|

مقالاتالبيئة والتنمية - مقالات في البيئة والتنمية › موسم الخريف وأثره على صحة الإنسان والبيئة

موسم الخريف وأثره على صحة الإنسان والبيئة

بقلم : د.حمدى هاشم ... لا شك أن فصول السنة المناخية تؤثر بصورة متفاوتة على صحة الإنسان والبيئة، وأن الفصل الانتقالي بين الصيف والشتاء يظل الأغلب بينها في مخاطره الصحية والبيئية، حيث يشهد فصل الخريف تغيرات حادة وسريعة بالطبقة الجوية لسطح الأرض، ولاسيما في النصف الثاني منه، مما يؤدى إلى ارتفاع حالات عدم الاستقرار في الطقس، علاوة على انخفاض شدة الإشعاع الشمسي وقصر ساعات النهار مع حركة الشمس الظاهرية من خط الاستواء إلى مدار الجدي. وأن هناك ارتباط قوى بين تأثيرات موسم الخريف الفصلية والحالة المزاجية والصحية للإنسان، حتى أصبح الصمود البيولوجي والتكيف البيئي خلال زمن الحضور الخريفي أحد مؤشرات صحة جهاز المناعة الطبيعية لجسم الإنسان. ناهيك عن تكاثر السحب الممطرة، المنخفضة والمتوسطة، مع ملاحظة نشاط الرياح المتربة على بعض المناطق الجنوبية والشمالية وسيناء والبحر الأحمر، وأن سقوط المطر في الخريف يأتي مفاجأة وبكميات ضخمة قد تؤدي إلى حدوث السيول شديدة الضرر بالمناطق العمرانية، وآخرها سيول نوفمبر 1994 التي خلفت خسائر في الأرواح والممتلكات بجنوب مصر. ولما كانت الحالة الجوية في النصف الأول من فصل الخريف تتميز بالاستقرار النسبي خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، مما يساعد على زيادة تركيز الملوثات قرب سطح الأرض نتيجة الحرق العشوائي للمخلفات الزراعية والقمامة، علاوة على التزايد الرهيب في أعداد السيارات ونواتجها من العوادم والدخان، وقد تلازم حدوث تلك الظاهرة الجوية فوق القاهرة ومناطق متفرقة من الدلتا في هذا الوقت من السنة والتي اشتهرت بالسحابة السوداء.وهى ظاهرة تشهدها كثير من الأودية والمدن بالمناطق الحضرية في العالم، وأن تكرار ظهورها فوق العاصمة المصرية يرتبط بخصوصية موقع المدينة الطبوغرافى وانخفاضه بين مرتفعات هضبة المقطم.

 

ثبت أن دروع البيئة تظل تدفع التلوث عن أنظمتها الطبيعية ما دامت قادرة على تحقيق التوازن، ولكنها قد تتعطل أو تعجز من جراء تلك الانبعاثات الدائمة والمستمرة من الأنشطة الاقتصادية للإنسان ولا سيما الصناعات الملوثة للبيئة. ويعود تكرار هذه الظاهرة البيئية الموسمية (منذ خريف 1999) ونوباتها الحادة من الهواء الدخاني الملوث،في أثناء ساعات الليل والنهار الباكر، لوضع وحجم الملوثات الغازية بين حالتا الركود والانتشار بواسطة حركة الرياح السطحية، وتزيد تلك الظروف الطبيعية والبشرية من حدة الأزمة البيئية داخل نطاقها العمراني، عندما تتهيأ فرصة حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، بما تصنعه من حاجز ومانع لطبيعة التبادل الحراري بين طبقات الجو المختلفة فتعزل بذلك الطبقة القريبة من سطح الأرض عما فوقها مما يؤثر على نوعية وجودة البيئة وصحة الإنسان. والشاهد تزايد احتمالية إصابات الجهاز التنفسي والعيون والجلد وكذلك حالات الصدر والقلب التي تستقبلها أقسام الطوارئ بالمستشفيات، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الحوادث المرورية نتيجة انعدام الرؤية وتأثير حالة الجو الدخانية على سلوكيات مجتمع الطرق والمواصلات. وبذلك تؤثر حالتا الطقس والمناخ خلال فصل الخريف على الصحة العامة والنفسية والجهاز المناعي للجسم، الأمر الذي يزيد من احتمالية الإصابة بكثير من الأمراض والأوبئة ومنها نزلات البرد والحساسية والربو الشعبي، وفى الآونة الأخيرة مرض أنفلونزا الخنازير.

 

 

أعلن مكتب منظمة الصحة العالمية الإقليمي لدول شرق المتوسط ، قبرص وإيران وأفغانستان وباكستان والدول العربية فيما عدا الجزائر، أن المملكة العربية السعودية قد تصدرت دول الإقليم مع بداية فصل الخريف من حيث نسبة الإصابة وعدد الوفيات بأنفلونزا الخنازير، والخوف من تفشى ذلك الوباء بين الحجاج لاقتران ميقات حج هذا العام (2009) من الناحية المناخية مع ذروة تقلبات الجو في الخريف واقتراب حلول فصل الشتاء، وأن الحشود البشرية مختلفة الجنسيات والسلوك الجغرافي تمثل خطورة بالغة في انتشار المرض رغم رفع درجة الاستعداد الوقائي واتخاذ الإجراءات المناسبة. ويندرج تحت ذلك التلاحم البشرى في الاحتفالات الدينية ووسائل المواصلات العامة والمدارس والجامعات ودور عرض الأفلام والمسرحيات، الأمر الذي يستلزم الحذر واتخاذ تدابير الصحة الوقائية ونشر ثقافة النظافة العامة ودعم إعلان كيف تغسل يديك بالماء والصابون وغير ذلك من التوجهات الصحية على المستويين المحلى والإقليمي. وحيث إن الجغرافيا السلوكية تهتم بالنمط السلوكي والأنشطة السلوكية التي تؤثر فيها الظواهر الخارجية، فيجب عمل خطة دفاع واحتواء على مدار ساعات اليوم بالأماكن المتوقعة لانتشار أنفلونزا الخنازير، وليس الحل في غلق مجالات أنشطة الإنسان والتعامل مع الظاهرة بالتهويل والخوف السلبي بقدر التفعيل الإيجابي لشبكات العمل الاجتماعي القومية للتنبؤ والتحكم في انتشار المرض والقيام بدورها الوطني.

الكاتب: د. حمدي هاشم

التعليقات على موسم الخريف وأثره على صحة الإنسان والبيئة (3)

حسن الهامي محمودThursday, December 3, 2009

يركز الكاتب علي الاحداث البيئية من منظور الخبرة الجغرافية فيصبح المقال تصوير عميق للمكان و الانسان و البيئة ، وفي هذه المقال يطرح مفهوم غير مألوف وهو الجغرافيا السلوكية ليزيد من دقة ومتانة الترابط ما بين الانسان و المكان و التغيرات البيئية و الجوية بل و المناخية ... في انحياز واضح لقضية البيئة ليست قضية منفصلة بل باعتبارها قضية ذات ابعاد متعددة مرتبطة بالانسان و الزمان و المكان

عصام عوض عيسىMonday, November 30, 2009

لااملك غير انى اشكر عالمنا الكبير وارجو من الله ان يكون مثله كثير فى عالمنا العربى

حسن الهامي محمودThursday, November 26, 2009

جدير ان ندقق في تاريخ المقال و هطول الامطار الغزيرة في مني وعرفات بعد ذلك بنحو أسبوع ثم رصد لانفلونزا الجديدة في المملكة العربية حيث تجري مناسك الحج ... المقال يطوف بنا في رحلة خريف الي رصد الامس وتوقع الغد علي اسس علمية تأكدت من واقع قريب ، دائما ما يكون الدكتور حمدي علي وفاق لتناول تطبيقات علمية ترصد وتحلل وتتوقع وتوصي ... لم اقرأ لسيادته مقال دون خاتمة بحلول و توصيات

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
58583

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags