آخر الأخباراخبار العالم اليوم › العبور العظيم .. ما أحلى الرجوع إليه

صورة الخبر: العبور العظيم .. ما أحلى الرجوع إليه
العبور العظيم .. ما أحلى الرجوع إليه

لم تمر مصر فى تاريخها الحديث بفترة أسوأ من تلك التى شهدتها في أعقاب نكسة يونيو عام 1967 ، خاصة وأن إسرائيل كانت تزعم ليل نهار أن الجيش المصرى أصبح جثة هامدة غير قادرة على المواجهة من جديد ، إلا أن الشعب المصرى الذى طالما عرف عنه إرادة التحدى رفض الهزيمة‏‏ ورفض الرضوخ للأمر الواقع‏ وصمم على استعادة أراضيه المحتلة والثأر لكرامته .‏ وبالفعل شرع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بإعادة بناء القوات المسلحة لاسترجاع سيناء ، إلا أن القدر كان له كلمة أخرى حيث توفى في 28 سبتمبر 1970 قبل أن يتحقق هذا الحلم وتولى الحكم نائبه أنور السادات .حاول السادات فى البداية إقناع الولايات المتحدة إحدى القوتين العظميين في هذا الوقت بجانب الاتحاد السوفيتى بالضغظ على إسرائيل لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 242 الذى يطالبها بالانسحاب من الأراضى العربية التى احتلتها في عام 1967 ، إلا أنها أعرضت عن التجاوب مع مبادرات السادات الباحثة عن الحل فى واشنطن وكانت ترى - عبر هنرى كيسنجر وزير الخارجية في هذا الوقت - أنها غير مضطرة للاقتراب إلا من الملفات الساخنة ، وأصبحت حالة اللاحرب واللاسلم هى سيد الموقف ولذا كان لابد من عمل شىء ما لتحريك الموقف .

وفى الصدد يذكر أحمد وافي أستاذ كلية العلوم الإدارية سابقا بجامعة الجزائر في كتاب له بعنوان "اتفاقيات كامب ديفيد فى ضوء القانون الدولي والصراع العربي الاسرائيلى " أنه بعد فشل مختلف محاولات تطبيق قرار مجلس الأمن 242 وازدياد تذمر الشعب المصري من وضعية اللاسلام و اللاحرب أعلن السادات في منتصف سنة 1971 بأن هده السنة ستكون عام حسم لايجاد حل للنزاع مع إسرائيل سواء سلميا أو عسكريا وأخذ يردد بعض شعارات جمال عبد الناصر مثل ماأخذ بالقوة لايسترد بغير القوة لكن مرت هذه السنة دون حدوث شيء ، وفي السنة التالية عرفت البلاد مظاهرات كبيرة من قبل العمال والطلاب مطالبة بتحرير الأرض بالإضافة إلى حالة التذمر التي كانت تسود أوساط الجيش ، كل ذلك جعل السادات أمام خيار خوض الحرب فعلا وإلا فإن الأمور ستفلت من يديه وقد اختار الحل الأول أى شن حرب تحريكية .


وبالنظر إلى الدعم الأمريكى الكبير لإسرائيل وتلكؤ الاتحاد السوفيتى في مساعدة سوريا ومصر عسكريا ، فكان لابد من حشد كافة طاقات الدول العربية خلف جبهات القتال مع إسرائيل وبدأت محادثات سرية بين مصر والسعودية سوريا حول استخدام أبرز سلاح لدى العرب وهو النفط خلال الحرب كما وضع السادات خطة تعتمد على جهاز المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية فى التخطيط للحرب وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية الأمريكية ومفاجأة إسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين المصرية والسورية .

هذا في الوقت الذى أمضت فيه إسرائيل السنوات الست التي تلت حرب يونيو في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء وأنفقت مبالغ ضخمة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها فى قناة السويس فيما عرف بخط بارليف.

لماذا يوم 6 أكتوبر؟

أعلنت مصر وسوريا بالفعل الحرب على إسرائيل في 6 أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان ويوم كيبور أحد أعياد إسرائيل "عيد الغفران" .

وعن أسباب اختيار هذا اليوم بالذات ، يقول الفريق محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر 1973 فى مذكراته عن الحرب ( وضعنا فى هيئة العمليات دراسة على ضوء الموقف العسكرى للعدو وقواتنا ، وفكرة العملية الهجومية المخططة ، والمواصفات الفنية لقناة السويس من حيث المد والجزر .... درسنا كل شهور السنة لاختيار أفضل الشهور فى السنة لاقتحام القناة على ضوء حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه واشتملت الدراسة أيضا جميع العطلات الرسمية فى إسرائيل بخلاف يوم السبت وهو يوم اجازتهم الأسبوعية، حيث تكون القوات المعادية أقل استعدادا للحرب. وجدنا أن لديهم ثمانية أعياد منها ثلاث أعياد فى شهر أكتوبر وهم يوم كيبور " عيد الغفران " ، عيد المظلات ، عيد التوارة .. وكان يهمنا فى هذا الموضوع معرفة تأثير كل عطلة على اجراءات التعبئة فى إسرائيل ".
واستطرد الجمسى يقول :" لإسرائيل وسائل مختلفة لاستدعاء الاحتياطى بوسائل غير علنية ووسائل علنية تكون بإذاعة كلمات أو جمل رمزية عن طريق الإذاعة والتليفزيون.... ووجدنا أن يوم كيبور هو اليوم الوحيد خلال العام الذى تتوقف فيه الإذاعة والتليفزيون عن البث كجزء من تقاليد هذا العيد أى أن استدعاء قوات الاحتياط بالطريقة العلنية السريعة غير مستخدمة ، وبالتالى يستخدمون وسائل أخرى تتطلب وقتا أطول لتنفيذ تعبئة الاحتياطى....وكان يوم السبت ـ عيد الغفران ـ 6 أكتوبر 1973 وهو أيضا العاشر من رمضان أحد الأيام المناسبة وهو الذى وقع عليه الاختيار ).

المعارك فى سيناء والجولان

هاجمت القوات السورية تحصينات القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء.

وافتتحت مصر حرب 1973 بضربة جوية تشكلت من نحو 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية لتقصف الأهداف المحددة لها داخل أراضى سيناء.

وقد استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصافى البترول ومخازن الذخيرة ، حيث كان الطيارون المصريون يفجرون طائراتهم في الأهداف الهامة والمستعصية لضمان تدميرها ومنهم على سبيل المثال محمد صبحى الشيخ وطلال سعدالله وعاطف السادات شقيق الرئيس الراحل أنور السادات وغيرهم.

لقد كانت الضربة الجوية عبارة عن ضربتين متتاليتين قدر الخبراء الروس نجاح الأولى منهما بنحو 30% وخسائرها بنحو 40% ، ونظرا للنجاح الهائل للضربة الأولى والبالغ نحو 95% وبخسائر نحو 2.5% تم إلغاء الضربة الثانية.

وفور نجاح الصربة الجوية الأولى ، انطلق أكثر من 2000 مدفع من مختلف الأعيرة على التحصينات الإسرائيلية على الجبهة الشرقية لقناة السويس التي سمتها إسرائيل "خط بارليف" واستمر القصف 53 دقيقة .

فى نفس الوقت أيضا قامت قوات الجيش الثانى المصرى بقيادة اللواء سعد الدين مأمون وقوات الجيش الثالث بقيادة اللواء عبد المنعم واصل بعبور القناة على دفعات متتالية على أنواع مختلفة من الزوارق المطاطية والخشبية.

نجح سلاح المهندسين المصرى بعمل أول كوبرى ثقيل فى حوالى الساعة الثامنة مساء وبعد 8 ساعات أى حوالى الساعة 10.30 قاموا بعمل 60 ممر بالساتر الترابى الذى أقامته إسرائيل على طول الجبهة "خط بارليف" وإنشاء 8 كبارى ثقيلة ، و4 كبارى خفيفة ، وتشغيل 30 معدية.

وعبر القناة 8000 من الجنود المصريين،ً ثم توالت موجتى العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60000 جندى، في الوقت الذى كان فيه سلاح المهندسين المصرى يفتح ثغرات فى الساتر الترابى باستخدام خراطيم مياة شديدة الدفع.

وأمام هذا الهجوم الكاسح ، سارعت إسرائيل إلى تشغيل صفارات الإنذار في جميع أنحاء إسرائيل لإعلان حالة الطوارئ واستأنف الراديو الإسرائيلي الإرسال رغم العيد وبدأ تجنيد قوات الاحتياط إلا أن الوقت القصير الذي كان متوفرا للتجنيد وعدم تجهيز الجيش لحرب أعاق رد جيش الاحتلال الإسرائيلي على الهجوم المصري السوري.

حقق الجيشان المصري والسوري إنجازات باهرة في الأيام الأولى بعد شن الحرب، حيث نجحت القوات المصرية في اختراق خط بارليف الحصين خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية، وانتشرت القوات المصرية حوالى 20 كم شرق قناة السويس .

معارك دامية بين القوات المصرية وجيش الاحتلال الإسرائيلى على طول الجبهة في سيناء شرق قناة السويس خلال أيام 6 ، 7 ، 8 أكتوبر.

في 8 أكتوبر ، حاولت إسرائيل القيام بهجوم مضاد إلا أنه فشل وأسر العقيد عساف ياجورى أشهر أسير إسرائيلى ، كما فشلت القوات الجوية الإسرائيلية فى تدمير شبكة الدفاع الجوى المصرية التى استخدمت صواريخ سام بأنواعها المختلفة بكفاءة وسقوط عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية وصل إلى 50 طائرة خلال الثلاث أيام الاولى.

أمريكا تبدأ فى دخول الحرب يوم 8 أكتوبر مع إسرائيل ضد مصر وسوريا ووصول تقارير وصور لمواقع القوات المصرية بالقمر الصناعى مع مسئول بوزارة الدفاع الامريكى إلى إسرائيل.

جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل في هذا الوقت تصرخ أنقذوا اسرائيل وأمريكا تعد بتعويض خسائرها يوم 9 أكتوبر والتى بلغت أكثر من 400 دبابة وخمسون طائرة.

بنهاية يوم 9 أكتوبر وصل الجيشان المصرى الثانى والثالث على عمق 15 كيلومتر داخل سيناء ، يوم 12 أكتوبر السادات يصدر قرار سياسيا بتطوير الهجوم شرقا لتخفيف الضغط على سوريا .


إلا أنه فى 13 أكتوبر ، بدأت الولايات المتحدة بالفعل فى إرسال "قطار جوي" لإسرائيل، أي طائرات تحمل عتاد عسكري لتزويد الجيش الإسرائيلي بما ينقصه من العتاد ، وفي اليوم ذاته أيضا اخترقت طائرة استطلاع أمريكية اس ار 71 المجال الجوى المصرى بثلاث أضعاف سرعة الصوت وعلى ارتفاع 25 كم ـ لم يستطع الجيش المصرى اسقاط الطائرة لأنها خارج مدى الصواريخ المصرية كما لم تستطع الطائرات المصرية اللحاق بها.

13 أكتوبر مصرع القائد العام للمدرعات الإسرائيلية بسيناء البرت ماندلر.






14 أكتوبر الجيش المصرى يقوم بتطوير الهجوم شرق قناة السويس دون غطاء من الدفاع الجوى ويتكبد خسائر ضخمة فى الدبابات واصابة سعد مأمون قائد الجيش الثانى بنوبة قلبية وانتقال قيادة الجيش الثانى للؤاء عبد المنعم خليل.

17 أكتوبر قام الجيش الإسرائيلى بعمل معبر على القناة بمنطقة الدفرسوار وعبرت منها ثلاث فرق مدرعة بقيادة كل من ارييل شارون وابراهام ادان وكلمان ماجن للجانب الغربى من القناة تحت قصف شديد من مدفعية الجيش الثانى بقيادة عميد عبد الحليم أبو غزالة ، فيما عرف ب "الثغرة" .

وفي 17 أكتوبر أيضا ، السعودية والدول العربية تبدأ فى تخفيض إنتاجها من البترول للدول التى تساعد إسرائيل.

يومى 20 ، 21 أكتوبر فشل ارييل شارون فى احتلال الإسماعيلية وتطويق الجيش الثانى .

يوم 21 أكتوبر ، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتم إصدار القرار رقم 338 الذي يقضي بوقف جميع الأعمال الحربية بدءا من يوم 22 أكتوبر عام 1973م، وقبلت مصر بالقرار ونفذته اعتبارا من مساء نفس اليوم إلا أن القوات الإسرائيلية خرقت وقف إطلاق النار وزادت من عملياتها العسكرية غرب القناة، فأصدر مجلس الأمن الدولي قرارا آخر يوم 23 أكتوبر هو القرار رقم 339 الذى يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار.

يوم 24 أكتوبر لم تحترم إسرائيل قرار وقف إطلاق النار للمرة الثانية وحاولت إحتلال مدينة السويس .

يوم 25 أكتوبر فشل إسرائيل فى احتلال المدينة وخسائر ضخمة لها بالدبابات بواسطة المقاومة الشعبية لمدينة السويس ومعاونة من قناصة دبابات من الفرقة 19 مشاة بالجيش الثالث.

يومى 26 و 27 إسرائيل تقوم بقطع طريق مصر السويس لوقف الامدادات للجيش الثالث.

وصول قوات الطوارئ الدولية يوم 28 أكتوبر وتوقف القتال تماما بعدما أدركت إسرائيل أنها خسرت المعركة وأن الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافقت إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات‏‏ لتبدأ مراحل المفاوضات من خيمة الأمم المتحدة في الكيلو‏101‏ طريق القاهرة ـ السويس‏ وهي المسيرة التى استمرت حتى التحرير الكامل لسيناء .

وشهدت عملية الانسحاب من سيناء ثلاث مراحل أساسية‏ ، وكانت المرحلة الأولي النتيجة العملية المباشرة للحرب‏‏ وانتهت في عام‏1975‏ بتحرير‏8000‏ كم‏ مربع‏ ، وتحقيق أوضاع عسكرية تمثل سلاما عسكريا بين الطرفين‏.

وقد تم خلال هذه المرحلة استرداد منطقة المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية علي الساحل الشرقي لخليج السويس‏،‏ ثم نفذت المرحلتان الثانية والثالثة في إطار معاهدة السلام‏(1979‏ ـ‏1982)

وتضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش‏ - رأس محمد‏ والتي انتهت في يناير‏1980 وتم خلالها تحرير‏32000‏ كم‏ مربع‏ من سيناء ليصبح اجمالي الأراضي المحررة‏40000‏ كم‏ مربع‏ وتمثل ثلثي مساحة سيناء‏

أما المرحلة الثالثة والأخيرة‏‏ ، فقد أتمت خلالها إسرائيل الانسحاب إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر‏‏ وتحرير‏21000‏ كم‏‏ مربع من سيناء ، وكان هذا في يوم ‏25‏ إبريل‏1982‏ حيث تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء‏ .وقام الرئيس مبارك فى الخامس والعشرين من إبريل عام 1982 برفع العلم المصري فوق سيناء بعد استعادتها من المحتل الإسرائيلي.

وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير طابا سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف‏ وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء‏,‏ ورفع عليه الرئيس حسني مبارك علم مصر في مارس‏1989‏ بعد إزالة الوجود الإسرائيلي من المنطقة‏ ، لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما‏.‏

الجبهة السورية

تمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان والسيطرة على القاعدة الإسرائيلية الواقعة على كتف جيل الشيخ وعلى أراض في جنوب هضبة الجولان.

وفي 8 أكتوبر ، أطلقت سوريا هجوما صاروخيا على قرية مجدال هاعيمق شرقي مرج ابن عامر داخل إسرائيل، وعلى قاعدة جوية إسرائيلية في رامات دافيد الواقع أيضا في مرج ابن عامر.

وفي 9 أكتوبر فشلت قوات سورية في اجتياح خط الجبهة قرب مدينة القنيطرة وأرسل العراق قوات لمساعدة الجيش السوري ، وشن الجيش الإسرائيلي إسرائيل غارات جوية لقصف مواقع في عمق الأراضي السورية وتمكن من إلحاق أضرار بمقر قيادة الجيش السوري بدمشق.

بين 10 و13 أكتوبر أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال هضبة الجولان ما عدا كتف جبل الشيخ الذي أعاد احتلاله في 21 أكتوبر.

تقدمت القوات الإسرائيلية إلى مزرعة بيت جن واحتلت منطقة شرقي هضبة الجولان .

لم تلتزم سوريا بوقف إطلاق النار، وبدأت حرب جديدة أطلق عليها اسم "حرب الاستنزاف" هدفها تأكيد صمود الجبهة السورية بعد التزام مصر بوقف إطلاق النار واستمرت هذه الحرب مدة 82 يوماً.

عمل وزير الخارجية الأمريكي في هذا الوقت هنري كيسنجر وسيطا بين مصر وسوريا وإسرائيل ووصل إلى اتفاقية هدنة في31 مايو 1974
لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل وأخلت إسرائيل بموجبها مدينة القنيطرة التي احتلتها عام 1967 ، إلا أن الجولان مازالت تئن تحت وطأة الاحتلال بانتظار حرب أكتوبر أخرى .

نتائج الحرب

تعرضت إسرائيل لهزيمة قاسية في حرب أكتوبر ولذا تشكلت لجنة تحقيق إسرائيلية في شهر نوفمبر عام 1973 أطلق عليها اسم لجنة ( اجراثات ) واستمرت في عملها أربعة شهور ، وأكدت في تقريرها النهائي أن ماحدث لإسرائيل في معارك أكتوبر 1973 هو هزيمة وتقصير وأوصت بإحالة 4 من كبار القادة الإسرائيليين للتقاعد وهو دافيد بن اليعازر رئيس الأركان والجنرال شموئيل جونين قائد القيادة الجنوبية التي واجهت الجبهة المصرية ، وايلي زاعيرا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ، والبريجادير اربيد شالين مساعد رئيس الاستخبارات للأبحاث .

ويجمع المراقبون أنه لولا التدخل الأمريكي المباشر في المعارك على الجبهة المصرية بجسر جوي لإنقاذ جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنيت إسرائيل بهزيمة ساحقة على أيدي الجيش المصري وحصلت أشياء أخرى ربما كانت لتغير من التاريخ فعلاً ، بالنظر إلى أنه في هذا الوقت كانت جميع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى تقاتل في جبهتى الجولان وسيناء باستثناء فرقة واحدة هى التى تحمى الكيان العبرى فى داخل حدوده ، وفي حال كهذا كان بإمكان الفلسطينيين بمساعدة جيوش عربية كالعراق والأردن تحرير الأراضى الفلسطينية المحتلة عامى 1948 و1967 .

لقد كان من أبرز نتائج حرب 6 أكتوبر استرداد مصر السيادة الكاملة على قناة السويس واسترداد جزء من الأراضي في شبه جزيرة سيناء ، واسترداد
سوريا مدينة القنيطرة .

وأدت الحرب أيضا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975م ، كما قضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر‏‏ باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائي في العالم واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف‏‏ واستيلائها خلال 6 ساعات فقط على الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها‏ وإدارتها بنجاح لقتال شرس فى عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية لقناة السويس‏.

كما مهدت الحرب الطريق لاتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1979 والتى وقعتها مصر وإسرائيل إثر مبادرة السادات التاريخية في نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس ، وهو ما يؤكد أن هدف السادات من الحرب كان تحريك الصراع بعد أن انشغلت القوى العظمى بمشاكلها.

وكان للنصر أيضا تأثيرات معنوية كبيرة جدا فقد أثبت للعالم أجمع قدرة المصريين علي إنجاز عمل عسكري جسور ، يستند إلي شجاعة القرار ، ودقة الإعداد والتخطيط ، وبسالة الأداء والتنفيذ ، وأن براعة التخطيط العسكري وبسالة المقاتل المصري وإيمانه بشرف الأهداف التي يقاتل من أجلها كانت أقوي وأكبر من الفارق في القدرة والتقدم في المعدات والعتاد ، كما ضرب الشعب المصري أروع صور البطولة حينما تجاوز الصراعات الداخلية ، ووقف إلي جوار قواته المسلحة وقفة رجل واحد ، يشد أزرها ، ويدعم قدراتها ، ويضع مطلب تحرير الأرض فوق كل المطالب والأولويات .

وحققت حرب أكتوبر أيضا ما لم يكن الكثير من العرب يتخيل أنها ستحققه، فالنظرية القائلة إن الكيان الإسرائيلي هو قوة شيطانية لا يمكن دحرها، وقفت عائقاً أمام العرب في الكثير من سنوات النزاع التي تبعت حرب 1948، لتجعلهم يسلّموا بهذه النظرية وخاصة بعد نكسة الخامس من يونيو 1967 إلا أن حرب أكتوبر التي أتت بعد ست سنوات من النكسة شكلت تحولاً استراتيجياً هاماً في إدارة دفة الصراع وفي قدرة العرب على التحول إلى موقع المواجهة ، وعلى قلب الأدوار من موقع المتلقي الدائم لضربات واعتداءات إسرائيل المتكررة، إلى أصحاب المبادرة في الضرب وإعلان الحرب على هذا الكيان الصهيونى .

وأكدت حرب أكتوبر أيضا استحالة سياسة فرض الأمر الواقع ، واستحالة استمرار حالة اللاسلم واللاحرب ، واستحالة احتكار التفوق العسكري ، واستحالة إجبار شعوب المنطقة علي قبول الاحتلال ، بالإضافة إلى أنها أثبتت أن الأمن الحقيقي لا يضمنه التوسع الجغرافي علي حساب الآخرين ولذلك تنبه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى.

ومن أبرز نتائج الانتصار الكبير في أكتوبر أيضا إعادة تعمير سيناء وبدء مشروعات ربطها بوادي النيل والعمل علي تحويلها إلي منطقة إستراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية.‏

ومن أجل ذلك تمت إعادة تقسيم سيناء إداريا إلى محافظتين‏‏، بعد أن كانت محافظة واحدة‏‏ فقسمت الي محافظة شمال سيناء ومحافظة جنوب سيناء‏ فيما انضمت شريحة من سيناء شرق قناة السويس بعرض‏20‏ كيلو مترا إلي محافظات القناة الثلاث‏:‏ بورسعيد والإسماعيلية والسويس‏‏، تأكيدا لارتباط سيناء بوادي النيل‏، حيث لم تعد القناة تمثل حاجزا إداريا يعزل شبه جزيرة سيناء عن وادي النيل.‏

وبدأ تنفيذ العمليات الكبري لتحقيق الربط الجغرافي بين وادي النيل وسيناء عبر قناة السويس‏،‏ فأنشئ نفق أحمد حمدي شمال السويس‏..‏ ليمر تحت القناة ويربط غربها بشرقها برا‏..‏ كما شقت ترعة السلام جنوب بورسعيد إلي سيناء لكي تروي بمياه النيل ما يقرب من نصف مليون فدان في شمال سيناء‏.

وفي إطار الخطة القومية لإعادة تعمير سيناء والتي ستستمر حتي عام‏2017..‏ استكملت عملية الربط العضوي بإنشاء جسرين فوق القناة هما‏:‏ الكوبري المعلق جنوب القنطرة وكوبري الفردان المتحرك للسكك الحديدية فضلا عن مد خط السكة الحديد بين الإسماعيلية ورفح ويبلغ طوله‏217‏ كيلو مترا .‏

ولم تعد سيناء أو كما يطلق عليها "أرض الفيروز" - لتميز شواطئها بلون فيروزى وهو لون خليط من الأخضر والأزرق - مجرد أرض صحراوية تشكل عازلا جغرافيا ومنطقة استراتيجية تفصلنا عن إسرائيل ، ولكنها أصبحت حصنا يحمي البوابة الشرقيه لمصر ويصونها من كل تهديد‏ بعد أن تحقق لها الأمن بمفهومه الحقيقي القائم على البناء وامتداد الرقعة السكانية,‏ كما أصبحت رافدا من روافد النمو الاقتصادي بعد اكتشاف البترول فيها ، بالإضافة إلى احتوائها على العديد من المدن والأماكن ذات الجذب السياحى الكبير.

ويمكن القول ، إنه ما كان لمسيرة التنمية التى تشهدها مصر حاليا أن تنطلق لولا تضحيات الشهداء الذين روت دمائهم أرض سيناء الغالية
----------------------------------
moheet.com

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على العبور العظيم .. ما أحلى الرجوع إليه

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
87565

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

خلال 30 أيام
خلال 7 أيام
اليوم