان من فصحاء العرب، ويعد فى الذروة من أهل الخطابة والبيان فى العصر الأول. وهو سياسى محنك، وقائد عسكرى وخطيب مفوه من دعائم دولة الأمويين حيث نصر حكمهم بيده ولسانه.

وبعد أن عينه عبد الملك على العراق واليًا، حيث الفتن تمور، وهيبة الدولة مستباحة وسلامتها مهددة؛ إذ كثرت أعمال العصيان والتمرد والتعدى على الولاة وطردهم، قرر الحجاج إعمال القسوة وسياسة القبضة القوية. ولهذا عرف بأنه اليد القوية لعبد الملك بن مروان فى تأسيسه الثانى للدولة الأموية وتثبيت دعائمها.

المصدر: المصرى اليوم

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على قصة واحدة من أشهر الخطب في التاريخ: أصبحت مثلاً شعبيًا يردده الناس

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
35924

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

خلال 30 أيام
خلال 7 أيام
اليوم