آخر الأخباراخبار المسلمين › ثق بالله واسع في طلب الرزق

صورة الخبر: ثق بالله واسع في طلب الرزق
ثق بالله واسع في طلب الرزق

روي أن صحابيا رأى طفلا في "المسجد" يصلي بخشوع وإتقان فقال له بعد صلاته: "ابن من أنت؟" فقال: "إني يتيم فقدت أبي وأمي!" فقال: "أترضى أن تكون لي ولدي"؟ فقال:"هل تطعمني إذا جعت؟" قال "نعم" قال "وهل تكسوني إذا عريت؟" قل "نعم" قال "وهل تحييني إذا مت؟" فدهش الصحابي: وقال:"هذا ليس إليه سبيل"؛ فأشاح الصبي بوجهه وقال "اتركني للذي خلقني، ثم رزقني، ثم يميتني، ثم يحييني" فقال الصحابي "لعمري من توكل على الله كفاه".

صحيح هذه حقيقة لا مرية فيها، فالله تعالى يقول "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" "الطلاق آية 3" ومعنى حسبه أي كافيه وهاديه، وفي رواية أبي ذر قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" "الطلاق آيتان 23" فجعل يردّدها حتى نعست، فقال "يا أبا ذرّ لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم" رواه الحاكم. وفي رواية حديث صحيح عن جابر "يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم"؛ وفي حديث أبي الدرداء "إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله".

قال الله تعالى "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" "هود آية 6" فالدابة كل حيوان يدب والرزق حقيقة ما يتغذى به الحي ويكون فيه بقاء روحه ونماء جسده. وقال جل وعلا "وفي السماء رزقكم وما توعدون، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" "الذاريات آيتان 22- 23".

قال الأصمعي: "أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة فطلع أعرابي جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوسه فدنا وسلم وقال: "ممّن الرجل؟" قلت "من بني أصمع" قال "أنت الأصمعي؟" قلت "نعم" قال "ومن أين أقبلت؟" قلت "من موضع يتلى فيه كلام الرحمان" قال: "وللرحمان كلام يتلوه الآدميون"؟ قلت "نعم" قال "فاتل علي منه شيئا" فقرأت "والذاريات ذروا" إلى قوله تعالى "وفي السماء رزقكم وما توعدون" "الذاريات 22"، فقال "يا أصمعي حسبك!" ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها وقال "أعنّي على توزيعها" ففرقناها على من أقبل وأدبر، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما ووضعهما تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول "وفي السماء رزقكم وما توعدون" فمقتّ نفسي ولمتها.

ثم حججت مع الرشيد، فبينما أنا أطوف إذا أنا بصوت رقيق، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحل مصفر، فسلم علي وأخذ بيدي وقال "اتل علي كلام الرحمان وأجلسني من وراء المقام" فقرأت "والذاريات.." حتى وصلت إلى قوله تعالى "وفي السماء رزقكم وما توعدون" فقال الأعرابي "لقد وجدنا ما وعدنا الرحمان حقا" وقال "وهل غير هذا؟" قلت: "نعم، يقول الله تبارك وتعالى "فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون" "الذاريات آية 23" قال: "فصاح الأعرابي" وقال "يا سبحان الله! من الذي أغضب الجليل حتى حلف! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجأوه إلى اليمين؟" فقالها ثلاثا، وخرجت بها نفسه "انظر تفسير القرطبي".

قيل لحاتم الأصم: "من أين تأكل؟" فقال "من عند الله" فقيل له "الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟" فقال "كأن ماله إلا السماء! يا هذا، الأرض له والسماء له، فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض وأنشد:

"وكيف أخاف الفقر والله رازقني
ورازق هذا الخلق في العسر واليسر
تكفّل بالأرزاق للخلق كلهم
وللضب في البيداء والحوت في البحر".
وقيل "إن حاتم الأصم قال لأولاده "إني أريد الحج" فبكوا وقالوا "إلى من تكلنا؟" فقالت ابنته لهم "اسكتوا دعوه فليس له برزاق إن الله هو الرزاق". فباتوا جياعا وجعلوا يوبخون البنت، فقالت "اللهم لا تخجلني بينهم"؛ فمر أمير البلد وطلب ماء فناوله أهل حاتم كوزا جديدا، فيه ماء بارد فشرب وقال "دار من هذه؟" فقالوا: "دار حاتم الأصم"، فرمى فيها منطقة من ذهب وقال لأصحابه: "من أحبني فعل مثلي" فرمى من حوله كلهم مثله فجعلت بنت حاتم تبكي! فقالت لها أمها "ما يبكيك وقد وسع الله علينا؟" فقالت "مخلوق نظر إلينا فاستغنينا، أي فما ظنك بالخالق جل وعلا الذي سخر لنا هذا المخلوق فعطفه علينا"؟! قلت "وهذا مقام جليل من مقامات التوكل والثقة في الله تعالى".

وهذا يجرني إلى الربط بين الأسباب والمسببات، ففي الوصية الآتية إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها، ففي الحديث الصحيح "لا تنافسا في الرزق ما تهزهزت رؤوسكما فإن الانسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ثم يعطيه الله ويرزقه".

روى ابن ماجه عن حبة وسواد ابني خالد أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا، يبني بناء، فلما فرغ دعاهم وقال الحديث. قال الامام ابن القيم "لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بد من هذا الاعتماد على مباشرة الأسباب وإلا كان معطلا للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلا ولا توكله عجزا" "انظر زاد المعاد".

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحد أصحابه "اعقلها وتوكل"، والتوكل الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار، مع الثقة بالله وفعل الأسباب:

وكن بالذي قد خط باللوح راضيا
فلا مهرب مما قضاه وخطه
وإن مع الرزق اشتراط التماسه
وقد يتعدى إن تعديت شرطه
ولو شاء ألقى في فم الطير قوته
ولكنه أوحى إلى الطير لقطه".

قال الله تعالى "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" "الملك آية 15". قال ابن ثير "أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وتردّدوا في أقاليمها وأرجائها، في أنواع المكاسب والتجارات واعلموا أن سعيهم لا يجدي عليكم شيئا إلا أن ييسره الله عليكم، ولهذا قال تعالى "وكلوا من رزقه"، فالسعي في السبب لا ينافي التوكل. وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه إلى الأخذ بالأسباب وترك التواكل وحذّر من المسألة. فقد روي عن الزبير بن العوام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي بحزمه من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه" رواه البخاري.

وفي حديث عن المقدام بن معد يكرب "ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده" رواه البخاري؛ وفي رواية عن أنس: "أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال أما في بيتك شيء؟" قال "بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء" قال "ائتني بهما" فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال "من يشتري هذين؟" قال رجل: "أنا آخذهما بدرهم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من يزيد على درهم" مرتين أو ثلاثا، قال رجل "أنا آخذهما بدرهمين" فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما فأتني به" فأتاه به فشدّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له "اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما". ففعل فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا، وببعضها طعاما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع" رواه أبو داود.

إذن، مما تقدم أنصحك يا ابن آدم أن تثق بالله وتتوكل عليه مع السعي في طلب الرزق تعش سعيدا إن أطعته وأطعت رسوله عليه الصلاة والسلام.

المصدر: alarab.co.uk

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على ثق بالله واسع في طلب الرزق (1)

محبة الله‏25 ‏يناير, ‏2011

من يتوكل على الله فهو حسبه
أستغفر الله .......استغفر الله
أستغفر الله

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
75593

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

Most Popular TagsMost Popular Tags

ثق بالله

,

الرزق

, لطلب الرزق, كفاح الانسان في طلب الرزق, في طلب الرزق, اية الرزق,

طلب الرزق من الله

,

طلبالرزق

,

الكفاح الانسان في طلب الرزق

,

احاديث عن السعي في طلب الرزق

,

فى طلب الرزق

,

الطلب الرزق

,

??????

,

لجلب الرزق

,

موضوع تعبير عن كفاح الانسان في طلب الرزق

,

دعاء طلب الرزق

,

ايات طلب الرزق

,

ثثثق

,

طفل يصلي بخشوع

,

كلام ابن حول طلب الرزق

,

طلب الرزقة

,

أجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها

,

كفاح الانسان في طلب الرزق موضوع تعبير

,

كفاح الانسان في طاب الرزق

,

كفاح الإنسان في طلب الرزق

,

مقولات في الرزق

,

حديث عن السعي في طلب الرزق

,

طلب الرزق من السماء والارض

,

كلام عن السعي لطلب الرزق

,

الرزق الواسع

,

قصيدة شعرية كيف اخاف الفقر والله رازقنا

,

ايات عن السعي في طلب الرزق

,

شرح طلب الرزق

,

شرح حديث قال ص لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها فاتقواالله واجملو في لطلب

,

طلب الرزق

,

صلاة طلب الرزق

,

ث ق بالله

,

قيل لحاتم الأصم رزق

,

اتقو اللة واجملو في الطلب

,

قلت الرزق

,

احاديث عن الرزق

,

رجل يصلي بخشوع

,

حديث قال هل اذا جعت تطعمني قا

,

تفسيرواتقواللة واجملو في الطلب

,

اية طلب الرزق

,

دعأ طلب الرزق

,

حديث الرزق

,

يا ابن ادم

,

بنات عريت

,

بلي حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه اشرح القول السابق

,