|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › اوباما و سياسة الانسحاب والتعويض

اوباما و سياسة الانسحاب والتعويض

بقلم : سليم محسن نجم العبوده ... بالتأكيد ان "اوباما " سوف لن يكون شخص عابر في تاريخ الحكم الأمريكي ومن الأسباب التي تدعوا لذلك كون الناخبو لأول مرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية يختار رجل بمواصفات مختلفة وغير معتادة كون الرجل من أصل أفريقي اسود من أب مسلم ومسالم إلى حد بعيد مما جعل العالم يتفائل بقدومه وبعد ان استلم زمام السلطة في البيت الأبيض اعتمد في سياسته الخارجية وحتى الداخلية على ثلاث معطيات او بالحقيقة ثلاث حقائق وهي :

 

·ان الولايات المتحدة تمر بأزمة اقتصادية وسياسية بل أنها أزمة وجود وان الشعب الأمريكي يعي ذلك جيدا .

·ان خطر تنظيم "القاعدة" على الأمن القومي الأمريكي مبالغ فيه ومضخم بشكل كبير .

·على أساس النقطتين السابقتين فان الشعب الأمريكي قد منح رئيسه "باراك اوباما " امتيازات في أمكانية تغيير العرف السياسي الأمريكي المتبع بأي شكلا من الأشكال يراه هوا مناسبا . وهذا ما يؤكده "جيمس بيكر " بقوله ان الأمريكان بما فيهم ممثليهم في الكونغرس الأمريكي يعلقون الآمال على اوباما لأخرجاهم من الأزمة .

 

و انا على يقين لو ان الولايات المتحد في عهد "جورج دبليو بوش" أفضل حالا ولو بقليل عما خلفه بوش لكانت "هيلري كلينتون " هي من تحكم البيت الأبيض الآن . ولذلك عهد بالمهمة الصعبة الى رجل بمواصفات اوباما . لقد انتهج الرجل سياسة لم تكن بعيده كثيرا عما صرح به خلال حملته الانتخابية الا انه عندما بداء بالحراك السياسي ومن المؤكد قبل ذلك حدد الأولويات في ذلك الحراك ولا يعني انه أهمل بعض القضايا او إرجائها الى وقت لا حق الا انه جاد في محاولة انهاء مشاكل كانت السبب الأساس في الأزمة الأمريكية والتخلص منها على اقل تقدير قبل استلامه لولايته الثانية ومن أهم تلك الملفات الأفغاني و الإيراني و العراقي اما الفلسطيني فهوا أزلي وان كان الرجل يميل بشكل كبير الى حل الدولتين خصوصا وان "هيلاري " هي وزيرة خارجيته وربما عاربة هذا المشروع والمنادين له خصوصا خلال فترة حكم زوجها "بيل كلينتون" .

 

و على الرغم من ان انه لم يعمر بعد ولم يمر على حكمه سوى فترة بضعة اشهر الا ان أهم ما قام به على الصعيد الداخلي هي خطة الحوافز الاقتصادية التي طرحها بقيمة 787 مليار دولار، ولكن رغم حديثه المتواصل عن خفض الأنفاق الا ان العديد من الخبراء الاقتصاديين الأمريكان يقولون بان الميزانية الفيدرالية البالغة 3،55ترليون دولار ستسهم بعجز مالي قدره 1،8ترليون لعام 2009م ناهيك عن مضاعفة الدين القومي خلال العام القادم . إضافة الى ذلك تصريحه بإمكانية إغلاق معتقل "غوانتنامو" خلال هذا العام , الا ان "روس بيكر " أستاذ جامعة "رتجري" انه لايمكن لأي شخص مهما كانت امكانياتة ان يحقق شيئا ملموسا خلال مدة قصير 100يوم من عمر حكمه .

 

اما في الجانب الخارجي فان الحكومة الأمريكية الجديدة بقيادة "اوباما تريد التخلص من دول "فك القرش الأسفل"كما أحب ان اسميها ، وهي العراق إيران أفغانستان و الباكستان و التي جعلت أقدام الولايات المتحدة الأمريكية تنزف دما ومالا بعد ان تشبثت أنيابها بإقدام "المار ينز الأمريكان" .

 

ففي ما يخص العراق ان توقيع الاتفاقية العراقية الأمريكية خففت العبء كثيرا عن" اوباما" حيث انه سوف يعمل على تطبيق الاتفاقية بموعدها مع تصريح ضمنه عبارة "الانسحاب المسئول من العراق "و بالتأكيد ان مجرد تنفيذه لهذا الاتفاق يعد نصرا له على الرغم من ان سلفه "بوش" هوا من وقع الاتفاق الا انه أراد سحب ما يقارب 100ألف جندي من العراق وإرسال ما يقارب خمسين ألف منهم الى أفغانستان حيث يقول ان الإرهاب في أفغانستان وليس في العراق .

 

اما فيما يخص الملف الايراني والذي وضع الهيبة الأمريكية على المحك فان الطلب الملح من قبل" اوباما"لأيران للحوار و حلحلة المشاكل العالقة بينهما خصوصا الملف النووي لم يلقى استحسانا لدى الأمريكان خصوصا وان "جيمس بيكر "عبر عن وجهة نظره في هذا الموضوع بقوله ( ان سياسة الحكومة الحالية تجاه بعض الملفات في أشارة منه الى الملف الإيراني يحط من هيبة الولايات المتحدة في المجتمع الدولي ) في حين ان اشارات الغزل التي تبعث بها إيران الى الحكومة الأمريكية مستمرة وان كانت خجولة بعض الشئ خصوصا فيما يخص تصريح "احمدي نجاد" ا(انه لا يمانع حل قيام دولتين في فلسطين ) الا ان نه في تصريح سابق لقائد الثورة الإسلامية في إيران "علي خامنئي " والذي وصفته "هيلاري بانه مخيب للآمال عندما قال (اننا سوف لن نتراجع عن برنامجنا النووي مهما حدث ) حيث اعتبرت "هيلاري"ذلك التصريح تحديا للإرادة الدولية . الا ان المعطيات على ارض الواقع من ان باراك اوباما سوف يمنح إيران امتياز الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط و تحولها الى شرطي واسع الصلاحيات كما كان سلفها "محمد رضا بهلوي " . كونها سوف تحقق من ذلك مجموعة أهداف أهمها وقف الدعم للتيارات الإسلامية المتشددة مثل حماس وحزب اللة وبعض الجهات التي تعيق العمل الأمريكي داخل العراق و أفغانستان لصالح ايران .

 

اما الملف الأفغاني والمرتبط بشكل كبير جدا بالملفين الباكستاني والإيراني وحتى الهندي .." المستنقع الأفغاني" هوا المشكلة الحقيقية للحكومة الأمريكية الجديدة كون أفغانستان ارض جبلية وعرة وحدود واسعة والحرب فيها حرب عصابات والمدن متباعدة ولذلك فان من الصعب تحقيق النصر في منطقة بمواصفات أفغانستان خصوصا وان "طالبان" يحصلون على الدعم من الداخل ومن جميع الدول المحيطة بأفغانستان الى درجت ان اوباما كان متذمرا للغاية فعندما التقى " حامد كرزاي" قال له بالحرف وأمام الصحافة (ان كان الشعب الأفغاني يريدنا ان نساعده بقينا هنا وان لم يشأ رحلنا ) . فعلا ان "حلف النيتو" بكل جبروته العسكري وإمكانياته لم يستطيع تحقيق النصر على "طالبان" في منطقة "القبائل الحدودية وزير ستان" على الرغم من تعاونه مع الجنرال "مشرف " بسبب حرب العصابات التي تنتهجها مليشيات طالبان التي تعرف كيف تختبئ في حين ان القبائل أخذت تقدم الدعم والمأوى الى "طالبان" خصوصا بعد فشل "حامد كرزاي" من التفاعل مع الشعب الأفغاني وحل مشاكله بل ان حكومة الأخير كانت تعيش عزلة تامة عن الشعب الأفغاني . اما فيما يخص القوات الباكستانية التي تطارد طالبان فلا يعول عليها كثيرا في تحقيق أهدافها وذلك بسبب كون عناصر الجيش اغلبهم من القبائل "البشتونية " وهي ذات القبائل التي تقطن "وزير ستان " وينحدر منها عناصر "طالبان" فمن الصعب ان يقتلوا أبناء جلدتهم . أما بخصوص المخاوف التي تظهرها الباكستان على لسان الرئيس الباكستاني "اصف علي زرداري" فيما يخص احتمال وقوع السلاح النووي الباكستاني تحت أيدي طالبان فهذا ادعاء لا أساس له من الصحة و أنما وتر يعزف عليه للحصول على مزيد من الدعم الأمريكي . لذلك قرر" اوباما " نقل ما يقارب 50-60ألف جندي من العراق لى أفغانستان حيث يبرر ذلك بان نقلهم الى أفغانستان سوف لن يزيد النفقات الخاصة بالدفاع . وفي وجهة نظر جدية للكاتب الباكستاني "طارق علي " في كتابه "المواجهة" في حل المشكلة الأفغانية يقول ان الحل يكمن في الانسحاب الكامل من أفغانستان و أقامة حكومة قومية قوية مدعومة من كافة الأطراف المحيطة والمستفيدة من استقرار أفغانستان مثل الهند والصين وإيران والباكستان .

 

اما الملف الكوبي فبعد الجمود الذي استمر 47عام ما بين الولايات المتحدة وكوبا أرسل اوباما برلمانيون أمريكان الى كوبا لغرض أظهار حسن النية والتطبيع وقد استقبلهم "فيدل كاسترو"الرئيس الأسبق لكوبا حيث يقول(ان في جولة اوباما الخارجية الأولى للعالمتناقضات عديدة الا انها حققت نتائج لا غبار عليها .) وكانت مؤاخذات "كاستروا "تخص دعم "اوباما" لتوسيع حلف الأطلسي في الاجتماع الذي عقد في ألمانيا وفرنسا . وكذلك فيما يخص عدم تخليه عن الدرع الصاروخي في أوربا . علما ان "فيدل كاسترو" تخلى عن السلطة الى أخيه "راؤول" عام 2006م .

 

الا ان "اوباما "في اجتماع العشرين الذي عقد في لندن والذي ناقش الأزمة الاقتصادية العالمية كان اوباما يقول في مؤتمر صحفي ان العالم يأخذ الأزمة بجدية أكثر من ألازم وهذا يعود ربما لسبب خوفه ومن خلفه الولايات المتحدة من توجيه ضربة عالمية للدولار الأمريكي والذي يعد من أسباب الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العالم ومصدر فخر للأمة الأمريكية .

 

مما تقدم نلاحظ بشكل واضح ان" باراك اوباما" ينتهج نهجا سياسيا اقرب لما يمكن ان نسميه" السهل الممتنع"في حل القضايا الشائكة والابتعاد عن التعقيد والبحث عن حلول سريعة على الرغم من ان وجهة النظر هذه لها أسبابها الا أنها لا تخلوا من مخاطر إمكانية فشل السياسة الأمريكية الخارجية . خصوصا وان الحرب في أفغانستان في فشل مستمر وان الحال العراقي لا يدعوا للتفاؤل المطلق خصوصا بعد التدني في الوضع الأمني في الأشهر الثلاث الأخيرة وان خطة التحفيز الاقتصادي غير ملائمة كونها تأخذ البلاد الى المزيد من التضخم و البطالة أخذة في الارتفاع وأسعار العقارات في هبوط . ان الأزمات كبيرة وكثير وان حلها ليس سحري بقدر ما هوا مرهون بالعمل الدءوب والمثابر في البحث عن حلول على المدى البعيد الا ان ما يؤاخذ على "باراك اوباما" انه يطمح للحلول المستعجلة . انه متعصب للولايات المتحدة بشكل كبير ويريد إعادتها إلى الواجهة بشكل مشرق بسرعة كبيرة فهوا في صراع مع الذات والزمن والأزمات .

الكاتب: سليم محسن نجم العبوده

التعليقات على اوباما و سياسة الانسحاب والتعويض

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
68399

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags