خشب الساج.. هدية ثمينة من الاحتلال البريطاني لجنوب السودان
الخرطوم- بدأ أخيرا استغلال أشجار الساج التي زرعت قبل عشرات السنين إبان فترة الاحتلال البريطاني في ولايات جنوب السودان لتصبح مصدرا مهما للدخل في المنطقة التي عانت طويلا من الحرب.
واستمرت الحرب الأهلية الدامية بين شمال السودان وجنوبه أكثر من 20 عاما لأسباب عرقية ودينية وتفاقمت بعد اكتشاف احتياطيات نفطية في الجنوب.. وانتهت الحرب بإبرام اتفاقية سلام بين الشمال والجنوب عام 2005.
وخيبت السلطات الاستعمارية البريطانية أمل الكثيرين في جنوب السودان عندما لم تساعد المنطقة في إقامة دولة مستقلة عن الشمال.. لكن المفوض البريطاني في المنطقة ومسؤولين آخرين زرعوا العديد من أشجار المانجو والساج في أعقاب محاولات سابقة لزرع أشجار الخشب في المنطقة بدأها مبشرون مسيحيون.
والساج خشب ثقيل معروف بقدرته على مقاومة عناصر الطبيعة مثل الماء وتغيرات الحرارة ويستخدم كثيرا في صنع أثاث الحدائق الراقي الثمين.
وجلبت أشجار الساج الموجودة في ولاية غرب الاستوائية بجنوب السودان في الأصل من بورما. ولكنها لم تلق رعاية تذكر خلال فترات الحروب بين الشمال والجنوب.
وقال جون إسيون مدير شؤون الغابات بوزارة الزراعة في ولاية غرب الاستوائية إن الأشجار تحتاج إلى الكثير من العناية والتقليم.
وسلعة التصدير الوحيدة في جنوب السودان هي النفط وما زال اقتصاد المنطقة وليدا لكن إسبون ذكر أن قيمة أشجار الساج عند سكان الولاية لا يستهان بها.
وقال "الساج الآن مثل النفط وأكثر من النفط لأنه يدر مالا وفي نفس الوقت يمكن أن يساعد البيئة بتقليص الكربون أي أن دوره مهم جدا. نحن الآن نبلغ الزراع بقيمة خشب الساج. نبلغهم أيضا بالجزء الخاص بالبيئة لكن الآن بعد اتفاق السلام الجميع يريد تحسين مستوى المعيشة وما يهمهم هو المال الذي يأتي إليهم."
ويتعرض الكثير من أشجار الساج للسرقة وينقلها اللصوص خارج منطقة الجنوب بعد قطعها في الليل تحت جنح الظلام. كما كانت الجيوش والميليشيات تقطع أشجار الساج خلال الحروب الأمر الذي أدى إلى استنزاف جزء كبير من تلك الثروة.
ونجحت وزارة الزراعة والغابات في اجتذاب ثلاثة مستثمرين دوليين من الهند وأوغندا ومحموعة نرويجية بريطانية مشتركة بدأوا بالفعل تقطيع أخشاب الساج وإعادة زرع شتلات الأشجار في الأرض وأتموا أول صفقة لبيع الخشب الثمين الشهر الماضي.
وأنشات شركة ساج الاستوائية التي تملكها المجموعة النرويجية البريطانية مصنعا لتقطيع الأخشاب في بلدة نزارا تشق فيه عشرات الجذوع يوميا باستخدام مناشير يعاد شحذها كل ساعتين. ويصنف الخشب إلى درجات يصل سعر أعلاها ثمنا إلى 5500 دولار للمتر المكعب.. وللمقارنة يبلغ متوسط سعر المتر المكعب من خشب الصنوبر نحو 500 دولار.
وذكر هانيس وينتر مدير شركة ساج الاستوائية الذي استقدمته الشركة مع عاملين آخرين من جنوب أفريقيا أن قلة المخصبات والعناية بالأشجار أدت إلى تقليص حجم الأشجار في مناطق الاستغلال الخمس التابعة للشركة التي تبلغ مساحتها مجتمعة 2100 هكتار.
إلا أنه أضاف "لكن الجانب الإيجابي للخشب هو أن كثافته عالية بسبب النمو البطيء وهذا تحديدا ما يجعله مناسبا لأسطح السفن في سوق الزوارق الفاخرة."
وبنت الشركة مساكن للعاملين فيها وممرات تربط بينها من خشب الساج الذي يختلف عن أنواع الخشب الأخرى في أنه لا يلتوي ولا يتشقق رغم الأمطار الغزيرة التي تسقط على المنطقة.
وأعادت شركة ساج الاستوائية بالفعل غرس الأشجار الصغيرة التي تزرعها في مشاتلها في 110 هكتارات.
ويستخدم النجارون المحليون مثل وليام فيليمونا خشب الساج بكثرة في صنع الأثاث. وقال فيليمونا إن الساج خشب ممتاز يصلح للاستخدام في العديد من الأغراض مثل صنع الأثاث والبناء.
وتتزايد أهمية خشب الساج باطراد في جنوب السودان كسلعة مهمة للتصدير ومصدر مهم لدخل العديد من السكان.
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!