آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › أغنيات الثورة.. أشعلت الحس الوطني للمصريين

صورة الخبر: ام كلثوم وعبد الوهاب وتكريم من الثورة وزعيمها
ام كلثوم وعبد الوهاب وتكريم من الثورة وزعيمها

كلما هبت نسمات شهر يوليو نتذكر على الفور الاحتفالات والأغاني الوطنية الخاصة بثورة 52 ، والتي انفردت بأغاني كتبها كبار المبدعين ،ووضع موسيقاها عظماء الملحنين، وتغنى بها أشهر المطربين في ذلك العصر ، وتميزت أغاني الثورة بموسيقى وألحان نالت شهرة وانتشاراً واسعاً ومنقطع النظير في ذلك الوقت، حفظها الشباب في عصر الثورة ومابعدها عن ظهر قلب على امتداد أرض الوطن العربي من الخليج للمحيط.. خاصة أن صانعي هذه الأغاني وضعوا مشاعرهم وإيمانهم بالثورة ومبادئها في نغمات وإيقاعات شعبية قريبة إلى الأذن العربية وخاصة إلى الناس البسطاء،

فكانت الأغنية تحمل نفس الكلمات التي كان يرددها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في خطبه ، مثل أغنيات : "المسؤولية"، "إحنا الشعب" ،و"بستان الاشتراكية" ، هذا غير أغاني .. "صورة"، "يا أهلاً بالمعارك"، "بلدي يا بلدي" ،و" الجيل الصاعد".

والملاحظ أن أجمل وأقوى تلك الأغاني كانت من إبداع الشاعر صلاح جاهين وتلحين كمال الطويل وغناء عبد الحليم حافظ.

وفيما بعد أصبح هذا الثلاثي " جاهين والطويل وحليم" رموز عصر الثورة ومبدعيها وصناع أغانيها.. وفي كل عام كانوا يقدمون واحدة من هذه الأغنيات في عيدها ..وعبر الثلاثي عن أهداف الثورة ومبادئها وأحلامها - كما خطط لها أصحابها الضباط الأحرار- بغض النظرعما إذا كانت تحققت فيما بعد أم لا ، وكانت كلمات تلك الأغاني كلها تدور في فلك الاشتراكية والتنمية والوحدة العربية والقومية بإعتبارها من أهداف ثورة يوليو.

ولمعت مع صلاح جاهين في هذا اللون كوكبة من مبدعي الكلمة أمثال .. أحمد شفيق كامل ومرسي جميل عزيز وحسين السيد وعبد الفتاح مصطفى وعبد الرحمن الأبنودي ومأمون الشناوي ،ومن مبدعي النغم الى جانب كمال الطويل لمعت أسماء ..محمد الموجي وبليغ حمدي، ومن المطربين حليم وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وشادية وليلى مراد ونجاة وفايزة أحمد ونجاح سلام ووردة ومحمد فوزي وفريد الأطرش ومحمد قنديل.



حليم نبض الثورة كان الفنان الراحل " عبد الحليم حافظ"هو خير معبر عن ثورة يوليو ، بل اعتبر مطرب الثورة ،والسبب أن بداية حليم الفنية جاءت متزامنة مع بداية ثورة يوليو ،وكان عبد الحليم نفسه أحد أبناء الطبقات الفقيرة التي رفعت الثورة من مستواها، ووفرت لها التعليم والرعاية الصحية والتوظيف..فأصبح صوت حليم هو صوت الثورة ، فغنى في مناسباتها الوطنية، وفي عيدها كل عام.
و"إحنا الشعب "تعتبر أول أغنية تغنى بها عبد الحليم حافظ للرئيس جمال عبد الناصر بعد انتخابه عام 1956رئيساً للجمهورية ، واعتبر النقاد هذه الأغنية أول لقاء وطني بين حليم وجاهين ، باعتبار أن الذي كان يغني لناصر فهو يغني للوطن والثورة .

ويقول مطلعها :
إحنا الشعب إحنا الشعب
اخترناك من قلب الشعب
يا فـاتـح بـاب الحـريـة
يا ريـس يـا كبير القلب

وغنى حليم لزعيم الثورة أيضاً أغاني عديدة منها " يا جمال يا حبيب الملايين " ، كما غنى لإنجازات الثورة ومشروعاتها..فعندما خاضت الثورة معركة السد العالي ،غنى "حكاية شعب" :

قلنا ح نبني وادي إحنا بنينـا السـد العالي
يا اسـتعمار ... بنيناه بإيدينا السـد العالي
من أمـوالنا بإيد عـمالنا
هيه الكلمة وادي إحنا بنينا

وكانت هذه الأغنية هي المنتشرة على كل لسان ، عقب العدوان الثلاثي على مصر ، وكلماتها كتبها الشاعر أحمد كامل شفيق ولحنها كمال الطويل في حفل أضواء المدينة بأسوان عند وضع حجر الأساس لبناء السد العالي بحضور الرئيس عبد الناصر واستقبلت بعاصفة من التصفيق والتشجيع غير مسبوقين.

وعند تأسيس الإتحاد الاشتراكي في مطلع الستينيات غنى حليم أغنية "المسؤولية" ، وبعدها غنى "بستان الاشتراكية "وأشاد عبد الحليم فيها بالتوجه الاشتراكي لزعيم الثورة ، وأصبحت هذه الأغاني كلها تأتي تحت إطار أغاني الثورة لأنها تغنت لها ولمبادئها وتطلعاتها وأهدافها ، وغنى حليم للثورة أغنيات أخرى مثل :"ثورتنا المصرية" ،و "صورة" و"بالأحضان"، و"الله يا بلدنا"


ام كلثوم
كوكب الشرق والثورة

ولم يكن حليم فقط هو الذي غنى للثورة ، فنجد أيضاً درة الشرق "أم كلثوم" غنت للثورة وأشهرها على الإطلاق أغنية " والله زمان يا سلاحي" وذلك في عام 1956، أثناء حرب السويس ، وأصبحت هذه القصيدة نشيدا صار فيما بعد لسان الشعب العربي ، وبعدها قرر عبد الناصر أن يكون هذا النشيد هو السلام الجمهوري لمصر، حتى عام 1979 حين استبدله السادات بنشيد "بلادي .. بلادي" لسيد درويش عقب اتفاقية السلام مع إسرائيل.

ومن أغاني أم كلثوم الخاصة بالثورة .. " محلاك يا مصري" ،وأيضاً أغنية اسمها "ثوار" كلمات بيرم التونسي والحان ريا ض السنباطي، ومطلعها :
ثوار.. ولآخر مدى ثوار
مطرح ما نمشي يفتح النوار
ثوار .. ثوار .. ثوار

و بعدها شدت "كوكب الشرق " بأغنيتي : "صوت السلام" و"فرحة القنال" من ألحان الموجي ،وللسد العالي شدت :"كان حلما فخاطراً" و"حولنا مجرى النيل" .

وطني الأكبر لموسيقار الأجيال :

وعندما نتحدث عن أغاني الثورة لا نستطيع أن نغفل أبداً أوبريت " الوطن الأكبر" لموسيقار الأجيال "محمد عبد الوهاب" ، وشارك فيه مجموعة كبيرة من المطربين حليم وشادية وصباح وفادية كامل ووردة .

وطني حبيبي الوطن الأكبر
يوم ورا يوم أمجاده بتكبر
وانتصاراته ماليه حياته
وطني بيكبر وبيتحرر
ولعبد الوهاب أغنية أخرى للثورة اسمها "نشيد الحرية" ، وقدم أيضاً مجموعة من الأغاني النادرة التي جاءت مع الوحدة المصرية السورية وهي إحدى أهم أهداف ثورة يوليو ، ومن هذه الأغاني ..
" أغنية عربية" و"الله تالتنا" و" يا إلهي" ، وللوحدة أيضاً كانت أغنية "نشيد الوحدة" لأم كلثوم ، و"من الموسكي لسوق الحميدية" لصباح، و"وحدة ما يغلبها غلاب" لمحمد قنديل ،وشدا فريد الأطرش بصوته العذب للوحدة أغنية "المارد العربي" ، ولكن سرعان ما تحطم هذا المارد وفشلت الوحدة المصرية السورية وغلبها ألف غلاب ، وباتت هذه الأغاني مجرد رصيد يضاف لاصحابه في تاريخ الغناء الوطني .

وهناك مجموعة أغنيات صورت المجتمع المصري خلال أعوام الثورة وحتى عام النكسة وأشهرها "على باب مصر" و"طوف وشوف" و"حبنا الكبير" و"حق بلادك" و"صوت بلدنا" لأم كلثوم و"بلدي أحببتك" لمحمد فوزي ،و"ع الدوار" لمحمد قنديل، وأغنية، و"وطني وصباي" لنجاة وعبد الرءوف إسماعيل ، و"احلم يا شعب" و"نهضة جديدة" لفايدة كامل و"راية العرب" لفايزة أحمد ،هذا بالإضافة إلى مجموعة كبرى من الأغنيات الجماعية ومنها"صوت الجماهير" و" قولوالمصر"وما يسمى بأغنيات المجموعة.

بهاء جاهين :والدي لم يكن شاعر سلطة بل أحب زعيما وطنيا قادرا على تحقيق رؤيته الإنسانية

صلاح جاهين


وهو يعتبر أكثر شاعر غنائي كتب للثورة والثوار ، وجاهين كان يكتب ليس لأنه شاعر سلطة كما اتهمه البعض ،ولكن لأنه كان مؤمن بالثورة أشد درجات الإيمان ، وكان يحب عبد الناصر ولا ينافقه أو يتملقه أو يخافه كما فعل الكثيرون، فكان جاهين يكتب بصدق وحب وإخلاص، لهذا لقب بشاعر الشعب ، وشاعر الثورة .

يقول ابنه الشاعر "بهاء جاهين " : القيادة السياسية ـ في الوقت الذي عاش فيه والدي ـ كانت تتبني مشروعاً اشتراكياً يحاول أن يحقق العدالة بين الناس، فصادف زعيم النظام هوى في قلب صلاح جاهين،وبهذا المعني لم يكن والدي شاعر سلطة، بل كان يحب زعيماً وطنياً قادراً على تحقيق رؤيته الإنسانية في الواقع المعيش .

ولكن بعد نكسة يونيو انهار جاهين ، فلم يكن يتوقع أن يتحول حلمه إلى كابوس موجع.. وتراجع أمام الهجوم الشديد الذي لاقاه في فترة السبعينيات عن كل ما كتب عن الثورة .

وقال : "لقد عشت في أكذوبة كبيرة "!! ، وعندما استعاد قليلاً من هدوء النفس عاد مرة أخرى ليعلن للجميع :"لست نادماً على ما كتبته من أغان للثورة ..فأنا مازلت مؤمن بها أشد الإيمان .. لقد أخطأت بما قلته عنها .. ولكن لحسن الحظ لم يصدق الناس ما قلت ".. ورغم هذا الاعتراف لم يكتب أغاني وطنية في أعياد الثورة ،منذ النكسة حتى رحيله .

وعن السبب ، تقول ابنته "سامية جاهين":وقعت في يدي رسالة لأبي كتب فيها :


الحقيقة أنني بعد النكسة أصبت بصدمة أحدثت لي نوعا من الشلل ثم أخذت اسأل نفسي: هل أخطأت بكتابة هذه الأغاني المتفائلة ؟ ألم اشترك أنا والكثيرون غيري في خلق أكذوبة خدرت أعصاب الجماهير حتى صدمهم الواقع؟ولكنني تعلمت ودفعت غاليا لأتعلم انه في كل العصور، وحتى في عصر عبد الناصر، كانت هناك الفئران التي تنخر في أساس البناء، وأن الذي لا يلتفت وينتبه إليها، يحدث له ما حدث لي من صدمة واكتئاب وندم وضياع.

انتهت رسالة جاهين التي توضح موقفه من يوليو وثورتها ..ولكن موقفه الباقي الذي صرح به فنياً

جاء في الأغنية الشهيرة في فيلم "عودة الابن الضال" :

أنا مش تبع مخلوق يا سيدنا البيه

عبد الرحمن الابنودي

أنا حُر في اللي يقول ضميري عليه

وإن كنت تُحكم جوه ملكوتك

الشارع الواسع فاتح لي أيديه.

وربما هذا هو سر بقاء جاهين بيننا حتى الآن ، لأنه عاش ومات شاعراً مخلصاً لقلمه ومبادئه .

الأبنودي : معظم المطربين الذين غنوا للملك وحاشيته غنوا للثورة

ويرى الشاعر الكبير "عبد الرحمن الأبنودي" : أن ثورة يوليو كانت سبباً رئيسياً وراء ظهور الأغاني الوطنية التي اشترك فيها جميع المطربين في هذه الفترة ، إما خوفاً وتقرباً من جمال عبد الناصر وضباط الثورة مثل معظم المطربين الذين غنوا للملك وحاشيته وحكمه وبعدها غنوا للثورة، أو إيماناً وحباً حقيقياً لعبد الناصر ومبادئ الثورة وأهدافها مثلما فعل "عبد الحليم حافظ" فهو مطرب الثورة الحقيقي .


وكتب الأبنودي للثورة بعد النكسة .. "يا بلدنا لا تنامي" و"موال النهار" و"ابنك يقول لك يا بطل هات لي النهار" .

ويقول : نحن كشعراء تورطنا في حب الوطن وتعرضنا لأزمات ولمعتقلات ، ولست أنا فقط بل معظم شعراء العامية دخلوا السجن باستثناء صلاح جاهين لأنه كان شاعر الثورة ، وكانت أغانيه تعبر عن القيادة السياسية الحاكمة في مصر في فترة الستينات ، بينما أنا وغيري من الشعراء كنا ندخل السجن لأننا كنا نزعج السلطة.

محمد سعيد :أغاني الثورة كانت نبضا جديدا في الغناء المصري والعربي

محمد سعيد

واردنا سماع شهادة الناقد والكاتب الكبير" محمد سعيد"صاحب موسوعة "أشهر مائة في الغناء العربي ..قلنا له في البداية :

هل هناك علاقة تأثير وتأثر فعلا بين الاغنية وثورة يوليو ؟وما هي الأغنية التي يمكن أن نقول عنها اليوم أنها أفضل تعبير عن قيمة الثورة في حياتنا المعاصرة ؟

بصفة عامة أغاني الثورة تميزت بأنها كانت نبض جديد في الغناء المصري بصفة خاصة والغناء العربي بصفة عامة ، وكان هناك أصوات غنت بقلبها مؤمنة بمبادئ الثورة كما كان يتمناها الشعب ، ولا أستطيع أن أقول أي هذه الأغنيات أفضل ، ولكن أستطيع أن أقول أن هناك أغاني لعبت دور رائد ، فقبل أن يشهد الناس نجاح الثورة كان هناك أغاني عرفت الناس بالثورة ومبادئها وعبرت للناس عن أحلامهم تجاه هذه الثورة ، فالشعب كان يعاني من فساد وسيطرة رأس المال على الحكم وظلم الإقطاع وأمور متعلقة بهدم حقوق الطبقة العاملة ، وغياب مجانية التعليم وعدم وجود رعاية صحية ، فكان الشعب في هذه الفترة يتمنى الخلاص ، وبمجرد قيام الثورة وقبل أن يتأكد الشعب من نجاحها بحسهم الوطني تمنوا لها النجاح ، وفي الأيام الأولى للثورة ظهرت أغاني عظيمة مثل أغنية المطرب القدير "محمد قنديل" واسمها "على الدوار" للموسيقار أحمد صدقي ،وحتى اليوم يشعر الناس بأن هذه الأغنية كانت علامة نجاح أو علامة تبشير للثورة ،وتقول كلماتها :

على الدوار .. على الدوار

راديو بلادنا يذيع أخبار

يا للي في قاعة .. يا للي في خص

قوم دي الساعة ثمانية ونص

والراديو عمال بيرص

فكان الغناء يدعو الناس للالتفاف حول الراديوومعرفة ماذا يجري في هذا البلد ؟، و بجانب أغنية "على الدوار" كان هناك أغنية أخرى رددها الناس دون أن يعرفوا اسم مطربها وهي تقول :

"ما خلاص اتعدلت .. والحالة اتبدلت" للمطرب أحمد عبد الله

بعد ذلك بدأت الأصوات الغنائية المعروفة تغني للثورة وأيضاً الأصوات التي بدأت تظهر وتنجح مع الثورة ، ومن الأصوات الهامة التي غنت للثورة كوكب الشرق "أم كلثوم" التي غنت:
" مصر التي في خاطري وفي دمي" وغنت أيضاً من روائع حافظ إبراهيم أغنية :

وقف الخلق ينظرون جميعا كيف أبنى قواعد المجد وحدي".. وغنت أيضاً أجمل أعيادنا الوطنية كلمات بيرم التونسي وتلحين رياض السنباطي ، بعد ذلك التفت الناس لأهمية الأصوات التي ظهرت مع الثورة أمثال "عبد الحليم وشادية وخصوصاً التي كانت من ألحان كمال الطويل ومن خلال كلمات صلاح جاهين وعدد آخر من الشعراء مثل أحمد شفيق كامل ومأمون الشناوي وحسين السيد ومرسي جميل عزيز ، ومن أشهر هذه الأغنيات :"يا جمال يا حبيب الملايين ، وإحنا الشعب ، وأني ملكت في يدي زمامي".

وبعد ذلك توالت أغنيات العندليب في كل عيد من أعياد الثورة حيث قدم بالأحضان ، وأغنية السد العالي ، والمسئولية ، وأهلاً بالمعارك ، وبلدي يا بلدي ، وغيرها ".

كما لمعت الأغنيات الوطنية التي قدمتها المطربة شادية التي كانت من أبرزها أغنية " يا بنت بلدي زعيمنا قال قومي وجاهدي ويا الرجال" وغنتها عندما أعطت الثورة للمرأة حقها السياسي في الانتخاب والترشيح في البرلمان وأن تحصل على حقوقها السياسية مثل الرجل تماماً وكان ذلك في دستور 1956 ، ولشادية أغنية "عربي في كلامه" التي تتحدث عن أحلام الثورة وأحلام عبد الناصر في قيام الوحدة العربية من خلال تحديد خصال الشخصية العربية والطابع القومي ، وهناك أغنية أخرى وهي "ضربة معلم" كلمات مأمون الشناوي وتلحين منير مراد وهي تتحدث عن أهمية التصنيع ، ولا ننسى أغنية محمد عد الوهاب : " قولوا لمصر تغني معايا في عيد تحريرها" كلمات أحمد شفيق كامل ، وشارك في غنائها هدى سلطان ومحمد عبد المطلب وعبد الغني السيد، وبعدها ظهرت أغنية "وطني حبيبي الوطن الأكبر"، ثم "عاش الجيل الصاعد عاش" ،كلمات حسين السيد،وصوت الجماهير لنفس الشاعر .

ولا نستطيع في عجالة أن نحصر الأغنية الوطنية التي قدمت في سنوات الثورة وبشرت بالحلم الوطني وعرفناها مع كل إنجازات الثورة وعرفناها مع قيام الوحدة مع سوريا ومع بناء السد العالي التي غنى لها الكثير من المطربين وكان أصواتهم تعريف بهذا المشروع الوطني العملاق مثل أغنية "كان حلماً فخاطراً " لأم كلثوم وحكاية شعب لحليم و"بلد السد" لشادية ، و"طول ما أنت معانا" لهدى سلطان و"يا اسطي سيد" لفريد الأطرش .


