|

مقالاترؤية ورصد للأحداث › فتح ثورة الماضي وعمالة الحاضر

فتح ثورة الماضي وعمالة الحاضر

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم الكاتب : معتصم سياف ... كم هو وقع الألم الذي يعتصر قلب كل حر وشريف من شعبنا المكلوم ، وكم هي حرارة الدمع المنساب حسرة على حال مناضلي الماضي وثوار الامس " فتح الثورة وأول الطلقة وحامية المشروع الوطني .. " وكانها أغنية طالما رددتها حناجر المطربين والمطربات ، ولكنها أسطوانة تبلدت وانتهت ووعفى عليها الزمن وشرب حالها كحال غيرها من الأغاتي المجردة عن الواقع .

فتح التي كانت بالماضي تصول وتجول في مقارعة المحتل ، وكتبت بالدم في كل حي وشارع أغنية الثورة ونقشت بالرصاص تاريخاً مزهراً ، فتح التي حملت أماني الشعب المكلوم على أكتافها رفضت الظلم وحاربت الإضطهاد ودعت الى الحرية والعدل والمساواة، أعدمت العملاء وعلقتهم على أعمدة الكهرباء، فتح التي حملت البندقية وتزنرت بالرصاص والقنابل ورفعت خيار الكفاح المسلح كخيار أوحد لتحرير فلسطين وإقامة الدولة المنشودة ، فتح التي كان يتعنى زعيمها الروحي بإن شبلا من أشبال فلسطين سيرفع يوما ما علم فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس ،فتح .. فتح ... فتح ...الخ .

لكن ::!!! مالذي جرا وتغير كيف كانت فتح ؟ وكيف أضحت ؟ لقد أصابها العمى والغثيان .. لقد تبين أن أهازيج الثورة وأماني الدولة وأحلام العودة كانت وهما قي قاموسها وسرابا في صحرائها القاتمة ، لقد كانت أنهار الدم المسفوح وجراحات الأسرى وأنّات الجرحى ومعاناة اللاجئين ما هي الا جسراً للوصول الى الغاية والمطمع، لقد كانت شعارات كاذبة وللأسف فقد انطلت على كثير من أبناء شعبنا الذي كان يتمسك بالأمل ويحدوه حلم التحرير .

نعم .. لقد تخلت فتح عن أرثها وألغت ميثاقها وسفكت دم شعبها واعتقلت خيرة شباب الوطن، تركت المقاومة وألقت السلاح، وأصبحت عسكرة الانتفاضة خطراً وهداماً للمشروع الوطني، وأصبحت العمالة والتنسيق الأمني أقصر الطرق الى إقامة الدولة، العمالة والخيانة في عرف الفتحاويين " وجهة نظر" لا بد من احترامها، القدس أصبحت منسية لا بل تنازل عنها رجال الثورة الأوائل, " الشهداء والاسرى والمبعدون واللاجئون إلهم ربهم وكرت التموين .. " وأبو عمار يرحم ترابة، وكل سنة إكليل ورد ورقص شباب وصبايا فتح في ساحة المقاطعة في حضرة الرئيس المبجل ابو مازن على أنغام أغنية " هز الكتف بحنية " ويخلف علينا ، ورفاق السلاح الأمس
أصبحوا انقلابيين وأعداء ، " وشلومو وموشي والعم سام " أصبحوا الأخ و الصديق والجار، وأصبحت فلسطين الأرض الإسلامية المقدسة التي بارك الله حولها أرضا لشعبين، لا بل أرضا إقطاعية لعباس - مهندس اوسلو المشؤوم - يتبرع ويتنازل "على كيفه " وآخر المهازل تخليه لليهود عن ساحة البراق وهي جزء من أرض الأقصى الشريف.

شعبنا بريء منكم ومن فعالكم، فهو لم يتوقع أن تقوموا بما قمتم به حتى اللحظة، شعبنا الذي احتضنكم وءآواكم ونصركم ودافع عنكم في بيروت وعمان وتونس ودمشق، سُرّ بعودتكم بعد اتفاق اوسلو، فرح لفرحكم وتألم لآلامكم ، جرحكم جرحه، وأنينكم أنينه، وأسيركم أسيره ... لم يكن يتوقع هذا الشعب العظيم أن تصبح فتح وكيلاً حصرياً عن الاحتلال، استبدت واضطهدت وقتلت واختطفت وفصلت من الوظيفة، لم يكن يتوقع هذا الشعب ان تجلد فتح ظهور المجاهدين والمناضلين وتكوي اجسادهم بالنار والحديد وقُمع السجائر، من كان يظن أن يتحول مناضلوا الأمس الى عُملاء في الحاضر، أو ألى مُمثلين يعتلون خشبات المسرح للتمثيل، كما حدث مع قائد ما يُسمى " بكتائب شهداء الاقصى " المحلولة، المدعو " زكريا الزبيدي " .

ها هي فتح، التي حُوصرت في بيروت وطُوردت في عمان وحُوصر زعيمها "عرفات " في مقاطعة رام الله، ها هي اليوم تُحاصر بَني شعبها في غزة العِز والجهاد وتمنع عنهم الغذاء والدواء والوقود والكهرباء، لمجرد أنهم انتخبوا غيرها، ولأنهم يرفضون الإنسياق إلى برنامج التبعية للمحتل القائم على الإعتراف به والإقرار بشرعيته في أرض فلسطين التاريخية .
هل عانى شعبنا كلّ هذه المُعاناة وناضل كُلّ هذا النضال ولقي ما لقي، وقدم التضحيات الجِسام من أجل أن تكون هذه هي خاتمة نضاله، تفريطٌ بالأرض والمقدسات وتوطينٌ للاجئين وتنازلٌ عن القدس والقبول فقط ب 13% من مساحة القدس الشرقية كعاصمة لدويلة فلسطين المجتزأة، والقبول بمبدأ تبادل الاراضي والإكتفاء بدولة منزوعة السلاح، ذات حدود وهمية .. ما هذا الخراف يا فتح ؟ كان بالإمكان أن يُوفر شعبنا على نفسه كل هذه السنين الطويلة من الأم والمعاناة والقبول بكل هذا في الماضي، لكنكم استهترتم بشعبنا وبعتوه في سوق النخاسة وارتضيتم لأفسكم أن تكونوا كقطيع البهم تساقون يمنة ويسرة حسبما يريد الراعي .

أنا بصراحة من أولائك الناس الكثيرين، الذين كانوا يؤمنون – وما زالوا – بأن فتح ستقوم بكل ما قامت به، بل إنها ستتجرأ على فعل الكثير من الجرائم بحق الارض والهوية والإنسان، لأن فتح لا دين ولا عقيدة لها، ففتح قد انسلخت من كل شيء من المباديء والأخلاق ولم يتمسك زعاماتها إلا بالمال والشهوة، ففتح حركة علمانية لا أيدلوجية، ولذك صدق فيهم القول : " إن لم تستح فاصنع ما شئت " فهي ارتمت في احضان المحتل وربطت مصيرها به، وبمعادلة بسيطة، فإن ضعف الإحتلال وزواله، هو زوال لاضطهاد وظلم وتنمر سلطة فتح التي تستقوي وتستعدي شعبها ببطش الآلة العسكرية الاسرائيلية .

إن الحالة المزرية التي وصلت لها سلطة وحركة فتح من انحطاط سياسي وتعاون أمني، وبعد أن نخر السوس في هياكلها التنظيمية، هي من أكبر العوائق التي تمنع إقامة وحدة حقيقية في الحكم والجغرافيا بين الضفة والقطاع .

فإتمام المصالحة وتحقيق اللحمة وإنهاء الأنقسام، تعني ببساطة إنهاء التنسيق الأمني ودفن خارطة الطريق وتوقف مسيرة التسوية والمفوضات، وتعني أيضا مشاركة حماس في صنع القرار الفلسطيني، ولربما تشكيل الحكومة الفلسطينية الى حين عقد أنتخابات جديدة، وهذا يعني أيضا اطلاق يد حماس في الضفة من خلال إطلاق سراح ابنائها المختطفين في سجون سلطة فتح، وإعادة مؤسسات حماس المغتصبة والمغلقة من قبل حركة فتح، وإعادة من فُصل من أبناء حماس من وظائفهم في دوائر السلطة المختلفة، وتعني أيضا القضاء على مشروع إسرائيل في المنطقة وخصوصا في القدس، وإفشال مشروع أمريكا الأمني وما أنجزه جنرالها " كيت ديتون " في الضفة الغربية، فوحدة حقيقية بناء على برنامج وطني مقاوم وعلى ضوء نتائج انتخابات 2006 هو بداية الطلاق بين فتح واسرائيل .

ولكن واقع الحال اليوم يؤكد أن فتح لن تغامر بكل امتيازاتها في سبيل مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته، وهي لن تقدم على مصالحة حقيقة تنسف كل احلام وعروش ومناصب جنرالاتها وقادتها الذين بنوا مجدهم على جراحات ودماء وأنات شعبنا، لذلك فإن سلطة فتح سَتُعيق أي سبيل من شأنه أن يُحقق وحدة ومُصالحة تُرَدّ من خلالها الحقوق والمظالم لأصحابها، وهذا ما أكد عليه أحد قادة الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة حِينما صَرح بأن سُلطته ستُلاحِق حماس وسَتُضيق عليها للحيلولة دون تحقيق اتفاق ووحدة فلسطينية داخلية .

فقادة فتح يؤمنون بأنم مصيرهم مرتبط بمصير اسرئيل في المنطقة، وبقاؤهم في سِدّة الحُكم مُرتَبِطٌ ارتباطاً مصيرياً ببقاء الإحتلال في فلسطين .

ففتح وبكل أسف تُفَضِلُ اسرائيلَ على حماس، ومن لا يُدرِكُ هذه الحقيقة فهو واهم ، فهي تعلم أنه إن أُعطيت حماس الفرصة في إدارة الحكومة بمناخ موضوعي، فإن حماس ستُنجِزُ وسَتُحقِقُ ما عجِزَت عنه فتح على مدى عقدين من الزمان، وبالتالي فإنّ حماس ستفوزُ في أيّة انتخابات قادمة، وبالتالي سَتُسيطِر حماس على المشروع الوطني، وهذا سيكون مُكَمِلاً لنهاية مشروع فتح المُتَهاوي في فلسطين .

لذلك فإنّ فتح مُطَالبةٌ اليومَ بإعلان التوبة بدايةً، وبإعادة النظر في سياساتها الخاطئة في علاقتها الودودة مع المُحَتل، وإطلاق مُصَالحة حقيقة مع شعبها، وكذلك إعادة القراءة السياسية للواقع الفلسطيني بشكل سليم، وبناء استراتيجتة جديدة لإدارة الصراع مع الإحتلال، قائمة على تفعيل نهج المقاومة، بما يضمن تحديد وتوجيه البوصلة نحو اسرائيل، فالمستقبل للمقاومة طال الزمان أم قصر، وهذا ما أكده وعد الله في سورة الاسراء .

ومطلوب من حماس أيضاً، اكثر من أي وقت مَضى :

أولا: زيادة الوعي السياسي لدى شعبها ، بكل المؤمرات التي تُحدق بشعبنا وقضيته ، وأن تفضح كل المخططات التي تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطينيعن طريق حل القضية على حساب ثوابت شعبنا وحقوقه .

ثانيا: مواجهة الظلم والأذى بمزيد من الصبر والإحتمال، فالدم وإن سال – لا قدر الله - فإن المتضرر الأكبر هو شعبنا وقضيته الشرعية العادلة.

ثالثا: تفعيل خيار القاومة، لأنه أقصر الطرق المؤدية الى تحقيق مصالحة جذرية تضمن رفع الظلم والضيم ، ومن شأنها أيضا أن تعيد اليقظة إلى من سلب اللب و العقل ومن خدر ببنج المال والراتب والوظيفة .

رابعا: أن تتفاعل مع كل مبادرة تهدف الى إنهاء الإنقسام ورأب الصدع، وتحقيق المصالحة، وأن لا تحمكم عليها بالفشل مسبقا.

خامسا: أن تخاطب العالم من خلال كل المنابر والمحافل، وأن تُسمع العالم بعدالة القضية، وحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة .

وختاما أقول أن الطريق ما زالت طويلة، وعلى المرجفين أن يخلوا بينن المناضلين والمقاومين وبين اسرائيل وعلى المتخاذلين أن يترنحوا على حافة الطريق، فالقافلة ستواصل طريقها وستشق النور من بين زوايا الظلمة، ومن اراد الوطن والدول فلا بد أن يتخلى عن كل الماديات الرخيصة، فالوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات ، وتسقى بالعرق والدم ، فهل إلتقينا على كلمة سواء .

الكاتب: معتصم سياف

التعليقات على فتح ثورة الماضي وعمالة الحاضر (1)

عبد المنعم ابونحلWednesday, May 4, 2011

مبروك على بين فتح وحماس

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
61303

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

المقالات الأكثر قراءة
مقالات جديدة
Most Popular Tags

فتح الثورة

,

فتح الثوره

, اناشيد مقارنة بين العاب الماضي والحاضر, ثورة ثورة على المحتل نار وحسرة, hts, فتح بين الماضي والحاضر من وجهه نظر حماس,

الصديق الموشي

,

شعرهماسي عن السريف

,

هل يوجد انشودة الحاضر والماضى للانسان

,

مقارنة بين الماضي و الحاضر عن نور الله

,

اغاني الصديق الموشي الشريعية

,

فتح والعماله

,

فتح

,

الادارة الاستراتيجتة

,

تحميل اغنيه

,

اجمل شعرحماسى

,

كلمات أغاني فلسطينيعن الشهيد

,

ابيات قصيره بحق الذين يخونون الوطن الارض

,

قصائد عن خيانة الوطن

,

شعر حماسي عن الثورات

,

فتح بين الماضي والحاضر

,

اقوال عن العماله

,

اذاعه شعر عن الوطن في الماضي والحاضر

,

اغنية فتح الماضي فتح الحاضر فتح الامضي والمستقبل فتح

,

هز الكتف بحنية تحميل

,

شعرحماسي

,

فتح بين ألماضي والحاضر

,

مناضلو فتح الدين حوصرو في بيروت

,

اغنية فتح كانت

,

اغنية فتح الحاضر والماضي

,

اغنية فتح الحاضر فتح الماضي والمستقبل فتح

,

شعر عن فتح الثورة

,

فتح تركت المقاومة

,

شعر عن الوطن و العمالة

,

اهازيج الثورة

,

تحميل اناشيد الثورة

,

المقارنة بين ثقافة حقوق الإنسان في الحاضر وفي الماضي

,

تحميل اغنية الفتح نور اللة

,

قصائدحسرةعلى الوطن

,

مقال اوقصيده عن الماضي والحاضر

,

شعر عن الثوار حماسي

,

شعر فتح الثورة

,

كيف كانت ساحة العمالة

,

فتح بين الماضى والحاضر

,

نشيد بين الماضي والحاضر

,

شعر حماسي اغاني سيرة

,

شعر حماسي الثورة

,

اناشيد عن الوطن الحاضر والماضي

,

مقارنة تلاوة القران في الحاضرو الماضي

,

شعر حماسى عن الثورات

, Most Popular Tags