بقلم : مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
يقول أبو القاسم الشابي :
إذ الشعب يوماً أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي *** ولا بد للقيد أن ينكسر
إذا ما طمحت إلى غاية *** ركبت المنى ونسيت الحذر
ومن يتهيّب صعود الجبال *** يعش أبداً بين الحفر
ليسمح لي أبو القاسم الشابي هذا المساء أن أسطو على كلمة الشعب في مقطوعته فأحذفها من قاموسها ، وأدون مكانها : " الإنسان " ليكون البيت :
إذا الإنسان يوماً أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر .
وعذراً أيها الشابي فإن الشعوب لا يمكن أن تريد الحياة أو تطمح فيها ، أو تهفوا إلى معانيها الحقيقية وأفرادها دون إرادة أو عزيمة
إذا الإنسان يوماً أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر
نعم إذا أراد الإنسان الحياة على حقيقتها ، وأراد أن يتذوّق طعم السعادة فيها ، وتشوّف لتلك الحياة التي عاشها الأفذاذ فعليه أن يؤمن إيماناً صادقاً أن الحياة تجربة فذة .. لكن للناجحين ، للمؤملين ، للذين يقهرون شهواتهم ، ويكتبون أيامهم عبر مساحة هذه الحياة الرائعة .
الإنسان يا أيها الشابي هو عنصر الحياة وزخرفها ورونقها وجمالها الحقيقي ، متى ما أدرك هذه الأسرار حوّل الحياة الجاثمة على قلوب أصحابها إلى أحلام الفوز والنصر في أنظار المتبصرين لها ، الحالمين في أوقاتها .
حين يتحرر هذا الإنسان أيها الشابي ، ويخرج من قيود الوهن ، ويحرر نفسه من آثار الوهنين المثبطين يعيش العالم كله بكل ما فيه في أزهى معانيه .
ليت شعري !! من يعرف هذا الإنسان الذي أناظر فيه الشابي هذا المساء ، إنه أنت الذي تقرأ أسطر هذه الصفحات ، أنت الماثل بين يدي أسطري ، أتظن أنك شيئاً تافهاً ! أو مخلوقاً حقيراً ! أو مجرد جسد يشغل حيّزاً على وجه الأرض ! كلا ! أركل هذا الوهم ، قم ! قف على قدميك ! أصحو من نومك ! أنزع عنك ثياب الوهن ! تجرّد من كل معاني الوضيعة .. ! قم ! وارفع يديك للناس كلهم ، وقل لهم : ها أنذا ، عدت من جديد ، ولدت اليوم ، فحياتي بدأت تاريخها الجديد من هذه الساعة ، بل من هذه الدقيقة ، بل هذه الثواني التي تقرأ فيها أنت مقالتي هذه ، هي الثواني التي كتبت حياتي بصورة أروع ، وحياة أمثل !
إذا قام الإنسان أيها الشابي فلا بد أن يستجيب القدر ، ويسلّم ، بل يرضى لأنه لم يُعرف في تاريخ البشر كله أن القدر وقف حجر عثرة في طريق الناجحين المتفائلين ، إنما هو وهم يبذره الوهن ، ويكتب أسطره العجز ، ويدوّن آثاره الخوف والوجل .
إذا قام الإنسان أيها الشابي فالقيود التي أثقلت أقدام المرضى والمتعبين لا بد لها أن تنكسر لأن حديدها مع قوته لا بد أن تفتّته الإراده الصلبة ، وتوهنه الإرادة القوية ، وتوهن قوته المعاني السامية تلك التي تدفع بالمرء إلى عالم لا يتخيله إلا الحالمين بالنجاح .
إذا قام الإنسان أيها الشابي لم يبال بالخطر الذي يركبه ، والموت الذي يواجهه ، والخوف الذي يتلقاه ، تبقى تلك المعاني كلها مجرد أوهام ساذجة لا معنى لها على مسرح الحياة الحقيقية .
هكذا أنت أيها الإنسان ، أنت الذي تقرأ أسطري هذه اللحظات ، وتجوب في رحاب كلمتي في هذه الدقائق ، أنت قادر على أن تكتب لنفسك معنى حراً آخر غير الذي تعيشه ، واعلم يا أيها الإنسان إن لم تؤثّر فيك كلماتي ، ولم ترحل بك إلى المعاني العظام ، ولم تلهب قلبك لتصوير حياتك بمعناها الحقيقي فلا غرابة لأن :
من يتهيّب صعود الجبال ... يعش أبداً بين الحفر
الكاتب: مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
عمر الشاعرWednesday, January 5, 2011
لقد صدقت وصدق قبلك الشابي ولكن في في البداية كان مفهومك ويليك مفهومه فما الشعب الا الانسان الذي اخذ باسباب النجاح وخلق لواقعه معنا اخر في غير استسلام ولاخضوع فهو بمعرفته هذه فتح الاماني امامه فلا تحده حدود ولا يمنعه سلطان فهو يسير كما اراد,فاالشكر لك جزيلا اخ مشعل وجزاك الله خيرا.