|
تقلبات المناخ العالمي

بقلم : د.حمدى هاشم .. أصدرت وحدة البحث والترجمة بقسم الجغرافيا بجامعة الكويت والجمعية الجغرافية الكويتية، موضوع بعنوان: تقلبات المناخ العالمي مظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية (1980)، عن كتاب أمريكي نشر عام 1977 يروج لمجيء العصر الجليدي الجديد وتداعياته، والذي تأسس نشره على دراستين صدرتا عن وكالة الاستخبارات الأمريكية (1974)، الورقة الأولى أعدها مكتب البحوث والتنمية تحت دراسة للبحوث المناخية في علاقاتها بالمشكلات التي تهم الوكالة، والثانية من مكتب الأبحاث السياسية عن اتجاهات النمو السكانيالعالمي وتحليل مستقبلي للغذاء والآثار السياسية في ضوء التغيرات المناخية المتوقعة. وذلك في أعقاب ما تعرضت له وكالة الاستخبارات المركزية من هجوم شديد إثر تورطها في فضائح على الصعيدين الخارجي والداخلي. ومن ثم جنحت الوكالة لوسائل التجميل والتخفي لتغطية هذه الأمور بالتصدي لبعض القضايا العلمية، ذات الصلة بالتغيرات في الظروف العالمية، ولا سيما منها ذات التأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلى مقتضيات ومتطلبات أمنها القومي، ومنها الدراسات المناخية والميتورولوجية.

 

تناولت ورقة العمل هذه المحاولات العلمية المبذولة في رسم الصورة المتكاملة لمناخ الأرض على مدى الخمسين مليون سنة الأخيرة، والتي أوضحت تعرض المساحات القارية في نطاقاتها المناخية المدارية لتغيرات مناخية سريعة ومتتالية، بدأت مع زمن الميوسين منذ حوالي 20 مليون سنة مضت، عندما ساد مناخ الأرض أول عصر جليدي وتوالت بعده عصور أخرى بشكل دوري شبه منتظم، وكانت فترة سيادة العصر الجليدي تدور حول التسعين ألف عام ويتراوح طول الفترة الدفيئة بين كل عصرين جليديين ما بين 10 - 12.5 ألف عام. ويمر كوكب الأرض حالياً بفترة بين جليدية (دفيئة)، بلغت ذروتها الحرارية بين عامي خمسة آلاف وثلاثة آلاف قبل الميلاد، وهى الفترة التي تكونت خلالها أغلب الصحارى الرئيسية بصورتها الحالية كالصحراء الكبرى وصحراء شبه الجزيرة العربية وصحراء منغوليا وغيرها. ومعنى هذا أن تغير المناخ يمكن أن يحدث بصورة درامية ومباغتة، ويشهد بذلك توالى التحول النباتي بمناطق شمال أوروبا من أشجار البلوط إلى أشجار الحور الباردة، وتلتها مرحلة نمو غابات الصنوبر والشربين وانتهى الأمر بسيادة نباتات التندرا. ويؤكد ذلك السيناريو أن كل هذا التحول تم خلال ما لا يجاوز المائة عام، وعليه يزيد الاعتقاد بأن التحول من الدفء إلى التجمد لا يمكن أن يستغرق أكثر من قرنين فقط.

 

وأظهرت هذه الورقة علاقة وارتباط بين سيادة الظروف المناخية لحقبة زمنية وحالة العالم بين الاستقرار والاضطراب، وكذلك مرور العالم المعاصر بفترة دفء معتدلة يلخصها المناخ الأمثل وحالة النماء الزراعي والسكاني والسياسي والصناعي، خلال تلك العقود الممتدة بين عامي1930،1960. وعلى النقيض سادت في المرحلة التي سبقت ذلك الاستقرار أوضاع الاضطراب السياسي والعنف وكثرت الثورات والحروب خلال القرن التاسع عشر، الذي شهد انخفاضاً ملحوظاً في درجات الحرارة بمناطق العروض المعتدلة، بينما انتشرت بمناطق العروض المدارية مظاهر الجفاف والقحط، بالإضافة إلى حدوث فيضانات غير متوقعة. ومع دخول الأرض في عصر جليدي جديد، ستزول كثير مندول نصف الكرة الشمالي نتيجة تحولها إلى أراض جليدية جرداء، قريبة الشبه بتضاريس القارة القطبية الجنوبية. وهكذا ستتعرض مساحات شاسعة للجفاف الشديد بمناطق جنوبي الصحراء الأفريقية وشرقي أمريكا الجنوبية، إلا أن الوطن العربي بنطاق حوض البحر المتوسط ومعه تركيا وإيران سينال حظاً أوفر، نتيجة مروره بحالة المناخ الأمثل، في الوقت الذي سيزيد فيه معدل سقوط المطر بصحارى أفريقيا وجنوب غربي أسيا. هذا وظهر نتيجة تزايد معدلات التلوث الصناعي في العالم سيناريو مضاد، في العقد الأخير من القرن العشرين، يتبنى نتائج دراسات ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

 

إن التغير المناخي لظاهرة الانحباس الحراري بالطبقة السفلي من الغلاف الجوى للأرض تختلف عن تغيرات الأحقاب الجيولوجية لكوكب الأرض. ويتبع بذلك سيناريو حالة التسخين الظاهري واستمرار مرحلة الدفء العالمي وذوبان الجليد وطغيان الماء على البر وتغير النطاقات المناخية وتزحزح حزام الأمراض والأوبئة في نصفي الكرة الأرضية. ومن هنا توالت علينا خروج أفلام الخيال العلمي من هوليود ومعها القوى الناعمة لترويج تجارة التغير المناخي، واجتمعت أغلب دول العالم في اليابان لتقر مبادئ معاهدة كيوتو (1997) والتي رفضتها الولايات المتحدة باعتبار تعالى النموذج الاجتماعي الأمريكي غير القابل للتدخل الخارجي. وقد اعتبرت هذه المعاهدة أن الهواء سلعة على المفاوضات حول المناخ فكانت وراء ظهور التجار الجدد لمادة ثاني أكسيد الكربون من مجموعة الغازات الدفيئة المتسببة في الانحباس الحراري ولا سيما أن الاعتبارات السياسية لتلك الدول ما هي إلا انعكاس للتقييم التجاري بمعرفة المجموعات الكبرى المالية. هذا ونحن في انتظار مؤتمر كوبنهاجن (ديسمبر 2009) الخطوة التالية لإطلاق معاهدة عادلة وملزمة لإدارة الأزمة الشاملة للتغير المناخي وحل معضلتها في المصادقة عليها وتبنى العمل بها من قبل الولايات المتحدة والصين باعتبارهما أكبر دولتين تتسببان في الانبعاثات الغازية.


نبذة عن الكاتب:

 

دكتور حمدي هاشم .. باحث وكاتب علمي، خبير عمران بيئي ضمن خبراء الهيئة العامة للتخطيط العمراني بمصر، وعضو شعبة البيئة بالمجالس القومية المتخصصة ولجنة الجغرافيا بالمجلس الأعلى للثقافة، وكذلك عضو عامل بكل من: الجمعية الجغرافية المصرية، جمعية الارتقاء بالبيئة العمرانية، الجمعية المصرية للتخطيط العمراني، الجمعية المصرية للتشريعات الصحية والبيئية، جمعية تنمية الإنسان والبيئة في إفريقيا والجمعية المصرية للتصوير الفوتوغرافي، وعضو مجلس إدارة جماعة الرواد. محاضر بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس والمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة. خبير العمران البيئي بشركة جماعة المهندسين الاستشاريين.

الكاتب: د. حمدي هاشم

التعليقات على تقلبات المناخ العالمي (2)

محمد فايد عثمانSunday, February 14, 2010

أقول للأخ الأستاذ / حسن إلهامي محمود ، بعد أن أحييه وأحيي غيرته على العلماء العرب ونتاجهم العلمي :
إن العالِم ( بكسر اللام ) ينبغي عليه أن يعمل لعلمه وبعلمه خالصاً مخلصاً لوجه الله تق\عالى ولا ينتظر أجراً ولا تكريما أو ثواباً من أحد ، وهذا مانراه بل ونعلمه عن :الدكتور/ حمدي شاهين الخبير العالمي في الدراسات البيئية. تلك ملاحظتي الأولى إشارة إلى قول سيادتكم أن رأياً لعالم مصري حجب . أما الملاحظة الثانية فهي أننا ينبغي أن نتريث (نتمهل) قليلاً قبل أن نصفق لنظرية المؤامرة ، ولعل في مقال الدكتور حمدي شاهين مايؤكد نظرة العالم وتريث الأريب ، وإنني أربأ بك يا أخي الفاضل وقد اطلعنا على علمك المنبيء عن تفكير علمي سليم أن تجزم أو تقطع بأن الحتباس الحراري خدعة أو تمثيلية ....الخ كما يروج البعض .
الأمر ينبغي ألا يخرج عن كوتنه رأي ورأي آخر ولكل أدلته تحياتي والله الموفق

حسن الهامي محمودMonday, January 4, 2010

التغيرات المناخية موضة غربية ترتدي حلة العلم بينما ما يؤكد ان الامر مجرد توقعات لا ترقي الي مستوي اليقين ، ان من يدعون اتجاه الارض نحو السخونة ان الولايات المتحدة كل يوم تواجه اعاصير و رياح و فيضانات تؤدي الي غرق مدن كاملة واجراءات طوارئ مفاجئة وضحايا و سيارات غارقة و بيوت مهدمة و خيام ايواء و سيارات اسعاف و عربات مطافئ ... وحرائق غابات ، أن علم الغرب لم يرقي بعد لكي يتنبأ بدقة لما يمكن ان يحدث خلال ايام فما بالنا بخلال سنوات ... لست متخصصا و لكن التغيرات المناخية بصورتها الدعائية لم تحول دون اعاصير سواء في امريكا أو اندونسيا أو بنجلاديش الكل امام الطبيعة سواء تقدما و تخلفا ... ما جاء في مقالة الدكتور حمدي يؤكد التباين الكبير ، أما ان تسويق الاحتمالات فانه اداة لسرقة وابتزاز الفقراء في الجنوب سواء كانوا دول تخلف أو مجتمعات امية علما وفكرا و ثقافة ... وذلك لا يعني انني مع أو ضد ... لكن هذه مجرد احتمالات يقابلها احتمال اخر باتجاه الارض الي البرودة وهو ما جاء بمقال الدكتور حمدي .. انه الاستغلال لامية الشعوب باسم وتحت عباءة العلم و التكنولوجيا ... يأهل الجنوب انظروا الي ما يحدث من تغيرات طقسية في الولايات المتحدة وسوف تروون كم هي حجم المفاجأة و الطوارئ التي تصيب الولايات المتحدة و تربكها من رئيس الي عمدة الي مواطن .

وعندما تناولت BBC الموضوع في برنامج عرض مؤخرا تحت عنوان تقصي الحقائق استبعدت من الحوار رأي عالم مصري معروف بانه يتوقع البرودة ، لماذا ؟ ليكن علما نعم لكنه احتمال يقابله احتمال اخر الا ان احدهما يلقي حملات ترويج وكأنه الاحتمال الوحيد ... وهذا ليس علما

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
97480

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags