|

مقالاتالبيئة والتنمية - مقالات في البيئة والتنمية › تغيرات المناخ العالمي . مظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية

تغيرات المناخ العالمي . مظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية

مشهد واقتراب:

 

بقلم : د.حمدي هاشم .. يحضرني مشهد قديم من الأفلام العربية، واضحة الرسالة والمفهوم والغاية، يعود لزمن العقد الرابع من القرن العشرين. وقد تناول في إطار درامي من الكوميديا الاجتماعية، مراهنة أحد أغنياء الحضر على كسب رضاء الفقراء، ومنهم الشحاذون ومحترفو السرقة والترهيب من باب الاستبعاد السياسي، وذلك بواسطة وكيله مختلط الجنسية والأكثر دراية بأساليب ولغة هؤلاء المهمشين. إقطاعي ثرى غير ناطق باللغة العامة المفهومة، لغياب الموروث الثقافي وصعوبة مفردات شخصية المجتمع، فهو لا يزال يخطئ بينما يرده مندوب أعماله حسب البروتوكول لإصابة التأثير في الرأي العام. ويقود هذا المشهد في الفيلم بمهارة وواقعية إلى كشف الهوة الفكرية والأخلاقية بين الأغنياء والفقراء، وترويج نشر ثقافة السلام الاجتماعي بعدالة كاذبة وديمقراطية متنمرة، شاغلها الأول العوائد التراكمية التي تصب في خزائن أصحاب النفوذ والهيمنة على أحوال المجتمعات المتدنية، غير مكتملة الأهلية والقدرة على الإدارة الذاتية بأغلالها من الديون المالية والاقتصادية. ويعرض مفاوض فقراء الأرض قبولهم المساعدة المالية خصماً من الضريبة، وعادة لا يخطئ نسبته حال تنفيذ الصفقة، بعد نجاحه في اقتياد ممثلين عن الفقراء إلى بهو القصر الكبير لتناول المأكولات والمشروبات في حضرة ولي النعم وحاشيته، على طريقته وكرمه المجازى، في مشهد صوري لعقد اجتماعي جديد. وتستمر تداعيات المشهد بإضافة جماعات الإرهاب الحديثة والناشطين البيئيين، بقدر تأثير خيولهم وعتادهم التقليدي واستخدامهم أساليب المعارضة السلمية بالمجتمع المدني، في مقابل أسلحة الدمار الشامل والتلويث العمدي لمصادر البيئة الطبيعية في المقاومة المضادة، مع بناء القوة الناعمة بمواقعها داخل الدول المستهدفة لنشر وتفعيل البرامج سابقة الإعداد والمتفق عليها. وهكذا تبنت مدينة هوليود، منذ نهاية القرن العشرين، إنتاج أفلام الكوارث الطبيعية والخيال العلمي، لتكريس مخاوف الولايات المتحدة من تغيرات المناخ ونشوب التوترات البيئية والترويج لاحتمالية تعرض أراضيها للهجوم العسكري.

 


إشكالية تغير المناخ:

 

هناك فروق جوهرية بين تغيرات المناخ العالمي وتتابع حالتى البرودة والدفء، ارتباطاً بفلك حلقة الأرض في دورانها حول الشمس، وتلك التغيرات المناخية المتلازمة مع كثافة الحضور البشرى وإسرافه في استهلاك الوقود العضوي، حيث تتراكم الانبعاثات الغازية بطبقة الغلاف الجوى الملامسة لليابس. فالكرة الأرضية وحالتها المناخية تتبع قانون النظام الشمسي، بينما تتبع التغيرات المناخية البشرية ما يعتري الغلاف الإنساني من تلوث حاديؤثر بدوره في السلوك المناخي ونظامه. وقد تلاقت مختلف المدارس الجغرافية في العالم، في نهاية العقد السابع من القرن العشرين، بما يشبه الإجماع، حول نتائج الدراسات المناخية والمتيورولوجية المعنية برصد وتحليل طبيعة مناخ الأرض عبر ملايين السنين، وعلى مدى عصور جيولوجية ممتدة قد تقلبت خصائصها بين دورة طويلة من البرودة المستمرة وفاصلة قصيرة من الدفء ووصولاً إلى التغيرات البيئية الحديثة بحتمية تأثيرها فى خصائص النطاقات المناخية ومواقع نفوذها الجغرافي، مما قد يؤثر بالسلب على أشكال الحياة الطبيعية والبشرية ويلقى بظلاله علىمظاهر الحضارة الإنسانية التي تألقت على مدى عشرة آلاف سنة مضت، بعد أن استقرت قشرة الأرض بمظاهرها وأشكالها الجيمورفولوجية الحالية وتطورت الفنون والعلوم والسياسة وازدهرت حرف الزراعة والصناعة واستخراج الثروة المعدنية وتراكمت مظاهر العمران في أرجاء المعمور العالمي، بالإضافة إلى تزايد السكان المشهود في مرحلة المناخ الدافئة قبل العودة إلى البرودة.

 

وقد ظهرت سيناريوهات التغيرات المناخية، مع تزايد مخاوف تلوث الغلاف الجوى بالحرارة، منذ بداية العقد التاسع من القرن الماضي، وذلك مع تصور خروج الأنظمة البيئية عن سلوكها الطبيعي وتفكك خطوطها الدفاعية وضعف قدرتها على مجابهة ضغوط الحضور البشرى المتزايد وتراكم الانبعاثات الغازية بالغلاف الجوى، وتكرار حدوث الكوارث الطبيعية بمناطق شاسعة من الكرة الأرضية، مما يهيئ الأرض لأزمة مناخية تروج لمزيد من التوقعات الكارثية، التي قد يشتد ريحها بالتغيير على المستوى المحلى بالمناطق الحساسة بيئيا، ومنها تعرض أجزاء كبيرة من دلتا نهر النيل للغمر بمياه البحر. وتشتد الأزمة مع تفاقم مشكلة فشل النظام الحيوي في تدوير الملوثات الحرارية التيتفوق قدرة البيئة على تنقية ذاتها مما يلوثها، وذلك مع تعاظم النمو غير المسبوق بالدول الصناعية الكبرى ولا سيما الصين والولايات المتحدة. وبذلك يقع المجتمع الدولي بين جبهتين متعارضتين:

·الأولى تدعم التخويف من الآثار المدمرة لظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة طغيان الحضور البشرى واستهلاكاته المروعة من الوقود العضوي.

·الثانية تسير باتجاه أن الظاهرة طبيعية وليست من صنع البشر وأنها تمثل بداية عصر جليدي لم تتضح معالمه بعد.

وهناك خلاف كبير بين تأثير الاحتباس الحراري المحدود باختلاف مستوياته داخل الغلاف الإنساني، بين قشرة سطح الأرض وغلافها الجوى، وذلك الأثر الواسع للتغير المناخي بمفهومه الشامل وذبذباته الكونية بين الأرض ونجمها الشمسي، حيث ستشهد العقود القادمة موجات من الجفاف والفيضانات الكاسحة والعواصف الشديدة والصقيع وأنواء الثلج .

 


طغيان الحضور البشرى:

 

بمراجعة تطور العمران البشرى خلال مائة عام مضت، من منظور استغلال الموارد الطبيعية الجائر وتعظيم مكاسب الدول الصناعية الكبرى واستقرار السياسة الدولية على استحلال تدخلها العسكري للسيطرة والتحكم في مواقع الخامات الأولية ذات المخزون الإستراتيجي، وكذلك مناقشات ونتائج المؤتمرات الدولية واللجان المنبثقة عنها بشأن تغيرات المناخ، تجد أن التخويف من الآثار البيئية المرتقبة يكرس هيمنة الدول الغنية على مغانمها بالدول الفقيرة، بإلزام الدول الفقيرة الحفاظ على البيئة وصون الطبيعة، بينما الدول الصناعية تهجر صناعاتها الملوثة للبيئة إلى الدول الفقيرة، بل قادت الولايات المتحدة التحالف الدولي في حملتها العسكرية للسيطرة على مكامن بترول منطقة الشرق الأوسط، وما زالت مناطق الثروات الطبيعية الأخرى ومنها اليورانيوم وغيره رهن لاجتياح ذلك التحالف الدولي حسب التوقيت المناسب لاحتلالها.ويؤكد ذلك، معارضة الدول العظمى خوف العلماء على البيئة، ومنها موقف الولايات المتحدة التاريخي من معاهدة كيوتو باليابان (1997) وفشل مؤتمر كوبنهاجن بالدنمارك (2009)، علاوة على اتساع خلاف المصالح بين دول الشمال ودول الجنوب، واعتياد الأحزاب التي جعلت البيئة ساحتها ومنبرها السياسي أن تضخم الحقائق لمصلحتها في مقابل تهوين خصومهم من المشكلات البيئية لخدمة أغراضهم. ناهيك عن قيام بعض السياسيين البارزين، من القوة الناعمة،بتبني التخويف من استخدام الوقود العضوي (الفحم والبترول والغاز الطبيعي) لفتح الأسواق وزيادة الطلب على تكنولوجيا المحطات النووية، في مقابل ضعف التمويل والاستثمارات في أبحاث الطاقة المتجددة وتطبيقاتها الهامة والمؤثرة في تخفيف أزمة تغير المناخ العالمي وتعطيل التنمية البشرية. دع عنك تزايد سكان العالم بصورة مخيفة، بواقع تجاوزهم حاجز السبعة مليارات نسمة بحلول عام 2012.

