|

مقالاتتنمية بشرية - مقالات في التنمية البشرية › تكلَّم . فأنتَ تملكُ صَوتًا!

تكلَّم . فأنتَ تملكُ صَوتًا!

تكلَّم .. فأنتَ تملكُ صَوتًا! بقلم: أماني سعد-عرب نت فايف

لعلك مقتنعٌ بأنَّ لديك أسبابًا وجيهة جدًا لكي تصمت ولا تتكلم .. وقد تكون محقًّا فيما تعتقد، وقد أتفق معك أيضًا على أن الصمت أحيانًا قد يكون أفضل من الكلام؛ ففي الصمت مزايا وفوائد كثيرة قد نفقدها بالكلام .. فالصمتُ كما يُقال: هيبة من غير سلطان، وزينة من غير حلية، وستر للعيوب، واستغناء عن الاعتذار لأحد.. إلا أن الكلام - وليس أى كلام - بل الكلام الطيب والعاقل والنافع الذي يُدخِل السرور على قلوب الناس، ويزيد الألفة بينهم، ويساعد فى حل المشكلات، ويُقرّب وجهات النظر، ويصلح بين المتخاصمين .. هذا هو الكلام الذي أقصده، هذا هو الكلام الذي تحتاج لقوله ونحتاجه جميعًا منك.

فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لايستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيمَ قلبُه، ولا يستقيمُ قلبُه حتى يستقيمَ لسانُه".


تكلَّم .. فأنت تملك صوتًا

تكلم لتصنع العلاقات الناجحة والمثمرة

دعنا نتعرف بدايةً على الكلام، فالكلام ثلاثة أنواع: كلام الشر وكلام اللغو وكلام الخير. فكلام الشر: هو كل كلامٍ يسبب الضرر كالفحش في القول، والغيبة والنميمة والزور، وهو كلامٌ محرمٌ شرعًا ومرفوضٌ عُرفًا، وكلامُ اللغو: وهو الكلام الذي لايضرُّ ولا ينفع، وهو غير محرم لكن يُفضَّل تركه، وكلامُ الخير: وهو ذلك الكلام الذي ينفعك في الدنيا والآخرة .. وهذا الكلام هو الكلام (الحسن – الطيب – النافع) وهو ما تحتاجه باستمرار لصناعة العلاقات الناجحة والمثمرة.

لذا من اليوم إذا أردت الفوز بالعلاقات الطيبة طوال مشوار حياتك .. التزم أمام نفسك أن يكون أكثر كلامك من الكلام الطيب الحَسن. استخدم صوتك من هذه اللحظة في إفشاء السلام على كل من تراه .. في مواساة قلبٍ حزين .. في تقدير جهود الآخرين .. في التعبير عن الحب .. في شكر كل من ساعدك .. في شكر نعم الله عليك .. في التلطُّفِ مع زملائك .. في تشجيع أبنائك واصدقائك وعائلتك، ورفع معنوياتهم .. في الإصلاح بين المتخاصمين .. في إدخال السرور على الصغار والكبار وجميع أحبائك.

ولأن كلماتِك رصيدُك عند الآخرين؛ فانتبه من اليوم لكل كلمة تصدر منك .. فرُبَّ كلمةٍ طيبةٍ تنطقها تُكسبك علاقةً ثمينة .. تلمس أثر نفعها طوال حياتك، ورُبَّ كلمة سيئةٍ تنطقها قد تطيح بعلاقة عزيزة عليك .. وتمحو برعونتها تاريخًا طويلاً من الود والصداقة. لذا لا مناصَ من أن تُقرر فورًا ومنذُ الآن الانتهاء عن كافة كلام الشر الذي يضر بك وبالآخرين، وتمتنع كذلك عن الكلام الذي ليس له داعٍ أو فائدة .. فهو مضيعةٌ لوقتك وحياتك، قال الحسن البصري: "يا بنَ آدمإنما أنت أيامٌ، كلّما ذهبَ يومٌ ذهب بعضُكَ".

ولأنك تدرك الآن أنك تستطيع التأثير في الآخرين عَبر كلماتك، فاعتزم - قبل أن تُحرك لسانك لتتكلم - أن تفكر قبلها وتختار كلماتك بعنايةٍ فائقة. واستثمر دون توقف كلامك الطيب لكسب العلاقات الجديدة؛ ولإصلاح كافة علاقاتك القديمة. فقد بُحنا لك بالسر الذي يجعلك تكسب رصيدًا هائلاً من العلاقات الناجحة والمثمرة، ألا وهو الكلام الطيب الحَسن.

 

تكلم .. فأنت تملك صوتًا

تكلم لتحصد الحسنات وتزرع مكانك في الجنة

إنك تملك لسانًا ذاكرًا يحب ذكر خالقه، فحركه دائمًا بذكر الله تعالى .. احصد الحسنات في كل مكان تقف أو تمشي فيه أو حتى تنتظر فيه، لا تترك مكانًا إلا وعطره بذكر الله تعالى.. كل ثانية تمضى لا تذكر فيها الله تخسر أجرَها وتفقده من ميزان حسناتك، كل دقيقة تمضى ضياعٌ لفيض الرحمات التى يُغدقها عليك ربك بذكره.

وقد وصَّى سيدُنا ابراهيم (أمةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم) بالذكر، وذلك عندما صعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء في ليلة الإسراء والمعراج. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أُسري بي فقال: "يامحمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان، وأن غرسها (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر). وأفضل الذكر ثوابًا ما يكون بالقلب واللسان معًا، فهو الذكر الذي يدعو إلى المراقبة، ويزيد محبتك ومعرفتك بخالقك، ويشدك بعيدًا عن المعاصي والسيئات مخافةَ اللهِ تعالى، ويقربك أكثر من فعل الطاعات.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والورق "الفضة"، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: "ذِكْرُ الله تعالى".

لهذا تكلم وأذكر الله .. تكلم فما أثمن مدخراتِصوتك إذا نطق بذكر الله .. تكلم وازرع مكانك في تربةِ الجنة الطيبة، وتقرب لخالقك بأفضل الأعمال التي يحبها تعالى. وأفضل الذكر "لا إله إلا الله".

 

تكلم .. فأنت تملك صوتًا

تكلم لتورث علمك وخبراتك ومهاراتك للجيل القادم

أؤكد لك أن صوتك ثمين .. فتعليم العلم يجعل كلامك كنزًا.. كنزًا مليئًا بالمعلومات والمهارات والخبرات القيمة، والتي تستطيع أن تمنحها للناس فترشدهم وتوصلهم بها لأقصر طرق النجاح في الحياة.

فتعليمك الآخرين سيحفزهم على البذل والعطاء، ولسوف يضاعف ويصقل مهاراتهم وخبراتهم في العمل، إذ سيوفر عليهم إهدارَ الوقت والجهد والمال فى التجارب الكثيرة والإخفاقات، ويزيد من إنتاجيتهم، ويرفع كفاءتهم، وينمي روح التعاون فيما بينهم، ويقلل كذلك التكاليف، ويزيد من الأرباح .. فينهض بالعباد وباقتصاد البلاد. كما أنه صدقة جارية لك في الدنيا وميراث علم نافع تتركه خلفك؛ ليحصد لك الرحمات في الآخرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا مات ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث‏:‏ صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتَفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له‏"‏. ‏وقد تقول لي: ليس لدي من العلم ما أنقله لغيري، وهذا كلام يُجانبه الصواب .. فليس منا مَن لا يملك علمًا يستطيع منحه لغيره!

فإذا كنت موظفًا في مصلحةٍ حكومية؟ علّم من تحت يدك المهام والإجراءات وكيفية إنهائها بسرعة وكفاءة؛ لتسهل مصالح الناس. وإذا كنتَ بائعًا في محل؟ عامل الناس معاملةً حسنة، وراعِ ضميرَك عند البيع لهم، ليقتدي بأخلاقك العاملون معك، ويستحي من تقواك من تنقصه التقوى. وإذا كنت طبيبًا شابًّا واصل التعلُّمَ واجتهد في معرفة كل جديد في تخصصك، وتمسك بأخلاقيات المهنة، لكي يتعلم منك زملاؤك مدى أهمية الاستزداه من العلم والالتزام.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملةَ في جحرِها، وحتى الحوتَ في بحرهِ، لَيُصَلُّون على معلمي الناس الخير‏"‏.


تكلم .. فأنت تملك صوتًا

تكلم لتعبر عن حبك وودك لأسرتك ومحيطك

ما أقسى البخل حين يصل لأبعد من حده .. فيصبح حتى في "الكلمات"! وليس العجيب أن يكون منا الشحيح بماله، وهو مَن يملِك مالاً كثيرًا ولا ينفقه على أسرته ومحيطه من المحتاجين، لكن العجيب حقًا أنَّ فينا من يملك "لسانًا ناطقًا" ولم يُفكر ولو لمرة في تحريك لسانه بطيب القول ليُحسن لأهلِه ومَن حولَه ولو بكلمات!

فقد ينتظر منك في هذه اللحظة والداك أو صديقك أو أبناؤك أو زوجك أو إخوتك هذه الكلمات الودودة، والتي فيها من الاهتمام والمحبة ما يُسعد قلوبَهم ويرفع معنوياتهم ويداوي جراحَهم.. ويزيد من قدرتهم على مواجهة مصاعب ومشاق الحياة اليومية.

لذا قَرِّر أن تكون كريمًا في قولك من اليوم، أنفِق من لسانك وباستمرار كلمات المحبة والتراحم فى كل فرصة. كلم "أمك" وقل لها كم هي غالية عليك وقريبة لقلبك، ادعم المريض بكلمات المواساة وادعُ له بالشفاء، أدخِل الفرحة على قلب ابنتك وقل لها كم تبدو جميلة كالقمر، وكم أنت محظوظ بوجود هذا القمر فى حياتك.

انثر من اليوم كلماتك الجميلة في أذن كافةِ أحبائك .. أدخِل السرور عليهم، ادعمهم، شاركهم أفراحهم وأتراحهم، طمئن قلوبهم، ارفع من معنوياتهم. واعلم أن كل كلمة طيبة تُحسن بها إليهم يشكرُها الله لك، وتجدها فى حياتك تيسيرًا ونفعًا وراحة. وأعطِهم هذه الكلمات الطيبة ساعة حاجتهم إليها، وفي الوقت الذي يرغبونه هم .. لا الوقت الذي ترغبه أنت.

من هذه اللحظة قرر إذا أحببتَ أن تجود في كل كلماتك بالخير .. ستحب حينها نفسك الودودة الطيبة وتحترم ذاتك، وسيحبُّك الآخرون لأخلاقك الحسنة، وتنال السمعة الطيبة، وسيحبك الله لكثرة صدقاتك بالقول.

تكلم الآن .. تكلم فى كل وقت .. فما أكرم لسانك المتصدق في كل لحظة بطيِّب الكلام!..

تكلَّم .. فأنتَ تملِكُ صَوتًا.

بقلم: أماني سعد - كاتبة فى فنون إدارة الحياة

www.AmanySaad.com

جميع الحقوق محفوظة للكاتبة أمانى سعد، لا يمكن نسخ أو نشر هذا المقال فى مواقع أخرى إلا بإذن كتابي من الكاتبة، وغير ذلك يعرض صاحبه للمسائلة القانونية، والتعويض عن الأضرار.

الكاتب: أماني سعد - AmanySaad.com

التعليقات على تكلَّم . فأنتَ تملكُ صَوتًا!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
43539

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags