آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › الحلويات.. تؤرخ للحضارات التي تعاقبت على تونس

صورة الخبر: أصناف متعددة أشهرها الأندلسي
أصناف متعددة أشهرها الأندلسي

تونس - للعائلات التونسية عاداتها وتقاليدها خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، ومن بين تلك التقاليد التفنن في إعداد أنواع من الحلويات التي تقدم يوم عيد الفطر خلال الزيارات العائلية.

وخلال هذه الأيام من الشهر الكريم لا يخلو بيت تونسي من سهرات عائلية تبدأ عادة بعد أداء صلاة القيام، وكثيرا ما تكون الحلويات التونسية هي الأكثر استعمالا في السهرات.

وتضم قائمة الحلويات التونسية مئات الأنواع والأشكال والمذاقات تفننت في صنعها البيوت التونسية منذ أجيال عديدة. ولئن حافظت بعض الحلويات على نفس الوصفة فقد أدخلت على البعض الآخر تحسينات عديدة على مستوى طريقة الاعداد والمكونات.

وإذ تبدو أسماء بعض الحلويات مثل "محكوكة" و"مدموجة" و"رخايمية" و"رفيسة" و"محلبية" و"زريقة" و"جاوية" و"جوارش" و"غريبة" و"تكوة" و"مجامع" و"قطايف" و"طواجن" و"كعك" و"هرديبة" غريبة بالنسبة إلى البعض ومألوفة إلى البعض فإنها تدخل بيوت التونسيين منذ قرون من أبوابها الكبيرة ويقبل عليها الكبير قبل الصغير لمذاقها الطعم ونكهتها الخاصة.

وتعود أصول الحلويات التونسية إلى خليط من العربية والبربرية والرومانية والأندلسية والتركية والايطالية أيضا. وقد عرف العرب الحلويات في الحضارة اليمنية التي اشتهرت بأطباق مثل "البسبوسة" المعروفة في تونس" بهريسة اللوز".

ويشير المؤرخون إلى أن سكان قرطاج قد عرفوا صنع المربى وتصبير الغلال الفصلية. وبتعاقب الحضارات الأموية والعباسية توسع المطبخ العربي فدخلت "الكنافة" و"الفالوثج" و"المحلبية"، نسبة إلى بني مهلب، وهم وزراء في الخلافة العباسية حملوها إلى القيروان فعرفت باسم "المحلبية" نسبة إلى الحليب وهي مزيج من الأرز المطبوخ يضاف إليه الحليب والسكر وماء الورد.

وتأثر الأغالبة، سكان القيروان، كثيرا بما كان سائدا في دمشق وبغداد وعرفوا بصنع "المحكوكة" وهي دقيق يقلى في الزيت ويخلط بشراب السكر وماء الزهر ويضاف إليه التمر ثم يرش بالسكر. لكن يبقى "المقروض" أشهر أنواع الحلويات في القيروان وأغلب الظن حسب المؤرخين أن جذوره أغالبة وهو طبق لا يوجد إلا في تونس يصنع من السميد والتمر والسكر ويقطع على شكل معينات تقلى في الزيت.
ويمثل "الكسكسي" مكونا لعديد الحلويات مثل "الرفيسة" التي تعد بحبات الكسكسي والفاكهة أو طبق "المسفوف" وهو مزيج من الكسكسي والحليب والسكر والفاكهة والغلال يعود إلى زمن الحضارة الحفصية.

وللبصمات الاندلسية تأثيرها، وحسب المؤرخين، فإن الأندلسيين قد جلبوا في هجراتهم المتتالية من غرناطة إلى تونس والتي تواصلت من القرن 14 إلى 17 ميلادي عادات كثيرة في فن الحياكة والطبخ والموسيقى.

كما جلب الأندلسيون أطباقا شتى وحملوا معهم الفواكه من لوز وفستق وجوز وهي لم تكن معروفة في تونس وأصبحت بعد ذلك التركيبة الأساسية لحلويات عديدة.

ومن أشهر أنواع الحلويات الأندلسية التي أصبحت تونسية اليوم "كعك الورقة" التي أدخلتها النساء الأندلسيات إلى تونس بطريقة طريفة فعوض حشوه باللوز وضعن فيه مصوغهن لتهريبه بعيدا عن أعين الاسبان. وأنواع الكعك عديدة مثل "كعك السكر" و"كعك السميد والفارينة" و"كعك المنقاش" الذي يصنع بالتمر.

كما جلب الأندلسيون معهم كل الحلويات المصنوعة من عجين الورق المحشوة بالفواكه وكذلك الحلويات التي تأخذ أشكال بعض أنواع الغلال كالفراولة والتفاح والإجاص إلى جانب كل أنواع الطواجن دون أن ننسى "القطايف" التي تصنع من عجين على شكل شعر وبإضافة الفواكه الجافة وماء السكر والزهر، كما أن "الصمصة" أندلسية الأصل تصنع من ورق الملسوقة وتحشى بالجلجلان المطحون وتأخذ شكل مثلث هو في الأصل شكل حافظة نقود تعمدت الأندلسيات صنعه على هذا النحو ليتمكن من تهريب نقودهن داخله.

وتعتبر "أذن القاضي" أيضا من الحلويات الأندلسية وهي تصنع من عجين مكون من الدقيق والماء يقطع على شكل شريط طويل يطوى ليأخذ شكل أذن يتم قليها في الزيت وترش بالجلجلان.

وعن أصل تسميتها بأذن القاضي يذكر المؤرخون بأن القاضي عادة ما يطلب منه أن يكون له آذان صاغية لسماع الخصمين وتكون على الأرجح كبيرة ومن هنا يأتي وجه الشبه بين كبر حجم أذن القاضي والأذن المقلية.

وبانضواء تونس تحت راية الخلافة العثمانية امتزجت عاداتها بالعادات التركية فعرفت "البقلاوة" التي تنطق بالتركية "بقلاوات". والبقلاوة التونسية مختلفة عن التركية في طريقة اعدادها وبعض مكوناتها. وتصنع البقلاوة من وريقات رقيقة تفرش الواحدة فوق الأخرى في اناء واسع ويوضع اللوز المطحون بينها ثم تطبخ في الفرن وتسقى بماء السكر وتقطع على شكل معينات. كما أن "الشامية" التي تنسب الى بلاد الشام هي في الأصل حلوى تركية وتعرف في تونس الى الآن باسم" حلوى بر الترك".

ويشير المؤرخون إلى تأثير نوعية الطبخ الايطالي على المأكولات التونسية التى استوحت كل أنواع "الكريمات" و"الزريقة" و"النوقا" وهي حلوى صلبة بيضاء اللون تصنع من مستحضر القلوكوز والسكر وأبيض البيض واللوز.

وقد اقترنت بعض الحلويات في المخيال الشعبي بأماكن خاصة جدا "كالنوقة" و"الحلقوم" و"البسبوسة" التي تباع على أبواب زوايا الأولياء الصالحين ويقبل على شرائها النساء المسنات لأحفادهن لترغيبهم في زيارة الأولياء.

ولعل ما يميز الحلويات التونسية أن بعضها بقي غير معروف على نطاق واسع لأنها تخص عائلات تونسية توارثتها على مر الأجيال ونادرا ما تخرج وصفة اعدادها الى النور من ذلك طبق "التيتمية" وهي أكلة صعبة الاعداد تصنع من الحليب الصافي والفواكه والعسل أو بقلاوة "الكرديان" وهي بقلاوة خاصة جدا تصنع من البيض المخفوق بالسكر عوض اللوز و"حلوة المغارف" وهي مزيج من السميد واللوز والجوز والبوفريوة والعسل والزبدة.

المصدر: العرب أونلاين

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على الحلويات.. تؤرخ للحضارات التي تعاقبت على تونس

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
24899

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري