آخر الأخباراخبار الفن والثقافة › المشهد الروائي العربي الآن

صورة الخبر: المشهد الروائي العربي الآن
المشهد الروائي العربي الآن

المشهد الروائي العربي الآن يحمل الكثير من الرؤى والاختلافات، وعلي الرغم من أن كتاب (المشهد الروائي العربي) الذي صدر ضمن فعاليات ملتقي القاهرة الرابع للإبداع الروائي العربي الذي عقد مؤخرا يحمل رؤية شاملة كتبها كتاب ونقاد من كافة الأقطار العربية إلا أن المشهد من الاتساع والتعددية بحيث يصعب حصره في كتاب، ولكن الفكرة في حد ذاتها جيدة ولابد من أن تستكمل، وفي السطور القادمة نستكمل ما بدأناه في موضوعنا السابق لنقد المشهد في مصر والسعودية واليمن وتونس والمغرب.

المشهد الروائي المصري
د.مجدي توفيق:

ادوار الخراط

المشهد الروائي في مصر بالروائيين والروايات، وإذا أردنا أن نحصي أسماءهم ونعرف تعريفا قصيرا بهم وبأهم نصوصهم الروائية فإننا مضطرون إلي أن نضع عنهم موسوعة لن تكون قصيرة بحال، لهذا لا مفر لنا أن نذكر أسماء ونغفل أسماء أخري ولتكن الأسماء التي نذكرها الأدل علي ما نريد والأقرب إلي تصور القارئ.
وأسهل طريقة لعرض هذا المشهد الغني المعقد تتبعه أجيالا، ومن المؤكد أن مشهد الرواية في مصر يحوي أسماء كثيرة يسهل أن نوزعها علي أجيال شتى مع الاعتراف بعيوب التصنيف الذي يعتمد علي تمايز الأجيال، فلا يزال بيننا محمد كمال محمد وأمين ريان وإدوار الخراط ويوسف الشاروني من الجيل الذي شهد شطرا من الحياة قبل ثورة 23 يوليو ووعاها، وهو جيل غاب عنا منه كتاب كثر ربما كان آخرهم محمد صدقي.
ولا يزال بيننا كتاب مرموقين من جيل الستينيات العظيم صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وإبراهيم أصلان وخيري شلبي وعلاء الديب ومحمد البساطي وبهاء طاهر ومحمد جبريل.
صنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان مقلان نصوصهما تقتصد في اللغة أما الغيطاني فهو علي النقيض هادر، تشعيري، مراوغ بالتراث أو هو علي الإيجاز هادر باللغة، في حين نرى خيري شلبي ومحمد جبريل هادرين سردا لا لغة.
لقد عكفت في كتابي الذكرة الجديدة علي نصوص مما ينسب إلي الرواية الجديدة، اخترت منها وقتها تسع عشر رواية لحمد أبو جليل وخالد اسماعيل و خالد السروجي وسامي اسماعيل وسعيد نوح وسيد الوكيل، وصبحي موسي وعبد الحكيم حيدر ومحمد داود ومصطفي ذكري ومنتصر القفاش ومنى برنس وميرال الطحاوي وهاني الرفاعي وياس إبراهيم وياسر شعبان ولم تكن آخر التي تستحق أن أدرجها في البحث وقد ظهر بعدها روايات أخرى كثيرة وقد استمتعت بعضها حقا مثل أن تكون عباس العبد لأحمد العيدي وعين القط لحسن عبد الموجود وأول النهار لسعد القرش وفصول من سيرة التراب والنمل لحسين عبد العليم.
المهم أني تبينت أمرا أراه خاصة أسلوبية سردية مقومة لهذا النوع من الروايات، تلك أنها تستخدم أسلوب الحكي البسيط والمباشر الذي يستخدمه الناس في الحكي اليومي المباشر المألوف لا أقصد أنها تستخدم العامية أو الدارجة وحدها، وإنما أريد أنها تحكي حكيا عاما يذكر الحدث بأكثر مما يفصله ويسمح لنفسه بنقلات سريعة في الزمان والمكان والحدث والشخصيات قد تتحول معها الحكاية الطويلة إلي سطور قليلة في حين تحولها الرواية التقليدية إلي نص طويل من ثم أصبحت هذه النصوص التي تبدو لبعض النقاد نوعا مستقلا أو شكلا مختلفا أو طريقة جديدة نصوصا يغلب عليها القصر وتنبع من بنية الحكايات الصغيرة التي رأيناها من قبل عند إبراهيم أصلان.
الغالب علي السرد الروائي في مصر هو تصوير المجتمع ومن ورائه خلفية سياسية تاريخية تلوح من بعد أو مت قرب كيف شاء الكاتب أن يوجه نصه إلي خدمة غايات سياسية يراها أو أن يبعده عن مباشرتها من قريب، ولقد أصبح لدينا كتاب لكل منهم منطقة تخصه يمتاح منها سرده كما يفعل أحمد الشيخ صاحب حكايات المدندش مع القرية وكما يفعل مصطفي نصر صاحب النجعاوية من الاسكندرية ومنطقة النبي دنيال بخاصة وكما يفعل بعض الكتاب من أجيال شابة مع أحياء عشوائية محددة يعاودون امتياح السرد منها من نص إلي نص، يمكن القول أن المشهد الروائي المصري اليوم يقدم مادة غنية للتحليل الاجتماعي من خلال عشرات النصوص التي توفر له مادته والتي تتمايز كيفيا بأن يتجه كل منها إلي ناحية من الوطن ليصورها أو بأن يختص كل منها بتقنيات تميزه وباختيارات من الحكايات المتنوعة تمتلك الجرأة السردية أو الجاذبية أو بساطة التعبير.

تأملات في الرواية السعودية الجديدة
يوسف المحيميد:

يوسف المحيميد
منذ مطلع الألفية الجديدة وتحديدا بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 الذي صاحبه عدد من العوامل المختلفة كحضور شبكة الانترنت بقوة كوسيلة نشر سهلة، تساعد علي النشر بضغطة زر واحدة وتتلقي ردود الأفعال خلال ساعات لتظهر بعد ذلك رواية الانترنت في السعودية ولتنتشر أسماء جديدة لا حضور لها في الصحافة الورقية ولا في دور النشر العربية، الأمر الذي صاحبه عدد من الملامح أو التوصيفات التي قد لا تتوفر إلا في الرواية السعودية الجديدة التي بلغت ذروة إصداراتها عامي 2006 / 2007 لبلغ منتج الرواية أو ما يسمي مجازا رواية إلي أكثر من مائة كتاب خلال هذه العامين فقط.
توصيف حال الرواية الجديدة في السعودية(نذكر بعض النقاط):
1ـ البحث عن الإثارة: تحولت معظم ما يسمى روايات سعودية إلي مجرد كتب إثارة تتخذ صيغة الجنس مدخلا وحيدا للإثارة بعيدا عن القطبين المهمين الآخرين من مثلث المحظورات: الدين والسياسة، باستثناء تجربة تركي الحمد في ثلاثية (أطياف الأزقة المهجورة)، وقد يكون الاشتغال علي الكتابات الجنسية المحمومة مرحلة طبيعية لمجتمعات محافظة تنفتح علي ثقافات متعددة، ولكن هناك في الغرب ما يعرف بكتب الإثارة وهي نوع من الكتب لا تدعي أنها كتابا أدبية بينما نجد أن هذه الكتب لا تحترم وعي القارئ وذائقته فلا يتردد الكاتب ولا الناشر بأن يصدر هذا الكتاب أو ذاك باسم رواية
2 ـ توظيف اسم المكان كعنوان منذ أن صدرت رواية بنات الرياض وحققت نجاحا علي مستوى المبيعات تبعتها حوارات ولقاءات تلفزيونية مع الكاتبة والكثير من الأسماء الجديدة التي تلت تسعي إلي إدخال مسمى الرياض في عناوينها من قبيل بنات من الرياض، شباب الرياض، نرجس في الرياض، صورة الرياض، ثم تحول الأمر إلي السعودية كاسم تجاري مسوق عربيا وربما غربيا من قبيل سعوديات، حب في السعودية، وهي بذلك تشبه كتب الإثارة التي تتناول السعودية في كتب لمؤلفين مجهولين وأحيانا بلا مؤلفين، ولأسماء دور نشر وهمية حيث تعرض في أكشاك صغيرة في شارع إجوار رود بلندن وفي شوارع عربية في دول أوروبية أخرى.
3 ـ إحياء ثقافة التخفي خلف الأسماء المستعارة منذ اسم الكاتبة سميرة بنت الجزيرة العربية والكاتبة غادة الصحراء في الستينيات، لم تعد الكاتبات السعوديات يصدرن كتبا بأسماء مستعارة لكن هذه الثقافة عادت من جديد مع آلية الكتابة في الإنترنت التي تشجع المستخدمين علي الدخول بأسماء مستعارة للتخفيف من وطأة الرقابة والهروب من سلطة الأسرة والمجتمع، فعادت لعبة الأسماء المستعارة إلي الرواية السعودية، إذ ظهرت أسماء مستعارة كثيرة مثل صبا الحرز، هاجر المكي، طيف الحلاج، وردة عبد الملك، فكتوريا الحكيم، إلخ.
4 ـ ثقافة الرد الشعبية أسوة بالشعر الشعبي في حوار نشرته مجلة اليمامة في العدد 1986، أشارت إحدى الإعلاميات وهي صاحبة بنات من الرياض إلي أنها كتبت روايتها ردا علي رواية بنات الرياض، خصوصا أن أحد عمال القرطاسية وتصوير الورق قال لها أنه لم يعرف أن بنات الرياض بهذا الانفتاح وسهولة عقد العلاقات الجنسية معهن مما جعلها ترد علي الرواية برواية وكذلك صاحبة رواية المرآة المنعكسة (مجلة القافلة 22) كتبت بحس إسلامي متحفظ عن بنات الرياض سعيا علي حد قولها إلي إظهار صورة حقيقية أخرى للبنات في مرآتها المنعكسة، هذا النوع من ثقافة الرد هو ثقافة شعبية اختص بها الشعر الشعبي وشعر المحاورات هو شعر شعبي يحظي بجماهيرية شعبية كبيرة يعتمد علي وقفة شاعرين كل منهما يرتجل بيتين من الشعر الشعبي فيرد الآخر بأقوى منها وتستمر المحاورة أو المباراة بحضور جماهير غفيرة، فهذا الارتجال العفوي المباشر قد يلقي بظلاله علي بعض نماذج ما تسمى رواية، لأن خير وسيلة للرد هو استخدام الوسيلة ذاتها كما تقول الإعلامية صاحبة بنات من الرياض.

تركي الحمد
ورغم كل هذه التوصيفات حول الرواية الجديدة في السعودية، فإن ذلك لا يمكن بأي حال أن يتجاهل بعض الأعمال الروائية اللافتة في العقد الأخير سواء لأسماء روائية معروفة ومكرسة من قبل أو لأسماء جديدة تكتب للمرة الأولي، فهناك علي سبيل المثال شرق الوادي لتركي الحمد، وستر لرجاء عالم، ومدن تأكل العشب لعبده خال، والفردوس اليباب لليلي الجهني، والبحريات لأميمة الخميس، وسقف الكفاية لمحمد حسن علوان، والآخرون لصبا الحرز، والدود لعلوان السهيمي وغيرها، إلا أن هذا العدد القليل لا يشكل شيئا من إجمالي قد يفوق الخمسمائة رواية خلال هذه الفترة.

المشهد الروائي في الكويت:
طالب الرفاعي:
لقد كان لانتعاش ورواج فن الرواية عربيا وعالميا أثر إيجابي واضح علي كتاب وكتابة الرواية في الكويت، مما ساعد علي ولادة أسماء كثيرة طرقت هذا المجال، ويمكن أن يري المتابع لحركة الرواية في الكويت بين عامي 1973 وحتى 1989 حضور الأعمال الروائية لإسماعيل فهد إسماعيل، إضافة لروايتي الكاتبة ليلي العثمان (المرأة والقطة) و(وسيمة تخرج من البحر) ويتيمة وليد الرجيب (بدرية)، لكن ما لبثت العجلة أن دارت لتصدر أعمال روائية كويتية تحمل نكهتها الخاصة وعوالم أحداثها وشخوصها المنوعة، راسمة خريطة جديدة لمشهد الرواية الكويتية وكتابها، ويمكن تقديم مدونة لأهم الأعمال الروائية التي صدرت في الكويت، مستوفية الشروط الأساسية لكتابة الرواية الحديثة، وبما يمنحها القدرة علي الوقوف إلي جانب أي رواية عربية من حيث البناء الفني واللغة وتنامي الحدث، ويمكن إدراج الروايات في المدونة حسب تسلسل تاريخ صدورها علي النحو التالي:
ـ ناصر الظفيري أصدر روايته الأولي عاشقة الثلج عام 1992 وتبعها برواية سماء مقلوبة عام 1995.
ـ إسماعيل فهد إسماعيل أصدر سباعيته الروائية (إحداثيات زمن العزلة) عام 1996 وتبعها برواية يحدث أمس عام 1997 ورواية بعيدا إلي هنا عام 1998 ورواية سماء نائية عام 1999 ورواية كائن الظل عام 2001.
ـ فوزية شويش السالم أصدرت روايتها الأولي الشمس مذبوحة والليل محبوس عام 1997 ثم تبعتها برواية النواخذة عام 1998 ورواية مزون وردة الصحراء عام 2001 ورواية حجر علي حجر عام 2003 ورواية رجيم الكلام عام 2007.
ـ حمد الحمد أصدر روايته الأولي زمن البوح عام 1997 ثم تبعها بإصدار رواية مساحات الصمت عام 1999 ورواية الأرجوحة عام 2002.
ـ طالب الرفاعي أصدر روايته الأولي ظل الشمس عام 1998 وأتبعها برواية رائحة البحر عام 2002 ورواية سمر كلمات عام 2006.
ـ ليلي العثمان أصدرت روايتها الثالثة " المحاكمة ـ مقطع سيرة الواقع " عام 2000 وأتبعتها برواية العصعص عام 2002 ورواية صمت الفرشات عام 2007
ـ فيصل السعد أصدر روايته الأولي الدهشة عام 2001.
ـ عبد العزيز محمد عبد الله أصدر روايته الأولي كنز وغيوم في السماء عام 2003، ورواية حيث لا شيء عام 2004 ورواية العافور عام 2006.
ـ ميس العثمان أصدرت روايتها الأولي غرفة السماء عام 2004 وأتبعتها برواية عرائس الصوف عام 2006.
ـ سليمان الخليفي أصدر روايته الأولي عزيزة عام 2004
ـ بثينة العيسي أصدرت روايتها الأولي سعار عام 2004 وأتبعتها برواية ارتطام ليس له دوي عام 2005 ورواية عرس المطر عام 2006.
ـ هديل الحساوي أصدرت روايتها الأولي مرآة مسيرة الشمى عام 2007
ـ محمد هشام المغربي أصدر روايته الأولي ساق العرش عام 2007.
إن نظرة سريعة علي الأعمال الروائية أعلاه تبين نشر 34 رواية منها 14 رواية بأقلام نسائية و20 رواية لكتاب رجال خلال فترة خمس عشرة سنة، علي أن النصيب الأوفر فيها كان للروائي إسماعيل فهد إسماعيل مع ضرورة التأكيد علي أن المدونة أعلاه تضم الأعمال التي نرى، باختيار شخصي بحت، أنها حققت الشرط الفني الواجب تحققه لكتابة الرواية الحديثة، وهذا يعني بالضرورة عدم مصادرة أي رأي آخر بإمكانية إضافة أي عمل روائي لهذه المدونة أيا كان هذا العمل.

الرواية اليمنية
د.عبد العزيز المقالح:
لئن شهدت اليمن في الثلاثين عاما الأخيرة انطلاقة نسبية في مجال نشر الأعمال الروائية فإن الشعر والقصة القصيرة ظلا يتصدران ساحة النشر ومازال التوق إلي كتا
عبده الخال
بة هذين النوعين من الإبداع أيسر لسهولة كتابتهما ونشرهما ونظرا لما تتطلبه الرواية من جهد وزمن طويل وما تفرضه علي كاتبها من صبر وسعة بال، لذلك يظل ما نشر من روايات في اليمن قياسا بالشعر والقصة القصيرة محدودا وإذا ما استقرأ الدارس حضورها في الانتاج اليمني سيجد نفسه متوقفا عند ثلاثة اتجاهات في الكتابة الروائية هي:
أولا الاتجاه التقليدي المؤسس وهو الذي جاء محاكاة للرواية التقليدية العربية بأبعادها الموضوعية والتاريخية منها والعاطفية وبأبعادها الفنية الكلاسيكية والرومانسية، وأبرز ممثلي هذا الاتجاه في اليمن هم، الكاتب الصحفي محمد علي لقمان المحامي والشاعر والمناضل السياسي محمد محمود الزبيري وعلي محمد عبده وعبدالله محمد الطيب أرسلان.
ثانيا الاتجاه التجديدي الذي تجاوز الاتجاه السابق في اقترابه من البناء الروائي الحديث والنظر إلي الرواية بوصفها فنا أدبيا له شكله وخصوصيته ومرجعيته الفنية وأتباع هذا الاتجاه يشكلون عددا لا بأس به من الروائيين والروائيات ممن يصعب حصرهم.
ثالثا الاتجاه الأحدث واتباعه قلة ونخبة صغيرة العدد من المبدعين الشبان وأعمالهم الأولي تبشر بإنتاج رواية متمردة في الفكرة واللغة والبناء رواية تكسر خط السرد المتعارف عليه وترفض في الوقت ذاته فكرة الترابط المنطقي للأحداث وما تفرضه نمطية الحبكة وتسعي جاهد إلي إثبات ما يقال عن التداخل بين الأجناس الأدبية وإلغاء الحواجز بين الشعر والنثر أو بين الرواية والشعر، مع اهتمام واسع بالرمز، والمبشرون بهذا الاتجاه: حبيب سروري، محمد عبد الوكيل جازم، سمير عبد الفتاح، هند هيثم، والأخيرة شابة في العشرين من عمرها، والإشارة إليها تلفت النظر إلي أن دور المرأة كان غائبا عن عالم الابداع بأشكاله المختلفة لكنها في العقود الأخيرة من القرن العشرين استطاعت أن تحقق شيئا من الوجود اللافت في الشعر والقصة القصيرة، كما في الرواية، حيث شهدت الساحة الأدبية عددا لا بأس به من الروائيات ومنهن شفيقة زوقري صاحبة رواية مصارعة الموت 1970، ورمزية الإرياني في روايتيها القصيرتين ضحية الجشع وقتلنا القات (بدون تاريخ) ونبيلة الزبير في رواية إنه جسدي 2004، ونادية الكوكباني في رواية حب ليس إلا 2006، وإلهام مانع في رواية صدى الأمير، وعزيزة عبد الله في رواياتها الأربع أحلام نبيلة 1997 وطيف ولاية 1997 وأركنها الفقيه 1998 وتهمة وفاة 2002 وهند هيثم في روايتيها حرب الخشب 2004 وأنس الوحشة 2006، و التجارب الروائية الصادرة حتى الآن قد بلغت من خلال الإحصائية السابق ذكرها ما يزيد عن 175 رواية.

المشهد الروائي المغربي
عبد الحميد عقار:
يمكن قراءة رواية بداية الألفية الثالثة بالمغرب في ضوء خمسة مغايرات شكلية أو بنائية تنتظم نصوصها مع ما يقتضيه التحليل من تنسيب واعتبار للتفاوت الطبيعي بين كاتب وآخر بل وبين نص وآخر:
1ـ رواية الذاكرة والتخييل الذاتي، حيث يحتل التذكر وضعا مركزيا فيه، تعاد إضاءة تشكلات الأنا في ذاتها، وفي تواصلها وتصادمها مع المجتمع والقيم والموروث الماض
نبيله الزبير
ي هنا موصول بالتخيل والحاضر مقرون بالسخرية التهكم وتفكيك هشاشته وانهياراته (امرأة النسيان) 2001 لمحمد برادة، (دليل المدي) 2003، (من قال أنا) 2006 لعبد القادر الشاوي، وضمن هذا المغاير تدرج كذلك روايات الأنا، تلك التي تستعيد تجارب الطفولة واليفاعة، أو الشباب والمغامرة، في محاولة لإعادة تمثل تاريخ تشكل الأنا الفردية: تعلق الأمر بنزوع إيروتيكي حسي (الواحة والسراب) 2001 و(حارس النسيان) 2003 لكمال الخمليشي، (بعيدا عن بوقانا) 2007 لعبد الحكيم أمعيوة، أم بنزوع إيروتيكي ساخر بقسوة ومحجوز (عندما يبكي الرجال) 2007 وفاء مليح، أم بنزوع يري في الحب قيمة مولدة للحياة وظرفا ملائما للتأمل المعرفي وتحقيق الذات بعيدا عنة الزيف والقناع،(لحظات لا غير) لفاتحة مرشيد، التخيل الذاتي هنا يقترب في مستوى البناء من رواية التعلم، لأن بطلي الرواية يحققان بحبهما حياة جديدة تتغير معها نظرتهما للذات وللوجود.
2 ـ رواية السيرة الذاتية والمذكرات: وتعد الكتابات السجينة عن سنوات الجمر والرصاص بالمغرب 1960 ـ 1998، مثالا لافتا للنظر في الألفية الثالثة حيث شهد هذه الفترة تناميا في النصوص غير مسبوق، والملاحظ أن جل كتاب هذه النصوص، هم من غير الأدباء، إن معظمهم تعد سيرته أو مذكراته السجنية كتابه الأول وأحيانا الأخير، يتعلق الأمر بكتابات المعتقلين السياسيين أو زوجاتهم في الغالب الأعم. الكتابة هنا هي نوع من التطهر والتخلص من آثار جراح مرحلة الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان ونوع من الشهادة إسهاما في إضاءة حقيقة تلك الانتهاكات وامتداداتها، لكنها لا تخلو مع ذلك من لمسات أدبية فنية تسترعي الفضول وتتيح لها أسباب المتعة والمقروئية، (حديث العتمة) 2001 لفاطمة البوية، (افول الليل) 2004 للطاهر محفوظي، (سيرة الرماد) 2000 لخديجة مروازي، (أخاديد الأسوار) 2007 لزهرة رميج.
3 ـ رواية التخييل الاجتماعي حيث تتوغل الكتابة الروائية في تفاصيل اليومي والمعاش غير المفصولة عن الذكري وعن تفاصيل الماضي والتباساته، (أيام جبلية) 2003 لمبارك ربيع، تفاصيل نابعة من استيهام نقاء الأصل والجذور، وتوهم استعادتها في تسام لا واقعي (نساء آل الرندي) للميلودي شغموم، أو من بروز واقع اجتماعي جديد تفككت روابطه الإنسانية والاجتماعية وأصبحت الشخصيات في انتظار المصير المأساوي المرعب فقط (حشيش) 2000 ليوسف فاضل، أو تفاصيل مواجهة التدهور واهتزاز القيم واستحالة تحقيق الأمكنة خارج أقدارها أو مصائرها المتعاكسة (كتيبة الخراب) 2007 لعبد الكريم جويطي، و(خفق أجنحة) 2002 و(كائنات محتملة) 2002 لمحمد عز الدين التازي، (قلادة وقرنفل) 2004 لزهور كرام، (رائحة الزمن الميت) 2000 لعمرو القاضي، (مصابيح مطفأة) 2004 و(مقابر مشتعلة) لأحمد الكبيري، وهو من كتاب الجيل الحالي وتطغي علي كتاباته مسحة من الحزن والإحساس بالدونية تطبع حركة الشخصيات وسلوكها وحواراتها.
4 ـ رواية التراث والبحث في الجذور وبخاصة من حيث إضاءة جوانب غير معروفة أو تم تهميشها والتستر عليها قصدا لأسباب قيمية أو ثقافية أو سياسية وهو الاتجاه الذي يتواصل بتميز وتؤدة في روايات من قبيل (زهرة الجاهلية) 2003 و(هذا الأندلسي) 2007 لسالم حميش.
5 ـ رواية الحبكة البوليسية نجدها بشكل لافت في (خطبة الوداع) 2003 لعبد الحي مودن، هذه الحبكة موظفة لاستكناه لغز الاختفاء السياسي وتعرية مقاصده وأساليبه وهذه الرواية تتخذ من سنوات الرصاص للسبعينيات خلفية لها وتوظف مع ذلك أحداثا تاريخية أخرى رافقت أو طبعت تلك السنوات هزيمة 1967، الانقلابان العسكريان بالمغرب 1971 و1972، الكاتب ابتعد من المباشرة بفضل أساليب الكتابة والتصوير والاحتماء بالتخيل فأصبح للحبكة البوليسية معني سياسي. صعوبة إدراك الحقيقة والوصول إليها مهما تعمق البحث، هذه الحبكة توجد بشكل احترافي يراعي أصول هذا المغاير الروائي لدي كل من ميلودي حمدوشي (أم طارق) (ضحايا الفجر) 2002، وعبد الإلاه الحمدوشي (الذبابة البيضاء) 2000 و(الرهان الأخيرة) 2001.

المشهد الروائي التونسي
محمود طرشونة:

هند هيثم
لقد قطعت الرواية التونسية أشواطا متعددة في نصف قرن من الكتابة الروائية، فاختصرت المراحل ووصلت في بعض نماذجها إلي منتهي التجريب دون أن تتنكر لبعض الاتجاهات المألوفة، فتعايشت مع نصوص مغرقة في التقليد لا ندري هل بقي لها متلقون يرضون بحدودها، ونصوص أخرى مغرقة في التحديث وكأنها موجهة إلي نخبة من القراء تستجيب لأفق انتظارهم، وتعددت المصطلحات فاختلط التجريب بالتجديد والتحديث بالحساسية الجديدة وهي جميعها تهدف إلي غاية واحدة تتمثل في الإعراض عن المتداول من البني والأشكال وتهدف إلي تجاوزها والاختلاف عنها.
نشر في تونس في الفترة 2001 ـ 2007 ما لا يقل عن 24 رواية يمكن تصنيفها ضمن هذا الاتجاه لكتاب بدأوا مسيرتهم في العشرية السابقة وواصلوها في هذه الفترة إما في الاتجاه نفسه الذي تبنوه منذ بداياتهم مثل محمد علي اليوسفي ونور الدين العلوي وحافظ محفوظ وأما متحولين من الاتجاه الواقعي أو السير ذاتي إلي محاولة التجريب مثل ظافر ناجي ومحمد البردي ومحسن ابن هنيه، وهؤلاء جميعا قد نشر كل منهم أكثر من رواية في المدة الأخيرة أضافوها إلي رصيدهم السابق، إلا أننا نجد في هذه الفترة من نشر رواية أو اثنين لأول مرة فاستهل مسيرته مباشرة بالتجريب مغامرا ومراهنا علي تغيير ذائقة القراء مثل عبد الرزاق الصومالي وجمال بن عمر وكمال الرياحي وجمال الجلاسي وعباس سليمان وعبد الوهاب الملوح ومحمد خريف ومصطفي الكيلاني وغيرهم فكللت جهود البعض منهم بالنجاح في تجربته الأولي وأوغل البعض الأخر في الغموض والتصنع وبقينا ننتظر محاولاتهم الموالية وإن أول ما عمد الكتاب إلي تقويضه مما كان يعتبر من ثوابت الكتابة الروائية هو الزمن فكسروا خطيته وبادروا إلي بنائه بطريقة غير أفقية فاستبقوا واسترجعوا وقدموا بعض الأحداث علي بعض مهما تأخر حدوثها وحولوا البداية إلي نهاية، والنهاية إلي بداية أو إلي حلقة وسطي ضمن مسار مختلف عن مسار الأحداث الطبيعي، بل أكثر من ذلك عمدوا إلي تشظيته وتوزيع شظاياه علي كامل النص الروائي، فاقتضت القراءة اعادة تركيبه بعد تفكيكه وبحثت له عنة دلالة تفسره ذلك لأن القصد من تكسير خطية الزمن أو تشظيته ليس لمجرد الاختلاف بل للتعبير عن تفكك يسود الواقع ويتحكم في صيرورته.

المصدر: elaph.com

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على المشهد الروائي العربي الآن

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
5852

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

خلال 30 أيام
خلال 7 أيام
اليوم