 


تغيرات المناخ العالمي:

 

تدفع مؤامرة الطبيعة بتغيرات المناخ الكرة الأرضية نحو عصر جليدي جديد، مقولة لم تؤكد بعد بشكل قاطع، رغم إجماع علماء المناخ والجغرافية الطبيعية على تواتر مناخ كوكب الأرض بصورة دورية بين فترات زمنية باردة وأخرى دافئة.لذا يعتري مخاوف ظاهرة الاحتباس الحراري وتغيراتها المناخية كثير من الشك، لأن سيناريوهات التنبؤ والنمذجة الرياضية في مستواها العالمي لا تخلو من أخطاء ومبالغة في النتائج، لصعوبة تحقيقها كافة العلاقات بين عناصر الطبيعة ومجالها الكوني. وهذا فرق مصداقية بين رتابة تناوب حالة البرودة على مناخ الأرض خلال حقب جيولوجية ماضية وتغيرات مناخية مستقبلية بفعل تزايد النشاط البشرى. أي أن حالة المناخ الجليدي ونقيضه الدافئ يرتبطان بميزان الإشعاع الأرضي بعيداً عن تدخل الحضور البشرى، ومن ثم يقف سلوك حلقة الأرض حول نجمها الشمسي وراء تناوب سيادة البرودة أو نشوء حالة الدفء. وقد كشفت صورة مناخ الأرض خلال الخمسين مليون سنة الأخيرة، تعرض المساحات القارية بالنطاقات المدارية لتغيرات سريعة ومتتالية، بدأت مع زمن الميوسين منذ حوالي 20 مليون سنة مضت، بميلاد أول عصر جليدي وتوالت بعده عصور أخرى بشكل دوري شبه منتظم، خلال فترةتدور حول التسعين ألف عام، ويتراوح طول الفترة الدفيئة بين كل عصرين جليديين ما بين 10 - 12.5 ألف عام. وبذلك يرجح مرور كوكب الأرض بفترة دفيئة (بين جليدية) في الزمن الراهن، بلغت ذروتها الحرارية بين عامي خمسة آلاف وثلاثة آلاف قبل الميلاد، وهى الفترة التي تكونت خلالها أغلب الصحارى الرئيسية بصورتها الحالية، كالصحراء الكبرى وصحراء شبه الجزيرة العربية وصحراء منغوليا وغيرها. ومعنى هذا أن تغير المناخ يمكن أن يحدث بصورة درامية ومباغتة، ويشهد بذلك توالى التحول النباتي بمناطق شمال أوروبا من أشجار البلوط إلى أشجار الحور الباردة، وتلتها مرحلة نمو غابات الصنوبر والشربين وانتهى الأمر بسيادة نباتات التندرا.

 


حالة العالم بين الاستقرار والاضطراب:

 

ربما يكون ذلك التحول قد حدث فيما لا يجاوز المائة عام، ومعه يزيد الاعتقاد بأن التغير من الدفء إلى التجمد لا يمكن أن يستغرق أكثر من قرنين فقط. وقد كشف ذلك السيناريو عن علاقة وارتباط بين سيادة ظروف المناخ لحقبة زمنية وحالة العالم بين الاستقرار والاضطراب، ودليل ذلكمرور العالم المعاصر بفترة دفء معتدلة يلخصها المناخ الأمثل وحالة النماء الزراعي والسكاني والسياسي والصناعي، خلال تلك العقود الممتدة بين عامي1930،1960. وعلى النقيض، فقد سادت في مرحلة سبقت ذلك الاستقرار أوضاع الاضطراب السياسي والعنف وكثرت الثورات والحروب خلال القرن التاسع عشر، الذي شهد انخفاضاً ملحوظاً في درجات الحرارة بمناطق العروض المعتدلة، بينما انتشرت بمناطق العروض المدارية مظاهر الجفاف والقحط، بالإضافة إلى حدوث فيضانات غير متوقعة. ويؤكد سيناريو دخول الأرض في عصر جليدي جديد، تعرض كثير مندول نصف الكرة الشمالي للزوال نتيجة تحولها إلى أراض جليدية جرداء، قريبة الشبه بتضاريس القارة القطبية الجنوبية. وهكذا ستتعرض مساحات شاسعة للجفاف الشديد بمناطق جنوبي الصحراء الأفريقية وشرقي أمريكا الجنوبية، إلا أن منطقة الوطن العربي بنطاق حوض البحر المتوسط ومعها تركيا وإيران ستنال حظاً أوفر، نتيجة مرورها بحالة المناخ الأمثل، في الوقت الذي سيزيد فيه معدل سقوط المطر بصحارى أفريقيا وجنوب غربي أسيا. هذا وظهر في العقد الأخير من القرن العشرين، نتيجة تزايد معدلات التلوث الصناعي في العالم واختزان الكربون بالغلاف الجوى، سيناريو مضاد يتبنى نتائج دراسات ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

 


الأرض ليست ككوكب الزهرة:

 

للنشاط البشرى دور عظيم في تغيير ملامح وخصائص المناخ بالمناطق الأكثر استهلاكاً للوقود العضوي، وينعكس ذلك المؤشر باحترار الغلاف الجوى وأثره في ارتفاع درجة حرارة الأرض، مع انعدام وسائل السيطرة على سلوك غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، مما يزيد من تفاقم المشكلات البيئية داخل الغلاف الإنساني. ورغم ذلك التدخل البشرى، سيبقى هذا الغاز صمام الآمان بخاصيته وقدرته على تصيد دفء الشمس وحرارتها، في الحفاظ على بيئة الأرض وتميزها النسبي بين كواكب المجموعة الشمسية، ولولاه لصارت الأرض كوكباً متجمداً خالياً من كافة مظاهر الحياة الطبيعية والبشرية. مع الأخذ في الاعتبار، ديمومة واستمرارية انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من عمليات التحلل العضوي وتجوية الصخور وتحللها، ومساهمته في تركيب الغلاف الصخري بما يعادل ملايين المرات قدر ما أطلقه الإنسان من الكربون على مدى تاريخه، رغم إسرافه الهائل في استهلاك طاقة الوقود العضوي. وتعد مياه المحيطات بقدرتها على امتصاص هذا الغاز أحد مخازن الكربون الطبيعية، ولكن بصفة مؤقتة حيث يعود مرة أخرى للانبعاث حسب نظام دورة الكربون في الطبيعية. وبعد بلوغها طاقة امتصاصه القصوى، يشارك الغلاف الجوى في اختزان الكربون بنسبة متزايدة لا تتناقص، مما يؤدى إلى أزمة الاحتباس الحراري وتوابعها من التغيرات المناخية، طالما لم يتمكن الإنسان بعد من اختراع وسائل فعالة لتنظيف وتخليص الجو من هذا الغاز. ويعد تحول حالة الأرض إلى مناخ كوكب الزهرة درب من الخيال، لاختلاف موقعهما النسبي من الشمس وتوافق مدار الأرض لنشوء واستمرار الحياة بشكلها الحالي، حيث تقف نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون المرتفعة في تركيب غلاف هذا الكوكب وراء تجاوز درجة حرارته 500 درجة مئوية.

 


مشكلة كوكب الأرض:

 

يعانى غلاف كوكب الأرض الإنساني من ضغوط دائمة، نتيجة تزايد الحضور البشرى واستهلاك الكميات الهائلة من الوقود العضوي، لتعظيم المكاسب الاقتصادية وتطوير الأنظمة العسكرية بالدول العظمى، حيث تزداد مسئولية التلوث البيئي تجاه ما يجتاح مناخ الأرض من تغير. وتزامنت مخاوف العلماء من ذلك التدخل البشرى غير المسئول، مع تطور قدرات البحث العلمي واستقراء حالة الأرض من الفضاء، وتأسيس قاعدة بيانات رقمية كانت وراء بناء سيناريوهات التغير المناخي، بالرجوع إلى تطور حالة مناخ الأرض الافتراضية عبر التاريخ الجيولوجي. وبصورة أخرى، تزايدت مخاوف الإنسان من عواقب الاستخدام الجائر للثروات الطبيعية وإسرافه في التدخل والسيطرة على مكامنها أينما وجدت، والمدهش استمراره في تطوير التفجيرات النووية وعلوم التحكم في الظواهر الطبيعية واستخداماتها العسكرية، بالإضافة إلى سياسات الدول العظمى الرامية نحو تركيز الصناعات الأكثر تلويثاً للبيئة بمناطق العالم الفقيرة دون غيرها، وبتهجيرها تلك الصناعات تكون قد صادرت على مطالب العدالة البيئية لنفسها. ولما كان تغير مناخ الأرض يتجه نحو التبريد، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة الانحباس الحراري بالطبقة السفلي من الغلاف الجوى، فإنه سيؤثر بالسلب على إنتاجية محاصيل الحبوب الزراعية والأسماك واللحوم، وانعكاسات ذلك على تدبير طلب سكان العالم من الغذاء بكافة أنواعه، ولاسيما في الدول الأقل نمواً والمرشحة لمواجهة المجاعات والتدهور البيئي والانقلابات السياسية وتفشى ظاهرة المهاجرين البيئيين لمناطق مأهولة تتوفر فيها سبل البقاء والحياة.

 


مجاعات المناخ:

 

رغم أن عواقب التقلبات المناخية لا تزال غير مؤكدة، فقد تتأثر بهاكثير من مناطق العالم الجغرافية بنسب متفاوتة، نتيجة تزايد المخاطر الطبيعية، واضطراب درجات الحرارة في شذوذها بين موجات من الحرارة العالية وأخرى باردة، واتساع المناطق المعرضة للجفاف والأعاصير والفيضانات، بالإضافة إلى تدهور المراعى الطبيعية والأراضي الزراعية وانهيارات التربة والتلوث البيئي، مما يؤدى إلى نقص في موارد الغذاء ومصادر مياه الشرب، ومن ثم تزيد احتمالية حدوث المجاعات المناخية. ولا ننسى ما حدث بدول إقليم الساحل غربي أفريقيا، مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو والنيجر والسنغال وتشاد (1968)، عندما تحولت ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية إلى صحراء جرداء قاحلة، ونفق من قطعان الماشية ما يتراوح بين 30%، 70%، ومات جوعاً وعطشاً ما يربو على الثلاثة ملايين نسمة من سكانهذا الإقليم، في أسوأ مجاعة مناخية عرفها القرن العشرين. وتؤكد بيانات المنظمات الدولية في الوقت الراهن، أن ما يزيد على 14 ألف نسمة يموتون يومياً بسبب الجوع وأغلبهم في أفريقيا. أضف إلى ذلك أن قارة أفريقيا أكثر قارات العالم تأثراً بحدوث المجاعات البيئية، لفقرها الاقتصادي واستنزاف ثرواتها الطبيعية لصالح تحالف الدول العظمى. ويؤكد السيناريو المناخي، بقاء احتلال الولايات المتحدة للمرتبة الأولى في إنتاج محاصيل الحبوب الزراعية، ويظل تفوقها الزراعي وراء كونها "سلة خبز العالم"، ولكن تبقى المشكلة في الحصول على موافقة شعبها بتخفيض مستواه المعيشي لإطعام الشعوب من الجائعين المصنفين تحت ولايتها، بما يؤمن خوفها واستمرارية توقعها من أن تواجه أراضيها هجوماً عسكرياً من الدول الجائعة.

 


انبعاثات الكربون العالمية وتكلفتها الاقتصادية:

 

حسب تقرير مؤسسة Worldwatch الأمريكية، بلغت انبعاثات الأنشطة الاقتصادية في العالم نحو 8.2 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في عام 2007، بزيادة قدرها 2.8% عما كانت عليه في عام 2006، بينما تصل نسبة الزيادة إلى 22% مقارنة بمستويات عام 2000، علماً بأن حرق الوقود العضوي هو المسئول عن 74% من جملة انبعاثات الكربون بهواء الكرة الأرضية. وقد كانت الصين أكثر دول العالم في النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، ورغم أن الصين تفوق بكثير في حجمها السكاني الولايات المتحدة، إلا أن الثانية تفوق الأولىفي حصة السكان من الكربون، حيث يتجاوز متوسط الفرد الأمريكي فى تلك الحصة أكثر من أربعة أضعاف مثيلهفي الصين. وكانت الصين بالغة التأثير في زيادة انبعاثات الكربون، حيث ساهمت بنسبة 57%بين عامي 2000،2007، بينما بلغت مساهمة كل من الهند والولايات المتحدة وأوروبا مجتمعة حوالي 15% خلال نفس المدة. ومع استمرار الانبعاث بمعدلاتها الحالية تزداد حدة الاحتباس الحراري، الأمر الذي يدعو لضرورة تخفيض درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين، ومطلوب لذلك إعادة مستويات انبعاث الكربون بحلول عام 2050 إلى ما دون مستويات عام 2000بحوالى 50%، ويتطلب ذلك تدبير تمويل استثماري ضخم متجاوزاً حجم ميزانيات دول العالم الثالث مجتمعة. ويتوقع تقرير الأمم المتحدة (2007)، تكلفة خفض انبعاثات الكربون بما يتراوح بين 0.3%، 2% من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي، وهناك من يرجح الأخذ بنسبة 2% نظير ما تتطلبه مخاطر التغير المناخي من الاستثمارات لتخفيض نسبة الكربون المطلوبة. أما في حالة التراخي عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك، سترتفع النسبة بين 5%، 20% من الناتج الاقتصادي العالمي. وبصورة أخرى، قد تصل تكلفة تلك الإجراءات إلى 4.6 تريليون دولار أمريكي، بواقع 200 مليار دولار أمريكي سنوياً لتخفيض نسبة الكربون في عام 2030 إلى مستويات عام 2007.

 


موقف اتفاقية كيوتو لتجارة الكربون:

 

لم تخل مصادقة روسيا، المنتجة لأكثر من سدس كربون العالم، على اتفاقية كيوتو لتخرج الاتفاقية على المستوى الرسمي، من مصالح سياسية بغض الطرف عن مسألة البيئة، ومنها تسهيل انضمام روسيا لمنظمة التجارة الدولية وفتح باب التعاون الاقتصادي مع دول الاتحاد الأوروبي ودعم حصولها المكاسب المنتظرة من تجارة الكربون، والتي تقدر بحوالي 10 مليارات دولار أمريكي مقابل بيعها الفائض من حصتها لدول غرب أوروبا الصناعية. أضف إلى ذلك استثناء روسيا من تخفيض انبعاث الكربون بنسبة 5% بحلول عام 2012 والاكتفاء بتثبيت انبعاثاتها عند مستويات 1990 دون بقية دول العالم الكبرى.وقد رفضت الولايات المتحدة ومعها استراليا الاتفاقية خوفاً من تقليص نموهما الاقتصادي وعوائده المالية، بينما أجلت الصين والهند والبرازيل ومجموعة الدول النامية التزامها بالاتفاقية من باب عدم قدرتها الاقتصادية في الوقت الراهن. وتحالفت الدول المنتجة للبترول بحكم دورها الإستراتيجي في مخزون الطاقة العالمي للإفلات من المطالبة بشأن نسبة تخفيض انبعاث الكربون المطلوبة. أما تحالف مجموعة دول الجزر الصغيرة النامية الأكثر تأثراً بأضرار التغيرات المناخية المتوقعة، فكانت الأضعف تأثيراً في مفاوضات التغير المناخي. واختارت أغلب الدول العربية ولا سيما الدول المنتجة للبترول منها عدم التوقيع على اتفاقية كيوتو بحجة أن حصصها من الانبعاثات مشبعة ولن تعود عليها فائدة تذكر، بينما وجدت الدول غير البترولية ضالتها في الاستفادة من التنمية النظيفة والمتاجرة في حصصها من الكربون المنخفض. وعليه قامت كل من مصر والمغرب وتونس والأردن واليمن وأخيراً دولة قطر بالتوقيع على الاتفاقية.

 


سوق الكربون الدولية وإشكاليتها:

 

أظهرت اتفاقية كيوتو للتغير المناخي (1997) اتفاقاً سياسياً نحو تنظيم تجارة الكربون بين الدول بعضها البعض وبين الشركات في الدولة الواحدة، حيث تقوم هذه التجارة الدولية بين البائع من دول أو جهات ذات الانبعاثات المنخفضة من الكربون، والمشترى من أصحاب الانبعاثات المتزايدة، والسلعة غاز ثاني أكسيد الكربون، والسعر حسب العرض والطلب بالسوق العالمية. وفى سبيل ذلك تم تصنيف الشركات والمصانع بدلالة أقصى انبعاث مسموح به من الكربون ارتباطاً بمستويات كل مدينة أو دولة (2002). ومع بداية تنفيذ اتفاقية كيوتو (2005)، حققت سوق الكربون الدولية وسلعتها الجديدة نحو 10 مليارات دولار أمريكي، وفى خلال عام واحد تضاعفت تدفقاتها لتصل إلى 30 مليار دولار أمريكي (2006)، ومن المتوقع بلوغها 60 مليار دولار أمريكي مع نهاية مرحلة كيوتو الأولى (2012). وتتوقع السيناريوهات الدولية، في حالة التزام الدول الغنية بتخفيض انبعاثات الكربون بنسبة لا تقل عن 50% بحلول عام 2050 قياساً بمستويات عام 1990، وقيامها بشراء نصف انبعاثات الدول النامية من الكربون، أن يتوفر غطاء ماليقدره 100 مليار دولار أمريكي يخصص للتخفيف من حدة التغيرات المناخية، وذلك باستثمارها في المشروعات البيئية النظيفة بالدول النامية. هذا ومع ظهور اتفاقية مناخية لما بعد كيوتو (2012)، سيزداد رواج سوق الكربون الدولية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن المتوقع توفير تدفقات مالية للدول النامية في حدود 20ـ 120 مليار دولار أمريكي سنوياً.

 

وتدور تساؤلات حول مدى شرعية هذه التجارة، التي ترتبط بالهواء، الذي هو ملك للجميعوليس ملك شخص أو شركة أو دولة. وأن هذه السوق التي تأسست بإرادة سياسية وتتحكم فيها الشركات الاقتصادية والمالية الكبرى في العالم، قدوفرت للسماسرة والتجار الجدد مجالاً لتحقيق مصلحة التكتلات الاقتصادية العالمية. ومن ناحية أخرى، فقد استغل البنك الدولي ربط معونة أفريقيا، على سبيل المثال، بحصيلة عوائدها المنتظرة من تجارة الكربون وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، والتي تقدر بنحو 10 مليارات دولار أمريكي في عام 2010. أما الهدف الظاهر من إطلاق تجارة الكربون فيدور حول فاعلية المساهمة في معالجة ظاهرة تغير المناخ العالمي، وذلك من خلال مقايضة الدول الصناعية الدول النامية لحبس الكربون فيها مقابل مساعدتها في التنمية البشرية، لتسهيل إمكانية التحكم في الناتج الإجمالي العالمي للانبعاثات، من أجل تخفيف أضراره بالبيئة والمناخ العالمي. وتعد الغابات والزراعة من أهم مخازن الكربون، حيث يمكنها حبس 80% من انبعاثات الكربون في العالم، وأن إزالة الغابات وتغير أنماط الزراعة بمناطق تلك المخازن قد ساهم في العقود الماضية على إطلاق الكثير من الكربون وانحباسه في الغلاف الجوى. ويبقى السؤال حول حسابات تقدير حجم الانبعاثات وشكل المقايضة في ظل ذلك التدخل الرأسمالي في الأمور.


مساهمة الدول العربية في نسبة الكربون:

 

لم يتوصل المجتمع الدولي إلى اتفاق حول كيفية تطبيق المسئولية البيئية على ذلك الاقتصاد المتسبب في تلويث هواء الكرة الأرضية وتحمله، بصورة أو بأخرى، تكلفة وسائل التخفيف والتكيف والتعويضات المالية للدول المتضررة، ولا سيما مجموعة الدول الأقل نمواً باستقبالها الصناعات الملوثة لبيئة الهواء. وحسب قياسات اللجنة الحكومية المسئولة عن التغير المناخي، عام 2000، يدور حجم مساهمة مصر ومعها كافة الدول العربية حول 5% من إجمالي الانبعاثات الغازية في العالم ، والتي تعكس خلو مسطح الدول العربية من المشروعات الاقتصادية الكبرى ذات التأثير البيئي الضار بالهواء الجوى، ولا سيما صناعات المسئولية المتزايدة بنسبتها من الكربون العضوي، عدا ما تسمح به الدول الصناعية العظمى من تهجير مصانعها الملوثة للبيئة ومنها الأسمنت والسيراميك والكيماويات وغيرها لاستغلال الموارد الطبيعية والخامات الأولية واستهلاك عناصر البيئة بهذه الدول المستقبلة.ورغم ذلك تشير التوقعات إلى انخفاض المساهمة العربية في مقابل ذلك النمو الاقتصادي غير المسبوق بكل من الصين والولايات المتحدة، والذي يزيد من نسبة مساهمتهما معاً لأكثر من 50% في الحجم الكلى لمجموعة الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري. أما نصيب مساهمة مصر منفردة، يبلغ نحو 220 مليون طن مكافئ من غاز ثاني أكسيد الكربون (حسب تقديرات عام 2006/2007)، أي نحو 0.66% من الحجم الكلى لانبعاثات الغازات الحرارية في العالم. وذلك الوضع العالمي المتناقض، يزيد من إشكالية سوق الكربون الدولية في صعوبة تقدير الحسابات، وعلى سبيل المثال، كيفية احتساب انبعاثات كربون الصناعات المهجرة من الدول الصناعية إلى ملاجئ الدول النامية، ولحساب من ستضاف للاقتصاد الأصلي أم الدولة المستقبلة؟


اضطراب الإيراد المائي لنهر النيل:

 

يؤثر ارتفاع درجة حرارة الغلاف الإنساني على حركة التيارات والأمواج البحريةومسارات الرياح والتيارات الهوائية في الماء وفوق اليابس، مما يؤدى إلى تزحزح خطوط المطر واختلاف كمية التساقط بين موجات من السيول والجفاف، والتي ربما تزيد من طغيان التصحر أو توفر المزيد من المياه. ولا شك أن هبة مصر في جريان نهر النيل وسط أراضيها الصحراوية وما يحمله للمصريين من خير ونماء، كان وراء الخوف من تأثر الإيراد المائي للنهر بتلك التغيرات المناخية وأثر ذلك على التنمية البشرية. وقد رجحت نماذج التنبؤ بذلك الإيراد المائي النقصان على الزيادة، بين توقع فقد 70% من رصيد المياه الحالي و30% قد تأتى من احتمالية تزايد سقوط المطر بمعدلات أعلى من الوقت الراهن. وقد تختلف توقعات تغير المناخ باختلاف تصميم دوال النماذج الرياضية عند التنبؤ بالأمطار، وإن كان الاتجاه نحو النقص يزيد بمقدار الضعف عن حجم الزيادة المتوقعة لنهر النيل، إلا أن ذلك التقدير قد يختلف في المستقبل القريب باحتساب مرور الزمن وتطبيق الاختبارات لرفع مصداقية النماذج الرياضية ونتائجها. وفى سبيل ذلك تعاقدت وزارة الري والموارد المائية مع أكبر مراكز المناخ في لندن لتصميم النموذج المصري للتنبؤ بفيضان النيل، في ظل مخاوف التغيرات المناخية، ومن المتوقع إطلاق هذا النموذج المناخي الخاص في عام 2011.

 

وتختلف العلاقة بين حجم الإيراد المائي ومتوسط نصيب الفرد من المياه، مع استمرار زيادة وكثافة السكان، حيث سينخفض المتوسط في مصر عن خط الفقر المائي العالمي (ألف متر مكعب سنوياً) بمقدار يقل عن النصف بحلول عام 2020، ويظهر أثر ذلك على حركة التنمية البشرية بوجه عام وعلى حصيلة الإنتاج الزراعي بوجه خاص. ومن ناحية أخرى، تلك الآثار المترتبة على تزايد الصراعات بين دول حوض النيل، وعجز مشروعات أعالي النهر عن ملاحقة التناقص في حصة مصر المائية. ومن ثم تأتى ضرورة التركيز على المشروعات الممكنة في جنوب السودان، داخل منطقة الممر، التي تخدم الاستراتيجية المائية المصرية في سبيلها لتطوير الإيراد المائي لنهر النيل. وعلى صعيد أخر، تزايد الضغوط اللوجستية والسياسية لوضع أولوية حصول دولة إسرائيل على حصة من مياه النيل، حتى وإن كانت مخلوطة بالمياه الملوثة، في ظل ندرة المياه على المستوى الإقليمي وحرصها التاريخي على تعمير صحراء النقب.

 


الدلتا واختلال العلاقة بين البحر والبر:

 

تأتى دلتا نهر النيل في الترتيب من حيث درجة التأثر بتغيرات المناخ، المرتقبة، بعد مثيلتها بكل من دولتي بنجلادش وفيتنام. ويأتي احتباس رواسب الطمي بين الحدود المصرية والسودانية بامتداد بحيرة السد العالي وراء حالة الخلل في العلاقة الطبيعية بين البحر والبر بالمنطقة الشمالية. ومن المؤكد اختلاف سيناريوهات غرق الدلتا، بهبوط أراضيها المستمر تحت مستوى سطح البحر وطغيان مياه البحر على الأراضي الواطئة، لتحتل مساحات جديدة منها وتغير من خواص التربة باتجاه زيادة الملوحة وتمليح الأراضي، فتتلاشى بذلك فرص الاستفادة منها بنظام الري الحالي، وما يترتب على ذلك من فقد سكان تلك المناطق لمواردهم المعيشية، واضطرارهم للنزوح الإجباري إلى مناطق أخرى بعيدة عن الدلتا، تشكو من الكثافة السكانية المرتفعة، والحصول على فرصة عمل جديدة في ظل ما تعانيه من كافة أشكال البطالة والخلل الهيكلي، مما يساعد على نشوب التوتر الاجتماعي وتزايد الصراع بين السكان المحليين والوافدين من اللاجئين البيئيين الجدد.

تشير بعض الدراسات العلمية، أن علاقة نهر النيل والبحر المتوسط في الحفاظ على الدلتا من التآكل قد تعرضت لخلل بيئي نتيجة بناء السد العالي، حيث تكونت دلتا جديدة أمام جسم السدنتيجة تراكم المخزون الميت من الطمي بامتداد البحيرة داخل الأراضي المصرية والسودانية. تلك العلاقة الطبيعية التي ساعدت على دوام عمليات الإرساب باختلاف معدلاتها بين موسمي الفيضان والجفاف للإبقاء على توازن دلتا نهر النيل. أي أن فقد مياه النيل لرواسبها من المنابع الجبلية نتيجة عائق السد العالي، كان وراء نشوء حالة من الخلل البيئي نتيجة تزايد معامل التخزين الميت للطمي ببحيرة السد، وأثر ذلك في ضعف قدرة دلتا نهر النيل في المحافظة على توازن المنسوب بينها وبين البحر.وقد يساعد ارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة سيناريوهات التغيرات المناخية في تقهقر نسبى لمناطق نفوذ الدلتا مقابل استمرار ظاهرة الأسر البحري للأجزاء الواطئة من أراضيها. ويبقى الأمل في التوصل إلى أنسب الوسائل لنقل الطمي بكميات تكفى لإعادة التوازن البيئي بين الدلتا والبحر المتوسط، في محاولة قد تساعد في إبطاء زمن تآكل الشواطئ باتجاه الدلتا.

 


الأرض المهددة بالاختفاء:

 

تواجه دول قارة آسيا المطلة على المحيطين الهادي والهندي الأخطار المتوقعة مع ارتفاع منسوب المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والكارثة أن نصف هؤلاء السكان يقطنون المناطق الساحلية وهم الأكثر عرضة للفيضانات والأعاصير المدمرة الناجمة عن التغير المناخي. وأكدت بعض التقارير الدولية، أنه لا ينجو سنوياً نهر واحد من مجموع عشرة أنهار من فقد مصبه بالبحر وينتهي قبل الوصول إليه، وأن كثيراً من الأنواع النباتية والحيوانية سيختفي بعضها نهائياً ولا محالة من تقلص أنواع أخرى منها بنسب مخيفة. وعليه تحذر من ضلوع المناخ في نشوء النزاعات بكثير من الدول المهددة بالاختفاء بسبب تغيرات المناخ، وما يتولد عنها من أزمات بيئية واقتصادية ينتابها أزمات سياسية في الغالب نتيجة الاضطرابات الداخلية بسبب نقص الغذاء والماء وتزايد نسبة المهاجرين البيئيين في الداخل والخارج ولا سيما في البلدان الساحلية بدول شمال وشرق أفريقيا وآسيا. وتظهر المعضلة بجلاء في اختفاء العدالة البيئية، منذ مرحلة الاستعمار وتكريس التخلف المصاحب لها وعدم العمل على تقليل التفاوت الحضاري بمرور الزمن، والشاهد أن الفائدة لا تعرف العودة إلى تنمية المستعمرات المستقلة بل تجنيها خزانات الدول الغنية، التي تتهرب الآن من مسئوليها تجاه الدول الفقيرة المهددة بالاختفاء.

 


مؤتمر بالى للتغيرات المناخية:

 

عقدت منظمة الأمم المتحدة في مدينة بالى بإندونيسيا (2007) مؤتمرها حول التغيرات المناخية، في محاولة للاتفاق على خريطة طريق لمفاوضات قادمة بشأن التوصل إلى معاهدة جديدة تخلف اتفاق كيوتو (1997) ومرحلته الأولى المنتهية في عام 2012 والتي تنشد من الدول المصادقة على الاتفاق تخفيض نسبة ما تضخه من غازات الاحتباس الحراريبأقل من 5% مما كانت عليه في عام 1990. ولما كانت دولتا الصين والهند من الدول النامية المعفاة من الالتزام بالحد من الانبعاثات الغازية بموجب اتفاق كيوتو، وأن انبعاثات الصين كادت تقترب من حجم انبعاثات الولايات المتحدةبمقدار يدور حول 20%من الحجم العالمي للانبعاثات الغازية، مما جعل بعض الدول تدعو الصين والهند ومثيلاتهما من الدول الصاعدة اقتصادياً في المساهمة بنصيب ملموس من أجل تحقيق نسبة الهدف للحد من خطورة ارتفاع درجة حرارة الأرض. ويحسب لمؤتمر بالى، الاتفاق على إجراءات تقليص معدلات إزالة الأشجار من خلال توفير مخصصات لتعويض البلدان الاستوائية من أجل التوقف عن استغلال الغابات في التدفئة والزراعة، حيث يساهم ذلك بنحو 20% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. أي المحافظة على ما تبقى من رئة العالم، من الغابات المسئولة عن استمرارية التوازن البيئي بامتصاصها الكربون وتعزيزها للأكسوجين. وكذلك الاتفاق على تأسيس صندوق لدعم الدول الفقيرة من أجل مواجهة تأثيرات التغيرات المناخية ومساعدة الدول النامية على الاستعانة بالتكنولوجيا المتقدمة في مجال الطاقة.

 


هيمنة الاقتصاد على السياسة:

 

يعد مؤتمر بالى مرحلة تمهيدية لمؤتمر كوبنهاجن (2009)، ويتوافق مع ما جاء بتقرير التنمية البشرية الصادر في نوفمبر 2009، الذي يؤكد أن الدول النامية هي التي تدفع الثمن أكثر من الدول الصناعية المتسببة بالدرجة الأولى من الانبعاثات الغازية المؤثرة في حدوث التغيرات المناخية، وأن دول قارة أفريقيا مجتمعة لا تتعدى حصتها من تلويث الغلاف الغازي قدر ما تضخه ولاية تكساس الأمريكية منفردة، ورغم ذلك ستتأثر القارة الأفريقية أكثر من غيرها لفقدها القدرة على مواجهة عواقب تلك التغيرات من جفاف وأعاصير وفيضانات. ويواجه مؤتمر كوبنهاجن عقبتين، الأولى بشأن اعتبار الأرض سلعة تقام لها سوق تجارية، والثانية إطلاق الولايات المتحدة رفضها للمعاهدات الدولية لأن مجرد التوقيع عليها قد يحد من حريتها ومصالحها الاقتصادية. والقصة تدور حول أساليب الهيمنة الاقتصادية على المصادر الطبيعية للطاقة وغيرها من خلال تكريس الاحتكار والمنافسة لصالح الأقوى، ومع ذلك التدخل السافر للاقتصاد في السياسة العالمية يتعثر التوصل إلى اتفاقية عالمية بالمعنى الحقيقي للمعاهدة، حول مستقبل البشرية والحياة على كوكب الأرض.

 


فجوة الطاقة وضريبة الكربون:

 

تواجه دول العالم بالنطاقات المناخية الأكثر تأثرا بموجات البرد الشديدة، تحديات التوافق البشرى مع الطبيعة، في سعيها وراء تدبير الطاقة الكهربائية اللازمة لاستمرار مظاهر الحياة اليومية وتلبية احتياجات الأنشطة الاقتصادية المتزايدة والمستمرة. وعلى سبيل المثال، تضطر فرنسا رغم حصولها على 80% من طاقتها الكهربائية من المحطات النووية، لاستخدام محطات تعتمد على مصادر الوقود التقليدي، من الغاز والبترول والفحم، لمواجهة فجوة الطاقة وكثافة الطلب الموسمي على الكهرباء، بل تدبر باقي احتياجاتها من خارج حدودها الجغرافية، بواسطة الربط الكهربائي من محطات توليد ضخمة تتسبب في انبعاثات غازية هائلة. ورغم ذلك، يستثنى من ضريبة الكربون أنشطة في القطاعات الاقتصادية، مثل، التدفئة والكهرباء في السكن، والبضائع والركاب في النقل، والأسمدة والوقود في الزراعة، بالإضافة إلى صغار ومتوسطي الحجم قياساً بانبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون. وقد يعد ذلك بمثابة ترخيص معلن بمجانية تلويث البيئة، حسب الآليات المتبعة بدول الاتحاد الأوروبي للحد من الانبعاثات الغازية. ولكن مع قيود استخدام الوقود العضوي في البيئة، سيكون التأثير الأساسي لضريبة الكربون هو تشجيع الطاقة النووية، الأقل إصدارا لغازات الاحتباس الحراري، وبذلك سيظل الفرق واضحاً والاختلاف قائماً بين الدول، من حيث الكمية الإجمالية ومتوسط نصيب الفرد من انبعاث الكربون، كلما زاد الاعتماد على محطات الطاقة النووية. وعليه تفوق كل من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا فرنسا في نسبة حصتها من الكربون لأن غالبية اعتماد هذه الدول على الوقود الأكثر إصدارا لغازات الاحتباس الحراري.

 


الحل في الطاقة المتجددة:

 

ليس الحل في تدبير الوقود النووي لإنتاج الكهرباء بقدر توسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، نتيجة ما يسببه استخراج اليورانيوم وتخصيبه من أشكال التلوث المتعددة بالغة الأثر البيئي، وكذلك مشكلات مواقع المحطات النووية ومشاكل التخلص من مخلفات الوقود النووي. والفرق من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، أن الشمس ومشتقاتها كالهواء والأمواج والمياه والكتلة الحيوية تزود الأرض بالطاقة بنسبة تفوق في الكمية قدر ما تستهلكه البشرية حالياً من طاقات نووية وعضوية بنحو خمسة عشر ألف مرة. وكان الأولى أن يصدر مجلس دول العالم معاهدة بيئية للتنمية المستديمة بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بدلاً من إطلاق ضريبة الكربون وسوقها التجارية للحد من الانبعاثات الغازية. ورغم أن كل كيلووات/ ساعة من الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة يتفادى الانبعاث الحراري بمعدل 300 جرام من غاز ثاني أكسيد الكربون، إلا أن الحكومة الفرنسية، مثلاً، تعتمد على الطاقة من الشمس والرياح والكتلة الحيوية بنسبة 1% في مقابل اعتمادها الأكبر على المحطات النووية (2008). ومن ناحية المميزات النسبية للطاقة المتجددة مقارنة باستخدام الطاقة النووية، يمكن حصرها فيما يلي:

·خفض نسب الإشعاعات الذرية بالغلاف الجوى وما يتبعها من خسائر مادية وبشرية.

·تقليل الانبعاثات الغازية المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري.

·تخليص الأجيال القادمة من مخاطر إدارة النفايات الذرية.

·تزايد فرصة العمل البديلة بما توفره من الوظائف الثابتة بقطاع الطاقة.

·نشر ثقافة المعيشة الخضراء وانتعاش أسواقها العالمية.

·رفع معطيات الحضور البشرى الإيجابية مع تلاشى مخاوف الحياة على الكرة الأرضية.

 

تبقى جدلية تكاليف الاستثمار في تكنولوجيا الطاقات المتجددة وأسعار الطاقة النظيفة المرتفعة مقارنة بالطاقة النووية، وذلك الفرق الذي يتغنى به أصحاب رؤوس الأموال لتعظيم الربحية من الأصول الثابتة وتسويق المفاعلات النووية، مما كان وراء عرقلة تطور تكنولوجيا الطاقة النظيفة. وبحساب التكلفة والعائد، مع ما توفره تلك المميزات النسبية من أموال طائلة، كانت تبدد بدون الحصول على نتائج مؤكدة في الحد من انبعاثات الطاقة النووية، فيكون البديل في العودة إلى الطبيعة والمحافظة على حق الأجيال القادمة في الاستمتاع بالعيش في بيئة نظيفة. وتولى منظمات المجتمع المدني ومعهم خبراء الطاقة الخضراء، أهمية حث الحكومات على ضرورة التخلي عن الاستمرار في تلويث البيئة، وفى هذا الصدد تبحث الحكومة الفرنسية توصية بإغلاق محطات التوليد الحرارية والخروج التدريجي والكامل من استخدام الطاقة النووية مع حلول عام 2035. وعلى صعيد آخر، بدأت بعض حكومات الدول، منذ عام 2006، في اتخاذ الإجراءات الفعلية للارتفاع بنصيب الطاقة المتجددة، ومنها، ألمانيا وأسبانيا وكوبا (رغمانتمائها الاقتصادي) والإمارات العربية المتحدة. والمدهش أن دولة الصين رغم حصتها المرتفعة من تلوث الكربون، إلا أنها تحتل المرتبة الأولى في صناعة الطاقات النظيفة بالعالم، منذ عام 2007، حيث تصدر نحو90% من إنتاجها للخلايا الكهروشمسية.

 


كوبنهاجن تتجمل بالأرقام:

 

عقدت منظمة الأمم المتحدة في مدينة كوبنهاجن بالدنمارك (2009) مؤتمرها حول التغيرات المناخية، الذي واجه صعوبة التوزيع العادل للجهود العالمية، علاوة على فشل خريطة الطريق لتخفيض درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين حتى عام 2050، وكان الخلاف بين الدول النامية الأكثر تضرراً من تغيرات المناخ والدول الصناعية الكبرى المتسببة في تلك التغيرات، حول نصف درجة مئوية تمثل الفرق بين الخفض الذي يطالب به العلماء والجهود السياسية التي تبتعد عن تحقيق ذلك الهدف النظري. وفى حقيقة الأمر، كثيراً ما تتجمل الدول الكبرى بالأرقام الافتراضية، مبتعدة بذلك عن أرض الواقع، فعلى سبيل المثال يقرر الاتحاد الأوروبي الحد من الانبعاثات الغازية في مجالي الطاقة والبيئة، وذلك بنسبة 20% للانبعاثات الغازية المتسببة للاحتباس الحراري، بالتوازي مع تحقيق 20% من خلال استخدام تكنولوجيا الطاقة المتقدمة ورفع نسبة استهلاك الطاقات المتجددة بمقدار 20% وذلك خلال السنوات العشرة حتى عام 2020. وتحقيق تلك الأرقام يعد نوعاً من الخيال، في ظل التشكيك في النتيجة النهائية لمستويات الانبعاثات الغازية ولا سيما غاز ثاني أكسيد الكربون. وإن كان مؤتمر كوبنهاجن لم يتوصل لاتفاقية بديلة بعد انتهاء المرحلة الأولى لمعاهدة كيوتو (2012)، فان ذلك يدعم التجارة الجديدة في سلعة الكربون، ويظل السيناريو بلا استراتيجية ملزمة وتختفي العدالة البيئية في التطبيق على الدول النامية.

 


سيناريو بلا استراتيجية ملزمة:

 

إن تغير المناخ بالطبقة السفلي للغلاف الجوى نتيجة الانحباس الحراري يختلف عن تلك التغيرات المناخية بالأزمنة الجيولوجية للكرة الأرضية. ويتبع التغير المناخي بذلك سيناريو حالة التسخين الظاهري واستمرار مرحلة الدفء العالمي وذوبان الجليد وطغيان الماء على البر وتغير النطاقات المناخية وتزحزح حزام الأمراض والأوبئة في نصفي الكرة الأرضية. ومن هنا توالت علينا خروج أفلام الخيال العلمي من هوليود ومعها القوة الناعمة لترويج تجارة التغير المناخي، ولما اجتمعت أغلب دول العالم في اليابان لتقر مبادئ معاهدة كيوتو (1997) رفضتها الولايات المتحدة باعتبار تعالى النموذج الاجتماعي الأمريكي غير القابل للتدخل الخارجي. وقد اعتبرت هذه المعاهدة أن الهواء سلعة على المفاوضات حول المناخ فكانت وراء ظهور التجار الجدد لمادة ثاني أكسيد الكربون من مجموعة الغازات الدفيئة المتسببة في الانحباس الحراري، ولا سيما أن الاعتبارات السياسية لتلك الدول ما هي إلا انعكاس للتقييم التجاري بمعرفة المجموعات الكبرى المالية. هذا وفشلت المفاوضات في مؤتمر كوبنهاجن (ديسمبر 2009) في إيجاد معاهدة عادلة وملزمة لإدارة الأزمة الشاملة للتغير المناخي ولم تحل معضلة المصادقة عليها وتبنى العمل بها من قبل الولايات المتحدة والصين باعتبارهما أكبر دولتين تتسببان في الانبعاثات الغازية.

 


حاضر يتوخى المستقبل بحذر:

 

قصدت من وراء هذا الموضوع الذي ينتمي إلى الثقافة العلمية، إماطة اللبس عن تغيرات المناخ الوحشية بحسمها الطبيعي في السيطرة على مناطق شاسعة من العالم بإرهاصات عصر جليدي جديد، وتلك التغيرات المناخية البشرية في تدخلها للسيطرة على طبيعة الحيز الجوى للطبقة القريبة من سطح الأرض بقوة الانحباس الحراري. وأن النتائج العامة المتوقعة ما تزال في حاجة إلى المزيد من الحقائق العلمية، علاوة على تواتر الشكوك في بلوغ سوق الكربون العالمية أهدافها بشأن تقليص الانبعاثات الغازية، لكونها من أدوات تكريس السيطرة على التنمية البشرية في العالم. وبذلك لا مفر من العودة إلى الطبيعة بزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة، مع بحث حلول تعظيم الاستفادة من مواقع محطات الطاقة الحرارية الحالية وبنيتها الأساسية، بما في ذلك فرص العمالة الإقليمية والوطنية. ومن ناحية أخرى، هل يتم الاعتراف من قبل المجتمع الدولي بالحق التاريخي للدول التي استنزفت مواردها الطبيعية والبشرية بشتى صور الاستعمار، في محاولة لتمكينها من استرداد أرصدتها التقديرية التي ساهمت في نهضة ونمو الدول الاستعمارية وكانت السبب وراء تخلفها وفقرها الاقتصادي؟ . وهل يمكن حصول الدول الفقيرة على المنح والمساعدات بدون تحكم الدول المانحة في توجيهها الاقتصادي والسياسي؟. حيث سيؤدى ذلك الاستحقاق أو إطلاق تلك الحرية إلى زيادة معدلات التنمية البشرية وخفض نسبة الفقر الاقتصادي ورفع قدرات تلك الدول لمواجهة التغيرات المناخية المرتقبة.

 

لا شك أن تغيرات المناخ ستظل وراء السيطرة وتكريس الهيمنة الاقتصادية على مصادر الطاقة العضوية والوقود النووي، وتبقى مخاوف الولايات المتحدة من تعرضها لهجوم عسكري من مجموعة الدول الجوعى، نظير تفوقها بين دول العالم بمخزونها الطاغي من المحاصيل الزراعية، وسعيها الدائم للتحكم في مصير العالم اقتصادياً وسياسياً. علاوة على تطويرها برنامج عسكري للتحكم في المناخ المحلى، حيث يمكنها التحكم في مناخ أي مدينة في العالم بحلول عام 2025، كما تنشره شبكة الإنترنت. بالإضافة إلى حصول الولايات المتحدة على موافقة منظمة الأمم المتحدة بمشروعها الكبير لتبريد حرارة كوكب الأرض، رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية بشأن المخاطر المدمرة على صحة البيئة والإنسان من جراء هذا المشروع الإستراتيجي، الذي قد يخبئ أهدافاً عسكرية وسياسية. وفى ظل تلك الهوة الساحقة بين دول الشمال والجنوب وانهيار النظام الاقتصادي العالمي وتدهور معدلات التنمية البشرية بالدول المغلوبة على أمرها، والأخذ بمنطق "أن عدم اليقين العلمي ليس مبرراً كافياً لغض النظر عن المشكلة"، تقف هذه الدول المهددة بالأضرار الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية، بين سياسة اللاندم ومبدأ الحيطة، لتوخى الحذر واتخاذ الإجراءات الملائمة للتكيف مع مظاهر التغيرات المناخية العالمية المتوقعة.

 

المراجع:

 

(1)الجمعية المصرية للتشريعات الصحية والبيئية بالاشتراك مع جمعية الصداقة المصرية الدنمركية. التغيرات المناخية: الحقيقة والخيال. حلقة نقاشية متعددة التخصصات العلمية بمناسبة انعقاد مؤتمر المناخ بكوبنهاجن. شيراتون القاهرة، السبت 12/12/2009.

(2)المجالس القومية المتخصصة. مصر والتغيرات المناخية. تقرير مجلس الخدمات والتنمية الاجتماعية، الدورة التاسعة والعشرون، 2008-2009. ص ص. 19-60.

(3)المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. التغير المناخي. تونس، مطبعة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1991.

(4)باولا أوروزكو ـسويل وكنستان ديلات. بينما تفشل مفاوضات المناخ في كوبنهاجن: ضريبة الكربون في مقابل الطاقة المتجددة. النسخة العربية من لوموند ديبلوماتيك، جريدة الأخبار، يناير 2010. ص 4.

(5)جمعية الارتقاء بالبيئة العمرانية بالاشتراك مع اللجنة الثقافية بنادي الجزيرة الرياضي. محاضرة الأستاذ الدكتور/ مصطفى كمال طلبة. التغيرات المناخية العالمية وأثرها على السواحل المصرية. المبنى الاجتماعي بنادي الجزيرة الرياضي، الأربعاء 10/2/2010.

(6)وزارة الدولة لشئون البيئة. المؤتمر الدولي لمواجهة التغيرات المناخية في الفترة من 3-14 ديسمبر 2007، بالى ـ إندونيسيا. الإدارة المركزية للإعلام والتوعية البيئية والتدريب، 10/12/2007.

(7)حمدي هاشم. التغيرات البيئية العالمية. محاضرة لشباب نوادي علوم الأهرام بالقاهرة، مؤسسة الأهرام، الخميس 14/2/2008.

(8)حمدي هاشم. مستقبل مجازى للتغير في طبيعة مناخ الأرض.مجلة الأرصاد الجوية، ع 13، أبريل 2008، ص ص. 59 – 60.

(9)محمد صفى الدين أبو العز. تقلبات المناخ العالمي: مظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية. الكويت، وحدة البحث والترجمة بقسم الجغرافيا بجامعة الكويت بالاشتراك مع الجمعية الجغرافية الكويتية، ديسمبر 1980. ولأهمية الكتاب وجب إضافة ملخصاً تعريفياً عنه: فهو ترجمة بتصرف لكتاب أمريكي نشر عام 1977(The Weather Conspiracy: The Coming of the New Ice Age. New York, Ballantin Books: Random House In., April 1977 )،يروج لمجيء عصر جليدي جديد، والذي تأسس نشره على دراستين منفصلتين صدرتا عن وكالة الاستخبارات الأمريكية (1974)، الورقة الأولى أعدها مكتب البحوث والتنمية تحت عنوان دراسة للبحوث المناخية في علاقاتها بالمشكلات التي تهم الوكالة، والثانية من مكتب الأبحاث السياسية عن اتجاهات النمو السكاني العالمي وتحليل مستقبلي للغذاء والآثار السياسية في ضوء التغيرات المناخية المتوقعة. وذلك من واقع تصدى الوكالة لبعض القضايا العلمية، ذات الصلة بالتغيرات في الظروف العالمية، ولا سيما منها ذات التأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلى مقتضيات ومتطلبات أمنها القومي. ويتألف الكتاب من عدد (103) مائة وثلاث صفحات وعدد (10) عشرة أشكال، وبلغت قائمة المراجع (45) خمسة وأربعين مرجعاً، وللكتاب مقدمة يليها تمهيد قصير، ثم عرض مفصل من خلال (24) أربعة وعشرين عنوانا فرعياًً كالتالي: طقس متغير، عود إلى طقس الماضي، على أبواب عصر جليدي جديد، متى يطبق الجليد؟، المناخ والتطور الحضاري، العصر الجليدي الصغير، أسباب حدوث العصر الجليدي (أثر البقع الشمسية، تغير درجة ميل محور الأرض)، إعادة بناء صورة المناخ القديم، الأرض بين التبريد والتسخين، وماذا يمكن أن يحدث إذا ما تغير الطقس؟، سيناريو لآثار تغير الطقس، مشكلة الغذاء والتغير المناخي، الولايات المتحدة وسلاح الغذاء، الدول الفقيرة إلى أين؟، الولايات المتحدة "سلة خبز العالم"، البعد الديموجرافى في تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، البعد الغذائي في تقرير"الوكالة"، التجارة الدولية في الحبوب والتقلبات المناخية، إسقاط على المستقبل، البعد المناخي في تقرير"الوكالة"، العلاقة بين المناخ والسياسة في تقرير"الوكالة"، سجل من التغير المناخي في السبعينات، وكيف تكون المواجهة؟، "عالمية" تغير الطقس.

(10)ريكادو بيتريلا. مفاوضات صعبة من أجل توزيع عادل للجهود: عقبتان في الطريق إلى كوبنهاجن. النسخة العربية من لوموند ديبلوماتيك، جريدة الأخبار، ديسمبر 2009. ص 5.

(11)شبكة الإنترنت. مقالات وملفات متنوعة تغطى أغلب كلمات الموضوع المفتاحية.

الكاتب: د. حمدي هاشم

التعليقات على تغيرات المناخ العالمي . مظاهرها وأبعادها الاقتصادية والسياسية (12)

محمدFriday, April 27, 2012

رااااائع شكرا لكم

iyadMonday, March 26, 2012

لو كان هناك ابحاث اكثر لكان افضل لنا

انابل البداعSaturday, March 17, 2012

اولا سلام عليكم حبيت هذا البحث وفدني كثير شكرآ كثيررررررررررررر وانشاءالله انشر واحد بحث حقي قريبآ ..................................

البغداديةFriday, February 10, 2012

انه مقال جميل جدا ومفيد للغاية استفاديت منهكثيرا شكرا لكم جزيل الشكر

badre ddineTuesday, August 23, 2011

تم التلاعب بالانضمة المعقدة لالكون ما ينتج عنها ردت فعل عنيفة قد تدوم عشرات السنين لتستعيد الارض عافيتها او تكون النهاية ولابد من تداعي الانضمة السياسية ولاقتصادية فهي مرهونة بالتبعية لهدا النضام

اسياSunday, February 27, 2011

شكرا

ahlamhalouma18Sunday, November 14, 2010

مرحبا هذا البحث ساعدني شكرا جزيلا

حسن الهاميMonday, April 19, 2010

محطات عديدة و محاور هامة تناولها الدكتور حمدي هاشم في حرص علي تكامل الدراسة البحثية من حيث الجوانب التكنولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ... مما يجعلني مقدرا اتوجه بالشكر لسيادته لمثابرته وصبره ، واضاف ما هو يندر ان تجده في دراسات و ابحاث اخري ؛ اذ امد القارئ بزاد من المراجع الهامة ، وياحبذا حبا وحرصا لو كان زود كل فقرة مرفقا برقم المرجع المتاح في ذيل الدراسة القيمة ...

لقد استغرقت وقتا طويلا حتي اطلعت علي الدراسة نظرا لانني شخصا اصبحت ربما مثلما كثير من الناس نفضل الايجاز دون تفصيل ، والتفصيل محله في كل عنصر علي حده في مقال منفصل ... وادرك ان التفصيل له وجاهته وله اسبابه وله قرائه ..

لكن منذ بداية الدراسة ويبدو ان الدراسة تشير الي ان ما هو علي السطح ليس كل الحقيقة ، وان هناك من يسوق لاتجاه علي نحو دعائي وترويجي لاسباب ميكافيلية .

لكن اذا استبعدنا منطق المؤامرة لنا ان نعود عودا ليس ببعيد ... في عصر الاستكشافات الجغرافية اكتشف اهل الغرب مدي التخلف الذي يعيش فيه الناس في الشرق والجنوب ، ولذا استطاع الغرب ان يضمن ولاء قبائل و يستولي علي اراض شاسعة مقابل بعض من الخرزات الملونة أو خشية من دخان البارود الابيض .

و اتجه الغرب للقضاء علي الجنس الاصفر بترويج الافيون في الصين ثم اتجه الي استخدام سوس الداخل للقضاء علي الامبراطورية العثمانية ثم الامبراطورية السوفياتية ، و ها هي لحظة تاريخية فاصلة في مصير الارض عندما انهار سور برلين ليبدأ عصر الابراطورية الامريكية المودرن التي تعتمد علي سلاحان رئيسيان وهما الاعلام والكنولوجيا وتوابعهم السياسية و الاقتصادية و.. لكن منذ البداية والامبراطورية المودرن قد قسمت العالم الي قسمين ، اقصد قطيعين احدهما يستحق ان يكون في الحظيرة الامريكية ، والاخر لابد من القضاء عليه فهو عالة علي الحضارة العولمية ... ولن تستخدم الولايات المتحدة سلاح تقليدي الا في الحالات التي تستحق الاخماد في البداية أما غير ذلك فهناك آلة العلم و الة الاعلام ...

علي قطيع الحظيرة تصدير مصانع التلوث بالمبيدات و السموم والغبار و النفايات الي هؤلاء الذين يستحقون الافناء ثم لندع هؤلاء ايضا يدفعون ضريبة الحياة طالما هم عالة علي الحياة

لكن لا صناعة حقيقية لدي هؤلاء المعاليين ، فقط صناعات التخلف مثل الاسمنت و الاسمدة ودفن النفايات

أما غير ذلك ادفع غرامات أو توقف مكانك دون صناعة أو

وجاءت موضة التغيرات المناخية مواكبة لموضة العولمة لتؤكد ان المراد هو مزيد من المخاوف لدي سكان حظيرة الافناء والتسليم بكل ما يطلبه الغرب من شروط اذعان

وجاءت دراسة منطقة حديثة في 868 صفحة تحت عنوان Climate Change Reconsidred قام باعدادها 35 خبير من 15 دولة في نهايتها توقيع 9029 عالم ونحو 31478 مواطن لتقلب المائدة رأسا علي عقب

هنا في مصر ... معظم ما نقرأه مجرد اجتهادات دون تفعيل ،وباتجاه نحو الحرارة سوف ترتفع أما ما يؤكد ان الامر غير ذلك تماما فيكون الرد عليه الديمقراطية تحتم ان نهتم بمن يقول الحرارة في ارتفاع فهم الغالبية

لكن ارجو ان نراجع قواعد الديمقراطية التي مكانها وموقعها التصويت أما اهل العلم فانه يختلف تماما اذ ان الدنيا كلها كانت تري ان الارض مسطحة حتي جاء من يقول ان الارض كروية ... لكن في عصر الظلام برغم صدق مقولته كان يجب شنقه ...

علاء الدراجيTuesday, March 30, 2010

عن قريب ان شاء تعالى انشر بحثي حول الحل الامثل للاحتباس الحراري لقد احرجت المجلات الاجنبية عندما طلبت منهم نشره باللغة العربية في مجلاتهم لرفع الشأن العربي و لكنهم عرضوا علي الترجمة و النشر فرفضت و شكرا لكم

يوسف صادقTuesday, March 30, 2010

برجي الاحاطة بانني كجغرافي أهتم جدا لموضوع تغير المناخ وأري أن الابتكار في هذا المجال يؤدي الي مردود تنموي واستثمارات عالية علي سبيل المثال اصدار شهادات الكربون بحجم الكربون المتدني لدينا في مصر والدول العربية فنحن لسنا سبب أي مشكلة في هذا الموضوع علي العكس نحن الضحية هل لديك أي معلومات عن كيفية اصدار هذه الشهادات للاستفادة منها بالبيع الي الدول عالية الانبعثات الكربونية مثل الصين والهند والولايات المتحدة .



نحن لا نلوث البيئة

فقط نريد أن نوثق حقوقنا طبقالاتفاقيةكيوتو الدولية لتغيير المناخ



شكرا





Salah ZaradTuesday, March 23, 2010

You ae very active & you have ,very serious have a good ideas

ahmed ragabWednesday, March 17, 2010

أولا أعرب عن مدى اعجابي بهذا المقال الممتاز.
ثانيا أطلب منكم التفكير لما هو أبعد عن شيء واحد فقط ألا وهو كيف يمكن وصول رواسب الطمي المتراكمة ببحيرة ناصر إلى شمال الدلتا المتقهقرة بالتدريج والمتأثرة بلا شك بالتغيرات المناخية المرتقبة؟
وشكرا لقراءتكم التعليق أو الرد عليه.....

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
77574

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags