|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › جولة التراخيص النفطية والموقف الوطني المغيب !!

جولة التراخيص النفطية والموقف الوطني المغيب !!

بقلم : ابراهيم زيدان ... لاتزال عقود التراخيص النفطية التي عرضتها وزارة النفط  تثير جدلا ورفضا من قبل المختصين ، ف( 33) من أبرز خبراء النفط  في العراق كانوا في وقت سابق  قد طالبوا الحكومة العراقية في عريضة تقدموا بها بتأجيلقود التراخيص واصفين اياها بـ) عقود جائرة بحق العراق وسيادته وثروة النفطوالغاز فيه ) ، ويرى هؤلاء الخبراء أن الشركات ستهيمن بموجب تلكالعقود على الاحتياطيات النفطية لعقود من السنين لكونها ستتبع متطلباتمصالحها لتصدير النفط الخام مما سيبقي اقتصاد العراق ريعيا طيلة العقودالمقبلة ، كما انضم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي في حينها إلى قائمة منتقدي توقيع عقود استثمار النفط في العراق (التراخيص) واصفا منح الاستثمار بمثل هذه الطريقة  في تصريح للصحافة بأنه "مجازفة ترهن الثروة النفطية العراقية ،  فيما حذر مقرر لجنة النفط والغاز في البرلمان جابر خليفة من خطورة توقيع عقود التراخيص فهي من وجهة نظره ( مقدمة لاحتلال العراق اقتصاديا ومنحت  امتيازات لا يمكن تصورها للشركات الأجنبية بسبب قلة خبرة المفاوض العراقي وحنكة المفاوض الأجنبي ) ، ويرى الخبير النفطي فالح الخياط ان إقرار هذه التراخيص ( سيؤدي إلى القضاء التدريجي على الشركات الوطنية المختصة بتوفير الخدمات الأساسية للشركات المنتجة كشركة حفر الآبار وشركة الاستكشافات النفطية وشركة المشاريع النفطية ، وتعتمد هذه الشركات على العقود الثانوية التي تمنحها شركات النفط الوطنية وعندها سنعود إلى الوقت الذي كنا نتعاقد فيه مع المقاولين الأجانب ) ، وكان الخياط من المطالبين بتأجيل عقود التراخيص اذ ( أن العقود الثلاثة الماضية التي أعقبت تأميم النفط في العراق كانت كلفة إنتاج النفط العراقي فيها أرخص كلف الإنتاج في العالم حيث تقدر بدولار واحد للبرميل ) ، وتساءل الخياط  ( كم ستكون هذه الكلف في حال قيام الشركات الأجنبية بالعمل وفق عقود الخدمة التي ستعتمد مبدأ حصة الأكثرية في الشركات التي سيتم استخدامها في إدارة وتشغيل الحقول؟ ) بينما يدافع وزير النفط الدكتور حسين الشهرستاني عن هذه العقود التي في رأيه ( ستحقق زيادة تقدر بأربعة ملايين يوميا وبشكل تدريجي وأن المردودات المالية التي سوف تتحقق والتي تمتد لعشرين عاما مقبلا ستبلغ تريليون و300 مليار دولار استنادا لسعر برميل نفطي مفترض يبلغ 40 دولارا) ، ويؤيد هذا الرأي عبد الحسين العنبكي المستشار في مجلس الوزراء منتقدا اصحاب الموقف الرافض بأنهم لايدركون حجم الكارثة التي يعيشها الاقتصاد العراقي ( لأن هذه العقود ستأتي بتمويل للخزينة من شأنه أن يحل المشاكل الاقتصادية التي يمر بها العراق ) حسب رأيه ، وكانت لجنة النفط والغاز في البرلمان  قد جددت معارضتها عرض وزارة النفط جولة التراخيص النفطية الثانية في وقت سابق، وانتقد رئيس اللجنة علي حسين بلو وزارة النفط واصفا سياستها بالمتخبطة وغير العقلانية ( لجهة غياب التخطيط الصحيح لبرامجها ومشاريعها ) مؤكدا ان (اجراء وزارة النفط جولة تراخيص مع شركات اجنبية خطوة غير قانونية في ظل غياب قانون للنفط والغاز) ، منوها الى ( احتمال عدم اقرار البرلمان قانون النفط والغاز بسبب استمرار السجال بين الكتل البرلمانية في شأنه ) مشددا على (الحاجة الى اقرار القانون كونه يُسهم في حل الكثير من المشاكل على الساحة السياسية، وفي مقدمها الخلافات بين حكومة المركز وحكومة اقليم كردستان ) ، وبسبب السجال الدائر حول هذه التراخيص كان الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ قد اعلن في وقت سابق عن نقل مدير عام شركة نفط الجنوب فياض حسن نعمة الموسوي من منصبه مديرا عاما لشركة نفط الجنوب في البصرة على خلفية معارضته خطط الوزارة بشأن جولة التراخيص لتطوير حقول النفط والغاز ، وكان الموسوي قد انتقد علناً بعد فترة وجيزة من تعيينه أول جولة من التراخيص تطرحها وزارة النفط ، وعزا الدباغ نقله لاسباب تتعلق بعملية (اعادة هيكلة) في وزارة النفط  وهو( ادعاء عار عن الصحة ) ، وكانت انتقادات الموسوي قد انصبت في حينها على أن الشركات الاجنبية تحصل على فرصة تطوير حقول منتجة استثمر العراق فيها بالفعل الوقت والمال ، وكان الموسوي قد رفع مذكرة الى الشهرستاني في 10 حزيران  الماضي  اشار فيها الى ان ( بنود العقد المعياري الذي اعتمد لا يتفق مع القوانين والتشريعات النافذة وقانون الحفاظ على الثروة الهيدروكربونية رقم 84 لسنة 1985، فضلا عن ذلك لم تتم الموافقة عليه من غالبية اعضاء هيئة الرأي في وزارة النفط ) ، ولفت الموسوي الى ( امكانية تنفيذ جولة التراخيص الثانية مع الشركات النفطية العالمية المتنافسة والخاصة بالحقول المكتشفة غير المطورة والرقع الاستكشافية بصورة فاعلة وكفوءة وبمعدل انتاج يزيد على ثلاثة ملايين برميل يومياً، كون حقولها محددة وواضحة ولن يحدث اي تداخل او ارباك بين فعاليات شركتنا والشركات المقاولة ) ، واقترح الموسوي إعادة العمل بأسلوب عقود الإسناد الفني (TSC) لبعض حقول جولة التراخيص الاولى مع شركات النفط العالمية لتحقيق معدلات الانتاج المطلوبة بموجب عقود تنافسية ولمدة (5 سنوات) قابلة للتمديد للحقول التي سوف تعطي نتائج اسرع وبطريقة أسهل في التطبيق ولا تؤدي الى اي ضرر اقتصادي ، وكذلك إحالة عدد من الحقول المكتشفة غير المطورة والرقع الاستكشافية لجولة التراخيص الثانية او باسلوب الـ(EPC) بموجب عقود تنافسية لتحقيق هدف الوصول الى أعلى انتاج (Maxinun plateau production target) وبمدد زمنية محددة ، مشددا على ضرورة التنفيذ المباشر من قبل شركة نفط الجنوب وبالتعاقد مع شركات الخدمات النفطية العالمية فضلا عن شركة الحفر العراقية وشركة المشروعات النفطية والشركات الوطنية على ان يتوفر الدعم من حيث التخصيصات والصلاحيات والمشار لها في الخطة المعجلة والصلاحيات الاستثنائية المرفقة بها لتطوير الحقول المنتجة حاليا (مجموعة حقول دورة التراخيص الاولى)  ، مطالبا بغض الطرف عن جولة التراخيص الاولى واعتماد المقترحات هذه التي سترفع الانتاج خلال السنوات الثماني المقبلة الى حدود ستة ملايين برميل يوميا وبعقود استثمارية وهندسية كفوءة ولصالح الاقتصاد العراقي ورأى انه من غير المنطقي ان يتم التعاقد مع الشركات المتنافسة على أهم وأغنى الحقول النفطية في العراق (والتي تشكل 80% تقريبا من الانتاج الوطني) وبجولة تنافسية واحدة وتتم احالتها خلال ساعات !! وحملت هذه المذكرة توقيع 20 مديراً في نفط الجنوب ، وكان الموسوي قد اكد  أن جميع القيادات بشركة نفط الجنوب ترفض الجولة الأولى من العطاءات لعقود خدمات حقول النفط، لأنها في غير صالح صناعة النفط العراقية ، متهما الحكومة بهدر موارد العراق، موضحا أن من شأن عقود الخدمة أن تقيد الاقتصاد العراقي وتعرقل استقلاله في السنوات العشرين المقبلة ،

  وكان تقرير آخر قد قدم الى مجلس الوزارء في 31 كانون الاول  من العام الماضي أعده فريق ضم وزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم، ورئيس هيئة المستشارين ثامر الغضبان، وجبار اللعيبي مستشار وزارة النفط لشؤون الاستخراج ، ومديري الدائرة الاقتصادية والدراسات والتخطيط، ونفط الشمال والدائرة القانونية، وشركة الحفر، حمل التقرير وزارة النفط مسؤلية تراجع الانتاج حوالي (400 الف برميل)  يومياً بسبب ( غياب دور الوزارة الميداني في متابعة وتنفيذ الخطط والبرامج الانتاجية مع شركات الاستخراج ) وعدم وجود ( رؤية واضحة لدى قيادة الوزارة في تبني سياسة محددة والتردد في اتخاذ القرار المناسب ) ، وعد بحر العلوم ( شروط التعاقد المزمع التوقيع عليها ضارة بالمصلحة العليا من جهة، وتعمل على تفكيك وتفتيت شركات النفط العراقية بدلاً من دعمها )، واشار الى ان ( شروط العقد مع الشركات الفائزة تمثل سابقة خطيرة، إذ ستمنح هذه الشركات مانسبته 75 في المئة من هيئة الادارة والتشغيل وللعراق 25 في المئة فقط ما يفقد البلد السيطرة على ادارة العمل والاستثمار) ، وحذر من ان دورة التراخيص الاولى ( تدخل العراق في تعقيدات اقتصادية وسياسية وادارية واجتماعية) ، واضاف ان ( منح حقول هي اساسا منتجة الى الشركات الاجنبية من خلال عقود خدمة طويلة الامد تفتقر الى رؤية استراتيجية وتؤكد وجود خلل في السياسة النفطية وستهدر مزيداً من الجهد والوقت والمال) ،وأشار الى ان «معارضة القيادات الادارية والفنية في الشركات النفطية لإبرام مثل هذه العقود يزيد عمر انتاج البعض منها الى اكثر من نصف قرن)  موضحا ( علينا تفهم دوافع رفض الخبراء والفنيين بعيدا عن التجاذبات السياسية، وهناك اجماع بين الخبراء العراقيين على عدم جدوى مثل هذه العقود للحقول المنتجة على رغم انها تواجه مشاكل فنية وبحاجة الى ادارة سليمة والى تنفيذ مشاريع استراتيجية حاكمة لديمومتها وبخلافه سنواجه المزيد من الانخفاض في الانتاج) ، منبها الى ان ( المعالجة ليست من خلال منحها لشركات اجنبية في عقود خدمة لمدة 20 عاماً قابلة للزيادة لتأهليها وزيادة الانتاج كما هو حال التراخيص الحالية) ، منتقدا الطريقة التي تم فيها طرح التراخيص الاولى والثانية ( في الوقت الذي يفتقر القطاع الى قدرات تفاوضية كافية) ، مستدركا ( ان جولة التراخيص الثانية تشير الى الحقول غير المكتشفة ويمكن تمريرها ) ، متسائلا هو الآخر( هل يعقل ان تطرح وزارة النفط خلال شهور قليلة جولة التراخيص لتشمل قرابة 80 بليون برميل من احتياط العراق المثبت في السوق الدولية من اصل 112 بليون برميل ، ما يؤكد في رأيه غياب فلسفة الاستثمار التي تعتمد التنافسية والشفافية لتعظيم العوائد ) ، متهما الوزارة  بتقديم تحفيزات اضافية ( ساعدت على نشوء تنسيق وتفاهم بين الشركات والائتلافات الاجنبية لتحقيق مواقف ضاغطة على المفاوض العراقي)، وقال إن على( من يريد تقديم خدمة للمصلحة الوطنية ودعم ثرواتنا توجيه الاستثمار الى 75 حقلاً غير منتجة وليس الى الحقول المنتجة) ، فيما وصفت حكومة إقليم كردستان العراق منح وزارة النفط العراقية تراخيص للشركات العالمية لاستخراج النفط من حقول منتجة بأنها «خطوة غير دستورية وضد مصالح الشعب العراقي ) ، وكانت معظم الشركات النفطية العالمية قد رفضت المشاركة في جولة التراخيص الاولى لعقود النفط لاسثتمار ستة من حقول العراق النفطية العملاقة، ليفوز ائتلاف شركتي BP البريطانية و شركة CNPC الوطنية الصينية باحد الحقول الستة وهو حقل الرميلة العملاق في البصرة في اكبر مناقصة لفتح قطاع الطاقة في العراق امام الاستثمار الاجنبي وفازت كونسورتيوم بقيادة شركة برتش بتروليوم /BP البريطانية ويضم شركة البترول الوطنية الصينية (سي ان بي سي ) بالعقد بعدما رفضت اكسون موبيل الامريكية شروط الحكومة العراقية المتعلقة بالرسوم على البرميل من انتاج الحقل الذي يحوي مخزونا نفطيا يبلغ سبعة عشر مليار برميل، وقبل تحالف( BP /CNBC ) رسما يبلغ دولارين عن كل برميل نفط اضافي تم انتاجه مقارنة مع رسم يبلغ ثلاثة دولارات وتسعة وتسعين سنتا في عرضهما الاول ،  ولم تتقدم اي من الشركات للحصول على عقد تطوير حقل غاز المنصورية، وتقدم تحالف شركات تقوده كونكو فيليبس وحده لعقد حقل نفط باي حسن في شمال اقليم كركوك، واثارت هذه المناقصة كثيرا من الجدل بين القوى السياسية في العراق وطالب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، الذي قاطع المناقصة في حينها باعطاء البرلمان مزيدا من الوقت لدراسة العقود ،كما  تباينت وجهات النظر بين الشركات والحكومة العراقية بشأن شروط العقود، اذ رغبت الشركات في مزيد من الحوافز فيما ترددت الحكومة بسبب الخوف من المعارضة السياسية، وكعادة كل العقود التي توقع في العراق فانها اثارت جدلا في البرلمان العراقي اذ تذمرت بعض الكتل النيابية من عدم تمكنها مناقشة هذه العقود تحت قبة البرلمان ،واخيرا هل كانت جولة التراخيص الاولى تهدف الى تقديم حقل الرميلة العملاق هدية الى الشركة البريطانية كما يقول خبراء النفط العراقيون ؟

الكاتب: ابراهيم زيدان

التعليقات على جولة التراخيص النفطية والموقف الوطني المغيب !!

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
98933

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags