|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › القومية البترولية في الفكر الامبريالي

القومية البترولية في الفكر الامبريالي

بقلم : سليم محسن نجم العبوده ... ( ان أمريكا تكونت من الفضلات الأوربية ) هكذا تصف ملكة بريطانيا "اليزابث" الوجود البشري و التسارع الحضاري الذي أصاب القارة الأمريكية . بعد ان اكتشفها "كريستوفر كولومبس" و أبيد سكانها الأصليين "الهنود الحمر" على يد المهاجرين الذين جاءوها هربا من الحروب الطاحنة التي كانت تعصف بالقارة العجوز. و بالحرب ذاتها حقق " جورج واشنطن " استقلال أمريكا في حين صنع " أبراهام لينكولن" بذات الوسيلة وحدة الولايات المتحدة . لكن الغاية الحقيقية لم تتحقق بعد فكان هناك مهمة أخرى أكثر تعقيدا من تحقيق الاستقلال والوحدة الا وهي "كيفية الحفاظ عليهما" في ظل قوميات وأعراق وحتى لغات واعتقادات متصارعة على ارض مترامية الأطراف . فكان لا بد من ضغط المتناقضات لخلق شعب متجانس .


وفي عام 1890موتحت هول أعباء الدولة الفتية و التي كانت أشبة بقنبلة موقوتة لا يعرف متى وكيف ستنفجر تعالت أصوات المنادين بالتوسع والانتشار خصوصا أولائك الذين تراكمت لديهم أموال طائلة وأرقام مذهلة من خلال و أثناء الحرب الأهلية والذين كانوا يخشون من تقلص رؤوس أموالهم او فقدانها و لذلك كانوا يرون ان الحل للعديد من المشاكل التي تعصف في البلاد هوا الخروج من القارة و ربما ان واحدة من أشهر المداخلات أثناء مناقشات الكونجرس سنة 1898م ورد في خطاب السيناتور "ألبرت بيفردج" عضو المجلس عن ولاية "فرجينيا" ألقى خطابا تحت عنوان "زحف العلم "حيث قال فيه (علينا ان ننصب خيمة الحرية ابعد في الغرب وابعد في الجنوب .. ان المسألة ليست مسألة أمريكا و لكنها مسألة زمن يدعونا الى الزحف تحت العلم .. حتى ننشر الحرية و نحمل البركة الى الجميع .. ان الحرية تليق فقط بالشعوب التي تستطيع حكم نفسها وأما الشعوب التي لا تستطيع فان واجبنا المقدس أمام الله يدعونا لقيادتها الى النموذج الأمريكي في الحياة لأنه نموذج الحق مع الشرف ... ). من المؤكد ان احتلال العراق لم يكن لتلك الغاية و كذلك أفغانستان . يقول " لينين " في كتابه "الامبريالية_أعلى مراحل الرأسمالية "1917م ( ان سبب وجود اتجاه عام لمعدل الربح بالهبوط تحاول الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة إيقاف هذا التدهور من خلال التوسع الاستعماري والسلوك الامبريالي و مثل هذه الحاجة الملازمة بهدف استيعاب الفائض من رأس المال توفر الحركية للعلاقات الدولية بين هذه الاقتصاديات فهي تفسر الامبريالية والحرب والتغيير السياسي الدولي بقانون التطور المتفاوت ) في حين يقول الكاتب "ستانلي كارنوف" في كتابة "الإمبراطورية الأمريكية " ( انه من الممكن ان تكون المحيطات الحامية إلى محيطات عازلة وإذا ما أريد ان تستبقي على الناحيتين فمن الضروري عبورها ) في حين ان ضباط البحرية الذين يتزعمهم الأميرال "ستيفن لوس" يعتقدون بوجوب تحول الولايات المتحدة الى دولة حرب بقوله ( لأن الحرب تجربة ليس لها نظير في تمتين وحدة الشعوب و كشف صلابة معدنهاوتنشيط همها و تفتيح عقولها وداعيها الى حسن استغلال مواردها المادية والمعنوية ) .


وعلى الرغم من الولايات المتحدة انتهجت أسلوب الشراء والاحتلال في الحصول على الأراضي والجزر الا أنها لم تدخل في صراع مباشر مع الإمبراطورياتفي ذلك الحين مثل البرتغالية والاسبانية و البريطانية و غيرها و حتى أثناء الحرب العالمية الأولى 1914م لم تدخل الحرب مباشرة و ادعت الحياد الا انها كانت تراقب من بعيد وتحصي النتائج . وبعد ان أنهكت الحرب العالمية الأولى وما تبعها من حروب محلية وخارجية الإمبراطوريات القديمة المتهالكة وجدت ضالتها في الحرب العالمية الثانية 1945م حيث دخلت الحرب بشروطها معلنة بزوغ عهد إمبراطوري جديد . كان هدف الصراع متباينا في كتلة الحلفاء ففرنسا وبريطانيا تبحث عن البقاء بتخلصها من الألمان في حين الولايات المتحدة تبحث عن الهيمنة و السيطرة على منابع النفط في العالم . الى درجة ان "ونستون تشرشل " قال في خطاب موجه الى الرئيس الأمريكي "فرنكلين روزفلت" بقوله (أننيمضطر ان أصارحك القول بان سياسة الولايات المتحدة في مسائل بترول الشرق الأوسط تبدو لكثيرين من زملائي في مجلس الوزراء محاولة لأرث تركة رجل مازال على قيد الحياة ) في حين ان "محمد حسنين هيكل" يروي ما سمعه عن حديث دار بين الكاتب "والترليبمان" للرئيس "جمال عبد الناصر " عام 1957م .حيث يقول (سيدي الرئيس ليس لنا ان نخشى الإمبراطورية البريطانية فنحن لدواع كثيرة منها وحدة اللغة لدينا شهادة ارث طبيعي للإمبراطورية البريطانية حتى وان ظلت بريطانيا على قيد الحياة ) .


و بعد ان انتهت الحرب العالمية الثانية وانهار الاتحاد السوفيتي 1989م ففي خلال وبعد تلك المرحلة لم تتعامل الولايات المتحدة مع دول البترول فرادى أي انها لم تتعامل مع فنزويلا او السعودية او إيران وإنما كانت تتعامل مع مسألة البترول بطريقة شمولية واحده وبكل مراحل أنتاجه من مرحلة البحث والتنقيب ثم الاستخراج وحتى التكرير والتسويق بل ان دخولها في حرب العدوان الثلاثي على مصر لم تكن مصر هي المقصودة بقدر ما كان الهدف هوا فتح بوابة الشرق الأوسط أمام المطامع الأمريكية و كذلك لم يكن تحرير الكويت من الاحتلال العراقي حبا في الإنسانية بقدر ما كان حفاظا على ثروتها النفطية في الكويت ورغبة منها في السيطرة المباشرة على نفط العراق و إرسال انذرا إلى إيران النفطية . وبالتالي وضع مراكز الاستقطاب الألمانية واليابانية والصينية بصورة خاصة ودول غرب أوربا بشكل عام تحت النفوذ الأمريكي من خلال سيطرتها على مصادر تمويلها بالطاقة المباشرة .


ولذلك فان الولايات المتحدة لم تتعامل مع النفط في أي مكان في العالم كسلعة مجردة لها أهمية استثنائية في التجارة العالمية بقدر ما تعاملت معه كسبب من أسباب الوجود والهيمنة و الإخضاع خصوصا بعد ان فشل العالم الحديث بإيجاد بديل ناجح او معوض إستراتيجي له يشتت التركيز الأمريكي ويرخي من قبضتها على منابع النفط .

 

الكاتب : سليم محسن نجم العبوده



المصادر ..
استوحينا بعض المعلومات من:

- كتاب (حرب الخليج أوهام القوة والنصر) محمد حسنين هيكل.

- كتاب (الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق ) محمد حسنين هيكل .

- كتاب ( الحرب والتغيير في السياسة العالمية ) روبرت جيلين .

- كتاب ( الامبريالية- أعلى مراحل الرأسمالية ) فلاديمير اليتيش لينين .

الكاتب: سليم محسن نجم العبوده

التعليقات على القومية البترولية في الفكر الامبريالي

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
11111

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags