|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › آفة حارتنا النسيان. أفلا تتذكرون؟

آفة حارتنا النسيان. أفلا تتذكرون؟

توجد بعض الحيل الدفاعية أو الدفاعات النفسية التى يستخدمها الإنسان بصورة مقصودة أو غير مقصودة لتقليل الآثار السلبية من المشكلات، ولكنها فى نفس الوقت ستسبب مشكلة فى حد ذاتها إذا تم الإسراف فى استخدامها أو اعتبرها الإنسان بديلا عن حل المشكلة. ومن ضمن تلك الدفاعات النفسية على سبيل المثال دفاع النسيان ودفاع الإزاحة، فالنسيان هو نسيان المشكلة وأسبابها من أجل عدم الشعور بالذنب أو تأجيل التفكر فى حل حقيقى للمشكلة، والإزاحة هو إلصاق سبب المشكلة بالشخص أو السبب الخطأ لتجنب مواجهة السبب الرئيسى للمشكلة.
وسأسرد فى هذه المقالة بعض الوقائع أو بعض الملاحظات أو بعض الأحداث التى يتناساها البعض من أجل عدم تذكير نفسه بحقيقة المشكلة أو من أجل الهروب من الحلول الصعبة والجذرية للمشكلة، وقد يرى البعض ذلك هو مجرد تذكير بالمشكلات وكشف للجروح القديمة، ولكن لا شفاء بدون معرفة المرض أو كشف الجرح ثم البدء فى العلاج ولو بعد حين.

الملحوظة الأولى أن قبل ثورة 25 يناير كانت هناك محاولات كثيرة لتشكيل جبهة موحدة أو ائتلاف موحد من أجل الوقوف ضد نظام مبارك، ولكن كان هناك دائما مشكلات دائمة تتمثل فى الخلافات التاريخية بين بعض الأحزاب والتيارات وبين بعض قادة الأحزاب، بخلاف خطاب التخوين والتلاسن بين جبهات وأحزاب ورموز المعارضة، فلان عميل للإمبريالية، فلان رجعى ومتخلف، وهذا ما آخر قيام الثورة لوقت طويل، إلى أن استطاع الشباب «شباب كفاية ثم شباب 6 إبريل ثم شباب حملة البرادعى وشباب الأحزاب» معالجة تلك الأخطاء والدعوة لحدث مجمع بغض النظر عن الاختلافات الأيديولوجية أو الخلافات التاريخية بين الأحزاب.

الملحوظة الثانية أنه كان هناك نقاش واسع قبل الثورة حول فكرة دخول الإخوان فى الحراك ضد مبارك منذ 2004 حتى 25 يناير 2011، فكان هناك دائما من يدافع عن ضرورة دخول الإخوان فى الحراك السياسى المضاد لمبارك وإقناعهم بذلك وتوحيد الصف بين اليمين واليسار ويجب أن يقف الإخوانى والليبرالى والاشتراكى والناصرى ضد نظام مبارك، وبعد ذلك يمكننا الاختلاف حول الأيديولوجيات «آه والله كنا بنقول كده فى 2005»، وأيضا كان هناك الكثير الذين يدافعون عن حق الإخوان فى إنشاء حزب سياسى وحق الإخوان وكل الإسلاميين فى ممارسة العمل السياسى فى النور، سعدالدين إبراهيم مثلا له مقالات كثيرة تدافع عن حق الإخوان، والبرادعى نفسه وأيضا حمدين صباحى، وكانت هناك كتابات كثيرة ومساع تتحدث عن حق الإخوان فى الوجود وضرورة ضمهم للحراك من أجل إسقاط مبارك، وبالتالى فليس كل من دعم الإخوان فى انتخابات الرئاسة ضد شفيق هو خائن وعميل، فقد كانت فكرة الوقوف مع الإخوان ضد مبارك فكرة مطروحة منذ 2004، بل كان بعض الرموز يحاولون جذب الإخوان لمعسكر القوى الساعية للثورة ضد نظام مبارك، وكان الإخوان هم من يهربون، ويتجنبون الصدام مع النظام.

الملحوظة الثالثة المرتبطة بالملحوظة الثانية أنه إذا كان عاصرو الليمون أو من انتخب مرسى بهدف إسقاط شفيق هم خونة وعملاء وخلايا نائمة، فماذا عمن دخل على قوائم الإخوان المسلمين فى انتخابات مجلس الشعب 2011 ووافق على قواعد اللعبة بهذه الطريقة رغم عزوف شباب الثورة عن المشاركة فى تلك الانتخابات، ولماذا تخوين عاصرى الليمون فقط؟

الملحوظة الرابعة إذا كانت الثورية هى المقاطعة لانتخابات الرئاسة فى 2012، فماذا عمن وافق على دخول اللعبة المرسومة بقواعدها منذ البداية، أنشارك فى المرحلة الأولى ونقاطع فى المرحلة الثانية ويكون ذلك هو الثورية؟

الملحوظة الخامسة التى يجب تذكرها دائما هو أن كل مرشحى الرئاسة المحسوبون على الثورة رفضوا التنازل لمرشح واحد مما أدى لتفتت أصوات الثورة وجعل الجولة الثانية بين مرسى وشفيق، لماذا نتجاهل هذه الحقيقة ونلقى اللوم على عاصرى الليمون ويتم وصفهم بخيانة دم الشهداء وخيانة الثورة؟

الملحوظة السادسة بخصوص ذلك المسار منذ البداية، بعد تسليم مبارك السلطة للمجلس العسكرى طلبنا من الجميع أن نبقى فى الميدان لأننا لا نعرف نوايا العسكر وماذا سيفعلون، ولكن الناس غادروا الميادين واحتفلوا وتبقت مجموعات قليلة فى ميدان التحرير تم التنكيل بهم وسط مباركة الإخوان والمتفرجين، وتم إجبارنا على الدخول فى مسار خاطئ منذ استفتاء مارس 2011 بأن يتم الاستفتاء على تعديلات دستورية تقر بأن الأغلبية فى مجلس الشعب تشكل الجمعية التأسيسية لوضع دستور البلاد، فمن الذى أجبرنا على هذا المسار الخاطئ رغم صراخنا وتحذيرنا بأن هذا مسار خاطئ؟ ومن بارك الاستفتاء؟ وماذا عن غزوة الصناديق؟ وماذا عن حديث المجلس العسكرى بأن هذا الاستفتاء هو استفتاء على شرعية المجلس العسكرى؟ ومن تحدث عن الجنة والنار والاستقرار وعدم الاستقرار؟ ومن صوت بنعم فى هذه الاستفتاء؟ ألا تتذكرون؟ من الذى دخل انتخابات مجلس الشعب 2011 على قوائم الإخوان رغم عمله بهذا السيناريو؟

الملحوظة السابعة إذا كانت مقاطعة الانتخابات الرئاسية هو الثورية والمشاركة فيها هى الخيانة، فماذا عن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية 2011 رغم أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء؟ وهل تتذكرون مع من كانت أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو؟

كل تلك الملحوظات السابقة هى لتذكر أسباب المشكلة ولبذل مجهود وتفكير فى الحل بدل من النسيان أو لصقها فى الشخص الخطأ أو البحث عن الحل السهل، فلن يكون تخوين الصف الثورى هو الحل، وتخوين الشباب الذين دعوا للخروج يوم 25 يناير أو قتل عاصرى الليمون ليس هو الحل.

راجعوا أنفسكم وتذكروا من هم محركى الأحداث ومن وضعونا فى هذا الطريق بعد رحيل مبارك، تذكروا أن خطاب التخوين وتشويه رموز ثورة 25 يناير هو الذى تسبب فى شق الصف، وهو الذى سيتسبب فى شق الصف مرة أخرى فى 30 يونيو، أفلا تتذكرون؟

الكاتب: أحمد ماهر

التعليقات على آفة حارتنا النسيان. أفلا تتذكرون؟

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
94161

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags