
بقلم: د/ عبد المجيد البيانوني
يقترب إبليس من فرعون بعد غرقه : كيف أصبحت يا صاحبي .!؟
فرعون : ألا تَعلمُ حالي أيّها الخبيث الملعون .؟! بِشَرّ حال . لعنةُ الله عليك ، وعلى أتباعك وجنودك أجمعين .
إبليس : ولماذا أنت ثائر عليّ بهذه الصورة .؟! أين حقّ الصحبة والعشرة الطويلة .؟!
فرعون : أيّة عشرة أيّها الملعون .؟! وقد سطّرت عليّ الهلاك أبد الآبدين .؟ وخذلتني بعدما وعدّتني بالغلبة على موسى وهارون .
إبليس : ومن قال : إنّي خذلتك .؟! لا تخف .! أنت في حلم مزعج ، ليس إلاّ . يصنعه لك موسى وأخوه بسحرهما .
ويتململ فرعون حيثُ هو . وكأنّه يصدّق إبليس . فتكويه سياط العذاب وتلسعه من كلّ جنب . فيزعق ويولول : اغرب عن وجهي أيّها الخبيث .! ألهذا الحدِّ تكذب وتفتري . فيذعر إبليس ، ويهرب . ويقف منكّس الرأس ، على مسافة قريبة من فرعون .
ثمّ يقول : ولكنّني نصحتك ألاّ تعلن تلك القولة الغبيّة الشنيعة . فلم تستجب لي . فما ذنبي .؟!
فرعون : ولكنّها فكرتُك أيّها الشقيّ الخبيث .! ألم تسجد لي بنفسك .؟! ألم تقل لي أنت الربّ الأعلى .؟!
إبليس : ولكنّني لم أقُل لك أن تعلنَ ذلك على الملأ .
فرعون : وَما الفرقُ بينَ الأمرينِ .؟! أيّها الملعون !
إبليس : الفرقُ بعِيد بعيد . لم يعُد ينفعك ذكره الآن .
فرعون : هَكذا أيّها الملعون ! أنتَ دائماً تخذل أولياءَك ، وتتهرّب من مسئوليّتك . لقد جَعلْتَني أحدُوثةً في العَالمين . ليتني ما أطعتك .!
إبليس : أنت خذلتَ نفسَك .! أنا لم أفرض عليك طاعَتي ، وهل فعلتَ ما فعلتَ إلاّ بإرادتك . أيّها الربّ الأعلى .؟!
فرعون : ولكن أين وعودك الكاذبة يا ملعون .؟! لنْ تجد بعدي أحداً يطيعك .
إبليس : أنتَ هَلكْتَ بعملك يا فرعون . وأنا أصنع بعدك فراعِين .
فرعون : ولكنّك لن تجد منْ يقول قولي ، أو يفعَلُ فعلي .
إبليس : عهدي بك غبيّاً مذ عرفتك . فلستُ بحاجة إلى منْ يقولُ مِثلَ قولِك ، أو يفعَلُ مِثلَ فعلك . أنا أصنع الفراعِين بصور كثيرة . وبما يخدم أهدافي .
فرعون : وما أهدافك التي لم تتحقّق على يدي أيّها الخبيث .؟!
إبليس : بعض أهدافي أنّك أضللتَ أعداداً قليلة . وأريدُ أن أضلّ أعداداً لا تحصى من البشر . ولو كانوا أقلّ منك شأناً .!
فرعون : لن تجد مثلي من يساعدك في هذه المهمّة .
إبليس : هيهات هيهات يا مسكين .! عندي أمثالك كثير . ظاهرين وأخفياء . وسأخرج من بطن أعدائك من يقوم بالمهمّة أكثر منك . ومن يفسد دينهم بأيديهم .
فرعون : من بطن أعدائي .؟! من بطن أعدائي .؟! هذا مستحيل .! وكيف يتأتّى لك ذلك .؟!
إبليس : ألم أقل لك : إنّك غبيّ .؟ آه .! لقد عانَيتُ منك كثيراً . وحتّى بعد موتك أعاني منك .! ومع ذلك فلن أتخلّى عنك إلى يوم الدين .
فرعون : وهل تؤمن بيوم الدين .؟!
إبليس : وكيف لا أؤمن بيوم الدين ، وقد كنت مع الملائكة المقرّبين .؟!
فرعون : ولكنّك كنت تقول لي : إنّه خرافة .؟!
إبليس : وهل أنا نبيّ لأدعوك إلى الإيمان .؟! حقّاً إنّك سخيف التفكير .
فرعون : قل لي : كيف تصنع الفراعِين .؟!
إبليس : أنسيتَ يا فرعون أدواتي السحريّة الظاهرة والباطنة : المـال . النسـاء . المنصب والجـاه .! هذه بعض أدواتي . سأخرِج للناس فراعنة أخبث منك وأطغى . سأجعل السحرة سادة بكلّ أرض . والكذّابين على رأس كلّ ملّة .
فرعون : أنا ما نسيتها . ولكن ما عساها أن تفعل مع هؤلاءِ الأتباع المخلِصين لموسى .؟! ألم تر إلى أولئك السحرة ، كيف تخلّوا عنّي في لحظة ، وأصبحوا من أتباع موسى . وقد أغريتُهم بكلّ شيء .؟! فلم يبالوا بكلامي .
إبليس : وهل تقيس قدراتِك يا مسكين بقدراتي .؟! سأصنع منهم إبالسة متألّهين على الناس ، طواغيت معبودة في ثياب العبّاد الناسكين . يفسدون دينهم بأيديهم . ويتقرّبون إليّ بما أريد .
فرعون : ما أدهاك يا إبليس .! وما أخبثك .! ويلي .! ليتني ما أطعتك .!
إبليس وهو يولّي : لقد فاتك الندم يا صاحبي .! لقد فاتك الندم .!
الكاتب: د/ عبد المجيد البيانوني
التعليقات على حوار بين إبليس وفرعون .! "1 تعليق/تعليقات"
محمد القحطاني25/12/2012
ابليس وسوس لفرعون اليوم خدنا الدرس مع تحياتمحمد القحطاني