طاهر عبدالعظيم يصنع حالة من بيوت القاهرة والتنورة

القاهرة : بعد معرضه الشهير عن ملحمة "السيرة النبوية" فوجيء حضور معرض "حركة ولون" للفنان الدكتور طاهر عبدالعظيم بتجربة جديدة ولكنها تنتمي لنفس الموضوع الأثير لدى الفنان وهو البيئة المصرية، وقد اتخذ الفنان من رقصة التنورة بطلا لعدد من لوحاته لما فيها من أبعاد روحية إنسانية .

افتتح الفنان الدكتور أحمد نوار معرض عبدالعظيم الذي استضافته قاعة "دروب" وضم نحو 37 لوحة ، بعضها ركز على العمارة الشعبية والتراثية القديمة بالقاهرة، وبعضها حمل الروح الصوفية لدى راقصي "التنورة" في أجواء شديدة الإرتباط بالتراث الإسلامي.

كما تميز الفنان بوضع بصمته الخاصة للون في لوحات المعرض، فعلى الرغم من تعبيره عن الألوان الزاهية والصريحة في ملابس راقصي التنورة، إلا أنه احتفظ بمجموعته اللونية الخاصة في أعماله متعايشا مع حالة هؤلاء الراقصين التي ترجمها تشكيليا ببراعة .

سأل "محيط" الفنان : هل ستستكمل تجربة "السيرة النبوية" في معارض جديدة؟، فقال: بالفعل أعمل على هذا الموضوع، وأنجزت أكثر من 50 % من أعماله، وكانت هناك رغبة من قاعات العرض لاستضافة الأعمال، وقد أسعدني استقبال الجمهور لهذا المشروع الفني ولكني أيضا لا أستطيع حصر نفسي في هذا التوجه وحده.

يواصل: المعرض الجديد فيه استكمال للتوجه الذي أتناوله دائما وهو المرتبط بالتراث والبيئة المصرية، الشعبية والريفية، وكذلك الإنسان المصري.

والتنورة مصرية قديمة، لها موسيقى وألوان خاصة بها، وحركة مميزة تعتمد على الدوران المركزية، فالتنورة أصلها صوفي تحمل فكرة مركزية الكون؛ فكل ما في الكون يلتف ويدور، والكعبة المشرفة أيضا هي مركز للكون يدور حوله البشر .

كما أنني كفنان أنظر للملابس التي يرتديها راقصو التنورة بتركيز على ما فيها من ألوان زاهية صريحة ، وحركتهم السريعة تؤدي لإمتزاج الألوان في تنورتهم أمام الرائي في تكوينات مختلفة تصحبها موسيقى العازفين الخلفية بإيقاعاتها المختلفة ، وهو تناغم مصري بديع .

أتناول في المعرض أيضا مجموعة من الحارات ذات الطابع الخاص بالقاهرة الفاطمية، وما فيها من تحركات الناس والباعة والمحلات، هي الأخرى زاخرة بالحركة والتكوين واللون.
يتابع: استخدم سكينة اللون في الأعمال الزيتية، وبعض اللوحات التي استخدمت فيها الألوان الأكريلك هي قريبة جدا من تقنية استخدامي سكينة اللون، وتحمل نفس المعالجة والحالة.

وذكر الفنان أن فكرة المعرض جاءت له عندما شارك العام الماضي في احتفالية "القيروان" عاصمة للثقافة الإسلامية بمعرضه "السيرة النبوية"، وكان في نفس الفترة التي أقيم فيها هناك لمدة عشرة أيام يوجد فرقة "التنورة"، التي قدمت عروضا متنوعة كل يوم في أماكن مغلقة ومفتوحة .

بعض الأماكن هناك تتميز أيضا بالطابع الإسلامي؛ ولذلك كانوا يرقصون أحيانا في ساحات كبيرة أمام بعض المساجد، وكان الفنان يقوم برسم بعض الإسكتشات لهم.

وفي هذه الفترة تعايش الفنان مع راقصي التنورة أنفسهم الذين لديهم معتقد يحركهم، وهو أنهم يفعلون شيء يحمل روحانيات صوفية ينعكس عليهم وعلى أدائهم؛ ولذلك نجد أن الفنان استطاع أن يظهر تعبير وشخصية كل راقص بشكل خاص.

وأعرب عبد العظيم عن سعادته بعرضه في قاعة "دروب"، التي وصفها بأنها مختلفة وتهتم جدا بالأعمال المعروضة، وقال: القاعات الخاصة انتشرت في القاهرة بشكل كبير جدا وذلك جيد، لكن المشكلة أن معظمها يحركها الدافع التجاري بشكل أكبر، وليست أنه يقدم فن ذات قيمة.

المصدر: محيط – رهام محمود