|

مقالاتمواضيع عامة › كثرة الخيانات في الشرق اسباب و نتائج

كثرة الخيانات في الشرق اسباب و نتائج

بقلم : عماد على

الوضع الاجتماعي المعقد في المجتمعات الشرقية يتميز بعدة صفات لا مثيل لها في عالم الغرب و المجتمع المتقدم، العلاقات الاجتماعية و تركيبها بذاتها تتصف بمزايا مهمة للروح البشرية من جهة و محطمة لها من جهة اخرى . الايمان العميق بعدة مباديء انسانية صرفة و الاعتقادات المثالية لعالم ماوراء الطبيعة تدعم الطريق الواسع لغزو الحياة الدينوية للتقدمية العلمانية و تختلط المعادلات فيما بينها ، و تشكل التناقضات التي لا عد لها و لا حدود ان تنتشر في الكيان الشرقي لاسباب و عوامل ذاتية للفرد و الموضوعية للمجتمع بكامله.  اذا صح التعبير، يمكن ان يوصف الشرق بمنبع و بيئة الامراض و الخلافات و ما فيه من اسباب و عوامل تاريخية ثقافية تقليدية للمرض او يمكن ان يسمى الخلل و الهوة بين المجتمع الهش التركيب و المانع للتقدم.

بناء كيان الفرد يبدا باخطاء لا حول له فيها و لا قوة و لابد له في خلقها و اكتسابها ، و يمكن القول بانها موروثة من جيل لاخر و اجباري الاصابة بها. لم نر فردا متربيا في عائلة سليمة بمقياس الشرق ، غير ناقصة و لو بنسبة معينة من الامراض الاجتماعية المتعددة الشرقية المنبع و الاسباب و التكوين الا نادرا، و من الطبيعي ان يكون بناء العائلة من امثال هذا الفرد طبقا لما يتمتع به من الصفات و المميزات متطابقة او متشابهة ايضا، فلم نشاهد عائلة سليمة متعافية طبيعية الحياة و المعيشة خالية من العقد المتكونة في الافراد شرقية الاصل و النسب، لماذا؟

ان تفحصنا التاريخ الاجتماعي و النظريات و التحاليل التي اعتمدها الدكتور علي الوردي على المجتمع الشرقي و العراقي بشكل خاص و مميزاته، يكون التشخيص امر طبيعي و لا غبار عليه، و مثلما نكشف ما يتصف به الفرد نستنتج بان العائلة تتميز بما فيها من التناقضات و الامراض و كثير من الاوهام و يسيطر عليها الكسل و الذبول في الفكر و العمل و انعدام الطموح، و لعل اهم الاسباب في عدم بناء العائلة السليمة بمعنى الكلمة هو طبيعة الفرد و المتصف بالسلوك و التصرفات و اخلاق ما ذكر من قبل، و هنا تتدخل الاساب المادية الى جانب المتوارثات و الثوابت المثالية المعقدة المسيطرة، و ليست العاداة و التقاليد و الالتزامات الزائدة عن اللزوم ببعض الصفات و العادات و بما يضر الفرد و المجتمع الا من اسباب الامراض، نحن لسنا هنا في تحليل الاسباب الاقتصادية البحتة لانها تحتاج لوحدها الى بحث طويل عريض و خاصة هي من اهم الاسباب المؤدية الى الانحرافات و من العوامل الرئيسية للكثير من السلوك و الصفات و الشواذ منها بما فيها الخيانة، و لكن اكثر ما نركز عليه هو الاسباب الاجتماعية العامة بما فيها المجاملات المبالغة فيها و الكذب و الزيف و القول و العمل بما لا يُؤمَن به في الحياة اليومية بشكل عام . فكم من قائد سياسي خان و طنه و ترابه لاسباب و طموحات ذاتية تافهة لا تقارب مع ما يجب ان يكون عليه القائد الحقيقي، فكم زوجا و زوجة خانوا بعضهم البعض لاسباب اكثر تفاهة من الايمان باحقيتها، ترى لو كانت الشخصية الشرقية صحية مبنية على اساس صادق و علمي متين هل يحصل ما نراه، ان كانت الحياة الاجتماعية الشرقية مبنية على الصدق و الوضوح و الشفافية و الصراحة و حب الغير حصل ما حصل في تاريخنا و بالاخص في الشرق الاوسط . على غرار ما نتكلم عنه في الشرق نرى الغرب و ما يتمتع به من الحريات المطلقة التي تعتبر هي ايضا من اهم اسباب الانحرافات الفردية و العامة فيه اضافة الى الفكر المادي و العامل الاقتصادي البحت في تلك الانحرافات، فالشرق بما فيه من البنية الشخصية التاريخية الجغرافية و الاسباب المثالية الخيالية و عدم صحة بناء كيان الفرد الخلقي و النفسي و هو من الاسباب الحاسمة لعدم استقامته، و من ثم العائلة تكون كذلك مستندا على مجموع الافراد، و به لم يستقم المجتمع .  نحن لم نعرٍف الخيانة من الجانب الضيق للاعتقادات المجردة و منها  المثالية الصرفة و لكن من حيث فرضية الخطا و الصواب في تصرفات و كيان و خلق الفرد و معه المجتمع، اي الاعتماد على ما يمكن ان نميز عما يتصف به المجتمع اعتمادا على ما يتميز به الفرد معتمدين على نظرية الخطا و الصواب لتصرف الفرد، اي ما يمكن ان يعتبر عملا خارجا عن القانون الاجتماعي العام ليصنف خطئا و في بعض الاحيان يكون الفرد لايد له فيه و انما ورثه و يرى نفسه مطموسا في الوسط الذي يتصف بتلك التصرفات او حتى المجتمع لا يؤمن به و تمر تلك الاسباب و العوامل و في بعض الاحيان تسمى المقومات و المميزات من خلال الثنايا الضيقة لمسببات الامراض الاجتماعية المتراكمة المؤثرة على الثقافة العامة للمجتمع، و يمكن ان يمرر على الافراد من دون ان يعلمو ا ما هو و ما كينونة تلك الصفات، و يؤدي تلك المسببات الى انحرافات جلية و يمكن ان لا يعلم من وقع فيه ايضا و لا يدري الا و هويصحو من غفوة الانحرافات اللاارادية في مسيرة حياته، فلنا ان نسال هل من عصا سحري و حلٍ فوري ليس لحالات فردية شاذة كما تحصل في الغرب و انما لما يحصل لاكثرية افراد المجتمع الشرق الاوسطي.

 اي الاسباب العامة كما حددناها بالمتوارثات النفسية و الخلقية و ما يفرضه الاطار المحدد و المعين تاريخيا لما يجب ان يعمل او  لا يعمل الفرد بما يفرضه المجتمع و لما يجب ان يكون عليه او لا يكون ، اي الاسباب تكون نفسية تاريخية و اجتماعية منفردة او ذات علاقات متواصلة جدلية فيما بينها، اما الاسباب الاقتصادية ( المادية الصرفة)  تكون في الكفة الاخرى لهذه التشويهات و الانحرافات الجلية على سيماء المجتمع الشرق الاوسطي.

 اما النتائج فهي حصيلة الافرازات و التغييرات الناتجة من عمل الاسباب المذكورة، و هي بالفعل تكون كارثية من حيث الاعتقاد الشرقي و تكون سهلة و شبه طبيعية و قابلة للحل في نظر و معتقدات الفرد الغربي، اي لو فكرنا في الاسباب زالت الاعتاب عن خزي النتائج، و منها ما تؤدي الى الخراب و التدمير و التدهور في بنيان المجتمع و تنخر في جسم مكونات المجتمع كافة من الفرد الى العائلة ثم المجتمع، و يمنع بناء المجتمع الصحيح السوي.

ان الحل لا يكمن في التغيير الفوقي فقط و انما يحتاج الى وقت و تخطيط دقيق و صبر و عقول متميزة  للتاثير على فعل  و خلق و مباديء و معتقدات و فكر الفرد الشرقي ومنه العراقي بكل مكوناته بشكل خاص، و لكن ان تمكنا من خطو البداية الصحيحة و هذا ما يحتاج الى وقت طويل للغاية و جهد فعال، لابد من العمل على التغيير الجذري في كينونة الفرد، و لكن يجب ان نبدا و الرحلة تبدا بخطوة لكي نفيد به على الاقل المجتمع الشرقي و العراقي بالاخص من خلال اجيالنا القادمة، و نبعد داء الخيانات من ساحة مجتمعاتنا.

الكاتب: عماد علي

التعليقات على كثرة الخيانات في الشرق اسباب و نتائج

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
64089

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags