علي غير العادة تنشط الفضائيات العربية في رمضان ، لكن اتجاهان يظلان هما المسيطران بلا منافس علي معظم أنشطة تلك الفضائيات، أولهما المسلسلات الدرامية ( وعذراً لاستخدام مصطلح الدراما فالدراما كمصطلح أدبي أرقي من أن نربطها قسراً بتلك المسلسلات الهزيلة التي تستخف – وبنيةٍ مبيتةٍ – بعقليات المشاهدين وتقدم خدمة أكثر من رائعة !! ألا و هي تسطيح كل قضايانا وابتذالها ! وأهم من هذا كله تكريس البلاهة والتخلف في مجتمعاتنا العربية .
أما الاتجاه الاّخر والذي لا يقل خطورة في الأنشطة التلفزيونية الرمضانية فهو برامج المطبخ ( غالباً لا أحب التلفزيون وأعتبره اختراعاً غبياً علي الأقل عربياً ، مرة من المرات أسعدني حظي وتابعت برنامج شهير للشيف أسامة " أطيب مع أسامة "، كان الموقف اضطرارياً أستطيع أن أدعي ذلك ، المهم ما جعلني بالفعل أشهق شهقة لحظها الجميع : يا الهي كل هذي دهون .. كل هذي سعرات حرارية ! الأدهي أن كل وجبة مدججة بالدهون يتبعها حلو! أي من كارثة لكارثة
أي جسد يحتمل كل هذا ! ، وأهم من هذا كان السؤال : كم يلزمنا من مجهود لنحرق تلك السعرات الحرارية ... أنا طبعاً لا ألوم الشيف أسامة فمن حقه أن يقدم ما يحلو له ، لكن من حق الناس أيضا أن تعرف كم وراء تلك الأكلات من مشاكل صحية .
بعد تلك الصدفة قررت أن أخصص يوماً كاملاً لمتابعة تلك النوعية من البرامج في الفضائيات ، فكانت الكارثة !!! فما قدمه الشيف أسامة متواضع بحق قياساً بتلك الموائد المرعبة التي شهدتها .
بالفعل كارثة حقيقية ، اسراف مفرط ، والجميع يتفق حول هدف واحد هو " التزغيط " وهو تعبير أستعيره من الريفيات المصريات حين يقمن بحشو معدة البطة بوضعها تحت القدم وحشو معدتها قسراً بالطعام ثم ربط عنقها بقطعة قماش غير محبوكة حتي لا يلفظ ذلك الطعام ، كل هذا لتسمينها تمهيداً لذبحها ، هذا بالضبط ما لاحظته ، وتلك كارثة بكل المقاييس .
نعم صادفت برنامجاً هنا وبرنامج هناك عن الطعام الصحي ، لكنها برامج هزيلة لا تحظي بشعبية ، لا لسبب سوي أن الذين يقدمونها أساسا ً غير مقتنعين بما يقدمونه من ناحية ، ومن ناحية أخري يبدو ما يقدمونه وكأنه عقاب وليس طعام بالفعل!
كل هذا وغيره يدعوني لأن أقترح ذلك الاقتراح : لماذا لا ننوه تنويها ولو صغيراً عن خطورة الكوليسترول والدهون علي الصحة ، اشارة لن تشغل حيز كبير من مساحة الشاشة لكن دورها سيكون مهماً علي الأقل لتنبيه الناس وتنشيط ذاكرتهم .. فالدهون والكوليسترول لا يقل خطورة عن التدخين ، فاذا كانت السلطات الصحية تلزم شركات انتاج التبغ بوضع ذلك التحذير " التدخين مضر بالصحة " فلماذا لا يكون هناك في كل تلك البرامج تنويه أو تحذير مشابه " الكوليسترول مضر بالصحة " ولماذا لا يوضع علي عبوات السكر وكل ما من شأنه رفع نسبة الكوليسترول .. لعل وعسي.
أشرف العناني
باحث حر في طب الأعشاب
الكاتب: أشرف العناني
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!