|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › عزيزى إبراهيم محلب

عزيزى إبراهيم محلب
بقلم: ثروت الخرباوي ... هذه رسالة مستعجلة لرئيس وزراء مصر المهندس إبراهيم محلب، لا أرسلها له على يد محضر، ولكن أرسلها له على يد صحيفة، وأبدأ رسالتى بما يبدأ به البعض رسائلهم فأقول. أخى العزيز المهندس إبراهيم محلب، أتمنى لك كل الخير فأنا أعلم أن طريقك محفوف بالصعوبات التى تنوء بحملها الجبال، ولكننى أدعو الله أن يجعل النجاح حليفك، أما بعد، فإنك علمت من ضمن ما علمت أن جماعة الإخوان ظهرت على الأمة منذ أقل من قرن بقليل، وقد استطاعت أن تحصل على شعبية بين الناس على زعم أنها جماعة تدافع عن الدين، ثم سرعان ما وضعت هذه الجماعة خطاباً دينياً متعسفاً مغلوطاً لا يعرف إلا العنف والإرهاب بادعاء أن العنف هو الجهاد ! وكان أن مارست الجماعة عمليات اغتيال وتفجيرات متعددة، وحينما ارتكبوا هذه الجرائم خرج منهم من خرج لينفى صلة تلك الجماعة بهذا الإرهاب ويقول: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين.

وبعد سنوات عديدة وتحديداً عام 1992 ظهر مأمون الهضيبى أحد قادة الإخوان ليقول إن الجماعة كانت تتعبد لله بأعمال النظام الخاص قبل ثورة يوليو ـ التفجيرات والاغتيالات ـ ورغم أننى ومعى ثلة من العارفين قمنا بتحذير الأمة عبر سنوات من هذه الجماعة ومن إرهابها إلا أن عدم وجود مواجهة فكرية لها جعلت الساحة خالية إلا منها، إلى أن ظهر للأمة بجلاء أنها جماعة إرهابية استطاعت أن تتمدد وتملأ فراغاً كبيراً فى الأمة سببه عدم وجود مشروع قومى وفكرى تجتمع عليه الأمة، حدث هذا رغم أنه لم يكن للإخوان المسلمين مشروع سياسى للحكم، بل بعض تصورات مشوهة من هنا ومن هناك انتزعوها من سياقها ووضعوها فى برنامج حزبهم فى خليط متنافر وقالوا إن هذا هو مشروع أو نظام الحكم ذو المرجعية الإسلامية !! وعلى مدار وجودها ظلت جماعة الإخوان لا تحمل تصورا واضحا لمعنى الشعار الذى رفعوه «الإسلام هو الحل» إذ انطلقت جماعة الإخوان فى بدياتها السياسية من فكرة «الضد» وفكرة «الضد» هذه تعنى أنهم يرفضون تصورات الحكم وفلسفات الإدارة كلها بزعم أنها تخالف الإسلام، لذلك نستطيع وصف تراث حسن البنا وأفكاره بأنه تراث «ناقد ورافض» دون أن يقدم لنا تصورات محددة ومشروعاً إسلامياً واضحاً ودون أن يؤصل لسبب الرفض والنقد اللهم إلا من بعض عبارات تفيد أنه يظن أن المجتمع كله وقع فى براثن الكفر.

فقد رفض البنا «الديمقراطية» وتهكم على «الرأسمالية» وشن حرباً على «الاشتراكية» واعتبر الليبرالية خروجا عن الدين، وهاجم الحزبية فى كل صورها، ومن بعده ظهر فكر سيد قطب الذى رفض كل الأفكار والمناهج الأرضية واعتبرها أفكاراً خرجت من بوابة الكفر وعاشت فى أرضية الجاهلية التى اعتبرها أخطر من الجاهلية الأولى بل إن سيد قطب وضع دستوراً للجماعة هو كتابه «معالم فى الطريق» الذى وضع فيه رفضه لكل اجتهاد بشرى فى الحكم مستدلاً على ذلك بقوله سبحانه وتعالى «إن الحكم إلا لله» وبالتالى أصبح رجال الإخوان الذين يؤمنون بأفكار سيد قطب هم الفئة المنوط بهم الحكم باسم الله.

والسؤال الذى يطرح نفسه هو ما هى الفكرة الإسلامية التى يعوّل عليها الإخوان والتى يجب أن يقاطع الأخ بسببها كل المجتمع ويهجره؟ لن تجد شيئاً فى رصيد الإخوان يشير إلى ذلك إلا أن المتتبع لطريقة الإخوان يجد أنهم يعتبرون أنفسهم هم الإسلام وبالتالى تكون معارضتهم هى معارضة للإسلام .

المهم يا سيادة رئيس الوزراء أصبح هذا الفكر الفارغ هو الفكر الذى استولى على عقول فارغة، ووقع كثير من الشباب فى المصيدة، ذلك أن الناس يحسنون الظن بالذى يطلق لحيته ويتحدث عن الدين، إذ لا يتصور أحد أن صاحب السمت المتدين من الممكن أن يرتكب الفواحشن، ولكن الذى رأيناه من أولئك الذين تحدثوا عن الدين، لا علاقة له بالدين، وكان الكذب والخديعة هو دينهم ومنهجهم، رغم أن المسلم لا يكذب، ولكن جماعة الإخوان المتطرفة استخرجت من كتب الفقه أشياء تصلح لها وقامت بتفصيلها على مقاسها، بما يعرف بتلبيس الدين طاقية غير طاقيته، وأصبح هذا التلبيس هو مشروعها الفكرى، والمشاريع الفكرية الساقطة لا يمكن أن يتم هدمها ونقضهاعن طريق المواجهات الأمنية.

نأتى إلى مربط الفرس، إذ لعلك تعلم يا رئيس الوزراء أن الأمة منذ أن اُبتليت بهذا المشروع التكفيرى الفاسد لم تقف منه موقف المواجهة، حتى عندما أدركنا خطره أدارت الحكومة السابقة له ظهرها، وكأنه لم يكن، ولم تكن من ضمن خطتها الرد على تلك الأفكار أو وضع تصور لاستنقاذ الشباب منها، ولأن الجهود الفردية لا تغنى شيئاً ولن تستطيع وحدها المواجهة لذلك يجب أن يكون هناك مشروع قومى تتبناه الأمة، يحتوى على خريطة الإنقاذ والمواجهة، سواء فى التعليم أو الإعلام أو الثقافة، على أن تكون هناك مؤسسة تدير مشروع الاستنقاذ والمواجهة، ولعلك تذكر يا سيادة رئيس الوزراء أن مصر عندما أرادت أن تبنى السد العالى وأصبح مشروعاً قومياً أنشأت له وزارة، فهل نرى على يديك مؤسسة أو هيئة أو وزارة تكون لها صلاحيات مواجهة المشروع التكفيرى الفاسد الذى نعانى منه ومن تبعاته؟! افعلها يا عزيزى والأجر والثواب على الله ولا تنتظر توجيهات الرئيس إذ يبدو أنكم تحملون الرئيس فوق ما يحتمل، وأرجو ألا تحدثك نفسك بأن مؤسسة الأزهر تقوم بالواجب، فالذى ثبت للأمة كلها هو أن الأزهر جزء من المشكلة، ولا تنتظر من الجزء أن يبادر بإصلاح الكل، وكان الله فى العون

الكاتب: ثروت الخرباوي

التعليقات على عزيزى إبراهيم محلب

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
42268

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags