|

مقالاتالاسرة والطفل › كيف تنسى وتودع الماضي ؟!

كيف تنسى وتودع الماضي ؟!

    دعنا نتأمل هذه الكلمات لحظةً من الزمن: "نسيان الماضي.. نسيان جراح الماضي؛ نسيان أخطاء الماضي؛ نسيان الماضي المؤلم. "كلنا بلا شك مر به أشخاصٌ وأحداثٌ وظروفٌ في ماضي حياته سببتْ له الجُرح والغضب والاستياء. وكلما تذكر الإنسان ما مر به من إيذاء وألم تفجرتْ بداخله مشاعرٌ سلبية مدمرة لنفسه وكيانه، وقد تظن أن هذا الجرح أو الألم الذى عايشته بداخلك تجاه هذا الشخص أو الحدث لن ينتهي تأثيره عليك مهما مر الزمن ... إذ أنه محفور في الذاكرة بمشاعر الغضب والإحساس بالإنكسار والانهزام، وقد تتصور أيضًا أنك مهما حاولتَ فلن تستطيع منع آثاره السلبية عليك ... فهو يدمر حياتك ويحطم سعادتك، ويقضي بسهولةٍ تامة على سلامك العقلي وعلى صحتك.

    لذا "توقف هنا" .. "توقف لتعلم "أنك تستطيع القضاء على كل ما يؤلمك ويزعجك بالنسيان، ولكى تنسى لابد أن تصفح.وليس معنى أن تصفح .. أن تنسى التجربة أو الشخص أو الحدث الذى مررت به في حياتك وآلمك؛ ولكن المقصود أن تنسى مشاعر الألم والمعاناة وإدانة الذات والأفكار المشوشة المصاحبة لهذا التذكر.

    لن أقول لك بأن تمارس الصفح لأن الله غفور رحيم، وهو يغفر لك ولكل البشر، ويسامحك على كل شئ ... لذا يجب عليك أيضًا أن تسامح أخوتك في الله.

    ولن أقول لك إن الراحمين يرحمهم الله، وكلما سامحتَ ورحمتَ ... استحققتَ أن يسامحك الله تعالى على معاصيك الكثيرة التى تُثقل كاهلك.

    كذلك لن أقول لك أن تعطى لأخيك سبعين عذرًا . يقول جعفر بن محمد: "إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرًا واحدًا إلى سبعين عذر، فإن أصبتَه وإلا، قل لعل له عذرًا لا أعرفه".

    ولن أقول لك إن الله تعالى ذكر في القرآن سورة الأعراف أية 56: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ). أى أن رحمة ربك قريبة من المحسنين؛ والأفضل أن ربك سبحانه جل جلاله هو كذلك قريب منك لإحسانك. يعني أنك فزت بالرحمة إذا صبرت وصفحت؛ وغنمت أيضًا القرب من خالقك العظيم، وأى جزاء أفضل وأعظم من هذا؟!

ولكنى أقول لك: إنك سيد أفكارك وعواطفك وردود أفعالك، وأنك تمتلك القدرة والقوة على رفض كل الأفكار والعواطف وردود الأفعال التى تزعجك وتسبب لك الضيق. وأقول لك: أنت سيد حياتك، وماضيك وحاضرك ومستقبلك ملك يديك، فلا تمنح أى سلطة لأى شخص أو حدث أو موقف مهما كان .. ليبعدك عن سلامك النفسيّ والعقليّ، ويمنعك من التمتع بصحتك الكاملة؛ وتحقيق أهدافك في الحياة.

لقد أتيتَ للعالم لتخدم البشرية وتمارس إنسانيتك بأن تكون إنسانًا يتحلى بالقيم الإنسانية الرائعة والأخلاقيات النبيلة والشريفة التي أُرسلتْ من أجلها رسالة الإسلام، وأنت تحمل بداخلك هذا الجمال الإنساني الخلاب، وتكشف كل يوم المزيد من لألئالحكمة لاختيار الله لك كخليفة على أرضه. لذلك يجب أن تحقق قوانين الله في أرضه .. بأن تعيش سعيدًا باختيارك السعادة، ورفضك لكل ما يسبب شقاءك وتعاستك ومرضك.

    إنك عندما تمتلئ نفسك بالكراهية والغضب والحقد على الآخرين لرد الطاقة السلبية التي وجهوها تجاهك ... فإنك بذلك تسمم أفكارك وعواطفك؛ وبالتالي تسمم عقلك وبدنك. وسيظهر هذا بالتأكيد في شكل مشاكل وصعوبات في حياتك. وبدلاً من ذلك، تستطيع بروحك الطيبة السمحة أن ترد على إساءات الآخرين ... بموقفك الإيجابي المفعم بالإحسان والتعاطف مع ظروفهم وعقليتهم المشوشه، وترد على سيئاتهم بحسنات تكسبها في رصيدك ليوم القيامة ... هذا اليوم الذي ستحتاج فيه بشدة لأدني ثواب "كالتصدق بشق تمرة" لتتقى به عذاب النار.

    ولتعلم جيدًا أن ما يُسهم في سلامك وسعادتك وإنجازك ... سيسعد بالضرورة من حولك ويغير حياتهم للأفضل؛لأنك بموقفك الإيجابي هذا جعلتهم يتسألون: "هل نحن سبب هذه الفوضى والتعاسة؟"، وعندما يفكرون قد يتغيروا، ويرجع عائد تغيُّرهم عليك وعلى البشرية مرة أخرى بالفائدة العظيمة.

    تذكر دائمًا أنك جزءٌ من الكل، وأن سلامة الجزء هى سلامة الكل. فالكل لن يصلح إلا بصلاح الجزء، والجزء لن يكتمل إصلاحه إلا بإصلاح الكل. فكن سببًا في تغيير عالمك للأفضل.يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد11. فالله تعالى لا يغير الأوضاع إلا بتغيير الكل، والكل لا يكتمل تغييره للأفضل إلا بصلاح الأجزاء.

    فأبدأ بنفسك وأصفح ... وانتبه لحقيقة هامة .. أنك عندما ترفض الصفح؛ فأنت لا تعاقب الآخرين كما تتوهم بل تعاقب نفسك .. فمن أغضبك فقد هزمك. وعن البزار بإسناد حسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يصطرعون فقال: "ما هذا؟ فقالوا: فلان ما يصارع أحدًا إلا صرعه، قال:أفلا أدلكم على ما هو أشد منه؟ رجل كلمه رجل وكظم غيظه فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه". وعند ابن حبان مرفوعا : " ليس الشديد من غلب الناس إنما الشديد من غلب نفسه" .

    إن مشاعر الغضب والاستياء والإدانة تجاه الآخرين تضعفك، وتستنزف طاقتك، وتضيع عليك كل يوم فرصًا رائعة لتغيير حياتك للأفضل. إنها تقتل سعادتك وسلامك؛ وتبعدك عن القيام بأى نشاطٍ إبداعيّ أو مبهج .. تستطيع أن تقوم به لتحسين حياتك وظروفك.

    لذا أنفض اليوم عن نفسك تراب السنين وانسَ آلام الماضي وضمدها بالصفح والغفران. أغفر لكل شخص ولكل ذكرى ولكل موقف آلمك في حياتك يومًا. فكر إيجابيًّا الآن بما تستطيع أن تقدمه لنفسك لتعويض كل ما ضيعته من سنين في مقاساة الآلام والأحزان. قل اليوم لكل من آذاك (سامحتك) وتمنى له الخير والسلام.

    جرب اليوم أن تصفح .. لتدرك أن الآخرين لا يستطيعون إفساد حياتك أو تعكير صفوك. قل لنفسك إنك أنت المسيطر على حياتك ومصيرك؛ وإن أفكارك وعواطفك هي التي تستطيع أن تمنحك الجحيم بإدانة نفسك وإدانة الآخرين كل حين، وهى أيضًا التي تستطيع أن تمنحك الجنة والنعيم بالغفران وإحلال السلام والانسجام في كل من عقلك وجسدك.

وتقول لي ماذا سأستفيد من الصفح عمّن جرحني فأقول لك:

-  ستستفيد السلام النفسي والعقلي.

-  ستعالج نفسك من أدران النفس من حقد وكراهية وغضب.

-  ستعالج جسمك من الأمراض .

-  ستصبح مؤمنًا قويًا .. واثقًا في نفسك؛ وفي خيرية أقدار الله تعالى.

-  ستمضى في تحقيق أهدافك في الحياة.

-  ستُزيل أية معوقات من طريق نجاحك.

-  سترتفع منزلتك لدى الآخرين لأخلاقك الحسنة.

-  ستصبح أفكارك خلاَّقة لصالحك ولخدمتك.

-  ستكون في معية الله وتوفيقه.

    القرار لك ... فلا تعاقب نفسك بعد اليوم بخسارة كل هذه الفوائد التى تجنيها من الصفح.وأعلم أن الله تعالى عندما تذنب لا يعاقبك على أشياء قلتها أو فعلتها في لحظات طيش وعدم نضوج، فهو سبحانه يترك لك الفرصة لتصحح أخطاءك وتتجنب هذه العثرات مستقبلاً...  فلماذا تعاقب أنت نفسك ببعث الأحداث والمواقف المؤلمة الماضية كل يوم من مدفنها لتحيها من جديد في عقلك؟ وتعيد تجديد بؤسك وتعاستك وتأثيرها السلبي على حياتك؟!. الله رحيم بك فكن رحيمًا بنفسك واصفح.

ما مضى قد مضى ولن ترجع عقارب الساعة ولو ثانيةً للوراء. وما تملكه هو اليوم "اليوم فقط" فحتى مستقبلك لا تعلم هل ستعيشه أم لا. وهل ستتاح لك هذه الفرصة لتصفح أم سيمر الوقت وتضيع فرصك.

    فلتكسب اليوم وتقرر أن تعيش سعيدًا وتصفح عن كل ما مضى في حياتك. ولتبدأ بالصفح عن نفسك أولاً لتستطيع أن تصفح عن الآخرين. وسأعطيك طريقة سهلة تساعدك على ممارسة الصفح وظهور المعجزات ثانية في حياتك وهي كالتالي:

    قبل النوم استرخِ وهدِّئ عقلك وجوارحك، ولا تفكر في شيء إلا الله ونعمه الكثيرة في حياتك (عدها في عقلك) وأشعر كم أنت محظوظ بكل هذه النعم. ثم قل بحزم وهدوء وثقة هذه التصريحات:

    - أنا أختار الصفح، وأُعلن اليوم أنني أصفح عن (أذكر أسم الشخص الذي آذاك أو جرحك) تمامًا و بحرية. وانسَ بصدقٍ كل شيءٍ متعلق بهذا الأمر. أنا حر الآن ولديَّ شعور رائع بالسكينة والهدوء والسلام، وهو كذلك حر ولديه نفس المشاعر.

ولكل الأحداث والمواقف التي حدثت بالماضى وآلمتك قل:

    - الوقت قد حان الآن لأعفو عن جميع الأشخاص والأشياء المؤلمة التى مرت في حياتي بالماضى. وقد عفوت اليوم بإرادتي الحرة عنهم جميعًا، وأنا أقوم بذلك بكل حرية وابتهاج لما أقدمه للبشرية من خير. مع تمنياتي الطيبة لجميع من عفوت عنه بالسلام والسعادة.

    ما أروع هذا الشعور بالقوة والسيطرة على مشاعرك وحياتك .. لابد أنك تشعر بهذه القوة الآن التي تسري في جسدك وعقلك بعدما رددت هذه التصريحات.

    وكلما تذكرتَ هذا الشخص ثانية قل: (أتمنى أن تنعم بالسلام)، وبتكرار هذه الجملة في عقلك ستجد أن مشاعر الحنق تزول وتختفي، حتى عندما تراه ستجد هذه المشاعر أصبحت في طي النسيان واختفت تمامًا. فعندما تعيش السلام والسعادة لن ترغب بعد اللحظة أن تعيش الألم والتعاسة. أليس كذلك!

لقد كسرت قيودك وقيوده بعفوك عنه فلا تعود تسجن نفسك في ألمك ثانية "انتبه" وقل لنفسك: (أنا حر وأعيش في سعادة، وهو حر ويستطيع بصفحي أن يتغير للأفضل، وكلنا يعيش مرة واحدة .. فلنعش حياتنا في سلام).

    أنت اليوم مسيطر على حياتك بصفحك عن نفسك وعن الآخرين. ولست بحاجة لتعادى فلان لتنجح أو تهاجم فلان لتعيش مرتاحًا... ستنتهى الصراعات وتنقشع غيوم المشاكل. فأنت في سلام مع نفسك بتفكيرك الإيجابي، وبمحافظتك على حالتك الإيجابية، واضبط قلبك على مشاعر التسامح في كل وقت مهما اختلفت الظروف والأماكن والأحداث. إن الحب والتراحم دائمًا ما كانا السبيل لحياةٍ سعيدة ومستقرة .. فلا سبيلاً آخر.

    أنت اليوم بصفحك .. ترفض الألم والمعاناة، وتبذر بذور الحب، وتتوقع الحصاد الرائع. ومن يزرع حبًا يجد حبًا، ومن يزرع شوكًا يجني الألم والجراح. يقول تعالى في محكم كتابه: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) صدق الله العظيم.

    وسوف أساعدك على النسيان، وأهديك فيديو لتقنية فريدة وفعالة جدًا لتزيل تأثير كل هذه الآلام؛ وتمحو من داخلك الآثار السلبية لكافة المواقف والأحداث المزعجة التي مرت عليك في الماضي .. ذلك لتبدأ صفحة جديدة من حياتك مليئة بالقوة والتفاؤل والحب لكل محيطك. فقط طبق التقنية على موقف واحد مزعج كل مرة.

مع تمنياتي للجميع بنسيان جراح وآلام الماضي للأبد. وتذكرونا بصالح دعائكم. دمتم في صحةٍ وسعادة.

بقلم : أماني سعد - كاتبة في فنون إدارة الحياة

www.dramany.net

الكاتب: أماني سعد - Dramany.net

التعليقات على كيف تنسى وتودع الماضي ؟! (1)

كنزيMonday, October 13, 2014

اصعب شىء ان تحمل نفسك اثقال الماضي المؤلم لان الجرح غالبا ما يكون من اهللك واحبائك فلا ينسي وتظل بين احساس الحزن تارة والشعور بالذنب تارة اخري لانك تحمل بداخللك كل هذا القدر من الاحاسيس السلبية تجاه هذا الشخص......تذكر فقط انك في وضع افضل بكثير ممن ظلمك لان قلبك طاهر ولان الحزن يعطينا شئ من النقاءوالقرب اكثر من الله ولا بعني ان نستمر فيه بل نستفيد به كخبرة لنا من الحياة وبقدر ما تنسي بقدر ما يعوضك الله عما عانيت وسامحت

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
38029

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags