|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › قطف ثورة الشعب

قطف ثورة الشعب
بقلم الشيخ : د. عائض القرني ... الثورات التي قامت في العالم العربي قُطفت ثمارها لغير إرادة الشعوب؛ ففي مصر قامت ثورة التغيير ظاهرها الإصلاح والتمسك بالقيم بعد الملك فاروق، والشعب المصري كان يريد الإسلام على وقع إصلاح الأستاذ الإمام محمد عبده وشيخه جمال الدين الأفغاني، فلما تولى الضباط الأحرار نحّوا الإسلام جانباً وتنكروا للشريعة وحكموا بدستور ملفق من القانون الفرنسي والإنجليزي. وفي اليمن قام العلماء والقضاة والأدباء كالزبيري وابن النعمان والكبسي وغيرهم بثورة على الإمامة تحمل المشروع الإسلامي، فجاء عبد الله السلال الطالب النجيب لعبد الناصر فخطف هو والعسكريون ثورة اليمن، فنحّوا الإسلام واعترضوا على الشريعة وحكموا بقانون مجمع مسبك ملبك من كل ما هب ودب. وقام الجزائريون بثورتهم المجيدة ضد الاستعمار الفرنسي يقودها علماء كبار كعبد الحميد بن باديس والإبراهيمي وغيرهما ممن يحمل روح الإسلام، فلما استقلت الجزائر حُكمت بحكم اشتراكي وتغريبي حرم الشعب الجزائري المسلم من طموحاته وتطلعاته إلى حكم الإسلام كما قال عبد الحميد بن باديس:

شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب وفي السودان قامت ثورة مهدية إصلاحية تحمل مشروع النهضة الإسلامية، فلما طُرد المستعمر الإنجليزي تولى عسكر لا يفقهون في الإسلام شيئاً، فرفضوا الشريعة وجاءوا بدستور أجنبي تغريبي. وفي ليبيا كان أحفاد وطلاب المجاهد الشهيد عمر المختار يتُوقون إلى رفع راية الإسلام، ففوجئ الشعب الليبي بخطف ثورته بحكم نحّى الشريعة وصادر الحريات. وفي العراق وسوريا كان الشعب مسلماً 100% قاد حركته النضالية وثورته ضد المستعمر الفرنسي والإنجليزي تحت راية الإسلام، فلما تولى حزب البعث في البلدين كان أول فتوحاته أنْ تنكر للشريعة ونحّى الإسلام جانباً وكان طلابه من الرفاق يهتفون كل صباح:

آمنت بالبعث ربّاً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثانِ سبحانك ربي، هذا بهتانٌ عظيم. ولم يلتزم بالإسلام شريعةً وحكماً وعقيدةً ومنهجاً إلا الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن حينما قاد الثورة في الجزيرة العربية على الخرافة والبدعة والتفرق والاختلاف والسلب والنهب، وكان أول إعلان للدولة أنها دولة إسلامية تحكم بالكتاب والسنة، وكُتب على علمها (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وهي على منهج السلف الصالح إحياء للدعوة التجديدية التصحيحية للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وهذا ليس نفاقاً ولا تزلفاً ولكنها الحقيقة حتى إنّ الغربيين وغيرهم من المؤرخين ذكروا هذه الحقيقة كصاحب كتاب «السعوديون والحل الإسلامي» جلال كشك وهو كاتب محايد كتب بتجرد ووثائق وأدلة، ومحمد أسد المسلم النمساوي الذي ذكر في كتابه «الطريق إلى مكة» أنه جلس مع الملك عبد العزيز فقال: كان كل حديثه في المجلس عن الإسلام واعتزازه بالإسلام حتى يقول: فمن يسمعه يظن أن الله كلفه وحده بنصرة الإسلام.

وتونس هو شعب مسلم سني مالكي المذهب بل هو أرض العباقرة والفاتحين كعقبة بن نافع وابن خلدون والطاهر بن عاشور، وهو أرض الزيتونة والقيروان، وهو يريد الإسلام إلا من بعض أحزابه اليسارية التي يرى بعض أصحابها أنهم أحق بالبلد من كل ولد، ومن حقهم تنحية الإسلام عن حياتهم، وهذا من اختطاف الثورة على منهج الجمهوريات العربية.

الكاتب: د. عائض القرني - الشرق الأوسط

التعليقات على قطف ثورة الشعب

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
31819

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags