ولأنهم ظنوا الجماعة دينًا لذلك وقفوا عند رأي واحد وفكر واحد مع أن في الدين تتعدد الأفهام ويتعدد الصواب وتتنوع الأفكار، فليس الدين لأمة واحدة أو لزمن واحد أو لرجل واحد، ولكنهم جعلوه كذلك في تنظيمهم، لذلك لم يتحمل البقاء في الجماعة من دخلها بحسبها جماعة دعوية مستنيرة تقبل تعدد الآراء، فوجدوا الأمر يختلف عن ذلك، لذلك لم يتحمل كثير من الكفاءات الممارسات الديكتاتورية القمعية، فأصاب بعضهم الاحباط فقبع في مكانه مصابا بالجمود والشلل الفكري، وخرج البعض الآخر هربا ونجاة بعقولهم وقلوبهم، أما عن من بقي في الجماعة فهم اما مجموعة في عمر الشباب من ناحية السن اإلا أنهم يعيشون في كهولة فكرية أشربوها من كهول تيبست أفكارهم وتجمدت، وهؤلاء لا يُنتظر منهم ان يقدموا شيئا للجماعة أوالاسلام أو حتى لبلادهم، ففاقد الشيء لا يعطيه.
وعلى مدار تاريخ الجماعة نجدها وقد تنكبت كثيرًا الطريق الصحيح، وكان من مشاهد تنكبها تغليب العمل السياسي على حساب العمل الدعوي، ثم فقدت الجماعة رشدها الدعوي وباتت مجرد حزب سياسي لا علاقة لها بالدعوة أو الوسطية والاعتدال، ثم أصبحت جماعة ضيقة الفكر والصدر، تضيق بالمفكرين وتصب نقمتها على المبدعين، ففي الجماعات ذات المفاهيم العسكرية لا وجود للإبداع ولا ترحيب بالتفكير، ثم كان أن انخرطت الجماعة في الفكر التكفيري حتى أنها أصبحت تظن أن كل من يعارضها إنما هو كافر يعارض الإسلام ولا يريد الدين، وهذا هو عين منطق الخوارج، ثم تشبهوا بعد ذلك بالخوارج في السلوك السياسي الذي أصبح أقرب لفكرة الغزوة، أو هو غزوة تتارية، تتمسح بالدين وتمارس القتل والإبادة بلا أدنى صلة بالدين والإنسانية، لذلك فإنني اليوم على يقين أن الأمة يجب أن تقف كلها صفًا واحدًا لمواجهة تتار العصر الحديث، وإلا فالبديل سيكون كارثيًا.
الكاتب: بقلم : ثروت الخرباوي
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا المقال الآن!