حكم قطع صلاة الفرض للرد على مكالمة مهمة

سأل سائلٌ دارَ الإفتاء عن حكم الشرع فى قطع صلاة الفرض من أجل الرد على مكالمة هاتفية مهمة.

وأجابت دار الإفتاء بأنه إذا كانت الصلاة فرضًا فإن قطعها للأمور المهمة والمصالح المعتبرة التى لا يمكن تداركها جائز شرعًا، دينية كانت أم دنيوية؛ بل قد يصل ذلك إلى حد الوجوب إذا تعلق بنحو: إنقاذ غريق أو إغاثة ملهوف، بخلاف ما لو كان أمرًا يسيرًا، أو كان يمكن تداركه ولو بتخفيف الصلاة.

هذا مع التنبيه على المعيار فى هذا الأمر شخصى، وتحقيق المناط فيه مَرَدُّه إلى المصلى نفسه فى تحديد ما هو مهمٌّ على جهة الضرورة أو الحاجة، وفى تحديد ما يتأتى إدراكه وما لا يتأتى، فإذا كان منتظرًا لمكالمة مهمة جدًّا لا يمكن له تدارك المصلحة التى تفوت بفواتها أو تجنب الضرر الذى يترتب على عدم الرد عليها - حسبما يغلب على ظنه - فإنه يجوز له شرعًا قطع الصلاة والرد عليها، مع وجوب أن تقدَّر الضرورة أو الحاجة فى ذلك بقدرها، وعليه بعد ذلك قضاء الصلاة وابتداؤها مرة أخرى.

ومن الأدلة على ذلك: ما رواه الإمام البخارى فى صحيحه، والإمام أحمد فى مُسنَده، وابن خزيمة فى صحيحه، والحاكم فى المستدرك: عن الأزْرَق بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: "كُنَّا بِالأهْوَازِ نُقَاتِلُ الْحَرُورِيَّةَ، فَبَيْنَا أَنَا عَلَى حَرْف نَهَرٍ إِذَا رَجُلٌ يُصَلِّى، وَإِذَا لِجَامُ دَابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَتِ الدَّابَّةُ تُنَازِعُهُ، وَجَعَلَ يَتْبَعُهَا، قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ أَبُو بَرْزَةَ الأسْلَمِى رضى الله عنه، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِهَذَا الشَّيْخِ! فَلَمَّا انْصَرَفَ الشَّيْخُ، قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ قَوْلَكُمْ، وَإِنِّى غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم سِتَّ غَزَوَاتٍ، أَوْ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَوْ ثَمَانِى، وَشَهِدْتُ تَيْسِيرَهُ، وَإِنِّى إِنْ كُنْتُ أرجع مَعَ دَابَّتِى، أَحَبُّ إِلَى مِنْ أَنْ أَدَعَهَا تَرْجِعُ إِلَى مَأْلَفِهَا، فَيَشُقُّ عَلَى".

وقد عقد الإمام البخارى لذلك بابًا فى "صحيحه" سماه "باب إذا انفلتت الدابة فى الصلاة".

المصدر: مبتداء