آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › خضير البورسعيدي.. «أينما ظهر بهر»

صورة الخبر: خضير البورسعيدي: تعلّمت الخط العربي من الكتابة على الجدران
خضير البورسعيدي: تعلّمت الخط العربي من الكتابة على الجدران

"أينما ظهر بهر"، هو عنوان المعرض الكبير الذي أقيم مؤخرا في قاعة بيكاسو للفنون بالقاهرة لفنان الخط العربي خضير البورسعيدي وهو من أشهر المشتغلين على كتابة الخط العربي في مصر بجميع أنواعه وأشكاله ليس هذا فقط بل له أيضا إبتكارات وإضافات خاصة به ومعروفة باسمه.

والفنان خضير البورسعيدي يفخر دائما بنشأته في مدينة بورسعيد التي تشاركه ويشاركها في التسمية فلقد عاش طفولته هناك أيام الإحتلال الإنجليزي لمدن القناة وتعلم الكتابة على جدرانها قبل أن يتعلم القراءة حيث برع في تقليد الحروف والكتابات المنقوشة على صفحات الجرائد والعملات المعدنية قبل أن يلتحق بالمدرسة الإبتدائية التي يتذكر ضاحكا ومتندرا أول يوم له فيها حين وجد أمامه السبورة فارغة فما كان منه إلا أن قلد عليها تلك العبارة المنقوشة على إحدى العملات المعدنية وهو مازال يتذكر بإعتزاز علامات الدهشة من المدرسين والمدرسات داخل المدرسة من ذلك الطفل الصغير الذي يكتب خط الثلث بشكل متناسق وبطريقة ربما تستعصي على الكبار.

وللفنان خضير طريقة في الكتابة تستقي الشكل من مضمون الكلمات المكتوبة وهو في هذا المعرض يقدم مجموعة كبيرة من الجمل المكتوبة على هذا المنوال فهو حين كتب المثل الشعبي الشهير "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن أهنته أهانك" نراه قد شكل الحروف المكونة للمقطع الأول على هيئة حصان كما كتب الكلمات المكونة لسورة الفيل على هيئة فيل كبير يبتلع مساحة اللوحة وهكذا في بقية اللوحات الأخرى يحاول قدر المستطاع أن يربط المعنى بالشكل والشكل بالمعنى وهو يقول عن هذه الطريقة: هذه الطريقة هي الأقرب إلى عين المتلقي وأكثر تأثيرا كما أنها أكثر امتاعا بالنسبة إليّ ففي كل عبارة أكتبها أحاول أن أستخلص الشكل المناسب لمضمون هذه العبارة وأشعر بالسعادة حين أوفق في العثور على الشكل المناسب الذي يعبر ويدل على المعنى.

ظلت هذه الطريقة سمة ملازمة له خلال مشوار حياته فكل عمل من أعماله يحمل فكرة ما وطريقة خاصة تبرز المعنى إلى قلب وعقل المتأمل كما أنه لم يترك خطا من الخطوط ولا شكلا من الأشكال إلا وأبدع فيه حتى أنه قد إبتكر طريقة في الكتابة تشبه الكتابة بالحروف الصينية وهي تشبه الطريقة التي يكتب بها أهل الصين المسلمون الحروف العربية.

حين سألته عن هذا الثراء الذي تتميز به أعماله رد قائلا: منذ صغري وأنا أبحث عن الإختلاف وعما يميزني بين أقراني من أجل هذا لم أكتف بتقليد من سبقوني من عباقرة الخط العربي والسير على نهجهم فقط كما يفعل الكثيرون بل أفخر بأن لي إبتكارات في الخطوط معروفة ومسجلة باسمي.

وأشد ما يقلق الفنان خضير البور سعيدي هذه الأيام هو طغيان الكتابة بالكمبيوتر الذي لا يعدو أن يكون كما يقول مجرد آلة تخلو من النبض والشعور البشري ولا ترقى مهما بلغت دقتها إلى مستوى الإبداع والمشاعر الإنسانية.

وعن أشهر الخطاطين الذين تأثر بهم الفنان خضير البور سعيدي يقول: هناك أسماء لامعة في مجال الخط العربي فى كافة أنحاء العالم الإسلامي إلا أننا إذا تحدثنا عن أشهرهم وأميزهم في هذا المجال فلا يمكن أن نغفل دور الأتراك الذين قدموا إلى العالم الإسلامي مجموعة من أقوى الخطاطين خلال القرن الماضي وما قبله ويأتي على رأس هؤلاء الخطاط الشهير "مصطفى راقم" وهو علامة في هذا المجال وأحمد الكامل وهو الذي أبدع الكتابات الموجودة في قصر محمد علي بمنيل الروضة وكذلك عبد الله الزهدي الذي كان يكتب الكسوة وعبد العزيز الرافعي. ولقد إشتهرت مصر بعدد من الخطاطين المتميزين أشهرهم محمد جعفر وعلي بدوي في بدايات القرن الماضي.
متى نقول عن الخطاط انه خطاط جيد؟ وما هي المعايير والشروط التي ترى أنها يجب أن تنطبق على الشخص الممارس لفن الخط؟

هذه الأمور لا يدركها غير الدارس فربما بدا الخط أمامنا متناسقا أو به شيء من الجمال إلا أنه قد لا يمت لقواعد الخط بصلة فأول شيء يجب مراعاته عند دراسة الخط هو إتباع القواعد الأساسية لكل نوع من الخطوط وعدم المساس برؤوس الحروف كرأس الواو والميم والهاء والحاء وغيرها وكذلك مراعاة التناسق داخل الفراغات التي بين الحروف وهناك أمر آخر في غاية الأهمية وهو عدم الإسراف في الزخرفة الموجودة حول الكتابة بطريقة تجعلها تطغى على النص المكتوب.

وللفنان خضير البورسعيدي طقوس خاصة في الكتابة وأدوات بعينها لا يستطيع الإستغناء عنها فهو على سبيل المثال لا يحب الكتابة وهو جالس بمفرده بل يسعده أن يمارس هذا الفن بين الناس وصحبة الأصدقاء أو من رفقاء هذا الفن كما أنه لا يهوى تناول أي منبهات كيفات كالشاى أو القهوة والسجائر أثناء الكتابة فالكتابة هي متعته الوحيدة وهو حتى الآن حريص على إستعمال القلم البوص الذي يحرص على تهيئته بنفسه وهو لا يلجأ مطلقا إلى الأقلام الجاهزة التى لا تعطيه مساحة كافية للتأمل إذ يقول: هذه الثواني المعدودة التي أغمس فيها القلم في الدواة على درجة كبيرة من الأهمية بالنسبة الي إذ من الممكن خلالها أن أغير وتيرة الأحرف التي أكتبها بين غمسة قلم وأخرى وهو الأمر الذي لا تتيحه الأقلام الجاهزة التي تغري بالكتابة بلا توقف.

المصدر: العرب أونلاين-ياسر سلطان

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على خضير البورسعيدي.. «أينما ظهر بهر»

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
51144

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

خلال 30 أيام
خلال 7 أيام
اليوم