حادث مُفزع، اتهامات مُتبادلة بين أطراف دولية حول الكارثة، معاناة سورية مُستمرة طيلة 6 سنوات، فُتح فيها جراح جديد؛ بضرب طائرات بلدة خان شيخون بريف إدلب شمال سوريا، إذ قُتل على إثر الحادث الكيميائي 20 طفلًا و50 بالغًا، إضافة إلى مئات المُصابين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفيما سقط المئات بين مصاب وقتيل، كان حسين كيال الذي يعمل إعلاميا فيما حاول أن يؤدي دور المسعف عسى أن ينقذ الأبرياء من جحيم الموت.
يحكي الشاب السوري عن لحظات إسعاف المُصابين بعد دقائق الرعب والقتل. ففي حوالي السادسة والنصف صباحًا، استيقظ كيال مذعورًا "فجأة سمعنا صوت قصف طائرة"، هرع الشاب العشريني أعلى سطح بنايته، هاله آثار الانفجار الذي يبعد عن منزله مسافة 1500 مترًا، اعتقد الشاب أن الضربة لم تختلف كثيرًا عن سابقيها، أخرج هاتفه والتقط عدد من الصور، قبل أن يتخذ قرار التوجه لمكان الحادث.
1-(1)
يؤكد النظام السوري على إلصاق تهمة القصف الكيميائي بعناصر المُعارضة المُسلحة، وتضيف روسيا أن "غارات الطائرات السورية أصابت مخزنًا للأسلحة الكيماوية، كانت تستعملها الجماعات المُتشددة في العراق"، فيما تُرجع المُعارضة السورية -التي تُسيطر على ريف أدلب- أن قصف خان شيخون كان بيد نظام الأسد. في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن فتح تحقيق دولي بشأن الواقعة.
استقل كيال سيارته "كنت متخيل أن الطيارة وقّعت مصابين، ما كنت متخيل إنها ضربة كيماوية"، قرب الوصول نصحه أهالي الحي بعدم التقدم "شوفت الناس بتقع على الأرض مباشرة وهي راح تسير"، عاد منزله "خدت كمامة ورجعت لمكان القصف"، وفي الطريق لمكان الحادث حسم قراره بمساعدة ضحاياه "اللي دفعني لهذا الشيء واجب إنساني".
1-(2)
على بعد 700 متر من موقع الانفجار "فُت على البيوت، كانوا العالم نايمين من تأثير الغاز.. ما حسيت إني لازم اتفرج، بقيت مُجبر إني أسعف المصابين"، حاول الشاب إفاقتهم " كانت عنيهم دبلانة، وعيونهم حُمر، والزبد بيخرج من أفواههم"، قبل أن تُزعجه مشاهد مؤلمة.
على أحد الأسرة "نساء كانوا نايمين بجانب أزواجهم بلباس النوم". آخر لشاب فقد زوجته وأولاده وأسرة أخيه بالكامل "صار يعيط على العالم، صارت أخلاقة صعبة كتيير". ثالث لرجل؛ أصاب الغاز جميع أفراد عائلته "وقف في نصف الشارع، يضرب بأيديه على جسمه.. صار زي المجنون". قبل أن تحمل سياراته 5 أطفال مُصابين.
1-(3)
إنقاذ المصابين استغرق دقائق قليلة، غير أنها مرت كدهر على نفس الشاب العشريني "أثناء إسعافي ما حسيت بشيء، وبعد ساعة حسيت بألم في الرأس، وصار بعيوني ألم خفيف، مع سيلان في الأنف وضيق في التنفس"، نفس الحال بالنسبة لأهالي البلدة السورية " أغلب العالم اللي كانوا بعيد كتير عن الضربة صار عندهم سيلان بالأنف وضيق بالتنفس".
في طريق كيال إلى الوحدة الصحية "الأطفال كان يطلع منهم صوت حشرجة كأنهم بيلاقو الموت"، أسرع كيال لنجدتهم "المسافة بين الحادث والمشفى 7 دقائق بالسيارة"، عند وصول الشاب أفجعه منظر المُصابين " قدام المشفى بيشلحوهم هدومهم، ويغسلوا جسمهم بالمياه"، وفي داخلها لا يملك الكيان الصحي أي تجهيزات كافية لاستقبال الفاجعة "المشفى عبارة عن مغارة داخل جبل لأن الطيران بيستهدفها كتير".
1-(4)
في ساحة تُقابل المشفى، أنزل كيال الأطفال المُصابين، ساعد أطباء الصحة في نجدتهم، تم تجميعهم داخل صندوق سيارة أخرى، ألتقط كيال صورة لهم، بعدها تم نقل الأطفال إلى مستشفى أكبر خارج بلدة خان شيخون، فيما انطلق صاحب الـ26 عامًا لمعاودة نقل المُصابين "إللي قريب عن الضربة أصابه ضعف في النظر وضيق في العدسة الدبوسية للعين".
في الطريق إلى موقع الانفجار، اصطدمت سيارة كيال بأخرى، تعطلت ماكيناتها، حاول الشاب العشريني إصلاحها، لم تنجح محاولاته، أرتكز على جانب سياراته المُعطلة، عاود ذهنه أحداث اليوم الطويل، تسائل في صمت "إيش ذنب المدنيين إللي ماتوا وهما نايمين؟"، قبل أن ينطق بصوت أعلى "أهالي خان شيخون أغلبيتهم في حالة رعب من الكيماوي لأن العالم كله خذلهم".
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!