آخر الأخبارعلم وتقنية › مدينة "مصدر" أبوظبي: الطاقة البديلة بالبترودولار

صورة الخبر: مدينة "مصدر" أبوظبي: الطاقة البديلة بالبترودولار
مدينة "مصدر" أبوظبي: الطاقة البديلة بالبترودولار

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وفقاً لما تعلنه التقارير الرسمية الصادرة عن حكومة أبوظبي، وإذا سارت الأمور مثلما "وعدت" به الرؤى المستقبلية، فإنّ كبرى الإمارات العربية المتحدة، ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، بفضل مشروعها الواعد مدينة "مصدر"، التي ستكون وفقاً للأسلوب الذي درجت عليه شركات وهيئات الإمارات "أنظف وأكثر مدن العالم تطوّراً."

وفي انتظار رؤية ذلك بالعين المجردة، في غضون سنوات، يكفي المشروع أهمية أنّه ربّما الأكثر "مردودية ونفعاً" على المدى الطويل، إذا أخذنا بعين الاعتبار الأرباح الخيالية التي تحصلها هذه الدولة النفطية من الارتفاع المهول والفلكي لأسعار الطاقة.

ففيما كان ينتظر أن تذهب أجزاء مهمة من هذه الأرباح إلى مشاريع تهمّ الإنسان بدرجة أولى، وذات فعالية اقتصادية واجتماعية، ذهبت المبالغ الخرافية في استثمارات عقارية، ساهمت بدورها في مزيد من تلويث البيئة والمحيط البري منه والبحري.

فمع جزرها الاصطناعية ومزلج الجليد في محيط لا تقل فيه درجة الحرارة على 50 درجة في الظلّ، باتت دبي تشبه، رغم حداثتها التكنولوجية، أسوأ مثال لما يعده الاقتصاديون "رأسمالية المدرسة القديمة"، التي تجاوزها الدهر، والتي من أبرز مميزاتها نهمها الشديد للطاقة.

أما أبوظبي التي تتوفر لوحدها على 10 بالمائة من احتياطي العالم من النفط والغاز، فقد وضعت نصب أعينها هدف إنتاج الطاقة الشمسية ومن ثمّ تصديرها.

ولذلك فقد أطلقت أبوظبي الاثنين، في نفس اليوم الذي زارها فيه الرئيس الأمريكي جورج بوش، بالتعاون مع "الصندوق العالمي لصون الطبيعة" "خطة عمل التنمية المستدامة" لتطوير مدينة "مصدر"، التي يقول بيان حكومي تلقت CNN بالعربية نسخة منه، إنّها تعد المدينة الأنظف بيئياً.

ووفقاً للبيان، ستكون مدينة "مصدر" أول مدينة في العالم خالية من الكربون والنفايات، والسيارات، حيث تعتمد في حركة النقل والمواصلات بها، على مترو حديث يتوقف كلّ 200 متر.
وسيتم توليد الكهرباء في المدينة بواسطة ألواح شمسية كهروضوئية، في حين سيجري تبريدها باستخدام الطاقة الشمسية المركزة.

وأما المياه فسيتم توفيرها بواسطة محطة تحلية تعمل بالطاقة الشمسية، على أن يتم ري الحدائق التي تقع ضمن نطاق المدينة والمحاصيل التي ستزرع خارجها، بالمياه العادمة بعد معالجتها في محطة خاصة تابعة للمدنية.

والمدينة المبتكرة هي جزء من "مبادرة مصدر"، وتمثل استثماراً متعدد الأوجه في مجال استكشاف وتطوير مصادر طاقة المستقبل والحلول التقنية النظيفة وإنتاجها على المستوى التجاري.

وتقع هذه المدينة بالقرب من مطار أبوظبي الدولي، وتمسح ستة كيلومترات مربعة، يُتوقع لها أن تحتضن 1500 شركة و50 ألف نسمة، مقراً لكبريات الشركات العالمية، وأبرز الخبراء في مجال الطاقة المستدامة والبديلة.

وسيكشف النقاب عن نموذج مدينة "مصدر في 21 يناير/ كانون الثاني، خلال "القمة العالمية لطاقة المستقبل" في أبوظبي، على أن يوضع حجر الأساس لإطلاق أعمال الإنشاء في المدينة خلال الربع الأول من العام 2008 الجاري.

ومن دون شكّّ، فإنّ النتيجة الأولى والبارزة التي ستتحقق، هي أن تكون أبوظبي واحدة من أكثر منتجي النفط (أي الطاقة التقليدية) في العالم، مع صداقة تامة للبيئة.

ويتوقع خبراء أن يكلّف إنشاء المدينة عشرات المليارات من الدولارات، ولكن ذلك لن يُعدّ مشكلة بالنسبة إلى الإمارة، فالمشروع سيتمّ تمويله بالأرباح المتزايدة من النفط.

وتحتل الإمارات المركز الرابع في منظمة أوبك من حيث كمية إنتاج النفط، الذي يصل إلى 2.5 مليون برميل يومياً، ياتي أغلبه من أبوظبي، كما أنها الرابعة والخامسة في العالم، من حيث احتياطي النفط والغاز على التوالي.

ووفقاً للدراسات فإنّ الاحتياطي النفطي يصلح لمدة قرن ونصف القرن في الإمارات، وبالتالي فإنّ الكثيرين يرون من العبث أن يتمّ حرق النفط من أجل إنتاج الكهرباء، في وقت من اليسير بيع البرميل منه بمبلغ 100 دولار على الأقلّ.

غير أنّ الهدف يبدو واضحاً، ففضلاً عن البعد الإيكولوجي، يحتوي القرار على بعد استراتيجي مهم، حيث تريد أبوظبي تنويع مصادر دخلها وهو ما يعترف به مدير شركة أبوظبي لطاقة المستقبل، سلطان أحمد الجابر.

وقال الجابر: "نحن نفكر في المستقبل، وطموحنا هو أن نستمر في لعب دورنا كواحد من أكبر مصدري الطاقة في العالم، ولكن هذه المرة بالطاقات المتجددة."

الطاقة النووية المدنية والغرب

وتزامن إعلان حكومة أبوظبي على المشروع الجديد، مع زيارة أداها إليه الرئيس الأمريكي، الذي اطلع على أجزاء من مشروع "مصدر"، خلال محطته في العاصمة الإماراتية أبوظبي ضمن جولته في المنطقة.

وقال الجابر إنّ بوش أعرب عن إعجابه بنشاطات "مصدر"، مبدياً اهتماماً خاصاً بالشراكات التي أبرمناها مع قطاع الأعمال والمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف الجابر إنّه يتطلع إلى مواصلة هذا الحديث مع وزير الطاقة الأمريكي، سام بودمان، خلال القمة العالمية لطاقة المستقبل الأسبوع القادم، وهو ما يشير إلى أهمية الاستثمارات المالية المتوقعة في هذا المشروع، والذي بدأ يشهد "تكالباً" غربياً عليه.

ومن دون شكّ، فإنّ من أبرز ملفات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال زيارته إلى أبوظبي الثلاثاء، ستكون أيضاً هذه المدينة الجديدة، التي يعترف الفرنسيون بأنهم مهتمون بتوفير "خبراتهم" في المجال النووي لإنجاحها.

وقالت تقارير صحفية فرنسية، غير مؤكّدة، إنّ مستشاري ساركوزي أرادوا إعادة تنظيم برنامج زيارته إلى الإمارات، من خلال اصطحاب الكثير من المسؤولين بكبريات الشركات الفرنسية، وحتى محاولة استباق بوش إلى أبوظبي، للتأكيد على الأهمية التي يوليها ساركوزي، الذي سبق أن صرّح قبل أيام أنّ خزينة فرنسا خاوية.

وعموماً فإنّ العلاقة التي تقول الصحافة الفرنسية إنّها "خاصة" مع الإمارات، ستضمن لساركوزي العودة بمشاريع تناهز عشرات المليارات من الدولارات، مثلما كان الأمر في المملكة العربية السعودية، ناهيك أنّ ساركوزي هو "النسخة الأمريكية" من الرئاسة الفرنسية، وفقاً لمعلقين فرنسيين، وهو ما سيجد قبولاً في منطقة "سبقنا إليها الأمريكيون بأحقاب."

وبدا ساركوزي مدافعاً شرساً عن حقّ دول الخليج في التقنية النووية، في مؤتمر صحفي قبل زيارته إلى المنطقة.

وردّ على صحفي تساءل عن معايير السلامة وهدف دول نفطية من برامج نووية، بالقول: "إنّك كمن تقول هل لأنهم عرب ينبغي أن نتساءل؟.. هذا يعني أنّك تمنح البرنامج النووي الإيراني كلّ الشرعية بطرحك هذا السؤال."

ووفقاً لخبراء فإنّ الإمارات العربية المتحدة هي "أكثر دولة خليجية متقدمة، وأفضلها نضجاً"، فيما يتعلق بهذا الملف، وبالتالي لا مخاوف يثيرها أي اتفاق معها.

ومنذ فترة، أجرت الإمارات اتصالات مع شركات فرنسية أبرزها توتال وأريفا من أجل "ضمان سبل وجود الطاقة لدولة تشهد نمواً اقتصادياً مطرداً، يتطلب احتياطياً كبيراً من الطاقة على المدى الطويل."

وتستضيف "مصدر"، في الفترة من 21 إلى 23 يناير/ كانون الثاني الجاري، الدورة الافتتاحية لـ"القمة العالمية لطاقة المستقبل"، التي ستجمع تحت مظلتها أبرز الشخصيات العالمية من مبتكرين وأكاديميين وعلماء ومستثمرين وخبراء في مجال الطاقة البديلة والمتجددة.

وتقول حكومة أبوظبي إنّ هذا الحدث العالمي يمثل أكبر تجمع على مستوى العالم لأقطاب قطاع طاقة المستقبل، حيث يستضيف قادة العالم لاستعراض الحلول والتقنيات المبتكرة وإقامة شراكات جديدة.

المصدر: CNN

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على مدينة "مصدر" أبوظبي: الطاقة البديلة بالبترودولار

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
3539

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

خلال 30 أيام
خلال 7 أيام
اليوم