الموسيقار كمال الطويل صاغ نبضا جديدا للغناء الوطني
هل أخطأ المبدعون حينما اندفعوا بإيمان وصدق للتغني بالثورة ومبادئها، وأحلامها؟



أبداً على النقيض تماماً ، فالكل كان يسعى للغناء للثورة ،وكان يغني لها بحب دون أن ينتظر مقابل مادي أو منفعة من وراء تقديم هذه الأغاني ، فكان الحس الوطني الجارف هو الذي يدفع كل المطربين أمثال فريد الأطرش وعبد الحليم وأم كلثوم وشادية ونجاة وغيرهم للغناء للوطن بحرارة وحماس دون انتظار مقابل مادي ، حتى أن الكثير يعلم أن معظم الأغنيات التي تغنت بحب مصر في تلك الفترة كان المطرب أو المطربة أو الملحن أو الشاعر يقدمها تطوع ودون انتظار أي مكافأة مادية .

وما تفسيرك لاعترافات بعض شعراء الثورة بأنهم ساهموا في خداع الشعب المصري والعربي رغم ان هذه الاغنيات كانت تعبر عن انجازات حقيقية في الوطن السد العالي تحويل مجرى النيل مجانية التعليم الصناعات الثقيلة غرس مفاهيم العزة والكرامة ,و..و ..؟

أبداً ليس بهذا المفهوم ، وإذا كنت تعني الشاعر " صلاح جاهين " فكان يمر بلحظات يأس ، وهي لحظات قد تعتري الإنسان عندما يجد أن أحلامه كانت أكبر مما تتحقق ،ولكنا بالفعل شعرنا بمرارة الهزيمة عندما مرت بلادنا بهزيمة 67 ، فبالنسبة لجاهين كان هناك صحفي استدرجه في لحظات شعوره بخيبة الأمل ، أما الموسيقار "كمال الطويل" لم يندم أبداً ولا لحظة عن أي كلمة طيبة صاغتها موسيقاه وألحانه في حب الثورة وحب هذا الوطن منذ أغنية " والله زمان يا سلاحي" لأم كلثوم ووصولاً لأغاني حليم وأغنية "خلي السلاح صاحي" عام 73 ، أما جاهين فكما قلت استدرجه أحد الصحفيين في لحظات يأسه وضعفه ،وهذه اللحظات كلنا مررنا بها بعد الهزيمة ولكننا أيضاً عرفنا طعم التحدي وطعم تجاوز العقبات وعندما قامت حرب الاستنزاف بعد ذلك مباشرة استطعنا أن نعيد بناء الجيش المصري وأن يقوم القوات المسلحة المصرية بعمليات متقدمة في العمق الإسرائيلي وحتى تحقق لنا العبور العظيم في رمضان 73 ،والغناء أيضاً في تلك المرحلة عرف كيف يواكب هذه السنوات ،وظهرت أغنيات :موال النهار

يا حبيبتي يا مصر خاطبت العقل والوجدان
وروائع حليم والطويل وجاهين مثل "ناصر يا حرية" و"أبنك يقولك يا بطل" و"أحلف بسماها وبترابها" وغنت شادية من ألحان بليغ حمدي مخاطبة العقول والضمائر في أغنيات : " يا حبيبتي يا مصر" كلمات محمد حمزة ، و"يا أم الصابرين" ، وكان هناك أيضاً أغنية رائعة اسمها " يا طريقنا يا صديق" وغنتها شادية مباشرة في سنوات حرب الاستنزاف وتقول كلماتها :

لو تعبت مش حكاية

ده الحزن مش نهاية

وقلبي م البداية

عاش للحق عاش صديق

يا طريقنا يا طريق

يا طريق خليك صديق

المصدر: محيط – مروة حمزة

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على أغنيات الثورة.. أشعلت الحس الوطني للمصريين (2)

محمود محمد فهمى‏28 ‏يناير, ‏2012

كانت فترة شبابنا عشناها أحلام لم تتحقق للأسف

تائبة‏23 ‏نوفمبر, ‏2009

جميل جدا الموضوع انا بحب الاغانى الوطنية جدا

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
93659

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري